الصحة ضد المرض

بداية، سوف ندرس الفكرة الأساسية للصحة، التي تشكل مصدر قلق أساسية لجميع الوحدات العسكرية في جميع الحالات تقريبا. فالصحة هي التمتع بحالة جسدية وعقلية واجتماعية جيدة، ولا تعني مجرد غياب الأمراض أو الضعف Meade and) (2000 Earickson. ولعل الفهم الأفضل للصحة هو باعتبارها خاصية مستمرة يمكن قياسها بمدى قدرة الفرد على التعافي من مجموعة واسعة وكبيرة من الالتهابات أو الاذيّات (1971 Audy). وتشمل هذه الأخيرة التأثيرات الناجمة عن المنبهات الكيميائية والجسدية والمعدية والنفسية والاجتماعية. ويمكن فهم الالتهابات بصورة أفضل باعتبارها مجموعة من الجوانب البيئية السلبية التي تؤثر في شخص ما وتدفع إلى رد فعل جسدي. ويمكن أن تدل الالتهابات الجسدية على جودة الهواء ودرجة الحرارة والرطوبة والضوء والصوت والضغط الجوي والإصابات، على سبيل المثال لا الحصر.

وقد تشمل الأذيات الكيميائية غبار الطلع، أو الأسبستوس، أو الملوثات المتنوعة، أو الدخان، أو حتى الطعام. وتشمل الإصابات المعدية الفيروسات، والريكتسية، والبكتريا، والفطريات، والطفيليات، والديدان. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تشمل الأذيات النفسية الاجتماعية الازدحام و/ أو العزلة و/ أو الخوف و/ أو القلق و/ أو الإثارة و/ أو روح الدعابة و/ أو الاغتراب. وبغض النظر عن المكان أو الوظيفة أو نمط الحياة، يتعرض كل فرد لمجموعة من الأذيات المستمرة منذ ولادته وحتى وفاته. وبالتالي، تعتبر الصحة مقياسا حاضرا دائمة لمدى حيوية الشخص بصورة عامة. وبالنظر إلى مجموعة الأذيات المذكورة، من السهل أن نرى أن الجنود يتعرضون وبصورة روتينية لكثير من - إن لم يكن المعظم – الاحتمالات أثناء التدريب في أوقات السلم وأثناء الحرب.

يدل المرض على تغير في الخلايا أو الأنسجة الحية بطريقة تعرض حياتها للخطر في بيئتها (1961 May). ويهتم المختصون بالجغرافيا الطبية بعدة فئات كبيرة من الأمراض. فالأمراض الخلقية هي تلك الأمراض الموجودة عند الولادة. والأمراض المزمنة هي الأمراض الموجودة أو المتكررة على مدى زمني طويل. والأمراض التنكسية تشمل ضعف أحد أجهزة الجسم أو تدهور خلاياه وأنسجته. وأخيرة، الأمراض المعدية تنجم عن غزو الطفيليات وتكاثرها في الجسم. ونظرا للفئات المتنوعة المبينة أعلاه، فإن المؤسسة العسكرية تهتم أكثر بالأمراض المعدية لأنه يمكن التقاطها بصورة أسهل نسبية، ومن ثم فإنها تنتشر ضمن وحدة معينة. إضافة إلى ذلك، ونظرا للفحص الطبي الروتيني الذي يخضع له كل الجنود في بداية حياتهم المهنية، فإن الفئات الثلاث الأولى نادرا ما تنطبق على الجنود المتطوعين أو حتى المجندين.

يمكن أيضا تصنيف الأمراض اعتمادا على الحالات أو الظروف التي تحدث فيها. ويحدث مرض نقص عنصر ما في الجسم عندما لا يتم النظام الغذائي للمرء بالتنوع الكافي لتلبية جميع حاجات الجسم. وقد تكون المواد المهمة للصحة غير موجودة في الطعام الذي يتناوله الشخص وذلك لأسباب ثقافية أو جسدية. ويعد مرض کواشركور Kwashiorkor مثالا واسع الانتشار، وهو يحدث بسبب نقص البروتين في الغذاء الذي يتناوله بعض السكان الفقراء في المناطق التي تزرع الأرز في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا. والمرض أو الإصابة المهنية بسبب الظروف الموجودة في مكان العمل. على سبيل المثال، مرض الصدر المسمى بداء الشحار السيليسي، يتعلق منذ وقت طويل بالعمل في مناجم الفحم وتنفس غبار الفحم الضار. وفي بعض الحالات، قد يظهر المرض بسرعة، على حين في حالات أخرى، تبقى الأعراض خفية لسنوات كثيرة بعد التوقف عن العمل في هذه المهنة. وتحدث أمراض الإجهاد عندما تكون الضغوط البيئية شديدة جدة إلى درجة لا يستطيع الفرد تحملها. ويمكن أن يكون الاكتظاظ في منطقة حضرية أو نوع معين من أنواع الضغوط الاجتماعية الكثيرة هو أساس المشكلة.

ويستند نظام التصنيف الثالث الذي يستخدم بشكل روتيني في البلدان غير المتطورة أو المتخلفة من العالم، إلى العلاقة بين المرض والمياه. فالأمراض التي تحملها المياه تنتقل من خلال تناولها عبر الفم. ومن أمثلتها هناك الحمى التيفية (التيفوئيد) والكوليرا والخناق الدفتريا) وشلل الأطفال والحار العضوي. والأمراض التي تغسل بالمياه هي تلك الأمراض التي يمكن تجنبها بوساطة النظافة المناسبة وغيرها من التدابير الوقائية. والحمى التيفية والطاعون والديدان المعوية المختلفة هي أمثلة على تلك الأمراض والتي تنشأ عادة في ظل ظروف غير صحية. في الأمراض المعتمدة على المياه، لا يلتقط الناس المرض مباشرة من الماء، بل إن ناقل المرض يحتاج إلى المياه. ومن الأمثلة المحددة على هذه الأمراض والنواقل المرتبطة بها، هناك الملاريا (من البعوض)، والعمى النهري (من الذبابة السوداء)، والبلهارسيا (من الحلزون). ونظرا للطبيعة العالمية للبعثة العسكرية الأمريكية، فإن كلا من فئات الأمراض ذات الصلة بالماء والمذكورة أعلاه تشكل مصدر قلق خاصة.