لارسا:

صعدت لارسا إلى مكانة رفيعة في تاريخ بلاد الرافدين منذ مطلع الألف الثاني وبخاصة عندما استطاع ملكها جانجونوم (نحو 1930) أن يمد نفوذه إلى منطقتي ديالى وعيلام وعندما احتل اور فرض نفسه ملكا على سومر وأكد.

وقد تمكن ملك لارسا بالسيطرة على أور من التحكم بالطريق التجارية التقليدية إلى الخليج (دلمون). وبدأت ترد على البلاد البضائع المرغوبة من الحجارة الثمينة والمعادن والعاج والنحاس. وقد بلغت قيمة احدى الصفقات من النحاس 13000 مينا. وكان من اول ملامح هذا التغيير الاقتصادي ان التجارة انتقلت إلى ايدي الممولين الأثرياء بعد ان كانت تدار من قبل الدولة أيام اور الثالثة. وصار من الممكن معرفة الاسلوب الذي كانت تدار به الأعمال التجارية من الوثائق العديدة التي تم الكشف عنها. فالتجار الكبار كانوا يفرضون الأرباح المطلوبة على عملائهم المنتشرين في مدن ومناطق متعددة دون ان يتحملوا معهم الخسائر. وكانت الضرائب عالية جدا ويصل مقدار الضريبة إلى 18 وزنه من الفضة اي ما يقرب من نصف طن. وهذا يدل على مقادير الثروات التي كانت تفرض على العقوبة القوية والتي اخذت تسترد نفوذها في مدن كثيرة مثل لارسا ونيبور وكيش ومدينة بابل ومن الاسر التي قامت بدور كبير في الحياة الاقتصادية في ذلك العصر اسرة ايدين لاحامال (2) في دلباب القريبة من بابل. وكانت تملك الأراضي الواسعة والتجارة الرائجة وتتصرف بالمحاصيل والأموال، مما جعل لها نفوذاً قوياً إلى جانب الدولة.

على ان سلالة لارسا وان استمرت ما يزيد على قرنين فإنها اخذت تضعف أيضاً منذ أواسط القرن التاسع عشر، بعد ان كان ملك لارسا نور أدد قد نجح في الوقوف في وجه ملك إيسن إنليل باني.

وفي هذه الفترة ظهرت اشور بزعامة شمشي ادد في شمال البلاد، ومدينة بابل في وسطها، والتي اخذت تنمو وتتطور من محطة للقوافل تابعة لمعبد نيبور إلى إمارة مستقلة بزعامة سومر أبوم (نحو 1894).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كوبر. البدو في عصر ملوك ماري Kupper (J.R).les

Nonades en Mesopstamic a Temps des rois de Mari. Paris (1957)

(2) كلنجل، حمورابي، ص59

H Klengal. Hammurapi. P 59