الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
هل القواعد النقدية ثابتة في كل عصر..؟
المؤلف:
د. عبد الرسول الغفاري
المصدر:
النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص :15-18
23-3-2018
2140
لقد عرفت أن النقد يستند بالدرجة الأولى إلى الذوق السليم والحس المرهف، كما ان هناك قواعد قد يتبعها الناقد اثناء دراسته للنص الأدبي لينتهي من خلالها الى أحكام تليق بالنص، جودة أم رداءة.
لكن الى ايّ مدى يمكن القول بأن تلك القواعد ثابتة ومنطقية؟ وهل يمكن اعطاء نموذج افضل فنجعله اثراً خالداً من بين الاَثار والنصوص؟ فيما تقدّم اتضح لك بأن النقد يسعى وراء الأدب " والأدب بكل فنونه واساليبه يرتبط بمشاعر وعواطف الأديب الذي بدوره يحمل هموم وآلام وتطلعات الامة، فما عسى ان يفعل هذا الأديب وهو بين ظهرانيها؟!
فالقواعد النقدية التي قد تجد منها ما هو اساسي لابدّ من وجودها في كل زمان ومكان، ولابد للناقد ان يلمّ بها لأنها مادته الأساسية واداته العملية في تحديد قيمة النص الأدبي.
فمن تلك القواعد: الاطلاع على المؤثرات الطبيعية التي ساهمت في تكوين شخصية الأديب، وهكذا قل بالنسبة إلى عنصر الأخلاق، وصدق الشعور وصحة التفكير، وجمال التصوير وقوة التأثير.
وهناك قواعِدٌ ثانوية أو فرعية أو قل عنها إنما ترتبط مع النص زماناً ومكاناً وسرعان ما تزول اهميتها، فقواعد كهذه لا تحتل تلك المكانة والأهمية السابقة.
قد نجد من بين الدارسين وكتّاب النقد الأدبي وممن تأثّر بالنظريات الغربية، مَن يحاول أن يطبّق تلك القواعد والاسس النقدية للتراث القديم للأدب اليوناني أو الروماني على الأدب العربي، وهذا اجحاف وظلم؛ لأن الأدب العربي نشأ في عقلية وبيئة معينة تختلف تمام الاختلاف عن نشوء الأدب اليوناني القديم.
اضف الى هذا ان قواعد النقد الأدبي لا تفرض على الأدب فرضاً، ولا يمكن للأديب ان يلتزم قواعد واسس فنيّة لامّة ليس له بها اي ارتباط عاطفي أو اجتماعي أو ثقافي ناهيك عن الفوارق النفسية والطبيعية و...
فالقواعد يجب أن تستنبط من أجمل النصوص وابدعها واكثرها خلوداً وتأثيراً في النفوس ولولا تلك الخصائص التي اكسبتها القوة والجمال، لما وجدت لها اي ميزة تتفوّق بها على بقيّة الأدب وسائر النتاج الأدبي.
النتاج الأدبي
كل نتاج أدبي انما هو صورة حيّة عن تجربة ذاتية مادتها الشعور والعاطفة والأديب لا ينفك في انتاجه من المؤثرات الخارجيّة التي عملت فيه واثارت احاسيسه ومشاعره ليعطي تجربة صادقة عن الحياة بصورها المختلفة. فالشاعر عندما يصور لنا روضة غناء انّما يعمل فيه الاحساس الوجداني، فيصوّر جمال الروض وازهاره، ونقاء هوائه، وصفو مائه، وعذوبته، وحسن منظره،... إنما هي انفعالات داخلية في نفس الشاعر وعاطفة ميّالة الى الوصف مع شعور صادق تستلهم سرباً من الألفاظ لتركّب معاني ذات مفاهيم جميلة فيها الحركة والتنقل من شيء غير محسوس عند السامع الى شيء تخيّله في ذهنه ليبرزكما هو عند مصوّره.
لهذا ما كان مؤّرخو الأدب العربي يدرسون حياة الشاعر أو الكاتب من الوجهة التاريخية والأدبية وما اثر فيها من مؤثرات نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو دينية فحسب وإنّما يدرسون هذه الجوانب عند الأديب حتى تبرز لنا مواطن الإبداع والجمال الفني، ومدى تأثير ذلك على ذوق السامع أو ما يثير منه احاسيسه ومشاعره.
ثم الدراسة المتشعّبة للأديب تضع امامنا شخصيّته بصورة جلية واضحة وهل انه تفرّد بنتاجه الأدبي أم شاركه فيه غيره من حيث نوع الفن وقوته وجودته وسماته البارزة كي يحتلّ ذلك الأديب مكانته الأدبية بين اقرانه وكي يوضع في الطبقة التي ينبغي أن يكون فيها لهذا سوف نجد ان نقاد الأدب وعلى رأسهم الاصمعي حدّد مفهوم الفحل كي يتميّز الشاعر الجيّد عمن سواه.
ثم إذا عرفنا بعض تلك الخصوصيات للأديب سوف نعرف أهم القواعد والأسس النقدية التي لابدّ أن يعرفها الناقد.
وربّما توهم البعض فحمّل الأديب اثقال الامة من تطوّر أو تخلّف، وهذا امر تعسّفي الى حدّ ما، كما ان الأدب ليس غاية مناقشته النظريات الاقتصادية وإبداء الآراء الفلسفية واظهار المبادئ العقلية والاسس الطبيعية.
بل ان الأدب صورة حيّة عن مشاعر صادقة للإنسان يعدّ جزءًا من مجتمع أثّرت فيه تيارات متعددة فاستلهم من خياله لغة خاصة ليعطينا من خلالها تجربة ذاتية، سواء أثرت فينا هذه التجربة أم لم تؤثّر، وسواء كانت تحكي عن الحياة الخارجية الصادقة أم أنها خيال خصب ليس إلًا.
نعم الأديب لا يقصى عن بيئته وحضارة مجتمعه كما ان للأدب غاية انسانية شريفة وله من الأبعاد الحيوية بحيث يُحرّك ضمير الأمّة، وهذا بالخصوص فيما لو كان الأديب يساير طموحات مجتمعة ويتحسّس اَلامه وامنياته، فالتجربة الشعورية هنا تكون صادقة إذا كان لقاحها الانفعال بمؤثرات الأحداث والطبيعة.
وكلّما كانت تجربته الشعورية تتجه نحو الكمال كلّما حلّق بنتاجه الى التسامي والخلود حتى يضطرنا أن نشاركه في أحاسيسه ومشاعره لأنه نقل الينا الحدث نقلاً هادفاً يكمن في نتاجه الإثارة فتعمل في نفوسنا وتقودنا الى الانفعال التام.
لهذا فان النقد الأدبي يهتم بتلك المشاعر، ومدى عمق التجربة في نفس الأديب، وصدق أداته في التعبير وسلامتها من العيوب، ويهتم بالقوة الإبداعية وهي القدرة الفنية الكامنة في النص الأدبي لتثير في سامعيها الانفعال الصادق والاستجابة الحقيقة للنص.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
