المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
لا عبادة كل تفكر
2024-04-27
معنى التدليس
2024-04-27
معنى زحزحه
2024-04-27
شر البخل
2024-04-27
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


عثمان بن جنِّي أبو الفتح النحوي  
  
5368   05:50 مساءاً   التاريخ: 26-06-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج3، ص461-481
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-06-2015 2076
التاريخ: 30-12-2015 4366
التاريخ: 11-3-2016 2046
التاريخ: 21-06-2015 5630

وكان جني أبوه مملوكا روميا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي. من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف وصنف في ذلك كتبا أبرَّ بها على المتقدمين وأعجز المتأخرين ولم يكن في شيء من علومه أكمل منه في التصريف ولم يتكلم أحد في التصريف ادق كلاما منه ومات لليلتين بقيتا من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة في خلافة القادر ومولده قبل الثلاثين وثلاثمائة وهو القائل: [مجزوء الوافر]

 (فإن أصبح بلا نسب ... فعلمي في الورى نسبي)

 (على أني أؤول إلى ... قروم سادة نجب)

(قياصرة إذا نطقوا ... أرم الدهر في الخطب)

 (أولاك دعا النبي لهم ... كفى شرفا دعاء نبي)

 وحدث غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن قال: حدثني أبي قال كان من كتاب الإنشاء في أيام عضد الدولة وبعدها في أيام صمصام الدولة ابنه كاتب يعرف بأبي الحسين القمي قال: وشاهدته في ديوان الإنشاء يكتب بين يدي جدي أبي إسحاق لما ولاه صمصام الدولة فاتفق أنه حضر يوما عند جدي أبي إسحاق أبو الفتح عثمان بن جني النحوي في الديوان وجلس يتحدث مع جدي تارة ومعي إذا اشتغل جدي أخرى وكانت له عادة في حديثه بأن يميل بشفته ويشير بيده فبقي أبو الحسين القمي شاخصا ببصره يتعجب منه فقال له ابن جني ما بك يا أبا الحسين تحدق إلي النظر وتكثر مني التعجب قال شيء ظريف قال: ما هو؟ قال: شبهت مولاي الشيخ وهو يتحدث ويقول ببوزه كذا وبيده كذا بقرد رأيته اليوم عند صعودي إلى دار المملكة وهو على شاطئ دجلة يفعل مثل ما يفعل مولاي الشيخ. فامتعض أبو الفتح وقال ما هذا القول يا أبا الحسين أعزك الله ومتى رأيتني أمزح فتمزح معي أو أمجن فتمجن بي فلما رآه أبو الحسين قد حرد واستشاط وغضب قال المعذرة أيها الشيخ وإلى الله تعالى عن أن أشبهك بالقرد وإنما شبهت القرد بك. فضحك أبو الفتح وقال: ما أحسن ما اعتذرت وعلم أبو الفتح أنها نادرة تشيع فكان يتحدث بها هو دائما. قال واجتاز أبو الفتح يوما وأبو الحسين في الديوان وبين يديه كانون فيه نار والبرد شديد فقال له أبو الحسين تعال أيها الشيخ إلى النير فقال أعوذ بالله النير هو صماد البقر. وذكره أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي في دمية القصر فقال ليس لأحد من أئمة الأدب في فتح المقفلات وشرح المشكلات ما له فقد وقع عليها من ثمرات الأعراب ولا سيما في علم الإعراب ومن تأمل مصنفاته وقف على بعض صفاته فوربي إنه كشف الغطاء عن شعره وما كنت أعلم أنه ينظم القريض أو يسيغ ذلك الجريض حتى قرأت له مرثية في المتنبي أولها: [البسيط]

 (غاض القريض وأذوت نضرة الأدب ... وصوحت بعد ري دوحة الكتب)

 (سلبت ثوب بهاء كنت تلبسه ... كما تخطف بالخطيّة السلب)

 (ما زلت تصحب في الجلّى إذا انشعبت ... قلبا جميعا وعزما غير منشعب)

 (وقد حلبت لعمري الدهر أشطره ... تمطو بهمة لا وان ولا نصب)

(من للهواجل يحيي ميت أرسمها ... بكل جائلة التصدير والحقب)

 (قباء خوصاء محمود علالتها ... تنبو عريكتها بالحلس والقتب)

 (أم من لبيض الظبا توكافهن دم ... أم من لسمر القنا والزغف واليلب)

 (أم للجحافل يذكي جمر جاحمها ... حتى يقربها من جاحم اللهب)

 (أم للمحافل إذ تبد لتعمرها ... بالنظم والنثر والأمثال والخطب)

 (أم للصواهل محمرا سرابلها ... من بعد ما غربت معروفه الشهب )

 (أم للمناهل والظلماء عاطفة ... يواصل الكر بين الورد والقرب)

(أم للقساطل تعتم الحزون بها ... أم من لضغم الهزبر الضيغم الحرب)

 (أم للملوك يحليها ويلبسها ... حتى تمايس في أبرادها القشب)

 (باتت وسادي أطراب تؤرقني ... لما غدوت لقى في قبضة النوب)

 (عمرت خدن المساعي غير مضطهد ... كالنصل لم يدنس يوما ولم يعب)

 (فاذهب عليك سلام المجد ما قلقت ... خوص الركائب بالأكوار والشعب)

 وحدث أبو الحسن الطرائفي قال: كان أبو الفتح عثمان بن جني يحضر بحلب عند المتنبي كثيرا ويناظره في شيء من النحو من غير أن يقرأ عليه شيئا من شعره أنفة وإكبارا لنفسه. وكان المتنبي يقول في أبي الفتح: هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس. وسئل المتنبي بشيراز عن قوله: [الوافر]

 (وكان ابنا عدو كاثراه ... له ياءي حروف أنيسيان)

فقال: لو كان صديقنا أبو الفتح حاضرا لفسره. وحدث أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري في كتاب النورين: وقال بعض أهل العصر وهو أبو الفتح عثمان ابن جني النحوي: [مجزوء الوافر]

 (غزال غير وحشي ... حكى الوحشي مقلته)

 (رآه الورد يجني الورد ... فاستكساه حلته)

 (وشم بأنفه الريحان ... فاستهداه زهرته)

 (وذاقت ريحه الصهباء ... فاختلسته نكهته)

 وكان أبو الفتح بن جني ممتّعا بإحدى عينيه فلذلك يقول في صديق له: [المتقارب]

 (صدودك عني ولا ذنب لي ... دليل على نية فاسده)

 (فقد وحياتك مما بكيت ... خشيت على عيني الواحده)

 (ولولا مخافة ألا أراك ... لما كان في تركها فائده)

 وحدثت أنه صحب أبا علي الفارسي أربعين سنة وكان السبب في صحبته له أن أبا علي اجتاز بالموصل فمر بالجامع وأبو الفتح في حلقة يقرئ النحو وهو شاب فسأله أبو علي عن مسألة في التصريف فقصر فيها فقال له أبو علي زببت وأنت حصرم فسأل عنه فقيل له هذا أبو علي الفارسي. فلزمه من يومئذ واعتنى بالتصريف فما أحد أعلم منه به ولا أقوم بأصوله وفروعه ولا أحسن أحد إحسانه في تصنيفه. فلما مات أبو علي تصدر أبو الفتح في مجلسه ببغداد فأخذ عنه الثمانيني وعبد السلام البصري وأبو الحسن السمسمي. وكان لابن جني من الولد علي وعالٍ وعلاء وكلهم أدباء فضلاء قد خرجهم والدهم وحسن خطوطهم فهم معدودون في الصحيحي الضبط، وحسني الخط. ومن كتاب سر السرور لأبي الفتح بن جني: [المتقارب]

 (رأيت محاسن ضحك الربيع ... أطال عليها بكاء السحاب)

 (وقد ضحك الشيب في لمتي ... فلم لا أبكي ربيع الشباب)

 (أأشرب في الكأس كلا وحاشا ... لأبصره في صفاء الشراب)

وأنشد له:

 (تحبب أو تذرع أو تأبا ... فلا والله لا أزداد حبا)

 (أخذت ببعض حبك كل قلبي ... فإن رمت المزيد فهات قلبا)

قرأت بخط أبي علي بن إبراهيم الصابئ ولأبي نصر بشر بن هارون في ابن جني النحوي وقد جرى بينه وبينه في معنى شيطان يقال إنه يظهر بالراية اسمه العدار وإذا لقي إنسانا وطأه فقال له ابن جني بودك لو لقيك فإنه كان لأمنيتك فقال أبو نصر: [مخلع البسيط]

 (زعمت أن العدار خدني ... وليس خدنا لي العدار)

 (عفر من الجن أنت أولى ... به وفيهم لك افتخار)

 (فالجن جن ونحن إنس ... شتان هذان يا حمار)

 (ونحن من طينة خلقنا ... ما خلق الجن منه نار )

 (العر والعار فيك تما ... والعور التام والعوار)

ونقل من خط أبي الفتح بن جني خطبة نكاح من إنشائه: ((الحمد لله فاطر السماء والأرض ومالك الإبرام والنقض ذي العزة والعلاء والعظمة والكبرياء مبتدع الخلق على غير مثال والمشهود بحقيقته في كل حال الذي ملأت حكمته القلوب نورا فاستودع علم الأشياء كتابا مسطورا وأشرق في غياهب الشبه خصائص نعوته واغترقت أرجاء الفكر بسطة ملكوته أحمده حمد معترف بجزيل نعمه وأحاظيه ملتبسا بسني قسمه وأعاطيه

 وأومن به في السر والعلن وأستدفع بقدرته ملمات الزمن وأستعينه على نوازل الأمور وأدرئه في نحر كل محذور وأشهد شهادة تخضع لعلوها السموات وما أظلت وتعجز عن حملها الأرضون وما أقلت أنه مالك يوم البعث والمعاد والقائم على كل نفس بالمرصاد وأن لا معبود سواه ولا إله إلا هو وأن محمدا صلى الله عليه وسلم وبجل وكرم عبده المنتخب وحجته على العجم والعرب ابتعثه بالحق إلى أوليائه ضياء لامعا وعلى المراق من أعدائه شهابا ساطعا فابتذل في ذات الله نفسه وجهدها وانتحى مناهج الرشد وقصدها مستسهلا ما يراه الأنام صعبا ومستخصبا ما يرعونه بينهم جدبا يغامس أهل الكفر والنفاق ويمارس  البغاة وأولي الشقاق بقلب غير مذهول وعزم غير مفلول يستنجز الله صادق وعده ويسعى في خلود الحق من بعده إلى أن وطد بواني الدين وأرساها وشاد شرف الإسلام وأسماها فصرم مدته التي أوتيها في طاعة الله موفقا حميدا ثم انكفأ إلى خالقه مطمئنا به فقيدا صلى الله عليه وسلم ما ومض في الظلام برق أو نبض في الأنام عرق وعلى الخيرة المصطفين من آله والمقتدين بشرف فعاله. وإن مما أفرط الله تعالى به سابق حكمه وأجرى بكونه قلم علمه ليضم بوقوعه متباين الشمل ويزم به شارد الفرع إلى الأصل أن فلان ابن فلان وهو كما يعلم من حضر من ذوي الستر وصدق المختبر مسجوح الخليقة مأمون الطريقة متمسك بعصام الدين آخذ بسنة المسلمين خطب للأمر المحموم والقدر المحتوم من فلان ابن فلان الظاهر العدالة والإنصاف أهل البر وحسن الكفالة والكفاف عقيلته فلانة بنت فلان خيرة نسائها وصفوة آبائها في زكاء منصبها وطيب مركبها وقد بذل لها من الصداق كذا وكذا فليشهد على ذلك أهل مجلسنا { وكفى بالله شهيدا } ثم يقرهما ثم يقال لاءم الله على التقوى كلمتيكما وأدام بالحسنى بينكما وخار لكما فيما قضى ولا ابتزكما صالح ما كسا وهو حسبنا وكفى)).

 قرأت بخط الشيخ أبي منصور موهوب بن الخضر الجواليقي رحمه الله أنشدنا الشيخ الإمام أبو زكرياء يحيى بن علي التبريزي قال أنشدنا عالي بن عثمان بن جني قال أنشدنا أبي لنفسه: [مجزوء الوافر]

 (وحلو شمائل الأدب ... منيف مراتب الحسب)

 (أخي فخر مفاخره ... عقائل عقلة الأدب)

 (له كلف بما كلفت ... به العلماء مِ العرب)

 (يبيت يفاتش الأنقاب ... عن أسرارها الغيب)

 (فمن جدد إلى جلد ... إلى صعد إلى صبب)

 (ويسرب في معانيها ... بضيض رواشح الثغب)

 (ويفرع فكره الأبكار ... منها من حمى الحجب)

 (فيبردها وكان بها ... وإن خفيت سنا لهب)

 (يغازل من تأملها ... غزال الخرد العرب)

 (يجد بها وتحسبه ... للطف الفكر في لعب)

 (بساطة مذهب سبكت ... عليه ماءة الذهب)

 (ورقة مأخذ شهدت ... بغلظة كل منتخب)

(وطردا للفروع على ... أصول وطد رتب)

 (إذا ما انحط غائرها ... سما فرعا على الرتب)

 (قياسا مثل ما وقدت ... بليل برزة الشهب)

 (وألفاظا مهذبة الحو...اشي ثرّة السحب)

 (فطورا من ذرى علم ... وطورا من ثرى طنب)

 (إذا حازت لنا سلبا ... فعد عن القنا السلب)

 (تركت مساجلي أدبي ... طوال الدهر في تعب)

 (إذا أجروا إلى أمد ... فقل في هافة لغب)

 (وإن راموا مبادهتي ... سبقت وأوطئوا عقبي)

 (وكيف يروم منزلتي ... نزيل خبائث الترب)

 (وهل يسمو لقارعتي ... خفيض الخد ذو حدب)

 (وهل ينتاط بي سببا ... ضعيف مقاعد السبب)

 (أغرة وجه سابقها ... تقاس بشعله الذنب)

 (شكرت الله نعمته ... وما أولاه من أرب)

 (زكت عندي صنائعه ... فوفقني وأحسن بي)

(تخولني وخولني ... ونولني ونوه بي)

 (وأخر من يقادمني ... وأعلاني وأرغم بي)

 (فيا بأبي منائحه ... وقل لهن يا بأبي)

 (ضفون علي عطف علا ... برفل جد منشعب)

 (فإن أصبح بلا نسب ... فعلمي في الورى نسبي)

 (على أني أؤول إلى ... قروم سادة نجب)

 (قياصرة إذا نطقوا ... أرم الدهر ذو الخطب)

 (أولاك دعا النبي لهم ... كفى شرفا دعاء نبي)

 (وإما فاتني نشب ... كفاني ذاك من نشبي)

 (وإن أركب مطا سفر ... مجد الورد والقرب)

 (فإني مخلد خلفا ... يضاهي الشمس من كثب)

 (إذا لم يبق لي عقب ... أقامت خير ما عقب)

 (موشحة مرشحة ... لنيل الغاي من كثب)

 (يصم صدى الحسود لها ... ويخرق أطرق الركب)

(إذا اهتزت كتائبها ... هفت خفاقة العذب)

 (أزول وذكرها باق ... على الأيام والحقب)

 (تناقلها الرواة لها ... على الأجفان من حدب)

 (فيرفع في أزاهرها ... ملوك العجم والعرب)

 (فمن مغن إلى مدن ... إلى مثن إلى طرب)

 (كفاها أن يقول لها ... بهاء الدولة اقترب)

 (إلى الله المصير غدا ... وعند الله مطّلبي)

 (له ظهري ومعتملي ... ومتجهي ومنقلبي)

 (فقل للغامطي نعمي ... وما راعيت من قربي)

 (وتثميري وتنشئتي ... ومحتالي ومضطربي)

 (ونهضي عنك أطعن في ... نحور أوابد النوب)

 (ورفعي من رذائلك الـ...ـلواتي بعضها سببي)

 (ولولا أنت كان أديـ...ـم مأثرتي بلا ندب)

 (ألمّا أن أشرت وأن ... نزت بك بطنة الكلب)

 (وأكرمك الأكابر لي ... وخالطت الأماثل بي)

 (ورفعت الذلاذل عن ... معاطف تائه حرب)

 (وأنسيت الأوائل بالـ...ـأواخر نزقة العجب)

 

 (وقلت أنا وأين أنا ... ومن مثلي وحسبك بي)

 (وقال لي الوزير هنا ... وأدناني ورحب بي)

 (وقدمني ولقبني ... ووسطني وصدر بي)

 (أسأت جوار عارفتي ... فثق بطوارق العقب)

 (وحسبي أن ألم بكبـ...ـر مثلك جارحا حسبي)

 (ولكن الدواء على ... كراهته شفا الوصب)

حدث أبو الحسن الطرائفي ببغداد قال كان أبو الفتح عثمان بن جني في حلب يحضر عند المتنبي الكثير ويناظره في شيء من النحو من غير أن يقرأ عليه ديوان شعره إكبارا لنفسه عن ذلك وكان المتنبي يعجب بأبي الفتح وذكائه وحذقه ويقول هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس وسئل أبو الطيب عن قوله: [الوافر]

 (وكان ابنا عدو كاثراه ... له يائي حروف أنيسيان)

فقال لو كان صديقنا أبو الفتح بن جني حاضرا فسَّره. قلت: وتفسيره أن لفظة إنسان خمسة أحرف إذا كانت مكبرة فإذا صغر قيل أنيسيان فزاد عدد حروفه وصغر معناه فيقول للممدوح: إن عدوك الذي له ابنان فيكاثرك بهما كانا زائدين في عدده ناقصين من فضله وفخره لأنهما ساقطان خسيسان كيائي أنيسيان تزيدان في عدد الحروف وتنقصان من معناه.

قرأت بخط الشيخ أبي منصور بن الجواليقي قال لنا أبو زكريا رأيت بخط ابن جني أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد القرميسيني عن أبي بكر محمد بن هارون الروياني عن أبي حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: قرأ علي أعرابي {طيبى لهم وحسن مآب} فقلت: ((طوبى)) فقال: ((طيبى)) فقلت ثانيا: ((طوبى)) فقال: ((طيبى)) فلما طال عليّ قلت: ((طو طو)) فقال الأعرابي: ((طي طي)) أما ترى إلى هذه النحيزة  ما أبقاها وأسدَّ محافظة هذا البدوي عليها حتى إنه استكره على تركها فأبى إلا إخلادا إليها ونحو ذلك قال عمرو الكلبي وقد أنشد بعض أهل الأدب: [البسيط]

 (بانت نعيمة والدنيا مفرقة ... وحال من دونها غيران مزعوج)

فقيل له: لا يقال مزعوج إنما يقال مزعج. فجفا ذلك عليه وقال يهجو النحويين: [البسيط]

 (ماذا لقينا من المستعربين ومن ... قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا)

 (إن قلت قافية بكرا يكون بها ... بيت خلاف الذي قاسوه أو ذرعوا)

 (قالوا لحنت وهذا ليس منتصبا ... وذاك خفض وهذا ليس يرتفع)

 (وحرضوا بين عبد الله من حمق ... وبين زيد فطال الضرب والوجع)

 (كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وبين قوم على إعرابهم طبعوا)

 (ما كل قولي مشروحا لكم فخذوا ... ما تعرفون وما لم تعرفوا فدعوا )

 (لأن أرضي أرض لا تشب بها ... نار المجوس ولا تبنى بها البِيَّع)

 قال ابن جني: وعلى نحو ذلك، فحضرني قديما بالموصل أعرابي عقيلي جوني تميمي يقال له محمد بن العساف الشجري وقلما رأيت بدويا أفصح منه فقلت له يوما شغفا بفصاحته والتذاذا بمطاولته وجربا على العادة معه في إيقاظ طبعه واقتداح زند فطنته: كيف تقول: ((أكرم أخوك أباك))؟ فقال: كذاك، فقلت له: أفتقول ((أكرم أخوك أبوك))؟ فقال: لا أقول ((أبوك)) أبدا. فقلت: فكيف تقول ((أكرمني أبوك))؟ فقال: كذاك، قلت: ألست تزعم أنك لا تقول ((أبوك)) أبدا؟ فقال: إيش هذا؟ اختلفت جهتا الكلام. فهل قوله ((اختلفت جهتا الكلام)) إلا كقولنا نحن ((هو الآن فاعل وكان في الأول مفعولا)) فانظر إلى قيام معاني هذا الأمر في أنفسهم وإن لم تقطع به عبارتهم.

 أخبرني أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس قال سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقرأ (ولا الليل سابق النهار) فقلت له: ما أردت؟ قال: أردت سبق النهار فقلت له فهلا قلته! فقال لو قلته لكان أوزن أي أقوى وأفصح. ففي هذه الحكاية من فقه العربية ثلاثة أشياء أحدها أنهم قد يراعون من معانيهم ما ننسبه إليهم ونحمله عليهم. والثاني أنهم قد ينطقون بالشيء وفي أنفسهم غيره ألا ترى أنه لما نص أبو العباس عليه واستوضح ما عنده قال أردت كذا وهو خلاف ما لفظ به. والثالث أنهم قد ينطقون بالشيء وغيره أقوى منه استلانة وتخفيفا ألا تراه كيف قال لو قلته لكان أوزن أي أقوى وأعرب.

 قال ابن جني: وسألت الشجري صاحبنا هذا الذي قد مضى ذكره قلت له كيف يا أبا عبد الله تقول اليوم كان زيد قائما فقال كذلك فقلت فكيف تقول: ((اليوم إن زيدا قائم) فأباها ألبتة، وذلك أن ما بعد إنَّ لا يعمل فيما قبلها لأنها إنما تأتي أبدا مستقبلة قاطعة لما قبلها عما بعدها وما بعدها عما قبلها. قلت له يوما ولابن عم له يقال له غصن وكان أصغر منه سنا وألين لسانا كيف تحقران حمراء فقالا حميراء قلت فصفراء قالا صفيراء قلت فسوداء قالا سويداء واستمررت بهما في نحو هذا فلما استويا عليه دسست بين ذلك علباء فقلت فعلباء فأسرع ابن عمه على طريقه فقال عليباء وكاد الشجري يقولها معه فلما هم بفتح الباء استرجع مستنكرا فقال إه عليبى وأشم الفتحة دائما للحركة في الوقف وتلك عادة.

قال ابن جني فسألته يوما يا أبا عبد الله كيف تجمع محرنجما وكان غرضي من ذلك أن أعلم ما يقوله أيكسر فيقول حراجم أم يصحح فيقول محرنجمات فذهب هو مذهبا غير ذين فقال وإيش فرقه حتى أجمعه وصدق وذلك أن المحرنجم هو المجتمع يقولها مارا على شكيمته غير محس لما أريده منه والجماعة معي على غاية الاستغراب لفصاحته قلت له فدع هذا إذا أنت مررت بإبل محرنجمة وأخرى محرنجمة وأخرى محرنجمة تقول مررت بإبل ماذا فقال وقد أحس الموضع يا هذا هكذا أقول مررت بإبل محرنجمات وأقام على التصحيح ألبتة استيحاشا من تكسير ذوات الأربعة لمصاقبتها ذوات الخمسة التي لا سبيل إلى تكسيرها لا سيما إذا كان فيها زيادة والزيادة قد تعتد في كثير من المواضع اعتداد الأصول حتى أنها لتلزم لزومها نحو كوكب وحوشب وضيون وهزنبران ودودرى وقرنفل. وهذا موضع يحتاج إلى إصغاء إليه وإرعاء عليه والوقت لتلاحمه وتقارب أجزائه مانع منه ويعين الله فيما يليه على المعتقد المنوي فيه بقدرته. وسألته يوما كيف تجمع سرحانا فقال سراحين قلت فدكانا قال دكاكين قلت فقرطانا قال قراطين قلت فعثمان قال عثمانون قلت هلا قلت عثامين كما قلت سراحين وقراطين فأباها ألبتة وقال ((إيش ذا؟ أرأيت إنسانا يتكلم بما ليس من لغته؟ والله لا أقولها أبدا)). استوحش من تكسير العلم إكثارا له لا سيما وفيه الألف والنون اللتان بابهما فعلان الذي لا يجوز به فعالين نحو سكران وغضبان.

  فهرست كتب ابن جني 

 كتب ابن جني إجازة بما صورته:

 ((بسم الله الرحمن الرحيم)): قد أجزت للشيخ أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن نصر أدام الله عزه أن يروي عني مصنفاتي وكتبي مما صححه وضبطه عليه أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري أيد الله عزه عنده منها كتابي الموسوم بالخصائص وحجمه ألف ورقة وكتابي التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري رحمه الله وحجمه خمسمائة ورقة بل يزيد على ذلك وكتابي في سر الصناعة وهو ستمائة ورقة وكتابي في تفسير تصريف أبي عثمان بكر بن محمد بن بقية المازني وحجمه خمسمائة ورقة وكتابي في شرح مستغلق أبيات الحماسة واشتقاق أسماء شعرائها ومقداره خمسمائة ورقة وكتابي في شرح المقصور والممدود عن يعقوب بن إسحاق السكيت وحجمه أربعمائة ورقة وكتابي في تعاقب العربية وأطرف به وحجمه مائتا ورقة وكتابي في تفسير ديوان المتنبي الكبير وهو ألف ورقة ونيف وكتابي في تفسير معاني هذا الديوان وحجمه مائة ورقة وخمسون ورقة وكتابي اللمع في العربية وإن كان لطيفا وكذلك كتابي مختصر التصريف على إجماعه وكتابي مختصر العروض والقوافي وكتاب الألفاظ المهموزة وكتابي في اسم المفعول المعتل العين من الثلاثي على إعرابه في معناه وهو المقتضب وما بدأت بعمله من كتاب تفسير المذكر والمؤنث ليعقوب أيضا أعان الله على إتمامه وكتاب ما خرج عني من تأييد المذكرة عن الشيخ أبي علي أدام الله عزه وكتابي في المحاسن في العربية وإن كان ما جرى أزال يدي عنه حتى شذ عنها ومقداره ستمائة ورقة وكتابي النوادر الممتعة في العربية وحجمه ألف ورقة وقد شذ أيضا أصله عني فإن وقعا كلاهما أو شيء منهما فهو لاحق بما أجزت روايته هنا وكتاب ما أحضرنيه الخاطر من المسائل المنثورة مما أمللته أو حصل في آخر تعاليقي عن نفسي وغير ذلك مما هذه حاله وصورته فليرو أدام  الله عزه ذلك عني أجمع إذا أصبح عنده وأنس بتثقيفه وتسديده وما عنده أيده الله من جميع رواياتي مما سمعته من شيوخي رحمهم الله وقرأته عليهم بالعراق والموصل والشام وغير هذه البلاد التي أتيتها وأقمت بها مباركا له فيه منفوعا به بإذن الله. وكتب عثمان بن جني بيده حامدا لله سبحانه في آخر جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. والحمد لله حق حمده عودا على بدء.

 ومن كتبه ما لم تتضمنه هذه الإجازة كتاب المحتسب في شرح الشواذ وكتاب تفسير أرجوزة أبي نواس وكتاب تفسير العلويات وهي أربع قصائد للشريف الرضي كل واحدة في مجلد وهي قصيدة رثى بها أبا طاهر إبراهيم ابن نصر الدولة أولها: [الكامل]

 (ألق الرماح ربيعة بن نزار ... أودى الردى بقريعك المغوار)

ومنها قصيدته التي رثى بها الصاحب بن عباد وأولها: [الكامل]

 (أكذا المنون تقطر الأبطالا ... أكذا الزمان يضعضع الأجيالا)

وقصيدته التي رثى بها الصابئ أولها: [الكامل]

 (أعلمت من حملوا على الأعواد ... أرأيت كيف خبا زناد النادي)

 وكتاب البشرى والظفر صنعه لعضد الدولة ومقداره خمسون ورقة في تفسير بيت من شعر عضد الدولة: [البسيط]

 (أهلا وسهلا بذي البشرى ونوبتها ... وباشتمال سرايانا على الظفر)

وكتاب رسالة في مد الأصوات ومقادير المدات كتبها إلى أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري مقدارها ست عشرة ورقة بخط ولده عال. كتاب المذكر والمؤنث كتاب المنتصف كتاب مقدمات أبواب التصريف وكتاب النقض على ابن وكيع في شعر المتنبي وتخطئته كتاب المغرب في شرح القوافي كتاب الفصل بين الكلام الخاص والكلام العام كتاب الوقف والإبتداء كتاب الفرق كتاب المعاني المجردة كتاب الفائق كتاب الخطيب كتاب الأراجيز كتاب ذي القد في النحو وكتاب شرح الفصيح وكتاب شرح الكافي في القوافي. وجد على ظهر نسخة ذكر ناسخها أنه وجده بخط أبي الفتح عثمان بن جني رحمه الله على ظهر نسخة كتاب المحتسب في علل شواذ القراءات.

 أخبرني بعض من يعتادني للقراءة علي والأخذ قال رأيتك في منامي جالسا في مجلس لك على حال كذا وبصورة كذا وذكر من الجلسة والشارة جميلا وإذا رجل له رواء ومنظر وظاهر نبل وقدر قد أتاك فحين رأيته أعظمت مورده وأسرعت القيام له فجلس في مجلسك وقال لك اجلس فجلست فقال كذا شيئا ذكره ثم قال لك أتمم كتاب الشواذ الذي عملته فإنه كتاب يصل إلينا. ثم نهض فلما ولى سألت بعض من كان معه عنه فقال علي بن أبي طالب عليه السلام. ذكر هذا الرائي هذه الرؤيا لي وقد بقيت من نواحي هذا الكتاب أميكنة تحتاج إلى معاودة نظر وأنا على الفراغ منها. وبعده ملحق في الحاشية بخطه أيضا ثم عاودتها فصحت بلطف الله ومشيئته تمت الحكاية. وقرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الرحيم السلمي أنشدني الرئيس أبو منصور بن دلال قال أنشدنا أبو زكرياء يحيى بن علي التبريزي قال أنشدني أبو العباس محمد بن الفضل بن محمد القصباني النحوي البصري بها لابن الزملدم الموصلي يهجو أبا الفتح بن جني: [الخفيف]

 (يا أبا الفتح قد أتيناك للتد...ريس والعلم في فنائك رحب)

(فوجدنا فتاة بيتك أنحى ... منك والنحو مؤثر مستحب)  





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.


قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف