المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المشاكل المتعلقة بالإنفاق  
  
2487   05:29 مساءاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : الشيخ حسان محمود عبد الله
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاسرة بين الشرع والعرف
الجزء والصفحة : 184-194
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

 هناك مشاكل كثيرة تحصل في موضوع الإنفاق , سواء أكانت نفقة الزوجة أم نفقة الأقارب  وكنا نرى أن أطراف القضية عندما يأتون إلينا للتحاكم أن السبب الأساسي لهذه المشكلة هي أن الأطراف مقتنعون بكثير من القضايا التي لا اساس لها في الشرع الحنيف ولكنها من الأمور المتعارفة بين الناس بسبب العادات والتقاليد والأعراف غير الشرعية , وسنبين فيما يلي ومنعاً من الإطالة بعضا من هذه الإشكالات التي تشكل نموذجا عما نتحدث عنه وهي على الشكل التالي :

أ‌- متطلبات الزوجة :

هناك نوع من الزوجات تعتبر أن حقها في النفقة يشمل أمورا لا يوجد لها في الشرع الحنيف أي دليل , وهي تستند في مطالبتها هذه الى أعراف وتقاليد لا اساس شرعي لها , فمثلا تطالب الزوجة زوجها بان يؤمن لها شقة أوسع من الشقة التي تسكنها , في حين أن شقتها تكون كافية لها ولا تشكل إهانة لمستواها الاجتماعي ولكنها غيرة من أختها أو أي من أقاربها تريد أن تختار شقة مشابهة لشقتهم , ومن قبيل ذلك أن بعض الزوجات تطالبن بأن تحصلن على كل موضة جديدة من الثياب حتى لو كانت تمتلك من الثياب ما يزيد عن حاجتها فهي تعتبر أن من حقها أن تواكب الصرعات الحديثة من الموضة وأن زوجها لو امتنع عن ذلك يكون مقصرا في حقها  وهذا يشمل كل الأمور الاخرى من الإثاث والعطور وأدوات الزينة بل وحتى مستوى الطبابة فهي لا تدخل الى المستشفى في الدرجة العادية , بل تريد درجة  مميزة في استشفائها , كل ذلك لا قيمة له من الناحية الشرعية ولا حق لها به وليس لها أن تلزم زوجها به , لا تستطيع اللجوء الى الشرع الحنيف من خلال القضاء الشرعي الذي سيقول لها إن زوجك غير مقصر في أداء حقك ونفقتك وليس لك أن تلزميه لك هذا الذي تطلبيه منه , نعم إن هذه الأمور وإن كانت غير واجبة على الزوج إلا أنه يستحب له أن يبادر إليها ان كانت متوفرة له وكان قادرا على شرائها لها من باب استحباب التوسعة على العيال .

ـ قصة وعبرة :

في إحدى المرات جاءتني امرأة تطالب بأن استدعي زوجها لألزمه بأن يؤدي واجبه تجاهها بالنفقة , أو أن يطلقها منه , وإذا ما امتنع عن كلا الامرين فإنها تصر على طلب الطلاق بواسطة الحاكم الشرعي , وبعد استدعاء الزوج تبين لنا أن الزوج غير مقصر في الأمور الواجبة عليه , بل هو يقدم لها كل ما تريده على صعيد مأكلها وملبسها واستشفائها , ولكن المشكلة عند هذا الزوج الذي كان في بداية حياته إنسانا متسوط الحال ويسكن في منطقة يسكنها عادة متوسطي الحال مثله وقد من الله سبحانه وتعالى عليه بأن أصبح من الأغنياء أصحاب الأموال الكثيرة وعاشت هذه الزوجة نمطا جديدا من الحياة وعاشرت طبقة جديدة تسكن في المناطق الراقية وصارت تخجل من أن تعلن لصاحباتها عن مكان مسكنها , أو أن تطلب منهم أن يزوروها في هذا المسكن , وصارت تطرح مع زوجها ضرورة ان تنتقل الى المنطقة التي تعيش فيها صاحباتها أما زوجها فكان يرفض هذا الطرح لعدة أسباب :

أولها : وأهمها كما قال لنا : إنه وجد أن زوجته بعد معاشرتها لهذه الطبقة الجديدة تغيرت فأصبحت تخجل من صاحباتها القدامى وتتعالى عليهم وتتكبر معتبرة أنهن أصبحن من مستوى غير المستوى الذي هي عليه اليوم , وهو لم يعجبه هذا الأمر على الصعيد الروحي والإيماني والأخلاقي , بل أصبح يخاف أن ينعكس هذا الامر على أولاده .

ثانيها : إنه مقتنع أن هذه البيئة التي عاش فيها هي بيئته الأصلية وتلك البيئة الجديدة طارئة عليه ولا ينتمي إليها , وهو لا يريد لنفسه ولا لزوجته ولا لعائلته أن ينغمسوا في البيئة الجديدة .

وثالثها : إن متجره الذي كان منطلقه منه يقع في نفس المنطقة التي تريد زوجته مغادرتها , وهو يريد أن يبقى في تلك المنطقة التي أحب أهلها وأحبوه ولعله إن انتقل الى مكان آخر فإن هذه العلاقة مع أهل هذه المنطقة قد تتأثر وقد ينعكس ذلك على تجارته .

وبعد مناقشات عدة أفهمنا فيها الزوجة أن هذا ليس حقا لها , ولا تستطيع إلزام زوجها إلا إذا أردا زوجها ذلك باختياره ورضاه , أصرت هذه المرأة على طلب الطلاق معتبرة أن الأمر عندها منتهيا , وأنه يستطيع أن ينقل متجره الى تلك المنطقة الجديدة وهي تضمن له أن ربحه سيتزايد وتجارته ستتطور , فسألنا عن رأيه بما تقول زوجته فأجاب إنه غير متحمس لما تطرحه زوجته , وبنفس الوقت هو غير متحمس لطلاقها فهو رغم كل شيء يحبها ولا يريد في نفس الوقت أن يشتت أمر العائلة , وبالتالي فإنه بات في موقف لا يحسد عليه ويقف حائرا لا يدري ما يفعل , فطلب منا النصح فقلنا له : إنه في هذه الحالة الامر يعود إليه من جهة ما هي الأولوية التي تحكم بهذا الموضوع , فإن كانت المحافظة على العائلة مهما كانت الخسائر وكان يستطيع أن يؤمن ما تطالب به الزوجة فليفعل ذلك , وهو وإن كان يستطيع أن لا يغير شيئا ويبقي الأمر على حالها إلا أنه وبحسب الواقع فإن زوجته هذه لن تريحه في حياته , وقد حاولنا جهدنا نصحها بكل ما أوتينا من قوة ومنطق سليم أن تذعن لما يقوله زوجها فتستقر الحياة الزوجية بينهما , ولكنها رفضت فأبلغناها أننا لا نستطيع إلزام زوجها بطلاقها , ولا نستطيع إلزامه بأن يغير لها سكنها , ولا نستطيع ان نجري طلاقها منه من دون إذنه ورضاه , فهو غير ممتنع عن أداء حقها من النفقة المطلوبة منه .

وقد علمنا فيما بعد أن هذا الزوج نزل عند رغبة زوجته وقام بفتح متجر جديد في المنطقة التي تريد أن تسكن فيه زوجته واشترى لها مسكنا في ذلك المكان واستقرت الامور بينهما , وقلنا الحمد لله رب العالمين حلت المشكلة , ولكنني التقيت بعد حوالي الأربع سنوات وأثناء زيارتي لاحد الإخوة في المستشفى بهذا الزوج وهو في حالة يرثى لها فسألته عن حالته التي وصل إليها فقال لي : الذي حصل إنه افتتح محلا في المنطقة الجديدة , واشترى شقة أيضا كما أرادت زوجته ولأجل ذلك حصل على قروض بنكية , ولكنه اكتشف أن هذا المحل أوقعه بخسائر كبيرة , إضافة الى الفوائد البنكية التي ترتبت عليه بسبب القروض , ما أدى الى أن يخسر المحل الجديد ويضع البنك يده على الشقة الجديدة , بل أكثر من ذلك لم يستطع المحافظة على المحل القديم والشقة القديمة لأنهما أيضا كانا مرهونين للبنك , وهذا ما أدى الى وقوعه في مرض عصبي حاد هو سبب وجوده في المستشفى اليوم .

إن التطلب في النفقة من قبل الزوجة قد يؤدي الى مشكلة لن تكون بسيطة كما حصل مع هذا الزوج الذي قدمنا قصته , لذا يجب على الازواج أن ينتبهوا الى هذا الأمر بشدة .

ب‌- متطلبات الأولاد :

تماما كما هي متطلبات الزوجة في بعض الأحيان تكون خارج إطار المطلوب من النفقة شرعا فكذلك تكون متطلبات الأولاد , فكثيرا ما كنا نجد ان أولادا يشكون مع أمهم من بخل ابيهم وعدم إنفاقه عليهم , وبعد مراجعة أطراف القضية كنا نجد أن الأب يكون قائما بما هو مطلوب منه على صعيد النفقة الواجبة , غير أن الأولاد يريدون نفقة زائدة عن الواجبة فتراهم لا يعجبهم الحذاء, أو اللباس الذي لا يكون ذا ماركة مشهورة , ويريدون مثلا الحصول على هاتف خلوي لكل واحد منهم , أو سيارة ليذهبوا بها الى الجامعة , وهذا وإن كان ممكنا للأب إلا أنه غير ملزم به من الناحية  الشرعية , وإذا ما أراد ذلك فالأمر له , بل ... يستحب له ذلك , لذا فإنه لا يجب على الأب سوى أن يؤمِن لأولاده من النفقة ما أوردناه سابقا وهو المأكل , والملبس  والتداوي , والاستشفاء . وهذه المتطلبات وإن كانت غير واجبة إلا أنه لا مانع منها شرعا بل يستحب له ذلك .

ج- لو احتاج المنفق الى الاكتساب لينفق على من يعوله هل يلزم بذلك ؟ :

في بعض الأحيان قد يكون الإنسان قادرا على نفقة نفسه وهو غير محتاج في ذلك الى الاكتساب ولكنه لو ألزم بنفقة زائدة لا تحتاج الى ذلك , فهل يلزم في هذه  الحالة بالاكتساب ؟ وأيضا قد يكون المنفق يقوم بعمل ما لمدة ست ساعات مثلا , ولكنه لو أراد أن ينفق على غيره لاحتاج الى العمل ساعات أطول من ذلك , فهل يُلزم بالعمل لساعات أطول ؟

أوردت هذا الموضوع في البداية لألفت الى مشكلة حقيقية تحصل في مجتمعنا , فكنا نرى مثلا أن أباً جاء ليرفع دعوى على أولاده لأنهم لا ينفقون عليه , وعند سؤالهم عن سبب عدم إنفاقهم على أبيهم وتركه على الحالة التي هو عليها كانت إجابتهم أنهم لا يحصلون من عملهم على ما يكفيهم , وبالتالي فهم غير قادرين على الإنفاق على أبيهم , ويستعملون المثل الشائع في مثل هذه الحالات ويقولون لنا : (الزيت إن احتاج إليه صاحبه حرم على المسجد) . وعند سؤالهم هل تستطيعون تحصيل المال من خلال عمل إضافي كانوا يقولون نعم , ولكننا نريد أن نرتاح مع عائلتنا ولا نستطيع ان نقوم بعمل إضافي , وكأن الذي ينفقون عليه هو إنسان غريب لا يعرفونه  وهنا كنا نقول لهم إنكم ملزمون من الناحية الشرعية بتأمين العمل الإضافي للإنفاق على أبيكم وإذا ما رفضتم ذلك تكونون مأثومين شرعا , ألا تتذكرون الجهد الذي كان يبذله أبوكم لتحصيل المال لكم عندما كنتم تحتاجون إليه ؟ ألم يلجا أبوكم الى أكثر من عمل إضافي كي يؤمن لكم ثيابا تلبسونها , أو قسطا مدرسيا لا يتأمن إلا بعمل إضافي مرهق ؟ ماذا لو قام أولادكم عندما تكبرون بفعل نفس ما تقومون به أنتم معكم ؟ ألا يزعجكم هذا التصرف منهم ؟ أحب ان أخبركم إن كثيرا ممن لا ينفقون على آبائهم سيبتلون لاحقا بأولاد يتركونهم لمصيرهم فخافوا الله سبحانه وتعالى واتقوه .

وهذه المسألة سنة إلهية كل من يظلم يبتلى بمن يظلمه , أو يظلم عقبه فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[النساء: 9] . وهذا المعنى فسره الإمام الصادق (عليه السلام) عندما حدث أصحابه مبتدئا حول مصير الظالم فقال:(من ظلم سلط الله عليه من يظلمه , أو على عقب عقبه , قلت : هو يظلم فيسلط الله على عقبه , أو على عقب عقبه ؟ فقال : إن الله عز وجل يقول:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[النساء: 9](1).

المهم أنه من الناحية الشرعية يجب على المنفق أن يتكسب ويعمل من أجل أن يؤمن النفقة الواجبة عليه تجاه الاخرين . وهناك إضافة لما قلناه سابقا أدلة كثيرة على وجوب التكسب حتى لو احتاج الأمر الى السفر فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال:(إذا أعسر أحدكم فليخرج ولا يغم نفسه وأهله)(2).

وهذا الحديث الشريف دليل واضح على وجوب التكسب ولو بالسفر لينفق على نفسه , أو اهله , بل كل من يجب عليه الإنفاق عليه .

د- التوسعة :

قد يظن البعض من خلال الكلام السابق عن متطلبات المنفق عليه سواء أكان زوجة , أم قريب أن الشرع الحنيف يمنع من الإنفاق على الآخرين بأكثر من الحد الواجب , وهذا الظن في غير محله , بل على العكس فقد حث الشرع الحنيف على التوسعة على العيال في أكثر من مجال فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}[الطلاق: 7]. وهذه الآية الكريمة يطلب من خلالها الله سبحانه وتعالى أن ينفق ذو السعة من سعته , بمعنى أنه كلما كان الإنسان موسرا أكثر كلما كان مطلوبا منه أن ينفق أكثر فيقدم للمنفق عليه السلعة الأفضل ويعطيه ما لا يجب عليه من النفقة في الحالات العادية , وقد ورد في هذا المجال أيضا أحاديث كثيرة منها ما ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال:(صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله)(3) .

فقد عبر الإمام الرضا (عليه السلام) بتعبير الوجوب وهو يدل على الاستحباب الأكيد , لأننا إذا جمعنا بين هذه الرواية وغيرها التي حددت المقدار الواجب من النفقة ,  نستطيع أن نصل على أساس قاعدة الجمع العرفي الى أن المقصود من هذا التعبير هو الاستحباب الأكيد .

هـ - الإسراف :

من المشاكل التي تحصل في النفقة وهي على عكس ما قدمناه سابقا سواء التقتير فيها أو التوسعة , موضوع الإسراف في النفقة , فإنه صحيح أن المطلوب من الناحية الشرعية على نحو الوجوب هو النفقة ضمن القدر المتيقن الذي ذكرناه أعلاه , ويستحب أن يتوسع الإنسان في النفقة أيضا , ولكن في نفس الوقت يَحرُم الإسراف فيها , وهذا مما أجمع عليه المسلمون , وقد ورد في القرآن الكريم قول الله سبحانه وتعالى :{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف:31]. وهذه الآية الكريمة دليل واضح على أنه لا يجوز من الناحية الشرعية الإسراف في الإنفاق على النفس فضلا عن الإنفاق على الآخرين , فالإسلام أراد أن يحافظ على ثروات المجتمع من التبديد , وإذا كان من فائض لدى أحد فقد استحب له الانفاق في موارد أخرى كالصدقة وغيرها .

و- المشاكل بسبب ترك الإنفاق :

هناك مشاكل كثيرة تحصل بسبب ترك الإنفاق . منها أنها تؤدي الى فساد العلاقات الاجتماعية فمن خلالها يمكن أن يحصل الطلاق بين الزوجين , وبسببها قد يتجه الأقارب الفقراء الذين لا يجدون من ينفق عليهم الى الحصول على نفقتهم من خلال أمور غير مشروعة كالسرقة والاحتيال , وفي أخف الاحوال قد يضطرون للتسول من أجل الحصول على ما يُقِيتهم ويأمنون من خلاله الجوع الذي يؤدي فيما لو استفحل في المجتمع الى انتشار الجريمة والرذيلة , وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه اله) : كاد الفقر أن يكون كفرا , وكاد الحسد أن يغلب القدر)(4) .

ومن هنا يظهر بوضوح أن الفقر سبب لكثير من المشاكل التي تصل الى حد الكفر بالله العلي العظيم , والسرقة , والاحتيال , وسبب ذلك كله أن هذا الذي ابتلاه الله سبحانه وتعالى بالفقر لم يوفقه للصبر , ولذلك ومنعا للأخطار الكبيرة المترتبة على الفقر أوجب الإسلام على الأقارب النفقة , فإن لم يستطيعوا أوجد بيت المال ليُنفق منه على الفقراء منعا من انتشار الرذائل والآفات في المجتمع .

باختصار يعتبر موضوع النفقة من المشاكل الأساسية التي تعاني منها الأسرة , فالعائلة التي يقوم معيلها بواجبه تجاهها تعتبر عائلة مستقرة تعيش حياة هانئة مطمئنة , في حين أن العائلات التي لا يقوم فيها معيلها بالإنفاق عليها تعاني من مشاكل كثيرة تؤثر على استقرار المجتمع ورقيه وتقدمه . والنفقة نوعان :

أولها : نفقة الزوج على زوجته , وثانيها : نفقة القريب على أقاربه , كنفقة الاب على ابنائه ونفقة الابناء على آبائهم, ويشمل الاباء والاجداد, والأبناء الأحفاد , وأما الأعمام , والأخوال , والعمات , والخالات , وكذا نفقة أبناء الأخ , وأبناء الأخت , فقد وقع الخلاف بين المذاهب الإسلامية في وجوب النفقة عليهم , وعدم وجوبها , وذهب فقهاء الإمامية الى عدم وجوبها لهم. وقد اشترطوا في وجوب النفقة على الزوجة أن تكون زوجة دائمة , تسكن بيت زوجها , غير ناشزة عليه , مُمَكنة له من نفسها في حين اشترط في النفقة على الجميع سواء اكانت زوجة , أم قريبا , أن لا يكون المنفق فقيراً وفقر المنفق عليه , وذهب الفقهاء الى وجوب التكسب على من يجب عليه النفقة ان كان غير قادر بدونه، ووضعوا أولويات في وجوب الانفاق ان تعدد المنفق عليه ولم يكن المنفق قادرا على النفقة عليهم جميعا فذهبوا الى أن نفقة النفس مقدمة على الغير , ونفقة الزوجة مقدمة بعد النفس على غيرها , والأقرب في الميراث مقدم على الأبعد , أما في مقدار النفقة فقد ورد عدة تحديدات لها ولكن الجامع لذلك كله هو الطعام , والشراب , والملبس , والدواء , بالمقدار المتعارف الذي لا يجوع معه المنفق عليه , ولا يعطش , ولا يعرى , ولا يمرض من دون دواء.

ولو ترك المنفق النفقة مع قدرته على ذلك كان للزوجة أن ترفع أمرها الى الحاكم الشرعي الذي يُخير الزوج بين الإنفاق على زوجته , أو طلاقها ومع امتناعه عن كلا الأمرين كان له أن يطلقها منه من دون إذنه مع تحميله كافة المسؤوليات الشرعية المترتبة على ذلك من مهر ونفقة وخلافه , وأما نفقة الأقارب فيأمره الحاكم الشرعي بالدفع وإلا أخذ من ماله غصبا عنه ودفعه للمنفق عليه , وفي الحالتين لو لم يرفع الذي يجب له الإنفاق أمره للحاكم الشرعي يجوز له أن يأخذ من مال من يجب عليه الإنفاق مقدار ما يجب له من النفقة بإذن الحاكم الشرعي ولا يكون ذلك سرقة من الناحية الشرعية , وهناك نماذج كثيرة لمشاكل تقع بسبب الإنفاق منها الزوجة والأولاد المتطلبين الذين يطلبون من معيلهم أكثر مما يحق لهم شرعا متمسكين بالعرف الذي لا اساس له من الناحية الشرعية , ولو اضطر المنفق للاكتساب من أجل النفقة على من يجب عليه لوجب ذلك , ومن المشاكل التي تحصل أيضا عدم التوسعة على العيال في مقابل الإسراف والتقتير . وأما المشاكل بسبب ترك الإنفاق فكثيرة أهمها : أنها تؤدي الى مشاكل في المجتمع والأسرة وتساهم في خروج أناس يسرقون من أجل ان يأكلوا فإذا لم يبادر المجتمع لحل هذه المشكلة فإن خطر تفاهمها سيتجاوز الفرد والأسرة الى المجتمع بكامله .

______________

1ـ الكافي الجزء 2 ص 332 .

2ـ وسائل الشيعة الجزء 12 ص 12- 13 .

3ـ بحار الأنوار الجزء 75 ص 335 .

4ـ وسائل الشيعة الجزء 11 ص 293 .

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






جامعة كركوك: حفلات التخرج يجب أن تكون بمستوى حفل التخرج المركزي لطلبة الجامعات
جامعة نينوى: حفل تخرج طلبة الجامعات دليل على اهتمام العتبة العباسية بشريحة الخريجين
جامعة كربلاء: في حفل تخرج الطلبة المركزي امتزج التحصيل العلمي بالقيم الأخلاقية والاجتماعية
قسم التربية والتعليم يقيم حفل ختام المسابقة المركزية لبرنامج (الأذن الواعية)