x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التوحيد

اثبات الصانع

النظر و المعرفة

اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته

صفات الله تعالى

الصفات الثبوتية

القدرة و الاختيار

العلم و الحكمة

الحياة و الادراك

الارادة

السمع و البصر

التكلم و الصدق

الأزلية و الأبدية

الصفات الجلالية ( السلبية )

الصفات - مواضيع عامة

معنى التوحيد و مراتبه

العدل

البداء

التكليف

الجبر و التفويض

الحسن و القبح

القضاء و القدر

اللطف الالهي

مواضيع عامة

النبوة

اثبات النبوة

الانبياء

العصمة

الغرض من بعثة الانبياء

المعجزة

صفات النبي

النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

الامامة

الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها

صفات الأئمة وفضائلهم

العصمة

امامة الامام علي عليه السلام

إمامة الأئمة الأثني عشر

الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

الرجعة

المعاد

تعريف المعاد و الدليل عليه

المعاد الجسماني

الموت و القبر و البرزخ

القيامة

الثواب و العقاب

الجنة و النار

الشفاعة

التوبة

فرق و أديان

علم الملل و النحل ومصنفاته

علل تكون الفرق و المذاهب

الفرق بين الفرق

الشيعة الاثنا عشرية

أهل السنة و الجماعة

أهل الحديث و الحشوية

الخوارج

المعتزلة

الزيدية

الاشاعرة

الاسماعيلية

الاباضية

القدرية

المرجئة

الماتريدية

الظاهرية

الجبرية

المفوضة

المجسمة

الجهمية

الصوفية

الكرامية

الغلو

الدروز

القاديانيّة

الشيخية

النصيرية

الحنابلة

السلفية

الوهابية

شبهات و ردود

التوحيـــــــد

العـــــــدل

النبـــــــوة

الامامـــــــة

المعـــاد

القرآن الكريم

الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

الزهراء (عليها السلام)

الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء

الامام المهدي (عليه السلام)

إمامة الائمـــــــة الاثني عشر

العصمـــــــة

الغلـــــــو

التقية

الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة

الاسلام والمسلمين

الشيعة والتشيع

اديان و مذاهب و فرق

الصحابة

ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم

نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)

البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين

التبرك و الزيارة و البناء على القبور

الفقه

سيرة و تاريخ

مواضيع عامة

مقالات عقائدية

مصطلحات عقائدية

أسئلة وأجوبة عقائدية

التوحيد

اثبات الصانع ونفي الشريك عنه

اسماء وصفات الباري تعالى

التجسيم والتشبيه

النظر والمعرفة

رؤية الله تعالى

مواضيع عامة

النبوة والأنبياء

الإمامة

العدل الإلهي

المعاد

القرآن الكريم

القرآن

آيات القرآن العقائدية

تحريف القرآن

النبي محمد صلى الله عليه وآله

فاطمة الزهراء عليها السلام

الاسلام والمسلمين

الصحابة

الأئمة الإثنا عشر

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أدلة إمامة إمير المؤمنين

الإمام الحسن عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام

الإمام السجاد عليه السلام

الإمام الباقر عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الكاظم عليه السلام

الإمام الرضا عليه السلام

الإمام الجواد عليه السلام

الإمام الهادي عليه السلام

الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عليه السلام

إمامة الأئمة الإثنا عشر

الشيعة والتشيع

العصمة

الموالات والتبري واللعن

أهل البيت عليهم السلام

علم المعصوم

أديان وفرق ومذاهب

الإسماعيلية

الأصولية والاخبارية والشيخية

الخوارج والأباضية

السبئية وعبد الله بن سبأ

الصوفية والتصوف

العلويين

الغلاة

النواصب

الفرقة الناجية

المعتزلة والاشاعرة

الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب

أهل السنة

أهل الكتاب

زيد بن علي والزيدية

مواضيع عامة

البكاء والعزاء وإحياء المناسبات

احاديث وروايات

حديث اثنا عشر خليفة

حديث الغدير

حديث الثقلين

حديث الدار

حديث السفينة

حديث المنزلة

حديث المؤاخاة

حديث رد الشمس

حديث مدينة العلم

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه

احاديث متنوعة

التوسل والاستغاثة بالاولياء

الجبر والاختيار والقضاء والقدر

الجنة والنار

الخلق والخليقة

الدعاء والذكر والاستخارة

الذنب والابتلاء والتوبة

الشفاعة

الفقه

القبور

المرأة

الملائكة

أولياء وخلفاء وشخصيات

أبو الفضل العباس عليه السلام

زينب الكبرى عليها السلام

مريم عليها السلام

ابو طالب

ابن عباس

المختار الثقفي

ابن تيمية

أبو هريرة

أبو بكر

عثمان بن عفان

عمر بن الخطاب

محمد بن الحنفية

خالد بن الوليد

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

عمر بن عبد العزيز

شخصيات متفرقة

زوجات النبي صلى الله عليه وآله

زيارة المعصوم

سيرة وتاريخ

علم الحديث والرجال

كتب ومؤلفات

مفاهيم ومصطلحات

اسئلة عامة

أصول الدين وفروعه

الاسراء والمعراج

الرجعة

الحوزة العلمية

الولاية التكوينية والتشريعية

تزويج عمر من ام كلثوم

الشيطان

فتوحات وثورات وغزوات

عالم الذر

البدعة

التقية

البيعة

رزية يوم الخميس

نهج البلاغة

مواضيع مختلفة

الحوار العقائدي

* التوحيد

* العدل

* النبوة

* الإمامة

* المعاد

* الرجعة

* القرآن الكريم

* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

* فضائل النبي وآله

* الإمام علي (عليه السلام)

* فاطمة الزهراء (عليها السلام)

* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء

* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)

* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم

* العـصمة

* التقيــة

* الملائكة

* الأولياء والصالحين

* فرق وأديان

* الشيعة والتشيع

* التوسل وبناء القبور وزيارتها

* العلم والعلماء

* سيرة وتاريخ

* أحاديث وروايات

* طُرف الحوارات

* آداب وأخلاق

* الفقه والأصول والشرائع

* مواضيع عامة

العقائد الاسلامية : الامامة : الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف :

امكان الغيبة و الدليل عليها

المؤلف:  محمد حسن آل ياسين‏

المصدر:  أصول الدين

الجزء والصفحة:  ص409-425

9-08-2015

979

 إن فكرة «المهدوية» فكرة نابعة من صميم التشريع الاسلامي، وقد بشر بها الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم فيما أثر عنه ، وتناقل روايتها علماء الحديث طبقة بعد طبقة , كما ثبت كذلك ان المهدي الذي وردت فيه الأحاديث هو محمد بن الحسن العسكري؛ وأنه ولد بسامراء وعرف خبر ولادته يومها عند الخاصة من أصحاب ابيه، ثم اشتهر بعد ذلك في مصادر التاريخ.

ولا بدّ لنا ... أن ننتقل الى بحث ... ما يترتب على ولادة محمد بن الحسن وثبوت كونه المهدي. ولعل من الأفضل- سيرا وراء المنهج والوضوح- أن نتدرج في الحديث على ضوء التسلسل الآتي :

1- هل غاب المهدي ؟

2- وعلى فرض الغيبة هل يمكن أن يبقى الانسان حيا طيلة هذه القرون؟

ويجدر بنا...أن نقدم التمهيد التالي قبل الدخول في صلب الحديث، ليكون عونا لنا على استخلاص النتائج ووضوح الأهداف:

لقد جعل الاسلام العقل مصدرا للعقيدة وأساسا للإيمان، ونهى عن التقليد والتبعية العمياء، وكان الغرض من ذلك أن تستند أصول الاعتقاد الى العقل وتعتمد عليه وتستمد قوتها وصلابتها منه وحده، دون ما مشاركة شي‏ء آخر من هوى النفس واندفاع العاطفة واتباع الآخرين.

وهكذا كان العقل هو الدليل الى اللّه تعالى وهو المرشد نحو الايمان بوجوده ووحدانيته وضرورته، ثم كان العقل- أيضا- هو الدليل على ضرورة النبوة والامامة والمعاد تفريعا على الايمان باللّه عز وجل. أما المفردات الاخرى من أحكام الشرع ونصوص الدين فليست بحاجة الى دليل عقلي، وليس لزاما أن يقام عليها مثل هذا الدليل، بل يكفي في وجوب الاقرار بها مجرد ورود النص عليها بالطرق الشرعية المقررة للتعبد بالنصوص.

ومن هنا آمن المسلمون- بصدق ويقين- بمسألة وجود الملائكة مثلا أو تكلّم عيسى في المهد أو تسبيح الحصى بيد النبي صلى اللّه عليه وآله لورود ذلك في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.

و اننا عندما نبحث موضوع المهدي وغيبته فإنما نبحثه مع المسلمين المقرين بأصول الاسلام وأسس التشريع، دون غيرهم من منكري وجود اللّه تعالى أو غير المعتنقين للإسلام، وذلك لان المسألة تعتمد في جوهرها على الاستدلال بالقرآن الكريم والسنة الشريفة فلا يصح الكلام فيها مع من لا يؤمن بالكتاب والسنة.

وبتعبير آخر: اننا نبحث هذا الموضوع على أساس الاعتقاد الديني المستند الى الأدلة الشرعية التي أجمع المسلمون على وجوب العمل بها، وليس على أساس آخر، ولم تكن المسألة في حال من الأحوال من قبيل العملية الرياضية البديهية كحاصل ضرب (2X2) أو من قبيل القاعدة الفلسفية التي لا يمكن فيها النقاش كبطلان الدور أو التسلسل.

وإذن فليكن القارئ الكريم على علم بأننا سنبحث هذه المشكلة بكل جوانبها على ضوء الكتاب والسنة لأنهما مصدر التشريع وباب المعرفة عند المسلمين وأن انكارهما والخروج عليهما انكار للإسلام و خروج على أحكامه و تكاليفه‏(1).

إذا اتضح هذا التمهيد نقول:

ان النصوص النبوية الشريفة التي رواها حفاظ الحديث- وفيهم من اتفق المسلمون على صحة حديثهم- تكرّر كلمة «الغيبة»(2)، وفي بعضها: «تكون له غيبة و حيرة تضل فيها الامم»(3)، وفي رواية اخرى: «يغيب عن أوليائه غيبة، لا يثبت على القول بإمامته إلا من امتحن اللّه قلبه للإيمان»(4)، وفي حديث ابن عباس: «يبعث المهدي بعد اياس، وحتى يقول الناس: لا مهدي»(5).

وكلمة «الغيبة» كما يقتضيها سياق الأحاديث المارة الذكر لا تعني احياء المهدي بعد موته، واعادته الى الدنيا بعد وفاته، وإنما هي ناظرة الى اختفائه واحتجابه وعدم رؤية الناس له ومشاهدتهم اياه، وهذا هو الذي يتبادر الى كل ذهن عند قراءة تلك الأحاديث والمرور بكلمة «الغيبة» المتكررة فيها.

والحديث الشريف الذي اتفق المسلمون على روايته: «من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية» صريح في ضرورة وجود امام في كل عصر وكل حين.

وبعد أن ثبتت ولادة محمد بن الحسن بما لا يقبل الشك تكون كلمة «الغيبة» و ضرورة وجود الامام في كل زمان دليلين جليين على استمرار حياة المهدي طيلة هذه القرون وعلى ردّ سائر ما يقال في هذا الصدد من تردد واستبعاد.

والقول بوفاة المهدي- بالإضافة الى مخالفته لأحاديث الغيبة وحديث استمرار الامامة- لم ينص عليه أحد من المؤرخين ولم يرد ذكره في أي كتاب بما فيها كتب المنكرين.

متى مات ... وفي أي يوم وأي شهر وأي سنة ... ومتى شيّع ومن حضر تشييعه... وأين دفن وفي أي بلد ...؟!.

ان هذا كله يؤكد أن المهدي حي لم يمت، وأنه غاب واختفى عن أعين أعدائه حفاظا على حياته ونجاة بنفسه.

وكان اختفاؤه هذا على مرحلتين :

الأولى- اختفاؤه عن أعين الناس حينما هجم جيش الخليفة على دار الامام العسكري أثر وفاته. وكان يتصل‏ خلال هذه الفترة بالثقات من وكلائه ويدلي إليهم بالأجوبة والردود على الاسئلة والمشاكل التي يوجهها شيعته إليه.

الثانية- اختفاؤه الكامل عن كل الناس بحيث لا يتصل به أحد مطلقا (6).

ان السؤال الملحّ الذي يقفز الى الذهن- بعد ثبوت وجود المهدي و اختفائه و استمرار حياته الى اليوم- هو:

هل من الممكن للإنسان البقاء على قيد الحياة طوال هذه السنين؟ و هل تقر العقول بذلك؟.

وقبل الاجابة على هذا السؤال نود أن نذكر القارئ بما سلف منا ذكره من أن حقائق الشرع اذا ثبتت بالنقل‏ الصحيح فإننا- باعتبارنا مسلمين- يجب علينا التعبد بذلك و قبوله و لو لم تهتد عقولنا لفهم فلسفته وادراك سره.

وان الجهل بحكمة هذا الحكم أو علة ذاك لا يبرر انكاره ورفضه، بل لا بد من الرضوخ والتنفيذ على كل حال، ولا يصح في الاسلام أن ينكر المسلم حكما من الاحكام أو يرفض الاقرار بفرض من الفروض بحجة عدم فهم السرّ أو عدم الاقتناع بالتعليل.

أما طول العمر وامتداد الحياة مئات من السنين فليس من المستحيلات كما يتصور بعض المتصورين، بل روى المؤرخون وقوع ذلك كثيرا في تاريخ البشرية الطويل.

فآدم عليه السلام- مثلا- عمّر ألف سنة.

ولقمان صاحب النسور عمّر ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة.

وسلمان الفارسي- (رض) عمّر طويلا في الأرض، وادعى بعض المؤرخين أنه عاصر المسيح وأدرك الاسلام وتوفي في أيام الخليفة عمر بن الخطاب.

الى كثير و كثير ممن عمّر مئات من السنين وروى‏ خبرهم المؤرخون وبخاصة السجستاني الذي جمع اخبارهم في كتاب سمّاه «المعمّرون»، و قد طبع لأول مرة في مصر سنة 1323 هـ - 1905 م.

هذا من ناحية الاثبات التاريخي.

وأما القرآن الكريم فهو أصدق قيلا وأقوى حجة من كل مؤرخ وكل رواية. وقد قال اللّه تعالى فيه وقوله الحق:

ان نوحا النبي عليه السلام لبث في قومه يدعوهم الى اللّه «950» عاما، واللّه أعلم كم عاش قبل الدعوة وبعد الطوفان.

وان يونس النبي عليه السلام بقي في بطن الحوت مدة طويلة من الزمن، ولو لا فضل اللّه عليه لبقى في بطنه الى يوم القيامة {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الصافات: 143، 144] ومعنى هذا اللبث بقاؤه حيا الى يوم القيامة وبقاء الحوت حيا معه خلال هذه الآماد المتمادية.

وان أهل الكهف‏ {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا } [الكهف: 25] ، و لا نعلم كم عاشوا قبل دخولهم في الكهف‏ وبعد خروجهم منه.

وان‏ {كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ } [البقرة: 259] ولعل بقاء الطعام و الشراب مائة عام دون ان يفسد أو يأسن أعجب من طول عمر الانسان وأغرب ‏(7).

هذا كله بالإضافة الى ما تناقله مؤلفو السير ورجال الحديث وتلقوه بالقبول من حياة الخضر من قبل زمان‏ النبي موسى عليه السلام والى آخر الزمان.

فهل نصدّق بكل ذلك الذي نطق به القرآن واستفاضت به السنة أم لا؟ وهل يصح منا انكاره ورفضه بمجرد أن العقل البشري بمستواه الحاضر لم يدرك اسرار هذه الأمور ولم يكشف خباياها المجهولة؟!

وموضوع غيبة المهدي من هذا القبيل بالضبط، و لا بدّ لنا من القول باستمرار حياته جريا مع تلك النصوص وتصديقا للنبي- صلى الله عليه واله - الذي‏ {مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] وتنفيذا لأمره تعالى: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ } [الحشر: 7]، ولن يكون إيماننا بذلك غريبا أو أمرا لا سابقة له في الاسلام بل هو مساوق للإيمان بعمر نوح ولبث يونس في الحوت وبقاء الطعام والشراب مائة عام لم يتسنّه ولم يصبه التلف.

واذا كان النص القرآني والحديث الشريف قد دلا على امكان بقاء الانسان حيا أكثر من ألف عام وعلى وقوع ذلك‏ في الامم السابقة فليس معنى ذلك أنه شي‏ء فوق العلم وفوق العقل، وهذا هو العلم الحديث يصرح بأن بإمكان الانسان البقاء آلاف السنين لو تهيأ له من وسائل المحافظة على القوى البدنية ما يساعده على البقاء.

«ان العلماء الموثوق بعلمهم يقولون: ان كل الانسجة الرئيسية من جسم الحيوان تقبل البقاء الى ما لا نهاية له؛ وأنه في الامكان أن يبقى الانسان حيا الوفاء من السنين اذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته، وقولهم هذا ليس مجرد ظن بل هو نتيجة عملية مؤيدة بالامتحان».

«ان الانسان لا يموت لأنه عمر كذا من السنين سبعين أو ثمانين أو مائة أو أكثر؛ بل لأن العوارض تنتاب بعض اعضائه فتتلفها، ولارتباط اعضائه بعضها ببعض تموت كلها، فاذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض أو يمنع فعلها لم يبق مانع يمنع استمرار الحياة مئات من السنين‏(8).

وان «جان روستان يعتقد بضوء الاكتشافات‏ والتجارب العلمية ان اتباع طريقة حفظ الانسان لم يعد يبدو مستحيلا(9)، فان الاكتشافات التي سجلها عدد من مشاهير العلماء منذ حوالي قرن تترك بعض الأمل في امكانية التوصل الى مركب متناسق يساعد في تحقيق المزيد من التقدم، اعتمادا على تجارب علمية سجلها براون سيكوارد، وألكسي كاريل، وفورنوف، ومينشبنكوف، وبوغو مولتيز، وفيلاتوف، وغيرهم».

«أما روبرت ايتنجر الذي وضع أخيرا كتابا قيما بعنوان- الانسان هل يمكن أن يخلد حيا- فقد خلق آمالا جديدة إذ قال: ان الانسان الذي يعيش ويتنفّس الآن يملك حظ البقاء من الناحية الفيزيائية»(10).

هذا كله مضافا الى التصريحات الكثيرة بشأن امكان المحافظة على حياة الانسان ألوف السنين لو جمّد خلال‏ هذه الفترة، وذلك باعتبار أن التجميد يحافظ على كل الخلايا الحية، ومتى ما أريدت اعادة الحركة الى الانسان المجمّد أعطي من الحرارة ما يستلزمه الجسم فيعود كما كان نابضا بالحركة و الحيوية.

ومهما يكن من أمر، فان تصريحات العلماء المعاصرين تؤكد امكان طول عمر الانسان، وان هذا الامكان هو المحفز الاكبر لهم على المثابرة والسعي لمعرفة الوسائل التي تحقق ذلك وإذا صح امكان طول عمر الانسان بحسب الاستعداد والطبيعة، كان ممكنا وصحيحا طول عمر المهدي طيلة هذه القرون بحسب الطبيعة والإرادة الالهية.

وبعد:

فان البشرية التي تعيش اليوم أعقد ظروفها الفكرية و أخطر مراحلها الحضارية في أمسّ الحاجة الى هذا المصلح المنتظر الذي لا بد أن يطلع عليها في يوم ما ليعيد ركب الانسانية الى نهجه الصحيح و يحمله على الصراط المستقيم.

وان العقل البشري- المسلم و غير المسلم- ليتطلع الى مثل هذا المصلح المنتظر و يقر بحتميته وضرورته، ولو لم يكن هناك نص عليه أو اشارة إليه بل ان الفيلسوف الانكليزي المشهور برناردشو قد بشر بهذا المصلح بدافع من فكره الذاتي وكتب في ذلك كتابا سماه «الانسان والسوبرمان» وقد ذهب الى أن هذا المصلح المنتظر «انسان حي ذو بنية جسدية صحيحة وطاقة عقلية خارقة: انسان أعلى يترقى إليه هذا الانسان الأدنى بعد جهد طويل» وأنه «يطول عمره حتى ينيف على ثلاثمائة سنة، ويستطيع أن ينتفع بما استجمعه من أطوار العصور وما استجمعه من أطوار حياته الطويلة»(11).

ويقول عباس محمود العقاد تعليقا على ذلك: «يلوح لنا أن سوبرمان شو ليس بالمستحيل وأن دعوته إليه لا تخلو من حقيقة ثابتة»(12).

 ولن نجد في ختام هذا الحديث خيرا من أن نبتهل الى اللّه تعالى فنقول: «اللهمّ إنّا نشكو أليك فقد نبينا، وغيبة وليّنا، وكثرة عدوّنا، وقلة عددنا، وشدة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا، فصلّ على محمد وآله، وأعنّا على ذلك بفتح منك تعجّله، وبضرّ تكشفه، ونصر تعزّه، وسلطان حقّ تظهره».

اللهم انصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا يسيرا واجعلنا من أنصاره وأعوانه انك سميع مجيب.

وآخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين.

____________________

( 1) من الغريب جدا في هذا المقام ما يرويه الدكتور أحمد أمين في كتابه المهدي و المهدوية: 108 من« أن مذهب ابن خلدون قبول الخبر الواحد اذا أيّده حكم العقل و رفض الأحاديث الكثيرة اذا لم يؤيدها العقل»، و انه إنما أنكر المهدي و المهدوية لأن ذلك مخالف لحكم عقله !.

( 2) يراجع كتاب البيان للحافظ الكنجي الشافعي:

102- 113. و أخرج الشيخ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 448 عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ان عليا وصي؛ ومن ولده القائم المنتظر المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ان الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر. فقام إليه جابر بن عبد اللّه فقال: يا رسول اللّه؛ وللقائم من ولدك غيبة؟ قال: اي وربي، ليمحص اللّه الذين آمنوا ويمحق الكافرين، ثم قال: يا جابر ان هذا أمر من أمر اللّه وسر من سر اللّه؛ فإياك والشك فان الشك في أمر اللّه عز وجل كفر».

( 3) ينابيع المودة: 488.

( 4) ينابيع المودة: 495.

( 5) الحاوي: 2/ 152.

( 6) ينسب الدكتور أحمد أمين الى الشيعة أنهم يعتقدون في المهدي« انه وهو في استتاره يحرك اتباعه ليزيلوا المظالم» وأنه« يعيش في الخفاء ويوحي من وراء ستار بالأوامر والنواهي» المهدي و المهدوية: 109 و 119.

وكل كتب الشيعة تصرح بأن المهدي غائب لا يتصل به أحد، فأين الصدق في القول وأين الأمانة في النقل؟!.

( 7) ومع كل هذه النصوص القرآنية الصريحة فان الدكتور أحمد أمين يرى أنه لا يمكن للإنسان أن« يختفي و يبقى مختفيا مئات السنين من غير أن يجري اللّه عليه حكم الموت» واعتبر أن ذلك لا يجوز« الا على السذج الذين فقدوا عقولهم» المهدي و المهدوية: 96.

فهل يرى الدكتور في التصديق بعدم اجراء حكم الموت على نوح و يونس و الحوت و أهل الكهف دليلا على فقدان العقل؟!.

( 8) مجلة المقتطف: السنة التاسعة و الخمسون/ الجزء الثالث.

( 9) التعبير بالاستحالة غير صحيح، و الصواب انه لم يعد يبدو بعيدا.

( 10) جريدة الأنباء الجديدة البغدادية: العدد 40/ السنة الاولى/ 27 آذار/ 1965 م.

( 11) برناردشو: لعباس محمود العقاد/ سلسلة اقرأ/ العدد 89/ ص 124- 125.

( 12) نفس المصدر السابق.