المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
معنى المسيح
2024-04-17
تفويض الامر الى الله
2024-04-17
معنى القنوت
2024-04-17
فاطمة الزهراء شبيهة مريم العذراء
2024-04-17
معنى الحضر
2024-04-17
التحذير من الاستعانة بالكافر
2024-04-17

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


علم التفاوض  
  
5172   01:02 مساءً   التاريخ: 7-12-2017
المؤلف : ايهاب محمد كمال
الكتاب أو المصدر : قوة التأثير
الجزء والصفحة : ص107ـ115
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / مفاهيم ونظم تربوية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2017 5287
التاريخ: 29-1-2018 2446
التاريخ: 19-4-2016 5250
التاريخ: 29-4-2017 2654

التفاوض علم , تتمازج فيه علوم الاجتماع واللغويات , وعلم النفس والإدارة , والعلوم السياسية والعلاقات الدولية , وعلم الأجناس , وهو علم يتصل بقضايا الانسان الحيوية , بوصفه يرمي الى ايجاد نوع من التفاهم الفاعل بين بني البشر سواء كان ذلك على مستوى الافراد او المؤسسات او الدول .

وهو علم يرمي الى وضع حد لسوء التفاهم , وتجنيب الانسان ويلات التصادم والصراع مع اخيه الانسان , اعتمادا على ما يمكن أن يكون بينهما من ارضية مشتركة .

وفي عالم الانسان اصبح تحقيق الحد الادنى من التفاهم في ظل الاعتراف بوجود مصالح مشتركة يقتضي العمل على تعميق ما يمكن تعريفه بثقافة التفاوض , التي تشتمل على وضع تصور نظري لماهية التفاوض , وتحديد وسائله واساليبه واستراتيجياته , مع اتباع الوسائل الممكنة لتنمية مهارات التفاوض في المجتمع . وذلك من منطلق ان من الطبيعي ان تتعارض مصالح البشر , وان من الضروري السعي الى تحويل هذا التعارض الى تفاهم على قواسم ومصالح مشتركة , يمكن ان تتحقق من خلال تنازلات تقدمها الاطراف المعينة .

وفي عصرنا الحاضر , وفي ظل هذا التقارب بين دول العالم والثورة المعلوماتية والاتصالية , التي احالت العالم الى قرية صغيرة , يعرف كل من فيها دقائق حياة من يعيشون معه , فانه اصبح من الواجب حل كل ما قد ينشأ من صراع بين الدول والافراد والمؤسسات بالطرق الودية, التي من اهم اشكالها عملية التفاوض , وبخاصة ان اللجوء الى استخدام القوة لفض المنازعات اصبح ينذر بكثير من الويلات لأطراف النزاع , بل يمتد اثره الى اطراف اخرى لا علاقة لها بهذا النزاع. اضف الى ذلك ان القانون الدولي يحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية , حيث تبلور في السنوات الاخيرة ما يعرف بالشرعية الدولية , التي تردع مثل هذا الفعل وتجرمه في ضوء مصالح الدول الكبرى .

في ظل هذا الواقع , اتجه الكثير من المؤسسات والاكاديميين الى محاولة وضع توصيف محدد لعملية التفاوض , تعطيها الصفة العلمية , وتوفر لها الاطار النظري theoretical framework , الذي يضعها في مصاف العلوم الاجتماعية الاخرى استنادا الى ما تراكم من خبرات عملية عبر العصور المختلفة . ولكن المفارقة تكمن في (وجود تباين كبير بين فريق الممارسين , الذين يعرفون المفاوضات بطريقة عملية , ولكن يفوتهم في كثير من الاحيان الجوانب النظرية او الاطار النظري لعملية التفاوض .

فالممارس يباشر المفاوضات ولكنه لا يتوقف لكي يدرك طبيعتها وطبيعة الاعمال التي يقوم بها اثناء عملية التفاوض , وبعبارة اخرى , فالممارسون المطبقون لعملية التفاوض لا يكترثون كثيرا بالنظريات , وانما يعتبرونها اما مضيعة للوقت , واما افتعالا لمسائل لا اساس لها في الواقع . وعلى النقيض من ذلك تماما , يأتي فريق المنظرين , الذين يتحدثون عن المفاوضات بطريقة نظرية, وقد يصدرون الاحكام على الممارسات , دون ان يتعرفوا على وثائقها ودقائقها, غير انه بالنظر الى اهمية وضرورة الجمع بين الجانبين النظري والتطبيقي للمفاوضات , فانه يتعين على المفاوض وعلى الدبلوماسي وفي الوقت الحاضر , وكثير من العاملين في الحقول الاخرى , ان يلموا بالجانبين , قدر الامكان , وان يستحلوا بمعرفتها بصورة دقيقة وشاملة , اذا كان لهم أن يكونوا مفاوضين ناجحين ومتميزين .

وعلى الرغم من وجود هذا التنازع بين الممارسين وبين اصحاب الاتجاه النظري فان هناك توجها قويا في المؤسسات العلمية ومراكز الدراسات لوضع اطار نظري , يجعل من التفاوض علما له اصوله وقواعده , بعد ان فرض واقع اليوم على الانسان مواقف تفاوضية مختلفة في اغلب اوقاته , مما يقتضي اتقان هذا الفن , لتجاوز اسباب التوترات , التي تنشأ في التفاعلات الانسانية , التي تتم على مختلف المستويات , والتي تزداد بوتيرة متسارعة كلما ازداد العالم تقاربا , والمصالح تشابكا وتعقيدا . ولا ادل على ذلك من ان الاحصاءات تشير الى ان عدد العمليات التفاوضية التي تتم على المستوى الرسمي او شبه الرسمي في مدينة جنيف , يصل الى نحو عشرة الاف عملية في السنة , وهذا المعدل نفسه تشهده مدينة نيويورك , كما ان المديرين يقضون اكثر من 20% من وقتهم في عمليات تفاوضية مختلفة المستويات . ولذا , تحتم لهذه الظاهرة الانسانية ان تأخذ حظها من الدراسة العلمية , ولا سيما في دول الغرب , وعلى وجه الخصوص في الولايات المتحدة الأمريكية, لتعاظم دورها في العالم , ووجود كثير من المنظمات الدولية فيها , وتزايد اعداد الشركات عابرة القارات , التي ميدان عملها العالم على اتساعه , ومن اشهر المشروعات العلمية المعنية بدراسة عملية التفاوض , مشروع جامعة هارفارد للمفاوضات , وتصب جهود القائمين على هذا المشروع في ثلاثة اتجاهات رئيسية هي: الإسهام في بناء نظريات للتفاوض theory building .. وفي مجال التدريس والتدريب.. وفي مجال النشر .

وقد وجد الاطار النظري , الذي تمخض عن هذا المشروع طريقه الى التطبيق في اتفاقيات كامب ديفيد , إذ قام الوسيط الامريكي بوضع تصور بالاتفاقيات , بناء على اجندة المفاوض المصري والمفاوض الاسرائيلي , وكان القائمون على هذا المشروع قد اسهموا في تصميم ما يعرف : بالتوسط من خلال نص واحد one – text  , وهي طريقة تعتمد على كتابة نص , مبني على الاجندات المتصارعة للأطراف المتنازعة , بهدف تقليل الهوة او الفجوة بين الاطراف .

وهذا الجهد , الذي يتم على المستويين النظري والتطبيقي , لإيجاد علم يعنى بالمفاوضات , بوصفها وسيلة مهمة لخلق مجتمع انساني , تحل مشكلاته بالطرق السلمية , لم يكن كافيا لوضع تعريف محدد لمفهوم التفاوض , واذا جاز لنا ان نبدأ بالتعريف اللغوي للكلمة , فإننا نجد المعجم الوسيط يورد : (فاوَضَه في الأمرِ مُفَاوضةً أي: بادله الرأي ، بغية الوصول الى تسوية واتفاق ، وفاوضه في الحديث : بادله القول. وفاوضه في المال : شاركه في تثميره .. والمفاوضة : تبادل الرأي من ذوي الشأن فيه , بغية الوصول الى تسوية واتفاق) .

(وإذا عدنا الى الموسوعات والمعاجم اللغوية في اللغات : العربية والفرنسية والانكليزية , وجدنا تعاريف متعددة للتفاوض , تطورت , وتدرجت بتطور , وتدرج فن التفاوض في مختلف الحقول والميادين , وفيما يلي اهم تلك التعريفات :

ـ التفاوض هو محادثات تجري بين فريقين متحاربين , من اجل عقد اتفاق هدنة او صلح .

ـ التفاوض لغة الحوار والمناقشة بين طرفين , حول موضوع محدد للوصول الى اتفاق .

ـ التفاوض مرحلة من مراحل الحوار , قبل الوصول الى اتفاق .

ـ التفاوض هو محادثات بين طرفين او اكثر , حول موضوع معين او مشكلة قائمة , قصد

الوصول الى اتفاق .

ـ التفاوض هو الاسلوب الذي يدير به السفراء والمبعوثون العلاقات الدولية , وهو عمل الرجل الدبلوماسي او فنه .

ـ التفاوض : إجراء المناقشات والحوار من اجل تسويق مشروع معين او الوصول الى اتفاق حول تحديد الربح والخسارة , بهدف تحقيق المشروع , وفي المجالات الاخرى , التفاوض , هو بحث موضوع او مشكلة بين طرفين , لكل منهما مصلحة في الوصول الى اتفاق .

ـ التفاوض هو ان تدخل في حوار او نقاش مع طرف او اطراف اخرى , بهدف الوصول الى اتفاق يرضي الاطراف المتفاوضة , ويضمن لها الحد الادنى المقبول من المكاسب).

ويتبين , من هذه التعريفات , ان مفهوم التفاوض يضيق ويتسع حسب الزاوية , التي ينظر اليه من خلالها , فقد يحصره بعضهم في الجهد الدبلوماسي , فتكون ممارسة عملية التفاوض حكرا على الدبلوماسيين وممثلي الدول من اجل ايجاد اتفاق بين فريقين متحاربين , وقد يراها بعضهم وظيفة يضطلع بها القائمون على امور التسويق , مما يجعل معناها قريبا من معنى عملية البيع او المساومة , وقد يمتد مفهوم التفاوض , ليكون متصلا بعملية النقاش والحوار , التي تتم بين طرفين او اكثر , بينهم تعارض في وجهات النظر حول قضية محددة , او تنازع للمصالح من اجل الوصول الى اتفاق ينهي اسباب التوتر والتنازع , ويحقق مصلحة الطرفين او اطراف القضية .

ولما كان من الصعب ان يخلو مجتمع من المجتمعات , مهما كان صغيرا , من دواعي النزاع , (فإنه يمكن القول ان مجتمعا حرا لا يمكن ان يعيش بلا تفاوض , لان التفاوض طريق مفضل لتحقيق الرفاهية , ولحل الخلافات والنزاعات .. ومن هذا المنطلق , فان من الواجب الاجتماعي ان يكون جميع المواطنين مفاوضين جيدين , ما استطاعوا الى ذلك سبيلا ) .

وتجد مثل هذه الدعوة , الى إتقان عملية التفاوض والتمرس عليها , صدى كبيرا , لان الانسان يقضي معظم يومه مفاوضا في مواقف مختلفة , فهو يتفاوض مع زوجته واولاده على امور شتى تتعلق بحياتهم , فالتفاوض يكون على طريقة تلبية حاجات كل واحد في الاسرة , وعلى الاسلوب , الذي يتم به الانفاق عليهم , وعلى الطريقة , التي ينبغي ان يتعاملوا بها بعضهم مع بعض , ومع المجتمع من حولهم , وعلى ما يمكن ان يتخذه كل واحد منهم من اصدقاء , بل ان هناك مفاوضات تتم على نوعية ما يأكلون وما يشربون وما يلبسون , ويبدو في هذه المفاوضات ذلك الصراع المتأصل بين الاجيال , وما بينها من اختلاف في الرؤية والتوجه والذوق. ويواجه الانسان مواقف تفاوضية في الشارع ومع الجيران ومع الباعة , وفي العمل مع  الزملاء والرؤساء , وقد يكون ممثلا لشركته في مفاوضات مع شركات اخرى منافسة , او قد يكون ممثلا لدولته في مفاوضات ذات طابع دولي , ولعل هذا الواقع ما وصفه ثلاثة من اقطاب علم السلوك التنظيمي والاداري : كيندي , وبينسون , وماكميلان بقولهم : (نحن نعيش اليوم عصر التفاوض , فاغلب مناشط حياتنا وما ينجم عنها من خلافات , قد اصبح في حاجة الى التفاوض لكي نتمكن من تحقيق اهدافنا ومصالحنا المتناقضة والمتعارضة دائما وابدا . وفي الواقع, نحن نلجأ الى التفاوض كل يوم , بل ربما عدة مرات في اليوم الواحد , لكي نجد حلولا معقولة ومقبولة لمشكلاتنا الخلافية المشتركة , فالمفاوضات لم تبق وقفا على ما يدور بين الشعوب والامم من مفاوضات , بل هي مستخدمة بكثرة بين الجماعات والافراد في مختلف مواقف الحياة , لحل المشكلات الخلافية المشتركة بين العمال واصحاب الاعمال , وبين النقابات او الاتحادات ورجال الادارة , وبين الزوج وزوجته واولاده , وبين الزملاء والاصدقاء , فكل طرف من هذه الاطراف يسعى للحصول على افضل النتائج , باقل قدر ممكن من الصراع , الذي يهدر الجد الانساني بغير داع) .

وهناك من يرى ان التفاوض يعد (عملية اجتماعية حركية بالغة التعقيد , تتداخل فيها وتتفاعل عدة عناصر , وذكر في مقدمتها : المعلومات , والوقت , والقوة , وكذلك التكتيكات (اي الاساليب) المتبعة , ووسائل الاتصال المستخدمة . المفاوضات هي استخدام المعلومات والقوة, للتأثير على السلوك , وبهذا المعنى , نتفاوض طول الوقت , في العمل وفي حياتنا الخاصة).

واذا كان على طرفي التفاوض , استخدام ما يملكون من قوة , قد تتمثل في امكانات مالية ومعلومات ومكانة اجتماعية وغيرها من عناصر القوة , فان التفاوض لا يصل الى نتيجة مرضية ومقبولة ما لم يتوافر فيه عنصرا المعقولية والمرونة , لان التشدد يؤدي دائما الى تطرف ومغالاة من الطرف الاخر , مهما بدا ضعيفا في امكاناته , وهو ما يصل بالمفاوضات الى طريق مسدود. وفي حالة استخدام القوة في املاء الشروط , ووضع حلول للمشكلة بناء على ذلك , فان الطرف الضعيف يتحين الفرص للانقضاض والانتقام من واقع الاحساس بالذل والهوان , وهذا يؤدي الى نتائج عكسية وانتكاسة في العلاقات المتوترة اساسا لوجود نزاع على قضية ما , فيتأجج بذلك الصراع , وقد يصل الى مداه في حالة التلويح باستخدام القوة او استخدامها فعلا , بما يهدد مصالح طرفي عملية التفاوض .

ولكي يمكننا فهم طبيعة التفاوض وهدفه , لا بد من تحديد عدد من السمات التي ينبغي ان تتسم بها عملية التفاوض , والتي تجعلها تتميز من عمليتي البيع والمساومة , ومن ذلك :

توافر عنصر الصراع الذي قد يكون بين طرفين او اكثر .

توافر الرغبة في الوصول الى اتفاق يرضي جميع الاطراف المتنازعة .

الايمان بانه لا بد من وجود نوع من التعاون , وان كان ذلك لا يلغي حقيقة وجود المنافسة .

الاقتناع بان فرض الشروط واملاء الإرادة لا يوصلان الى اتفاق مرض , وانما يزيدان من تأجج الصراع .

الجدية في بحث الارضيات المشتركة , التي يمكن ان تتأسس عليها عملية التفاهم .

ويعول الخبراء , في هذا الميدان , على اهمية تعميق ما يعتبرونه ثقافة التفاوض , من اجل حل ما ينشا من مشكلات بين بني البشر بشكل فعال , من دون اللجوء الى القوة . ومن الاسس , التي تقوم عليها هذه الثقافة :

اولا: التركيز على حل المشاكل وتجنب التعرض للأشخاص. اي تحري الموضوع وتجنب الشخصانية في تناول المسائل .

ثانيا : تنمية حاسة الاستماع الجيد للآخرين ..

ثالثا : تعرُّف طبيعة ملامح حوارية كثيرة , منها على سبيل المثال لا الحصر :

أـ اصول إقامة الحجج .

ب ـ تعرف وظائف الصمت في الحوار التفاوضي .

ت ـ تعرف الاستخدامات الايجابية لعامل الوقت .

ث ـ تجنب الاسلوب غير المباشرة في الامور , التي تحتاج الى توضيح دقيق .

رابعا : تجنب اساليب المغالطات .

خامسا : تجنب التقوقع داخل الذات .

سادسا : انتهاج مبدأ (تحقيق الممكن) وتجنب السقوط في الحب النظري للكمال .

سابعا : تجنب التفكير الاحادي .

ثامنا : اهمية تحديد النقاط التي يمكن التفاوض بشأنها , والتي تؤسس الارضية المشتركة مع الاخرين بقدر الإمكان .

تاسعا : اهمية تحديد اولويات التفاوض .

عاشرا : اهمية تقويم الموقف التفاوضي دائما ; لتعرف المستجدات , التي حدثت اثناء العملية التفاوضية .

حادي عشر : تجنب سوء الظن بالآخرين , والوقوع في براثن التفكير التآمري .

ثاني عشر : التعرف على آليات الاسئلة تعرُّفاً جيدا , بهدف الاستفادة من دورها في انجاح العملية التفاوضية .

ثالث عشر : مراعاة اسلوب الحوار مع الاخرين وطريقته الملائمة للسياق .

رابع عشر : مراعاة كم المعلومات التي يلقي بها على ساحة الحوار .

خامس عشر : اهمية توثيق احداث التفاوض في المجالات المختلفة ومقارنتها بالأهداف عند بدء الدخول في التفاوض ..) .

الواقع ان توافر مثل هذه الاسس ؛ لتحقيق ثقافة التفاوض وتجديرها في أي بيئة تفاوضية، ليس بالأمر السهل ؛ لان هناك مجموعة من الموروثات الثقافية , التي تعرقل مثل هذه العملية , والتي تراكمت من خلال ممارسات تمت على مدى سنوات طويلة , واكتسبت صفة الديمومة . وقد تنبه الخبراء في ميدان التفاوض الى هذا الامر الخطير , الذي يحول دون سريان عملية التفاوض في مساراتها الطبيعية , وحذروا من استمراريته , خاصة في ظل عالم يموج بالصراعات والنزاعات , التي لم يبق حلها عن طريق الحرب مأمون الجانب , لما فيه من اضرار بالغة , وتهديد مباشر لاستمرارية الحياة على كوكب الارض , ومن الموانع الثقافية والمفاهيم الخاطئة , التي تعرقل سير عملية التفاوض ما يلي :

ـ الخوف من الرفض الشخصي : إننا لا نحب ان نطلب شيئا ونتحمل رفضه , خشية من ان نفقد ماء الوجه او الشعور بالمودة تجاه الاخرين .

ـ الخوف من كراهية الآخرين : عادة ما يتجاهل المحترفون مثل هذه العواطف , بشكل سريع تماما ؛ لأنه – حسب ما أظهرته التجربة – من النادر ان يؤثر اي موقف في التفاوض على مدى حب الناس , بل ان اشد اشكال الجدال والاختلاف قد يتطور الى روابط شخصية قوية .

ـ الخوف من حدوث شيء , كمن يخاف التنبيه الى سوء الطعام في المطعم او الشكوى من سوء الخدمة , بدعوى عدم ايذاء مشاعر الطرف الاخر .

ـ الشعور بان محاولة التفاوض لتحقيق اتفاق افضل من السلوكيات المشينة . وهذا بلا شك ناشئ من تقليد , يسود في كثير من الثقافات , وهو (دعنا لا نثير المشاكل) .

ـ من طبيعة الانسان : الخوف من الفشل : وهذا من اكثر الاسباب , التي تعوق عملية التفاوض. ان النتيجة الرئيسية المستخلصة مما سبق , هي الا تخشى التفاوض , لأنه لن ينقص من محبة الاخرين واحترامهم لك , وان ممارسة التفاوض , بضوابط جيدة , سيرفع من مستوى العلاقات الانسانية , ويزيل الخلافات العالقة , ويعزز تحقيق النتائج , التي ترجوها أيا كان موضوع النقاش).

والواقع ان تعميق ثقافة التفاوض في المجتمع يحتاج الى وضع محددات , تؤطر الخصائص ,

التي ينبغي ان يتصف بها اي مفاوض جيد , لذا فإننا سوف نفرد جزءا من هذا الموضوع للحديث عن تلك الخصائص في قالب مستقل يتناسب واهميته .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






جامعة الكفيل تنظم ورشة عمل حول متطلبات الترقيات العلمية والإجراءات الإدارية
خَدَمة العتبتَينِ المقدّستَينِ يُحيون ذكرى هدم قبور أئمّة البقيع (عليهم السلام)
قسم السياحة: (71) عجلة ستشارك في نقل الطلاب للمشاركة في حفل التخرج المركزي
جمعية العميد تصدر وقائع المؤتمر العلمي الدولي السنوي التاسع لفكر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)