تاريخ الحركات التكفيرية المتطرفة
المقدمة
أوضاع نجد أثناء قيام الحركة الوهابية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أوجب الجهاد على المسلمين لحفظ حصون الدين ، وجعله فرضًا واجبًاعلى المسلمين، لدرء المخاطر عن حمى الإسلام والمؤمنين ،والصلاة والسلام على نبيّنا الأعظم قائد جموع المدافعين الذابّين عن العقيدة وأصول الدين ، محمد وآله الطيبين الطاهرين، والسلام على الأئمة المعصومين،أئمة الهدى الغرّ الميامين. أمّا بعدُ فالدفاع عن الدين والعقيدة والعرض والوطن واجب مقدّس أولاه المشرّع إهتمامًا كبيرأ،لأن التفريط بالمقدّسات تفريط بأغلى ما يملك المسلم ، فلا حياة له في ظل العبودية لغير الله تعالى ، والخضوع لأئمة الظلم والإستبداد والخارجين عن سنن الله تعالى،والمفسدين في الأرض في كل زمان ومكان من أرض المسلمين. ولقد غزا المارقون عن الدين،والمحرّفون لشرائع المسلمين،من الدواعش وغيرهم بلادَ المقامات المشرّفة،والأضرحة المقدّسة،واحتلّوامحافظات عزيزة كنينوى، وصلاح الدين التي تتشرّف بضريحي الإمامين العسكريين عليهما السلام وبعد ذلك احتلوا الأنبار التي تقرب من النجف وكربلاء المقدستين ؛بل امتد تهديدهم إلى احتلال العاصمة بغداد التي تتشرف بوجود ضريحي الإمام موسى بن جعفر والإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام . وبدأت شرور احتلالهم هذه المحافظات تسري كالنار في الهشيم في هدم مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين وهدم المساجد،وإشاعة الفكرالوهابيّ المتطرّف الذي يكفّركلّ الأديان والمذاهب،ويهجّرالأبرياء،ويستولي على بيوتهم وعقاراتهم وأموالهم، ومن جرائمهم أنهم أحلّوا القتل الجماعيّ للأبرياءكما حدث في مجزرة سبايكر التي راح ضحيتها آلاف الشهداء من غير ذنب اقترفوه سوى أنّهم على مذهب آل البيت،وهدّدوابهدم أضرحة الأئمة المعصومين عليهم السلام في سامراء وكربلاء والنجف وبغداد،وهدّدوا بإبادة الشيعة في العراق بهدر دمائهم. وهذا ما حدا بالمرجعيّة الدينيّة العليا في النجف الأشرف إلى التصدّي لهذا الزحف التكفيريّ في وقت كانت فيه القوات المسلّحة عاجزة عن صدّهم وردعهم فأصدر سماحة المرجع الأعلى السيدعلي الحسيني السيستاني دام الله ظله فتواه الشهيرة فتوى الدفاع المقدسة التي دعت المسلمين إلى الجهاد الكفائيّ لردع هذه الزمر التكفيريّة التي عاثت في الأرض فسادًا وأحرقت الأخضر واليايس. وقد كان لهذه الفتوى المقدسة أثر منقطع النظير إذ تدافعت جموع المسلمين من كلّ حدب وصوب للتطوّع في صفوف المدافعين عن الدين والمقدسات ، ولم يقتصر التطوّع غلى المسلمين بكلّ مذاهبهم بل شمل المسيحيين والشبك والإيزيدين الذين راحوا يتسابقون إلى ساحات الوغى باندفاع شديد للتضحية بالغالي والنفيس دفاعًا عن العقيدة والدين والوطن. وشاءت إرادة الله تعالى أن تنصر المرجعيّة العليا في النجف الأشرف وتُعلي كلمتها ، وتدحر البغاة المارقين ، وتمحق أسطورتهم التي روّج لها الإعلام الغربيّ ، ونفخ فيهم لإشاعة الرعب بين المسلمين ، فكان المؤمنون استجابة لنداء المرجعيّة يتدافعون كالليوث المزمجرة في وجوه التكفيريين الضالّين يسقونهم كؤوس الموت غُصّة غُصّة ،ويرفعون رايات النصر في كلّ بقعة دنّسها أولئك الأوباش فتحررت القرى والمدن وهذا ما أعاد لقواتنا المسلحة سطوتها واندفاعها إلى ساحات المعارك جنبًا إلى جنب مع المجاهدين من أبطال الحشد الشعبي الذي استجاب لنداء المرجعية المتمثّل في الفتوى المقدّسة لسماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني دام الله ظله فتكاتفت قوى الجيش وقوات مكافحة الإرهاب وقوات الشرطة الإتحادية وقوات الحشد الشعبي وأبناء العشائر وغيرهم لدحر قوى الظلام التكفيرية ، وانتصرت إرادة الحق نصرًا مؤزّرا وارتفعت راية العراق خفاقة فوق المباني في المدن والأقضية والنواحي والقصبات التي احتلّها التكفيريّون الدواعش وهُزم أعداء الدين وانتصرت فتوى المرجع الأعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني دام الله ظله وانتصر الدين والعقيدة. ولتوثيق هذه الأحداث المصيريّة ودراستها وتحليلها تحليلًا علميّا اقترح الدكتور اسماعيل طه كاطع الجابري كتابة موسوعة تدرس فتوى الدفاع المقدّسة التي أصدرها سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني دام الله ظله وما سبقها من فتاوى المرجعيات الدينية في النجف الأشرف وما تمخّض عن هذه الفتوى من انتصارات باهرة حققها الحشد الشعبي وقواتنا المسلحة في المعارك الشرسة التي خاضها المقاتلون الأبطال. وقد استحسن سماحة المتولّي الشرعيّ للعتبة العباسية المقدّسة السيدأحمد الصافي دام توفيقه فكرة المشروع ودعا إلى دراسة إمكانية تأليف موسوعة تدرس الفتوى المقدّسة وآثارها الإيجابيّة ، وكان مركز العميد الدولي للبحوث والدراسات مشجغًا على تنفيذ المشروع فأقر المشروع وأبدى استعداده للشروع في تنفيذه. وقدّم الدكتور اسماعيل الجابري خطة للبحث موزعة على أربعة مجلدات كل مجلّد يضم عددًا من الفصول فارتأى رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية سماحة السيد ليث الموسوي دام توفيقه تقسيم العمل بين مركز العميد الدولي للبحوث والدراسات، ومراكز علميّة قي أمانة العتبة العباسية المقدّسة بحسب التخصّص وطبيعة الموضوعات المدروسة فكان المجلدان الأول والثاني من مهمات قسم الموسوعات والمعجمات في مركز العميد الدولي للبحوث والدراسات ، والمجلدان الثالث والرابع من مهمات مراكز العتبة الأخرى. وبعد التوكل على الله تعالى شرعنا في دراسة خطط المجلدين مع الأساتذة المكلفين بكتابة فصولهما ، ويتضمن المجلد الأول خمسة فصول هي:
الفصل الأول: الحركة الوهّابية تأسيسها وأفكارها وعلاقتها بالإرهاب. تمهيد: أوضاع نجد في أثناء قيام الحركة الوهابيّة. المبحث الأول: ظهورالحركة الوهابيّة في شبه الجزيرة العربيّة. الميحث الثاني: العلاقة بين الوهابيّين وبريطانيا. المبحث الثالث: بداية الفكر الدينيّ المتطرّف. المبحث الرابع:مواقف المعاصرين من محمد بن عبد الوهاب في أفكاره،وحركته. المبحث الخامس: المدّ الوهابي إلى العراق والموقف العثمانيّ منه. المبحث السادس: علاقة الوهابيّين بالدولة السعوديّة الأولى. المبحث السابع: علاقة الوهابيين بالدولة السعوديّة الثانية.
الفصل الثاني: جهود العلماء المسلمين العراقيّين في الرد على الوهابيّة: المبحث الأول: جهود علماء نجد والأحساء والحجاز المعاصرين لابن عبد الوهاب والقريبين عهدًامنه في الردّ على الوهابيّة المبحث الثاني: ردّ علماء المسلمين السنّة والشيعة في العراق على الوهابيّة المبحث الثالث:موقف علماء اليمن وسوريا والمغرب العربي من الدعوة الوهابيّة
الفصل الثالث: الغزوات الوهابيّة على المدن العراقيّة ، الأسباب والنتائج. المبحث الأول: الأسباب الموضوعيّة والذاتيّة للغزوات ودوافعها. المبحث الثاني: الغزوات الوهابيّة على المدن العراقيّة خلال القرن التاسع عشر المبحث الثالث: الغزوات الوهابيّة على المدن العراقيّة خلال النصف الأول من القرن العشرين. المبحث الرابع: موقف الحكومة العراقيّة في العهد الملكيّ من الغزوات خلال النصف الأول من القرن العشرين.
الفصل الرابع: تنامي الحركة السلفيّة في العراق مابين 1968 2014. المبحث الأول: نشوء وتطوّر الحركة السلفيّة في العراق ما بين 1968 2014 المبحث الثاني: التنظيمات والحركات السلفيّة العراقيّة . المبحث الثالث: الأطروحات الفكرية للسلفيين في العراق.
وخطة هذا المجلد تدرس نشأة الحركات الأرهابيّة المتطرفة وموقف العلماء المسلمين منها، وتطوّر نمو هذه الحركات ومشاريعها المشبوهة التي وصلت إلى مرحلة إعلان دولة إرهابيّة تسمّى بالدولة الإسلاميّة. وقد بذل الأساتذة المكلفون بكتابة فصول هذا المجلد قصارى جهودهم لإنجازه في المدة المقررة وهي ستة أشهر وهو جهد مبارك ضحّوا فيه براحتهم ووقتهم ومشاريعهم البحثية الخاصة فاستحقوا الشكر والثناء. ولابدّ من ذكر حقيقة مهمّة تجلّت في توثيق عرى التعاون بين العتبة العباسيّة المقدّسة وأساتذة المؤسسات الجامعيّة في مجالات كثيرة مختلفة تدرّ بالخير والمنفعة على الطرفين ، فترفد المكتبات الجامعيّة بموسوعات وكتب وبحوث ، وتحقق أهداف العتبة في إشاعة البحث العلمي الرصين الهادف إلى تطوير مصادر الثقافة الإسلاميّة المتنوّرة بنور الدين الإسلاميّ الصحيح الذي يستند إلى القرآن الكريم وأحاديث نبيّنا الأعظم صلى الله عليه واله وما أثر عن أئمتنا المعصومين عليهم السلام فكان هذا التعاون بين العتبة العباسيّة المقدّسة والمؤسسات الجامعيّة قد فتح الأبواب على مصاريعها لكتابة البحوث وتأليف الكتب والموسوعات والمعجمات وإقامة الندوات الفكريّةوالمؤتمرات العلمية التي أغنت الفكرالإسلاميّ،وأثرت العقول بمزيدمن الإبداع والإبتكاروالتأصيل والتوثيق بما يتّفق مع التوجّه الإسلاميّ الصحيح الذي تتبنّاه المرجعية العليا في النجف الأشرف التي ولدت في رحابها العلميّة فتوى الدفاع المقدسة التي أوقفت المدّ الإرهابي وأزاحته عن بلدنا والحمد لله تعالى. ولابدّ لنا من تقديم آيات الشكر والإمتنان لكلّ من خطّط لهذا المشروع وشجّع على تنفيذه وإخراجه ، ومن شارك في الكتابة فيه والإشراف على مجريات العمل فيه ،وتابع تفاصيل العمل فيه، وأخصّ بالذكر سماحة المتولّي الشرعيّ للعتبة العباسيّة المقدّسة السيد أحمد الصافي وسماحة رئيس الشؤون الفكريّة والثقافية السيد ليث الموسوي دام توفيقهما، والدكتور اسماعيل طه كاطع الجابري ، والأساتذة الأفاضل الذي كتبوا فصول هذا المجلّد داعيًا الله تعالى أن يشملهم ببركات سيدي ومولاي أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام . وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين أ.د كريم حسين ناصح الخالدي رئيس قسم الموسوعات والمعجمات 27 / محرّم الحرام 1439 هـ الموافق 18/ تشرين الأول 2017