لماذا يتعافى مريض وتتدهور صحة مريض آخر، ولماذا تنجح عملية وتخفق أخرى، وهل التقصير في الكادر الطبي أم ان هنالك عوامل أخرى خارجة عن سيطرته، وما الاجراءات الادارية والقانونية المتبعة بحق المقصرين؟
هذه الاستفهامات وغيرها، نطرحها على من له صلة بالموضوع من خلال التحقيق التالي.
- البلدان تجنّد كل طاقاتها وبحوثها لتقلل من حدوث المضاعفات.
- هناك اخفاقات تحدث في المجال الطبي لكن اغلبها غير متعمد.
عملية فاشلة وأخرى ناجحة
يروي المواطن نجم عبد جبر قصة حدثت مع أقاربه قائلا " اجرت امرأة من أقاربي عملية جراحية عند احد الاطباء في بابل لاستئصال ورم بين الكبد والكلى، وتبين ان الطبيب لم يستأصل الورم بالكامل وبقي جزء منه، وان الطبيب اجراها رغم تحذيرات الكادر الطبي الموجود معه، والذي نصحه بعدم اجراء العملية لان قدراته الطبية متواضعة ولا تسمح له بذلك لكنه لم يكترث، واجريت العملية ثانية في النجف الاشرف واستأصل الورم بالكامل وهي الآن بصحة جيدة".
واضاف" انصح المواطن ان يبتعد عن ادخال العشائر والفدية العشائرية في موضوع الاخطاء الطبية، وليحاسب المقصر قانونيا ويقيم علية الدعوة قضائيا، ولا اتصور ان الطبيب يتعمد ايذاء المريض لكونه يسعى للحفاظ على مكانته وسمعته، وان في علاج المريض تقرب لله (عز وجل) وفيه مرضاته وهذا يحتم على الطبيب ان يخلص في عمله".
تشخيص خاطئ
وذكر المواطن ابو حوراء" ان جاره وهو شاب يبلغ من العمر 35 سنة، ذهب للمعالجة وبعد ان كشف الطبيب عن حالته اخبره بأنه مصاب بمرض البواسير، ولابد من اجراء عملية جراحية عاجلة، وان تكلفتها مليون دينار وعلى اثر ذلك وافق المريض على اجراء العملية لكن والده نصحه بمراجعة طبيب آخر للتأكد من صحة التشخيص".
وأضاف" بعد اعادة فحص المريض من قبل طبيب آخر تبين ان المرض في بدايته وان العقاقير الطبية كافية لعلاجه ولا حاجة الى اجراء عملية جراحية".
وتساءل ابو حوراء" لا أدري هل ان الطبيب قليل الخبرة الى هذا الحد ام انه لم يكلف نفسه عناء التحقق من حالة المريض، متابعا" في كلتا الحالتين هنالك تقصير ومشكلة ينبغي ان يوضع لهما حلا من قبل المعنيين".
عقوبة إدارية وتوصيات
مدير مدينة الإمام الحسين(عليه السلام) الطبية الدكتور صباح الحسيني تحدث عن الاجراءات المتبعة بحق المخالفين قائلاً" يجب ان نعترف انه هناك اخفاقات تحدث في المجال الطبي سواء من قبل الممرض او الطبيب او اي فرد من افراد الكادر الطبي ولكنها غير متعمدة فمن غير المعقول ان يتعمد هؤلاء إيذاء المريض لكن هناك بعض القصور في قابلية المعالج وتشخيصه للحالة ومعرفة مدى خطورتها وسبب ذلك ضعف مستواه العلمي او تقصيره في الاداء".
ونوه" ان الاجراءات المتبعة بحق المخالفين من الكادر الطبي تتمثل بإجراء تحقيق بصدد حالة المريض وتتكلف بذلك لجنة محايدة وتقوم بدراسة المشكلة برمتها للتأكد من حيثياتها، واذا ثبت ان هنالك تقصير او اهمال في معالجة المريض تصدر عقوبة ادارية بحق المخالفين، اضافة الى ذلك تمنح هذه اللجنة توصيات، و من ضمن هذه التوصيات ان لا تتكرر حالات التقصير في معالجة المريض، وفي حال وجود اشكالات اخلاقية او مهنية كتأخر حضور الطبيب لمعالجة المريض دون عذر، او اساءته الى ذوي المريض يتم معاقبته بعد التأكد من صدق الشكوى".
مضاعفات خطيرة وحالات حرجة
طبيب الجراحة العامة في مدينة الإمام الحسين(عليه السلام)الطبية الدكتور رضا تركي تحدث عن المضاعفات الصحية للمريض وتأثيرها على شفاءه قائلا" مصطلح الاخطاء الطبية بحاجة الى توضيح فالمجتمع لا يعي ان هنالك مضاعفات متوقعة تحصل للمريض والمضاعفات الطبية هي التي تحدث للمريض بكثرة وليست الاخطاء الطبية لعدة اسباب منها مدى ملائمة الاوضاع والامكانيات الطبية والتقنية لحالة المريض في المستشفى، ووضع المريض وطبيعة حالته الصحية، وكل ذلك يؤثر في شفاء المريض، ولا بد من التوضيح ان هنالك مضاعفات خطيرة قد تؤدي الى الوفاة، وكل بلدان العالم تحاول تجنيد كل طاقاتها وامكانياتها وبحوثها حتى تقلل من حدوث المضاعفات".
وبين" لا تحضرني الامثلة بخصوص المضاعفات الطبية، ولكني سأفترض ان مريض يحتاج الى عملية فتح بطن، وهو يعاني من مرض السكري ولديه ارتفاع في نسبة اليوريا ومصاب بأمراض الأمعاء حتماً هكذا مريض سوف لن ينفذ من العملية بدون مضاعفات وأيسرها التهاب الجرح، وهذه الامور لا يفهمها الكثير من افراد المجتمع لكونهم غير متنورين في المجال الصحي".
تقاليد مستهجنة
ومن جانبه قال الإعلامي علي الجراح" ان موضوع الاخطاء الطبية مهم جدا والاعلام له رسالة واضحة بصدده يناقشها من مبدأ عدم التشهير بالطبيب واتهامه بالتقصير لان الطبيب او المعالج او الممرض هدفهم الرئيس اجراء العملية بنجاح، ولا اعتقد ان الطبيب يتعمد التقصير وايذاء المريض ولكن هناك بعض الاجراءات والحالات تأتي خارج نطاق سيطرة الطبيب او الممرض كالحالات الصحية المتعلقة بارتفاع ضغط الدم او السكر للمريض او تكون لدى المريض حالة مرضية مزمنة، وهنا تتعقد حالات الشفاء بسبب تردي حالة المريض الصحية وعلى الاهل ان يتقبلوا الامر بصدر رحب".
واستهجن الجراح (الكوامة) تهديد الطبيب ومطالبته بفدية قائلا" نلاحظ ان بعض العشائر تقوم بتهديد الطبيب فيما اذا توفي المريض بعد المعالجة ويكتبون على حائط عيادته ممنوع ومطلوب دم عشائريا، مثل هكذا حالات لا يرتضيها الدين ولا القانون، وعلى الإعلام محاربة هذه العادات والتقاليد التي صارت دخيلة على مجتمعنا، وهذه الحالات ظهرت بعد سقوط النظام البائد، ونحن نطالب الحكومات المركزية والمحلية ووزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني ان تأخذ دورها لتحد مثل هذه الحالات، لكون هذه الحالات تسببت في هجرة الكفاءات العراقية".
الحقوقي جبل الفتلاوي تحدث عن معاقبة القانون للمقصرين من الكادر الطبي قائلا" ان المادة (416) من قانون العقوبات تنص على ان من احدث الاذى للمريض وكان الاذى ناتجا عن اهمال او رعونة او عدم انتباه او عدم انضباط او عدم مراعاة للقوانين والانظمة والاوامر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر، وتكون العقوبة اكثر من ذلك اذا نشأ عن هذه الجريمة عاهة مستديمة".