ستتولى الروبوتات أكثر
الوظائف مللاً في معظم المجالات، والأهم أيضاً، أكثر الوظائف خطورة. ولن تكون قيادة شاحنات النقل، استثناء.
في هذا الصدد، يُركز مهندسو القيادة الذاتية بشكل مباشر على الشحن لمسافات طويلة، لا سيما بالنظر إلى أن الطرقات بين الولايات الأمريكية تمتد دون تعقيدات تقريباً، باستثناء طريق منحن بطيء، أو ممر يخضع لنظام تحصيل الرسوم الإلكترونية (E-ZPass). وعلى هذا النحو، فإن هذه الطرق، هي من أبسط التحديات أمام القيادة الذاتية.
إلا أن أكبر عقبة قد تكون البنية التحتية. فعادة ما تكون الرحلة القصيرة من مصنع، أو مركز توزيع إلى الطريق السريع، أكثر تعقيداً بكثير من مئات من الأميال التالية. وينطبق الأمر ذاته أيضاً، عندما تخرج المركبة من الطريق السريع إلى طرقات فرعية. ويتمثل أحد الحلول لشركات النقل بالشاحنات، في إنشاء محطات نقل في كلا الطرفين، حيث يتعامل السائقون البشريون مع المرحلة الأولى الصعبة من الرحلة، ثم يربطون حمولتهم بمركبات روبوتية للجزء الأوسط الممل. كما إن محطة أخرى عند المخرج ستحوّل الشحن إلى شاحنة تناظرية من أجل التسليم.
وفقاً لدراسة جديدة من جامعة ميشيغان، يمكن لمثل هذا النظام أن يحل محل حوالي 90% من القيادة البشرية في الولايات المتحدة بالشاحنات لمسافات طويلة، أي ما يعادل حوالي 500 ألف وظيفة.
في هذا الصدد، أوضح أنيرود موهان، طالب دكتوراه في الهندسة والسياسة العامة في جامعة كارنيغي ميلون، وأحد مؤلفي الدراسة: "عندما تحدثنا إلى سائقي الشاحنات، قال كل منهم حرفياً، ’نعم، يمكن أتمتة هذا الجزء من الوظيفة’، في حين اعتقدنا بأنهم سيكونون مشككين أكثر بالموضوع".
مع ذلك، هناك عدد من الأمور المهمة. أولاً، سيتعين على الأنظمة المستقلة معرفة كيفية التنقل في الطقس السيئ بشكل أفضل بكثير مما يمكنها الآن. ثانياً، لم تُمهّد الجهات التنظيمية في العديد من الولايات الطريق لمنصات الروبوت. وأخيراً، هناك البنية التحتية التي يجب مراعاتها – حيث تنتقل جميع محطات النقل التي تمر عليها الشحنات من النظام التناظري الذي يُوفّر الكافيين إلى الخوارزميات.
في حال ركزت شركات النقل بالشاحنات فقط على حزام الشمس (الولايات الجنوبية من فلوريدا إلى كاليفورنيا)، يمكنها بسهولة تعويض 10% من القيادة البشرية، كما تظهر الدراسة. وفي حال قامت بنشر الروبوتات في كل أنحاء البلاد، يمكن أن تصبح نصف ساعات النقل بالشاحنات في البلاد آلية في الأشهر الأكثر دفئاً فقط.
3.3 مليون سائق
تعليقاً على الموضوع، قال بارث فايشناف، الأستاذ المساعد في مجال المناخ والطاقة في جامعة ميشيغان، والمؤلف المشارك للدراسة: "إن هذا يحدث بالفعل، ولكن بطريقة محدودة إلى حد ما". وهناك حوالي 3.3 مليون سائق شاحنة في أمريكا، على الرغم من أن الكثيرين لا يبقون في هذا المجال لفترة طويلة؛ فالوظائف التي تمتد لفترة طويلة على وجه الخصوص/ هي من أسوأ الوظائف؟ فهي ليست فقط طويلة ومملة، وإنما من بين الوظائف ذات الأجور الأقل، حيث يظل سائقو المسافات الطويلة على الطريق لحوالي 300 يوم في السنة، ويكسبون حوالي 47 ألف دولار سنوياً؛ ويمكن أن تكون طرق المسافات القصيرة أكثر تعقيداً. وعلى هذا النحو، تدفع أجوراً أفضل وتجذب السائقين الأكثر خبرة.
ليس من المستغرب أن القوى العاملة طويلة الأمد تميل إلى تحويل مسارها المهني بالكامل كل 12 شهراً، أو نحو ذلك. وفي الوقت الحالي، تفتقر الصناعة إلى حوالي 61 ألف سائق، وذلك وفقاً لاتحادات النقل بالشاحنات الأمريكية، حيث قال فايشناف: "نرى في مخيلتنا أن هذه هي وظائف الطبقة الوسطى، لكن لم يعد هذا هو الحال الآن".
روبوت أو مراهق
يُشار إلى أن نقص السائقين سيء للغاية، لدرجة أن شركات النقل بالشاحنات الأمريكية تحاول استقدام السائقين لتخفيف ما أصبح أحد أكثر الاختناقات حدة في أزمة سلسلة التوريد، حيث يسعى أعضاء جماعات ضغط الشاحنات أيضاً إلى خفض الحد الأدنى لسن السائقين عبر الولايات من 21 إلى 18 عاماً؛ ولذلك عندما يتعلق الأمر بقيادة مركبة تزن 80 ألف رطل وتسير بسرعة 75 ميلاً في الساعة، فإن الخيار قد يكون بين روبوت أو مراهق.
تراهن شركات ناشئة عديدة على الروبوتات، بما في ذلك "تو سمبل" (TuSimple)، وهي شركة مقرها في سان دييغو في كاليفورنيا، تقول إن أنظمة القيادة الذاتية الخاصة بها تُقلل من استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 10%. وفي ديسمبر، أزالت الشركة مرافقيها من البشر على امتداد 80 ميلاً من الطريق بين فينيكس وتوكسون. وهي تخطط لبدء عمليات التسليم في مناطق واسعة من البلاد من دون سائقين من البشر، بحلول نهاية العام المقبل.
قال بات ديلون، المدير المالي لشركة "تو سمبل": "إننا نصل إلى مستوى حقيقي من الجدوى التجارية، وهو ما أعتقد بأنه مثير للاهتمام للغاية".