ربما كان لفظ "عرب" في الأصل معناه "البدوي" و "وساكن الصحراء" ويتبين من نقوش الجزيرة العربية أيضاً ان هذه الكلمة كانت لا تطلق الا على البدو "فكان يقال على سبيل المثال" عرب ملك سبأ "و" عرب ملك حضرموت "اي البدو التابعين لهؤلاء الملوك. كما لم يطلق اسم "عرب" على أهالي المدن في اي مكان بالجزيرة في هذه النقوش بل يسمون دائما بأسماء المدن والقبائل التي ينتمون إليها ومما يدل على ذلك ويؤيده ان لفظ "عربة" في اللغة العبرية يعني "صحراء" و "عربة" بمعنى "ساكن الصحراء"، كما ان لفظ أعرابي "(وأحيانا أعراب") ترد في اللغة العربية منذ القدم والى يومنا هذا بنفس هذا المعنى. وكلمة "تعرب" تعني التجول من البداوة وسكنى الصحارى.

ولم ترد كلمة "عرب" في سفر التكوين على الاطلاق، بل ذكرت طوائف العرب (التي نطلق عليها اسم عرب) بل كل باسمها الخاص بها، وفي سائر كتابات اليهود وفي النقوش الاشورية في نقش يستون وفي كل مكان ورد فيه ذكر هذه الكلمة نجدها تنطبق على البدو وسكان الصحارى؛ فلفظ "ماتورابي" الذي ورد في النقوش الاشورية ولفظ "آربابا" الذي ورد فيه نقش يستون ومعناهما "أرض العرب" أو " بلاد العرب " ينطبقان على بادية الشام وقاطنيها من البدو. وبناء على هذا، فمن المحتمل الا يكون للفظ " عرب " في الاصل اي مفهوم عنصري او معنى عرقي خاص الا انها لا مجال لإنكار ان هذه الكلمة قد اتخذت مفهوما عرقيا وقوميا معاصرا في العهود المتأخرة وربما قبل قرنين او ثلاثة قرون قبل الاسلام، وخاصة في العصر الاسلامي حيث صارت وحدة العرب كاملة وحاسمة.

يخلص من هذه المقدمة الى ان إطلاق اسم " عرب " على كل الأقوام القديمة التي سكنت شبه جزيرة العرب يعد من باب التوسع لا أكثر، حيث اتخذ اسم " العرب " ليطلق على سكان هذه الجزيرة بصورة عامة ولو انه ليس له معنى علمي او لغوي. لذا، فان كتاب تاريخ العرب القدامى منهم والمحدثين يختلفون في تحديد معنى هذه الكلمة وموضع استخدامها، فالبعض منهم يعتبرون الآراميين النبط عربا في حين لا يعتبرهم البعض الآخر كذلك، وقال عدد منهم بتقسيم النبط الى فرعين : نبط عرب ونبط آراميين، بينما توسع بعض الكتاب المحدثين في مجال استخدام هذه التسمية وضموا إليها البابليين الحامورابيين (طائفة من الكنعانيين) والهكسوس الذين غروا مصر، في حين ان هؤلاء الأقوام كانوا مجرد أقوام ساميين من سكان شبه الجزيرة القدامى.