ندرج فيما يلي اهم الأستيضاحات التي تهم المحقق وتوضح له ان بأمكان الطبيب الاجابة عليها حلا للمشكلات التي تجابه المحقق وتذليلا للمعضلات التي تعترض سير التحقيق ، وتسهيلا لمهمة المحقق والطبيب الفاحص سأشرح باختصار غير مخل ما ينبغي الاستفسار عنه علما بان بعض هذه الاستيضاحات خاص بالمصابين والبعض الاخر بالمتوفين او بالحالتين ، كما يتضح من شرحها وعلى المحقق اختيار السؤال المناسب .

1 ـ نوع الاصابة : ـ ان بالإمكان من وجه طبية القول على ان الاصابة من صنع آلة حادة او راضة او قاطعة الخ .

2 ـ نوع الالة : ـ ان من المستطاع احيانا تعيين كون الالة ذات حدين او حد واحد او هل انها اسطوانية الشكل او ذات رأس دائري او مربع .

3 ـ حصول الاصابة من سلاح معين : ـ ان بإمكان الطبيب احيانا ابداء راي جزمي يكون الخنجر الذي يعرضه عليه المحقق هو المسبب للجرح دون غيره في حالة عثوره على جزء منه في جسم المصاب كما أنه يستطيع أن ينفي بصورة قطعية كون الجرح قد أحدث بسلاح معين كأن يكون عمق الجرح الطعني المحدث في الصدر (15) سم وطول النصل (10) سم وفي حالات اخرى يبدي الطبيب رأيا احتماليا يتضمن أن الجرح أحدث بالآلة المعروضة عليه .

4- كيفية حصول الاصابة : - هل هي من مرور عجلة أو نتيجة سقوط على الارض والسيارة سائرة أو هل أنها حصلت أثر رجوع السيارة الى الوراء وبقاء شخص ما محصورا بينها وبين حائط كان واقفا جواره او هل ان الاصابة كانت من ضربة مباشرة او غير مباشرة ككسور قاعدة الجمجمة بعد سقوط شخص من علو واصطدام أقدامه بالأرض فقط أو كسر عظم الترقوة بعد سقوط الشخص على يده دون أن يصطدم عظم الترقوة او الكتف بالأرض أو اثر ضربة بفأس أحدثت أضرارا في موضع الصدم .

5- متى وقعت الاصابة : - ليس في الامكان تحديد زمن حصول الجرح تحديدا واقعيا لتداخل عوامل كثيرة منها طبيعة النسج المصاب ومدى الضرر المحدث فيه وبنية الشخص والآلة المسببة للجرح وكون الاصابة في موضع متحرك أو ثابت وعليه يقدر الزمن بعد أخذ هذه العوامل بنظر الاعتبار ويكون الرأي العلمي بصورة تقريبية كأن يقال ان الجرح أحدث من فترة تتراوح بين 2-3 أيام .

6- حالة المصاب : ان من اهم ما يهم المحقق هو قرار الطبيب يكون حالة المصاب حسنة أو خطرة تنذر بالموت لعلاقة هذا الامر بالمعتدي والمعتدى عليه حيث يتخذ المحقق ما يراه ضروريا بالنسبة للمعتدي للحيلولة دون هروبه فيصدر أمراً بحجزه أو يطلق سراحه بكفالة آخر تبعاً لتقديره . ومن ناحية اخرى ينبغي على المحقق أن يستفسر من الطبيب الفاحص عن حالة المعتدى عليه وهل لا يضر الاستجواب صحته وهل أنه طبيعي الوعي بحيث يدرك ما يجيب عليه من استفسارات يوجهها اليه المحقق وعلى المحقق في هذه الحالة الحصول على تقرير طبي يثبت حالة المصاب الخطرة للاحتفاظ به مع الاوراق التحقيقية الاخرى .

7- المدة اللازمة للعلاج : - تقرر مدة شفاء الجرح بصورة تقريبية بغض النظر عن احتمال تلوثه بالجراثيم علما بأن من واجب المحقق اعادة المصاب الى الطبيب لفحصه فيما اذا تعفن جرحه بالرغم من انتهاء الفترة المقدرة لشفائه فينبغي حينذاك على الطبيب تقدير مدة اخرى استناداً الى درجة التعفن ونوع الجراثيم المسببة له .

8- حصول عطل - عجز - تشويه : - العطل او العجز : فقدان العضو المصاب وظيفته كليا كقطع اليد والطرش التام أو جزئيا كالعرج والعمى الجزئي ، دائمياً كان ذلك او مؤقتا علماً بأن كلا من العطل الكلي والجزئي يجوز ان يكون دائماً كالعمى المسبب عن استئصال مقلة العين أو مؤقتا كفقد الرؤية لفترة زمنية معينة اثر اصابة تنتهي بالشفاء التام او الصمم الجزئي الدائم الناتج عن تمزق في طبلة الاذن واستحالة اندماله وقد يكون الصمم الجزئي لفترة زمنية خاصة حيث يندمل التمزق ويدعى العطل هذا بالجزئي الموقت بينما يسمى الاول بالجزئي الدائم .

التشويه - التشوه : - المسخ الظاهري عقب الاصابة الجسمية كالشتر والفطس والجدع والاعصب الاعظب (1) وتندبات الجروح والحروق .

يجوز حصول العطل والتشويه في العضو المصاب الواحد مجتمعين أو منفردين فالعرج مثلا عطل وتشويه والصمم عطل بدون تشويه والتندب في الجلد تشويه بدون عطل .بغية تسهيل مهمة رجال السطلة التحقيقية والقضائية يثبت الطبيب حالة العطل والتشويه ويعين النسبة المئوية للفقد الوظيفي للعضو المصاب كأن يقول أن العين فقدت 50% من رؤيتها واصيبت بعطل على اعتبار ان الرؤية تقدر بمائة .

9- قابلية المصاب على التكلم او القيام ببعض الاعمال الارادية : -

ان ايضاح هذا الامر مهم من وجهة النظر القضائية اذ قد يشك الحاكم بإمكان قابلية المصاب على التفوه ببعض الكلمات المتضمنة تعيين شخص بأتيان الفعل الجرمي قبل أن يلفظ أنفاسه أو ان المحامي وكيل المتهم يطعن في صحة ذلك ويطلب من المحكمة استشارة الطبيب لابداء الرأي العلمي حول الموضوع .

ينبغي أن لا يتبادر الى الذهن بأن مجرد اصابة بعض الاحشاء كالدماغ أو القلب أو الكبد تسبب الموت الآني أو السريع اذ شاهدنا وقائع غير قليلة اتضح لنا منها بأن الشخص المصاب قد يبقى حيا بالرغم من خطورة اصابته وفداحة الاضرار التخريبية المحدثة في الاحشاء الحيوية .

10- هل من الضروري ان يترك الرض المميت أثرا ظاهريا : - يتكون جسم الانسان من أنسجة تختلف مطاوعتها ومقاومتها للعنف المسلط عليها ولهذا فقد تتمزق بعض الأحشاء الباطنية نتيجة رض مباشر أو غير مباشر دون أن يتمزق الجلد أو يحصل فيه أثر مهما ضؤل أو قد يصاب بتخريبات سحجية أو كدمية لا تتناسب بطبيعة الحال مع التخريب الحاصل في الاحشاء ، فكم شاهدنا كسورا في الجمجمة والاضلاع الصدرية وتمزيقا في الدماغ والقلب والكبد وانثقابا في الامعاء بسبب مرور عجلات السيارة أو رفس الرجل أو سقوط من محل مرتفع دون أن يرافق ذلك وجود أثر على ظاهر الجسم .

11- حيوية الاصابة : الجرح الحيوي هو المحدث أثناء الحياة . يقطع الجاني احياناً الجثة ثم يلقي بأشلائها في محلات متباعدة أو يستخرج احشاء الصدر والبطن ثم يربط بعض الاجسام الثقيلة حديدية كانت أو صخرية ويلقي بالجثة في الماء لاعتقاده بأن الجثة سوف لا تطفو على سطح الماء ولو تفسخت ، وفي وقعة فحصناها اتضح لنا بأن شخصا أطلق النار على امرأة فأماتها ثم وضع جثتها على سكة القطار ليلا وقد شعر سائق القطار بحالة الدعس فاخبر الشرطة فقامت بدورها بإرسال الجثة لفحصها فظهر ان الدعس حصل بعد الموت . قد تنكسر بعض عظام الجثة المقبورة أثناء استخراجها كما أن الحيوانات البرية أو المائية قد تمزق بعض أقسام الجثث الملقاة على الارض أو في الماء فمن الضروري في هذه الحالة التثبت من حيوية الاصابة نظرا لأهمية هذا الموضوع من وجهة تحقيقية ، اذ ان التحكم القضائي يختلف تبعا لأحداث الجرح أثناء الحياة أو الموت .

12- هل الاصابة جنائية أم عارضية ام انتحارية أم مفتعلة - مصطنعة - : كثيرا ما يوجه مثل هذا السؤال الى الطبيب وغالبا ما يحار في الاجابة عليه نظرا لما يترتب على الاجابة من أمور تؤثر على سير التحقيق ونوع الحكم القضائي أرى من المصلحة أن ابين بأن ليس من الممكن من وجهة طبية عدلية دوما ابداء رأي جزمي يتضمن كون الوقعة جنائية ، عارضية ، انتحارية او مفتعلة اذ قد يجزم الطبيب أحيانا بالرأي سلبا أو ايجاباً وبعضا يبدي رأيا احتماليا آخذا بنظر الاعتبار في الحالتين دراسته لأمور كثيرة منها : عمر المصاب وموضع الجرح ونوع الآلة المسببة له وعدد الاصابات الجسمية ومظاهرها وغورها واتجاهها وملاحظة حالة التشنج - التوتر - الميتي مضافا لذلك فحص الملابس وما فيها من أضرار ومطابقة اضرارها مع الاصابات الجسمية ثم الكشف على محل الحادث والاطلاع على موضع الجثة والآلة المستعملة في الحادث ويمكن القول بصورة عامة بأن ليس باستطاعة الطبيب أن يقرر جازماً أن الحالة انتحارية استناداً الى مظهر الجرح فقط اذ بإمكان الجاني احداث اصابة مشابهة لما يحدثه الشخص بنفسه لقصد انتحاري ومن ناحية اخرى قد يستطيع الطبيب في حالات خاصة أن ينفي كون الاصابة انتحارية فيما اذا اتضح له بأن في الجثة اصابتين على الاقل تسبب كل واحدة منها على انفراد عيبوبة او موتا آنيا .ويمكن القول بصورة عامة بأن ينبغي للطبيب بأن يترك المجال للمحقق ليبحث عن الادلة التحقيقية فيما اذا تعذر عليه ابداء رأي طبي قاطع .

13- سبب الموت : - أن أهم نقطة ينبغي ايضاحها للمحقق هو تشخيص سبب الموت اذ لولا الجهل بمعرفته وغموض السبب الحقيقي له لما اعتبر الحادث من وقائع الموت المشتبه فيه فيجب ايضاح العلاقة السببية بين الاصابة والموت وتكون العلاقة واضحة اذا كانت الاصابة هي السبب المباشر لإحداث الموت الذي يحصل حالا أو بعد فترة قصيرة أو قد تطول وقد تسبب الاصابة الموت بصورة غير مباشرة وذلك أثر حصول التهاب اختلاطي أو عدوى جرثومية ، أو وجود مرض قبل الاصابة .

الاسباب المباشرة للموت : - تشمل تلف عضو حيوي هام لا يمكن استمرار الحياة بدونه والنزف الدموي والصدمة والنهي - الصد - العصبي .

الاسباب غير المباشرة للموت : - تعتبر الحالات الاختلاطية والالتهابات القيحية وذات الرئة الركودي وحصول القرح الفراشية التي تتكون أثر ملازمة المصاب للفراش مدة طويلة من الاسباب غير المباشرة للموت ، ويكون الجاني مسؤولا اذا ثبت وجود علاقة سببية بين الاصابة التي احدتها والموت فإذا توفي الشخص المصاب بجرح سطحي بداء الكراز (تتانوس) مثلا فيجب أن يتأكد الطبيب من أن المرض حصل خلال مدة التفريخ الجرثومي . كذلك يعتبر الجاني مسؤولا عن ما يجري للمصاب من اسعاف جراحي او غيره على ان تكون العملية الجراحية ضرورية وتعمل في أحسن ظروف متيسرة لإنقاذ حياة المصاب .ان من الاسباب غير المباشرة للموت كون المعتدي عليه مصابا بمرض من الامراض وان الاصابة كانت من النوع الذي لا يكفي بمفرده لإحداث الموت فينبغي على الطبيب الفاحص ان يثبت من الحالة المرضية ويذكر في تقريره باسهاب وضوح علاقتها بالاصابة وبالتالي بكونها أدت الى الوفاة بصورة غير مباشرة وبالتعاون مع الآفة المرضية .

___________________

1- الشتر : انقلاب في جفن العين . الجُدع : قطع انفه . الاعْصب : مشقوق الاذن . الاعظب : عطلت يده .