المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7465 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
The exponential atmosphere
2024-05-17
تـطويـر هيـكـل فعـال للمـكافـآت والحـوافـز في المـصارف
2024-05-17
The ideal gas law
2024-05-17
Temperature and kinetic energy
2024-05-17
Compressibility of radiation
2024-05-17
إنـشاء نـظم الإسـناد الإداري للإستـراتيجيـة فـي المـصارف
2024-05-17

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


اثبات اصل حجية الاخبار  
  
930   08:33 صباحاً   التاريخ: 5-9-2016
المؤلف : محمد باقر الصدر
الكتاب أو المصدر : دروس في علم الاصول
الجزء والصفحة : ح3 ص 136.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2016 1344
التاريخ: 21-7-2020 1827
التاريخ: 18-8-2016 811
التاريخ: 5-9-2016 3893

المشهور بين العلماء هو المصير إلى حجية خبر الواحد وقد استدل على الحجية، بالكتاب الكريم، والسنة، والعقل.

1 - أما ما استدل به من الكتاب الكريم، فآيات منها آية النبأ وهي قوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]

ويمكن الاستدلال بها بوجهين: الوجه الاول: ان يستدل بمفهوم الشرط فيها على اساس انها تشتمل على جملة شرطية تربط الامر بالتبين عن النبأ بمجئ الفاسق به فينتفي بانتفائه، وهذا يعني عدم الامر بالتبين عن النبأ في حالة مجيء العادل به، وبذلك تثبت حجية نبأ العادل لان الامر بالتبين الثابت في منطوق الآية، اما ان يكون ارشادا إلى عدم الحجية، واما ان يكون ارشادا إلى كون التبين شرطا في جواز العمل بخبر الفاسق وهو ما يسمى بالوجوب الشرطي، كما تقدم في مباحث الامر.

فعلى الاول يكون نفيه بعينه معناه الحجية. وعلى الثاني يعني نفيه ان جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبين، وهذا بذاته يلائم جواز العمل به بدون تبين - وهو معنى الحجة - ويلائم عدم جواز العمل به حتى مع التبين لان الشرطية منتفية في كلتا الحالتين. ولكن الثاني غير محتمل لانه يجعل خبر العادل أسوأ من خبر الفاسق، ولأنه يوجب المنع عن العمل بالدليل القطعي، نظرا إلى ان الخبر بعد تبين صدقه يكون قطعيا فيتعين الاول وهو المطلوب. ويوجد اعتراضان مهمان على الاستدلال بمفهوم الشرط في المقام: احدهما: ان الشرط في الجملة مسوق لتحقق الموضوع، وفي مثل ذلك لا يثبت للجملة الشرطية مفهوم.

والتحقيق ان الموضوع والشرط في الجملة الشرطية المذكورة يمكن تصويرها بأنحاء: منها: ان يكون الموضوع طبيعي النبأ، والشرط مجيء الفاسق به.

ومنها: ان يكون الموضوع نبأ الفاسق، والشرط مجيئه به فكأنه قال نبأ الفاسق اذا جاء كم به فتبينوا.

ومنها: ان يكون الموضوع الجائي بالخبر والشرط فسقه فكأنه قال الجائي بالخبر إذا كان فاسقا فتبينوا، ولا شك في ثبوت المفهوم في النحو الاخير لعدم كون الشرط حينئذ محققا للموضوع، كما لا شك في عدم المفهوم في النحو الثاني لان الشرط حينئذ هو الاسلوب الوحيد لتحقيق الموضوع.

واما في النحو الاول، فالظاهر ثبوت المفهوم وان كان الشرط محققا للموضوع لعدم كونه هو الاسلوب الوحيد لتحقيقه، وفي مثل ذلك يثبت المفهوم، كما تقدم توضيحه في مبحث مفهوم الشرط، والظاهر من الآية الكريمة هو النحو الاول فالمفهوم اذن ثابت.

والاعتراض الآخر يتلخص في محاولة لأبطال المفهوم عن طريق عموم التعليل بالجهالة الذي يقتضي اسراء الحكم المعلل إلى سائر موارد عدم العلم. ويجاب على هذا الاعتراض بوجوه:

احدها - ان المفهوم مخصص لعموم التعليل، لانه يثبت الحجية لخبر العادل غير العلمي والتعليل يقتضي عدم حجية كل ما لا يكون علميا، فالمفهوم اخص منه. ويرد عليه، ان هذا انما يتم اذا انعقد للكلام ظهور في المفهوم ثم عارض عموما من العمومات فانه يخصصه. واما في المقام فلا ينعقد للكلام ظهور في المفهوم لانه متصل بالتعليل وهو صالح للقرينية على عدم انحصار الجزاء بالشرط، ومعه لا ينعقد الظهور في المفهوم لكي يكون مخصصا.

ثانيها - ان المفهوم حاكم على عموم التعليل على ما ذكره المحقق النائيني - رحمه الله - وذلك لان مفاده حجية خبر العادل، وحجيته معناها على مسلك جعل الطريقية اعتباره علما، والتعليل موضوعه الجهل وعدم العلم، فباعتبار خبر العادل علما يخرج عن موضوع التعليل وهو معنى كون المفهوم حاكما ويرد عليه، انه اذا كان مفاد المفهوم اعتبار خبر العادل علما فمفاد المنطوق نفي هذا الاعتبار عن خبر الفاسق، وعليه فالتعليل يكون ناظرا إلى توسعة دائرة هذا النفي، وتعميمه على كل ما لا يكون علميا، فكأن التعليل يقول ان كل ما لا يكون علما وجدانا لا اعتبره علما. وبهذا يكون مفاد التعليل، ومفاد المفهوم في رتبة واحدة احدهما يثبت اعتبار خبر العادل علما، والآخر ينفي هذا الاعتبار ولا موجب لحكومة احدهما على الآخر.

ثالثها - ما ذكره المحقق الخراساني - رحمه الله - من ان الجهالة المذكورة في التعليل ليست بمعنى عدم العلم بل بمعنى السفاهة، والتصرف غير المتزن فلا يشمل خبر العادل الثقة لانه ليس سفاهة ولا تصرفا غير متزن.

الوجه الثاني: ان يستدل بمفهوم الوصف حيث انيط وجوب التبين بفسق المخبر فينتفي بانتفائه ومفهوم الوصف تارة يستدل به في المقام بناء على ثبوت المفهوم للوصف عموم، وتارة يستدل به لامتياز في المقام، حتى لو انكرنا مفهوم الوصف في موارد اخرى، وذلك بان يقال ان مقتضى قاعدة احترازية القيود انتفاء شخص ذلك الوجوب للتبين بانتفاء الفسق وعليه فوجوب التبين عن خبر العادل ان اريد به شمول شخص ذلك الوجوب له فهو خلاف القاعدة المذكورة، وان اريد به شخص آخر من وجوب التبين مجعول على عنوان خبر العادل، فهذا غير محتمل لان معناه ان خبر العادل بما هو خبر العادل دخيل في وجوب التبين هذا، وهو غير محتمل، فان وجوب التبين اما ان يكون بملاك مطلق خبر، او بملاك كون المخبر فاسقا ولا يحتمل دخل عدالة المخبر في جعل وجوب للتبين.

اما اللحاظ الاول للاستدلال بمفهوم الوصف فجوابه انكار المفهوم للوصف خصوصا في حالة ذكر الوصف بدون ذكر الموصوف. واما اللحاظ الثاني للاستدلال فجوابه ان وجوب التبين ليس حكما مجعولا، بل هو تعبير آخر عن عدم الحجية ومرجع ربطه بعنوان إلى ان ذلك العنوان لا يقتضى الحجية فلا محذور في ان يكون خبر العادل موضوعا لوجوب التبين بهذا المعنى، لان موضوعيته لهذا الوجوب مرجعها إلى عدم موضوعيته للحجية.

ومنها: آية النفر، وهي قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]

وتقريب الاستدلال بها يتم من خلال الامور التالية:

اولا: انها تدل على وجوب التحذر لوجوه: احدها - انه وقع مدخولا لأداة الترجي الدالة على المطلوبية في مثل المقام، ومطلوبية التحذر مساوقة لوجوبه لان الحذر ان كان له مبرر فهو واجب، والا لم يكن مطلوبا. ثانيها - ان التحذر وقع غاية للنفر الواجب، وغاية الواجب واجبة. ثالثها - انه بدون افتراض وجوب التحذر يصبح الامر بالنفر، والانذار لغوا.

ثانيا: ان وجوب التحذر واجب مطلقا سواء افاد الانذار العلم للسامع أو لا، لان الوجوه المتقدمة لإفادته تقتضي ثبوته كذلك.

ثالثا: ان وجوب التحذر حتى مع عدم حصول العلم لدى السامع، مساوق للحجية شرعا. إذ لو لم يكن اخبار المنذر حجة شرعا، لما وجب العمل به الا في حال حصول العلم منه.

وقد يناقش في الامر الاول بوجوهه الثلاثة وذلك بالاعتراض على اول تلك الوجوه بان الاداة مفادها وقوع مدخولها موقع الترقب لا الترجي، ولذا قد يكون مدخولها مرغوبا عنه، كما في قوله: (لعلك عن بابك طردتني).

والاعتراض على ثاني تلك الوجوه، بان غاية الواجب ليست دائما واجبة، وان كانت محبوبة حتما، ولكن ليس من الضروري ان يتصدى المولى لإيجابها، بل قد يقتصر في مقام الطلب على تقريب المكلف نحو الغاية، وسد باب من ابواب عدمها وذلك عند وجود محذور مانع عن التكليف بها، وسد كل ابواب عدمها كمحذور المشقة وغيره، والاعتراض على ثالث تلك الوجوه بان الامر بالنفر، والانذار ليس لغوا مع عدم الحجية التعبدية لانه كثيرا ما يؤدي إلى علم السامع فيكون منجزا، ولما كان المنذر يحتمل دائما ترتب العلم على انذاره، او مساهمة انذاره في حصول العلم ولو لغير السامع المباشر فمن المعقول أمره بالإنذار مطلقا. وهذه المناقشة إذا تمت جزئيا فلا تتم كليا، لان دلالة كلمة (لعل) على المطلوبية غير قابلة للإنكار. وكون مفادها الترقب، وان كان صحيحا ولكن كونه ترقب المحبوب، او ترقب المخوف يتعين بالسباق ولا شك في تعيين السياق في المقام للأول.

وقد يناقش في الامر الثاني - بعد تسليم الاول - بان الآية الكريمة لا تدل على اطلاق وجوب التحذر لحالة عدم علم السامع بصدق المنذر وذلك لوجهين: احدهما: ان الآية لم تسق من حيث الاساس لإفادة وجوب التحذر لنتمسك بإطلاقها لأثبات وجوبه على كل حال، وانما هي مسوقة لإفادة وجوب الانذار فيثبت بإطلاقها ان وجوب الانذار ثابت على كل حال، وقد لا يوجب المولى التحذر الا على من حصل له العلم، ولكنه يوجب الانذار على كل حال، وذلك احتياطا منه في مقام التشريع لعدم تمكنه من اعطاء الضابطة للتمييز بين حالات استتباع الانذار للعلم او مساهمته فيه وغيرها.

والوجه الآخر ما يدعى من وجود قرينة في الآية على عدم الاطلاق لظهورها في تعلق الانذار بما تفقه فيه المنذر في هجرته، وكون الحذر المطلوب مترقبا عقيب هذا النحو من الانذار فمع شك السامع في ذلك لا يمكن التمسك بأطلاق الآية لأثبات مطلوبية الحذر.

ويمكن النقاش  في الأمر الثالث ، بأن وجوب التحذر مترتب على عنوان الانذار ، لا مجرد الاخبار ، والانذار يستبطن وجود خطر سابق ، وهذا يعنى ان الانذار ليس هو المنجز والمستتبع لاحتمال الخطر بجعل الشارع الحجية له ، وانما هو مسبوق بتنجز الاحكام  في المرتبة السابقة بالعلم  الإجمالي ، أو الشك قبل الفحص.

هذا مضافا الى ان تنجز الاحكام الالزامية بالأخبار غير ال قطعي لا يتوقف على جعل الحجية للخبر شرعا ، بناء على مسلك حق الطاعة ، كما هو واضح.

2 ـ وأما السنة :

وأما السنة فهناك طريقان لإثباتها :

أحدهما : الاخبار الدالة على الحجية. ولكى يصح الاستدلال بها على حجية خبر الواحد ، لابد ان تكون قطيعة الصدور ، وتذكر  في هذا المجال طوائف عديدة من الروايات ، والظاهر ان كثيرا منها لا يدل على الحجية.

وفيما يلى نستعرض بإيجاز جل هذه الطوائف ، ليتضح الحال :

الطائفة الاولى : ما دل على التصديق الواقعي ببعض روايات الثقات ، من قبيل ما ورد عن العسكري عليه السلام عندما عرض عليه كتاب يوم وليلة ليونس بن عبدالرحمن إذ قال : ( هذا ديني ودين آبائي وهو الحق كله ) (1). وهذا الى الاخبار عن المطابقة للواقع ، وهو غير

ـــــــــــــــ

(1) جامع احاديث الشيعة : باب 5 من ابواب المقدمات ح 26ج 1 ص 227.

 

الحجية التعبدية التي تجعل عند الشك في المطابقة.

الطائفة الثانية : ما تضمن الحث على تحمل الحديث وحفظه ، من قبيل قول النبي صلى الله عليه وة له : « من حفظ على امتى أربعين حديثا بعثه الله فقيها عالما يوم القيامة » (1). وهذا لا يدل على الحجية أيضا ، إذ لا شك  في ان تحمل الحديث وحفظه من أهم المستحبات ، بل من الواجبات الكفائية ، لتوقف حفظ الشريعة عليه ، ولا يلزم من ذلك وجوب القبول تعبدا مع الشك.

ومثل ذلك ما دل على الثناء على المحدثين ، أو الأمر بحفظ الكتب ، والترغيب  في الكتابة.

الطائفة الثالثة : ما دل على الأمر بنقل بعض النكات والمضامين ، من قبيل قول أبى عبدالله عليه السلام : « يا ابان اذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث » ... (2) والصحيح ان الأمر بالنقل يك في  في وجاهته احتمال تمامية الحجة بذلك ، بحصول الوثوق لدى السامعين ، ولا يتوقف على افتراض الحجية التعبدية.

الطائفة الرابعة : ما دل على ان انتفاع السامع بالرواية قد يكون أكثر من انتفاع الراوي من قبيل قولهم « فرب حامل فقه الى من هو أفقه منه » (3). ونلاحظ ان هذه الطائفة ليست  في مقام بيان ان النقل يثبت المنقول للسامع تعبدا ، والا لكان الناقل دائما من هذه الناحية أفضل حالا من السامع ، لان الثبوت لديه وجداني ، بل هي بعد افتراض ثبوت المنقول تريد أن توضح ان المهم ليس حفظ الالفاظ ، بل إدراك المعاني

ـــــــــــــــ

(1) جامع أحاديث الشيعة : باب 5 من ابواب المقدمات ح 67ج 1 ص 240 ، مع اختلاف  في العبارة.

(2) نفس المصدر : ح 15.

(3) نفس المصدر. ح 39.

 

واستيعابها ، و في ذلك قد يتفوق السامع على الناقل.

الطائفة الخامسة : ما دل على ذم الكذب عليهم ، والتحذير من الكذابين عليهم ، فانه لو لم يكن خبر الواحد مقبولا ، لما كان هناك أثر للكذب ، ليستحق التحذير.

والصحيح ان الكذب كثيرا ما يوجب اقتناع السامع خطأ ، واذا افترض  في مجال العقائد واصول الدين ، ك في  في خطره مجرد ايجاد الاحتمال والظن. فاهتمام الأئمة بالتحذير من الكاذب لا يتوقف على افتراض الحجية التعبدية.

الطائفة السادسة : ما ورد  في الارجاع الى آحاد من اصحاب الأئمة بدون اعطاء ضابطة كلية للإرجاع ، من قبيل إرجاع الامام إلى زرارة بقوله : « اذا اردت حديثا فعليك بهذا الجالس » (1) ، أو قول الامام الهادي عليه السلام : « فاسأل عنه عبدالعظيم بن عبدالله الحسنى واقرأه منى السلام » (2).

وروايات الارجاع التي هي من هذا القبيل ، لما كانت غير متضمنة للضابطة الكلية ، فلا يمكن اثبات حجية خبر الثقة بها مطلقا ، حتى  في حالة احتمال تعمد الكذب ، إذ من الممكن ان يكون ارجاع الامام بنفسه معبرا عن ثقته ويقينه بعدم تعمد الكذب ما دام إرجاعه شخصيا غير معلل.

الطائفة السابعة : ما دل على ذم من يطرح ما يسمعه من حديث بمجرد عدم قبول طبعه له ، من قبيل قوله عليه السلام : « وأسوأهم عندي

ـــــــــــــــ

(1) وسائل الشيعة : د 18 باب 11ح 19 وفيه : حديثنا ، بدل حديثا.

(2) جامع احاديث الشيعة : ج 1 باب حجية اخبار الثقات ح 12.

 

حالا وأمقتهم ، الذى يسمع الحديث ينسب الينا ويروى عنا ، فلم يقبله ، اشمئز منه وجحده ، وكفر من دان به ، وهو لا يدرى لعل الحديث من عندنا خرج ، والينا اسند » (1) ، إذ قد يقال لو لا حجية الخبر لما استحق الطارح هذا الذم.

والجواب : انه استحقه على الاعتماد على الذوق والرأي  في طرح الرواية بدون تتبع وإعمال للموازين ، وعلى التسرع بالنفي والانكار. مع ان مجرد عدم الحجية لا يسوغ الانكار والتكفير.

الطائفة الثامنة : ما ورد  في الخبرين المتعارضين من الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة ، فلولا ان خبر الواحد حجة ، لما كان هناك معنى لفرض التعارض بين الخبرين ، وإعمال المرجحات بينهما.

ونلاحظ ان دليل الترجيح هذا يناسب الحديثين القطعيين صدورا إذا تعارضا ، فلا يتوقف تعقله على افتراض الحجية التعبدية.

الطائفة التاسعة : ما ورد  في الخبرين المتعارضين من الترجيح بالأوثقية ونحوها من الصفات الدخيلة  في زيادة قيمة الخبر وقوة الظن بصدوره ، وتقر يب الاستدلال كما تقدم  في الطائفة السابقة.

ولا يمكن هنا حمل هذا الدليل على الحديثين القطعيين ، لأن الأوثقية لا أثر لها فيهما ما دام كل منهما مقطوع الصدور.

الطائفة العاشرة : ما دل بشكل وة خر على الارجاع الى كلى الثقة إما ابتداء ، وإما تعليلا للإرجاع الى اشخاص معينين على نحو يفهم منه الضابط الكلى ... وهذه الطائفة هي أحسن ما  في الباب.

ـــــــــــــــ

(1) جامع أحاديث الشيعة : باب 5 من ابواب المقدمات ح 5ج 1 ص 222.

 

وفي روايات هذه الطائفة ما لا يخلو من مناقشة أيضا من قبيل قوله : « فانه لا عذر لاحد من موالينا  في التشكيك فيما روى عنا ثقاتنا ، قد عرفوا بأننا نفاوضهم بسرنا ، ونحمله اياهم اليهم» (1) فان عنوان ثقاتنا أخص من عنوان الثقات ، ولعله يتناول خصوص الاشخاص المعتمدين شخصيا للإمام والمؤتمنين من قبله ، فلا يدل على الحجية  في نطاق أوسع من ذلك.

وفي رايات هذه الطائفة ما لا مناقشة  في دلالتها ، من قبيل ما رواه محمد بن عيسى : « قال : قلت لأبى الحسن الرضا : جعلت فداك انى لا أكاد أصل اليك لأسألك عن كل ما احتاج اليه من معالم ديني ، أفيونس بن عبدالرحمن ثقة خذ عنه ما احتاج اليه من معالم ديني؟ فقال : « نعم » (2) ولما كان المرتكز  في ذهن الراوي أن مناط التحويل هو الوثاقة ، وأقره الامام على ذلك ، دل الحديث على حجية خبر الثقة.

غير ان عدد الروايات التامة دلالة على هذا المنوال لا يبلغ مستوى التواتر ، لأنه عدد محدود. نعم قد تبذل عنايات  في تجميع ملاحظات توجب الاطمئنان الشخصي بصدور بعض هذه الروايات لمزايا  في رجال سندها ونحوها ذلك.

والطريق الاخر لإثبات السنة هو السيرة وذلك بتقريبين :

الأول : الاستدلال بسيرة المتشرعة من أصحاب الأئمة على العمل بإخبار الثقات ، وقد تقدم  في الحلقة السابقة (3) بيان الطريق لا ثبات هذه السيرة ، كما تقدم كيفية استكشاف الدليل الشرعي عن طريق

ـــــــــــــــ

(1) نفس المصدر ح 3 وفيه : إياه ، بدل إياهم.

(2) نفس المصدر ح 24.

(3) راجع : ج 1 ص 289.

 

السيرة ، سواء كانت سيرة اولئك المتشرعة على ما ذكرناه بوصفهم الشرعي ، أو بما هم عقلاء.

الثاني : الاستدلال بسيرة العقلاء على التعويل على اخبار الثقات ، وذلك ان شأن العقلاء سواء  في مجال اغراضهم الشخصية التكوينية ، أو  في مجال الاغراض التشريعية وعلاقات الامرين بالمأمورين العمل بخبر الثقة والاعتماد عليه. وهذا الشأن العام للعقلاء يوجب قريحة وعادة لو ترك العقلاء على سجيتهم لأعملوها  في علاقاتهم مع الشارع ، ولعولوا على اخبار الثقات  في تعيين احكامه. و في حالة من هذا القبيل لو أن الشارع كان لا يقر حجية خبر الثقة لتعين عليه الردع عنها ، حفاظا على غرضه ، فعدم الردع حينئذ معناه التقرير ومؤداه الامضاء.

والفارق بين التقريبين ان التقريب الأول يتكفل مؤونة اثبات جرى اصحاب الأئمة فعلا على العمل بخبر الثقة ، بينما التقريب الثاني لا يدعى ذلك ، بل يكتفي بإثبات الميل العقلائي العام الى العمل بخبر الثقة ، الأمر الذى يفرض على الشارع الردع عنه على فرض عدم الحجية لئلا يتسرب هذا الميل الى مجال الشرعيات.

وهناك اعتراض يواجه الاستدلال بالسيرة ، وهو ان السيرة مردوع عنها بالآيات الناهية عن العمل بالظن الشاملة بإطلاقها لخبر الواحد.

وتوجد عدة أجوبة على هذا الاعتراض :

الجواب الأول : ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله (1) من أن السيرة حاكمة على تلك الايات ، لأنها تخرج خبر الثقة عن الظن ، وتجعله علما

ـــــــــــــــ

(1) فوائد الاصول : ج 3 ص 161.

 

بناء على مسلك جعل الطريقية  في تفسير الحجية.

ونلاحظ على ذلك :

أولا انه اذا كان معنى الحجية جعل الامارة علما ، كان مفاد الآيات النافية لحجية غير العلم ن في جعلها علما ، وهذا يعنى ان مدلولها  في عرض مدلول ما يدل على الحجية ، وكلا المدلولين موضوعها ذات الظن ، فلا معنى لحكومته المذكورة.

ثانيا ان الحاكم ان كان هو نفس البناء العقلائي ، فهذا غير معقول ، لأن الحاكم يوسع موضوع الحكم أو يضيقه  في الدليل المحكوم ، وذلك من شأن نفس جاعل الحكم المراد توسيعه ، أو تضيقه ، ولا معنى لأن يوسع العقلاء أو يضيقون حكما مجعولا من قبل غيرهم.

وإن كان الحاكم الموسع والمضيق هو الشارع بإمضائه للسيرة ، فهذا يعنى انه لابد لنا من العلم بالإمضاء ، لكى نحرز الحاكم. والكلام  في انه كيف يمكن إحراز الامضاء مع وجود النواهي المذكورة الدالة على عدم حجية؟

الجواب الثاني : ما ذكره صاحب الكفاية رحمه الله (1) من أن الردع عن السيرة بتلك العمومات الناهية غير معقول ، لأنه دور. وبيانه ان الردع بالعمومات عنها يتوقف على حجية تلك العمومات  في العموم ، وهذه الحجية تتوقف على عدم وجود مخصص لها ، وعدم وجود مخصص يتوقف على كونها رادعة عن السيرة ، وإلا لكانت مخصصة بالسيرة ولسقطت حجيتها  في العموم.

ـــــــــــــــ

(1) كفاية الاصول : ج 2 ص 99.

 

والجواب على ذلك : ان توقف الردع بالعمومات على حجيتها  في العموم صحيح ، غير ان حجيتها كذلك لا تتوقف على عدم وجود مخصص لها ، بل على عدم احراز المخصص ، وعدم احراز المخصص حاصل فعلا ما دامت السيرة لم يعلم بإمضائها ، فلا دور.

الجواب الثالث : ما ذكره المحقق الأصفهاني رحمه الله (1) من أن ظهور العمومات المدعى ردعها لا دليل على حجيته ، لأن الدليل على حجية الظهور هو السيرة العقلائية ، ومع انعقادها على العمل بخبر الثقة لا يمكن انعقادها على العمل بالظهور المانع عن ذلك ، لأن العمل بالمتناقضين غير معقول.

وهذا الجواب غريب ، لأن انعقاد السيرة على العمل بالظهور معناه انعقادها على اكتشاف مراد المولى بالظهور ، وتنجزه بذلك ، فالعمل العقلائي بخبر الثقة ينا في مدلول الظهور  في العمومات الناهية ، ولا ينا في نفس بنائهم على العمل بهذا الظهور وجعله كاشفا وحجة.

فالصحيح  في الجواب أن يقال : انه إن ادعى كون العمومات رادعة عن سيرة المتشرعة المعاصرين للمعصومين من صحابة ومحدثين ، فهذا خلاف الواقع ، لأننا اثبتنا  في التقريب الأول ان هذه السيرة كانت قائمة فعلا على الرغم من تلك العمومات. وهذا يعنى انها لم تكن كافية للردع واقامة الحجة.

وإن ادعى كونها رادعة عن السيرة العقلائية بالتقريب الثانيى ، فقد

ـــــــــــــــ

(1) نهاية الدراية : ج 2 ص 94.

 

يكون له وجه ، ولكن الصحيح مع هذا عدم صلاحيتها لذلك أيضا ، لأن مثل هذا الأمر المهم لا يكتفي  في الردع عنه عادة بإطلاق دليل من هذا القبيل.

3 ـ وأما دليل العقل فله شكلان :

أ ـ الشكل الأول ، ويتلخص  في الاستدلال على حجية الروايات الواصلة الينا عن طريق الثقات من الرواة بالعلم  الإجمالي ، وبيانه : انا نعلم اجمالا بصدور عدد كبير من هذه الروايات عن المعصومين عليهم السلام ، والعلم  الإجمالي منجز بحكم العقل كالعلم التفصيلي على ما تقدم  في حلقة سابقة (1) ، فتجب موافقته القطعية ، وذلك بالعلم بكل تلك الروايات التي يعمل اجمالا بصدور قسط وافر منها.

وقد اعترض على هذا الدليل باعتراضين :

الأول نقضى : وحاصله انه لو تم هذا ، لأمكن بنفس الطريقة اثبات حجية كل خبر ، حتى اختبار الضعاف ، لأننا اذا لاحظنا مجموع الاخبار بما فيها الاخبار الموثقة وغيرها ، نجد انا نعلم اجمالا أيضا بصدور عدد كبير منها ، فهل يلتزم بوجوب العمل بكل تلك الاخبار تطبيقا لقانون منجزية العلم  الإجمالي؟

والجواب على هذا النقص ما ذكره صاحب الكفاية (2) من انحلال احد العلمين الاجماليين بالأخر ، وفقا لقاعدة انحلال العلم  الإجمالي الكبير بالعلم  الإجمالي الصغير المتقدمة  في الحلقة السابقة (3) إذ يوجد لدينا علمان إجماليان :

ـــــــــــــــ

(1) راجع : ج 1 ص 397.

(2) كفاية الاصول : ج 2 ص 105.

(3) راجع ج 1 ص 405.

 

الأول : العلم الذى ابرز من خلال هذا النقض ، واطرافه كل الأخبار.

والثاني : العلم المستدل به ، واطرافه أخبار الثقات.

ولانحلال علم إجمالي بعلم إجمالي ثان ، وفقا للقاعدة التي اشرنا اليها ، شرطان كما تقدم  في محله :

أحدهما : ان تكون اطراف الثاني بعض اطراف الأول.

والاخر : ان لا يزيد المعلوم بالأول عن المعلوم بالثاني ، وكلا الشرطين منطبقان  في المقام ، فان العلم  الإجمالي الثاني  في المقام أي العلم المستدل به على الحجية اطرافه بعض اطراف العلم الاول الذى ابرز  في النقض ، والمعلوم  في الاول لا يزيد على المعلوم فيه ، فينحل الأول بالثاني ، وفقا للقاعدة المذكورة.

الثاني جواب حلى : وحاصله ان تطبيق قانون تنجيز العلم  الإجمالي لا يحقق الحجية بالمعنى المطلوب  في المقام ، وذلك :

أولا لأن هذا العلم لا يوجد لزوم العمل بالأخبار المتكلفة للأحكام الترخيصية ، لأن العلم  الإجمالي إنما يكون منجزا وملزما ،  في حالة كونه علما اجماليا بالتكليف لا بالترخيص ، بينما الحجية المطلوبة هي حجية خبر الثقة بمعنى كونه منجزا إذا انبأ عن التكليف ، ومعذرا إذا انبأ عن الترخيص.

وثانيا لأن العمل بأخبار الثقات على اساس العلم  الإجمالي انما هو من اجل الاحتياط للتكاليف المعلومة بالإجمال. ومن الواضح ان الاحتياط لا يسوغ أن يجعل خبر الثقة مخصصا لعام أو مقيدا لمطلق  في دليل  قطعي الصدور ، فان التخصيص والتقييد معناه رفع اليد عن عموم

 

العام أو اطلاق المطلق  في دليل  قطعي الصدور ومعلوم الحجية. ومن الواضح انه لا يجوز رفع اليد عما هو معلوم الحجية إلا بحجية اخرى تخصيصا أو تقييدا ، فما لم تثبت حجية خبر الثقة ، لا يمكن التخصيص بها أو التقييد ، فاذا ورد مطلق  قطعي الصدور يدل على الترخيص  في اللحوم مثلا ، وورد خبر ثقة على حرمة لحم الارنب ، لم يكن بالإمكان الالتزام بتقييد ذلك المكلف بهذا الخبر ما لم تثبت حجيته بدليل شرعي.

اللهم إلا ان يقال : ان مجموعة العمومات والمطلقات الترخيصية  في الأدلة القطعية الصدور يعلم اجمالا بطرو التخصيص والتقييد عليها ، فاذا لم تثبت حجية خبر الثقة بدليل خاص ، فسوف لن نستطيع ان نعين مواطن التخصيص والتقييد ، وهذا يجعلنا لا نعمل بها جميعا ، تنفيذا لقانون تنجيز العلم  الإجمالي. وبهذا ننتهى الى طرح اطلاق ما دل على حلية اللحوم في المثال، والتقيد احتياطا بما دل على حرمة لحم الارنب مثلا. وهذه نتيجة مشابهة للنتيجة التي ينتهى اليها عن طريق التخصيص والتقييد.

ب ـ الشكل الثاني للدليل العقلي ما يسمى بدليل الانسداد وهو لو تم يثبت حجية الظن بدون اختصاص بالظن الناشىء من الخبر ، فيكون دليلا على حجية مطلق الامارات الظنية ، بما  في ذلك اخبار الثقات ، وقد بين ضمن مقدمات :

الاولى انا نعلم اجمالا بتكاليف شرعية كثيرة في مجموع الشبهات ، ولابد من التعرض لامتثالها بحكم تنجيز العلم  الإجمالي.

الثانية انه لا يوجد طريق معتبر لا قطعي وجداني ، ولا تعبدي قام الدليل الشرعي الخاص على حجيته يمكن التعويل عليه في تعيين مواطن تلك التكاليف ومحالها ، وهذا ما يعبر عنه بانسداد باب العلم والعلمي.

الثالثة ان الاحتياط بالموافقة القطعية للعلم الإجمالي المذكور  في المقدمة الاولى غير واجب ، لأنه يؤدى الى العسر والحرج نظرا الى كثرة اطراف العلم  الإجمالي.

الرابعة انه لا يجوز الرجوع الى الاصول العلمية  في كل شبهة بإجراء البراءة ونحوها ، لأن ذلك على خلاف قانون تنجيز العلم  الإجمالي.

الخامسة انه ما دام لا يجوز إهمال العلم  الإجمالي ، ولا يتيسر تعيين المعلوم  الإجمالي بالعلم والعلمي ، ولا يراد منا الاحتياط  في كل واقعة ، ولا يسمح لنا بالرجوع الى الاصول العلمية فنحن إذن بين أمرين : اما ان نأخذ بما نظنه من التكاليف ونترك غيرها ، واما ان نأخذ بغيرها ونترك المظنونات. والثاني ترجيح للمرجوح على الراجح ، فيتعين الاول. وبهذا يثبت حجية الظن بما  في ذلك اخبار الثقات.

ونلاحظ على هذا الدليل :

أولا انه يتوقف على عدم قيام دليل شرعي خاص على حجية خبر الثقة ، وإلا كان باب العلمي مفتوحا وامكن بإخبار الثقات تعيين التكاليف المعلومة بالإجمال ، فكأن دليل الانسداد ينتهى اليه حيث لا يحصل الفقيه على أي دليل شرعي خاص يدل على حجية بعض الامارات الشائعة.

وثانيا إن العلم الإجمالي المذكور  في المقدمة الاولى منحل بالعلم  الإجمالي  في دائرة الروايات الواصلة الينا عن طريق الثقات ، كما تقدم. والاحتياط التام  في حدود هذا العلم  الإجمالي ليس فيه عسر ومشقة.

وثالثا انا اذا سلمنا عدم وجوب الاحتياط التام لأنه يؤدى الى العسر والحرج فهذا انما يقتضى رفع اليد عن المرتبة العليا من الاحتياط بالقدر الذى يندفع به العسر والحرج ، مع الالتزام بوجوب سائر مراتبه ، لان الضرورات تقدر بقدرها ، فيكون الأخذ بالمظنونات حينئذ باعتباره مرتبة من مراتب الاحتياط الواجبة ، وأين هذا من حجية الظن؟ اللهم إلا أن يدعى قيام الاجماع على ان الشارع لا يرضى بابتناء التعامل مع الشريعة على أساس الاحتياط ، فاذا ضمت هذه الدعوى أمكن ان نستكشف حينئذ انه جعل الحجية للظن.

وقد تلخص من استعراض أدلة الحجية ان الاستدلال بآية النبأ تام ، وكذلك بالسنة الثابتة بطريق قطعي ، كسيرة المتشرعة والسيرة العقلائية.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


اختتام الأسبوع الثاني من الشهر الثالث للبرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسية
راية قبة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) تتوسط جناح العتبة العباسية في معرض طهران
جامعة العميد وقسم الشؤون الفكرية يعقدان شراكة علمية حول مجلة (تسليم)
قسم الشؤون الفكريّة يفتتح باب التسجيل في دورات المواهب