 
					
					
						الكافر وعمل الخير   					
				 
				
					
						 المؤلف:  
						محمد جواد مغنية
						 المؤلف:  
						محمد جواد مغنية 					
					
						 المصدر:  
						تفسير الكاشف
						 المصدر:  
						تفسير الكاشف					
					
						 الجزء والصفحة:  
						ج2/ ص211ـ213
						 الجزء والصفحة:  
						ج2/ ص211ـ213					
					
					
						 26-09-2014
						26-09-2014
					
					
						 6419
						6419					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				 تسأل : ان بعض الكفار يعملون الخير لوجه الخير ، وكلما طالت أعمارهم ازدادوا نفعا للانسانية بعلومهم وجهودهم الخالصة من كل شائبة . . وهذا يتنافى مع ظاهر قوله تعالى : {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] ؟
 
الجواب : ان سياق الآية يحدد المراد من الإثم فيها ، وانه خصوص الكفر ، وانهم من هذه الحيثية يزدادون كفرا ، لا من جميع الجهات ، إذ قد يكونون محسنين في بعض أعمالهم .
 
سؤال ثان : هل يثاب الكافر إذا أحسن ونفع الناس ، أم ان عمله هذا وعدمه سواء ؟ .
 
الجواب : ان الإنسان بالنظر إلى الايمان والعمل الصالح لا يخلو أن يكون واحدا من أربعة :
 
1 - ان يؤمن ويعمل صالحا ، وينطبق على هذا قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].
 
2 - ان لا يؤمن ولا يعمل صالحا . . وهذا من الذين : {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [المجادلة: 19] .
 
3 - ان يؤمن ، ولكنه لم يعمل صالحا مدة حياته . . وهذا من حزب الشيطان ، تماما كالثاني . . ولو كان مؤمنا حقا لظهرت عليه علامة من علامات الايمان ، قال رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله ) : لا ينجي الا العمل ، ولو عصيت لوهيت .
 
أما إذا خلط عملا صالحا ، وآخر سيئا ، واعترف بذنبه فتشمله الآية 103 من التوبة : {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102] .
 
4 - ان يعمل صالحا ، ولا يؤمن ، كالكافر يطعم جائعا أو يكسو عاريا أو يشق طريقا أو يبني ميتما أو مصحا لوجه الخير والانسانية . . وقيل ان عمله هذا وعدمه سواء ، لقوله تعالى : {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] .
 
والكافر ليس من المتقين ، إذ ليس بعد الكفر ذنب .
 
ونجيب أولا : ليس المراد من قوله تعالى : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » ان الإنسان إذا عصى اللَّه في شيء لا يقبل منه إذا أطاعه في شيء آخر . . والا لزم ان لا يتقبل الا من المعصوم . . وهذا يتنافى مع عدله وحكمته ، وانما المراد من الآية ان اللَّه سبحانه لا يقبل الا العمل الخالص من كل شائبة دنيوية ، وان من عمل لغير اللَّه والخير يكله إلى من عمل له . . وليس من شك ان من عمل الخير لوجه الخير والانسانية فقد عمل للَّه ، سواء أراد ذلك ، أم لم يرد ، ومن عمل للَّه فأجره على اللَّه .
 
أما المراد من (ليس بعد الكفر ذنب) فهو ان الكفر أكبر الكبائر على الإطلاق ، وان الذنب مهما عظم فإنه دون الكفر بمراتب . . وهذا شيء ، وجزاء من أحسن شيء آخر .
 
ثانيا : ان اللَّه سبحانه عادل ، ومن عدله أن لا يكون المحسن والمسيء لديه سواء ، بل للمسيء جزاؤه ، وللمحسن جزاؤه ، وليس من الضروري ان يكون جزاء المحسن غير المؤمن في الآخرة . . فقد يكون في الدنيا بكشف الضر والبلوى ، قال رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله ) : « صنائع المعروف تقي مصارع السوء » . .
 
وأيضا لا ينحصر جزاء الآخرة بالجنة ، فقد يكون بتخفيف العذاب ، أو لا عذاب ولا ثواب ، كما هي حال أهل الأعراف .
 
واختصارا ان الإنسان مجزي بأعماله ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر ،
 
والكافر يستحق العقاب على كفره ، وقد فعل الخير لوجه الخير ، فيستحق عليه الثواب ، ولكل عمل حساب . . أجل ، نحن لا ندرك كنه الثواب الذي يثاب به المحسن غير المؤمن ، ولا متى وأين ؟ أفي الدنيا أو في الآخرة ؟ ان هذا موكول إلى علم اللَّه وحكمته ، وتحديده بشيء معين مشاركة للَّه في علمه ، فليتق اللَّه من يؤمن به .
 
وبهذه المناسبة نذكر كلمة للسيد كاظم صاحب العروة الوثقى ، قالها في ملحقات العروة ، باب الوقف ، مسألة اشتراط نية القربة ، وهذه هي بالحرف : « يمكن أن يقال بترتب الثواب على الأفعال الحسنة ، وان لم يقصد بها وجه اللَّه ، فان الفاعل لها يستحق المدح عند العقلاء ، وان لم يقصد بفعله التقرب إلى اللَّه ، فلا يبعد ان يستحق من اللَّه تعالى التفضل عليه » .
 
فهذا العالم الجليل يقول بكل وضوح : انه من الجائز أن يثيب اللَّه على الأفعال الحسنة وان لم يقصد بها وجه اللَّه . . اذن ، فبالأولى أن يثيب اللَّه فاعلها إذا قصد وجه الخير والانسانية ، وسبقت الإشارة أكثر من مرة إلى أن العقل لا يأبى ان يمن اللَّه بفضله وثوابه على المذنب وانما الذي يأباه العقل أن يعاقب اللَّه من لا يستحق العقاب .
 				
				
					
					 الاكثر قراءة في  مقالات عقائدية عامة
					 الاكثر قراءة في  مقالات عقائدية عامة					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة