بدد ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي (المقياس الحقيقي للتضخم) في الولايات المتحدة الأميركية والذي يستثني مكونات الغذاء والطاقة، آمال حدوث تباطؤ في التضخم، ما يرجح خروجه عن السيطرة، بحسب خبراء توقعوا زيادة كبيرة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي تصل إلى 1 بالمئة في اجتماعه الأربعاء المقبل.
ووفقاً لبيانات شهر أغسطس الماضي، ارتفعت تكاليف المأوى والاستئجار بنسبة 0.7 بالمئة، وهو أعلى مستوى في شهر واحد منذ عام 1991، وارتفعت تكاليف الرعاية الطبية بنسبة 0.7 بالمئة، وارتفع مؤشر أسعار المستهلك باستثناء الغذاء والطاقة بنسبة 0.6 بالمئة مقارنة مع يوليو و6.3 بالمئة على أساس سنوي، في حين كان متوقعا ارتفاعه 0.3 بالمئة، واستمرت أسعار السيارات والشاحنات الجديدة في الارتفاع (0.8 بالمئة)، والأثاث والمفروشات (0.5 بالمئة)، والمعدات (1.2 بالمئة).
بيانات مفاجئة
ويوضح عامر الشوبكي مستشار الطاقة الدولي أن "بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي الصادرة الثلاثاء الماضي، غير متوقعة، حيث كان الاعتقاد السائد بأن التضخم يرتفع بدفع من أسعار الطاقة، لكن أسعار الطاقة انخفضت 25 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فسعر البنزين في الولايات المتحدة بالمتوسط يبلغ 3.7 دولار للغالون، ما يعني أن أسعار الفائدة المرتفعة التي أقرها الاحتياطي الفيدرالي بواقع 75 نقطة مرتين متتاليتين لم تسهم في تخفيض معدلات التضخم بالنسبة المرجوة".
ارتفاع التضخم بعيداً عن النفط والغذاء
ويشرح الشوبكي في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن التضخم تسرب إلى مؤشر أسعار المستهلك الأساسي بعيداً عن النفط والغذاء (Consumer price index)، حيث تكون أسعاره متذبذبة، لكنه هو المقياس الحقيقي للتضخم، بينما مؤشر التضخم مع النفط والغاز يكون طارئاً، وفي حال زاد التضخم وفق هذا المقياس بنسبة غير متوقعة، فيصبح هناك احتمالاً لأن يكون التضخم طويل المدى وليس طارئاً، ووفقاً لهذه النتائج فإن التوقعات تشير إلى عزم الاحتياطي الفيدرالي رفع معدل الفائدة بواقع 75 نقطة كحد أدنى و100 نقطة كحد أعلى في اجتماعه المقبل".
دفعات جديد من التضخم في الشتاء
ويشير الشوبكي إلى أن الاقتصاد الأميركي وكذلك الاقتصاد العالمي سيتلقى دفعات جديدة من التضخم، وفقاً لتوقعات مؤسسات دولية عدة، حيث من المرجح أن ترتفع الأسعار اعتباراً من شهر نوفمبر المقبل مع بداية فصل الشتاء والسحب من المخزون النفطي الاستراتيجي الأميركي وقرب بدء موعد العقوبات الأوروبية على النفط الروسي في الخامس من ديسمبر وكل هذه العوامل تعطي مؤشرات للدخول في الركود التضخمي".
وبالتوازي مع ذلك ستكون أسعار الغاز مرتفعة في الولايات المتحدة وستسهم في رفع معدل التضخم بشكل كبير، فالسعر الآن نحو 9 دولار لمليون وحدة حرارية بريطانية (MMBTU) وهي أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، فضلاً عن أن أميركا تعهدت بتصدير الغاز لأوروبا في فصل الشتاء، وفقاً لمستشار الطاقة الدولي، الذي نوه إلى أن تقارير منظمة (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية تشير إلى وجود نمو في الطلب على النفط وعجز في الإنتاج من قبل عدة دول وخصوصاً أن الدول المنتجة للنفط وصلت إلى أدنى مستويات الاحتياطي الإنتاجي.
تضخم مصطنع
من جهته، قال الخبير الاقتصادي حسين القمزي: "علينا أن نتذكر بأن التضخم في الولايات المتحدة مصطنعاً حيث جاء نتيجة السياسات المالية والحوافز خلال فترة (كوفيد-19) والتي كان هدفها منع حدوث انهيار في الاقتصاد، لكن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تأخر باتخاذ خطوات لكبح جماحه ظناً منه أن هذا التضخم مؤقت، وسينخفض فور توازن الطلب مع العرض عندما تستقر الأمور، وهذا لم يحدث فاستمر التضخم في الارتفاع".
ويشير الخبير الاقتصادي القمزي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى "إن السياسات الضريبية والإنفاق الحكومي يعطل أو يبطئ تأثير إجراءات الاحتياطي الفيدرالي في رفع معدلات الفائدة، والتوقعات تشير حالياً إلى توجه الفيدرالي لزيادة معدل الفائدة في اجتماعه الأربعاء المقبل 1 بالمئة، لكنني أعتقد أن 75 نقطة بحد ذاتها مرتفعة وخاصة أن هناك زيادة أخرى متوقعه في أكتوبر المقبل".
ويضيف القمزي "التضخم لا يزال مرتفعاً حتى مع استثناء النفط من المؤشر، كما أن مؤشر أسعار المستهلك ليس دقيقاً تماماً كونه يحتسب ضمن عناصره الإيجارات وبالتالي فإن تأثير الإيجارات يظهر متأخرا ولا يعكس الفترة الزمنية، لذلك أعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سينظر إلى مؤشر أسعار المنتجين والذي يكون عادة أكثر دقة ليقارن بين المؤشرين قبل اتخاذ قراره بنسبة الزيادة الفائدة".
حازم شعار – أبوظبي - سكاي نيوز عربية