المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
سند الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال.
2024-05-06
سند الشيخ إلى صفوان بن يحيى.
2024-05-06
سند الزيارة ونصّها برواية ابن المشهديّ مع ملاحظات.
2024-05-06
نصّ الزيارة برواية الطبرسيّ في الاحتجاج.
2024-05-06
برامج تربية سلالات دجاج انتاج البيض
2024-05-06
بين ابن ختمة وابن جزي
2024-05-06

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الصعاليك  
  
13364   03:39 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. كريم الوائلي
الكتاب أو المصدر : الشعر الجاهلي قضاياه وظواهره الفنية
الجزء والصفحة : ص145-ص162
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015 2510
التاريخ: 5-12-2019 19556
التاريخ: 22-03-2015 1774
التاريخ: 22-03-2015 9237

ليست الصعلكة ظاهرة طارئة على الحياة الاجتماعية الجاهلية، وإنما وُلِدَتْ بشكل طبيعي لتعبر عن التناقض الكامن في المجتمع الجاهلي، وتنبئ عن مدى التردي في الواقع العربي: اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، فلقد انقسم المجتمع القبلي إلى الطبقات الاجتماعية التي سبق ذكرها، كما انقسم المجتمع من الناحية الاقتصادية إلى طبقتين: طبقة تملك الأموال، وهي المسيطرة على مظاهر الحياة بكل ألوانها وأشكالها، وطبقة فقيرة معدمة تعيش على هامش الحياة. وقد أسهم البناء الاجتماعي في تعميق الفوارق الحادة بين طبقات المجتمع الجاهلي، مما دفع إلى ظهور الصعلكة بوصفها ظاهرة اجتماعية جديرة بالدرس والتأمل.

... وقد تأثرت دلالة الصعلكة لغوياً واصطلاحياً بهذا التفاوت الطبقي الذي عاشه المجتمع العربي، فالصعلوك في اللغة : هو الفقير الذي لا مال له ولا اعتماد، وهو في الاصطلاح : فرد يمارس الغزو والإغارة والسلب بمفرده أو مع جماعة من أجل سد جوعه واستمرار حياته، ولذلك يمكن القول : إنَّ » مادة » صعلك « تدور في دائرتين : إحداهما » الدائرة اللغوية« التي تدل فيها على معنى الفقر، وما يتصل به من حرمان في الحياة وضيق في أسباب العيش، والأخرى نستطيع أن نطلق عليها «الدائرة الاجتماعية» وفيها نرى المادة تتطور لتدل على صفات خاصة تتصل بالوضع الاجتماعي للفرد في مجتمعه، وبالأسلوب الذي يسلكه في الحياة لتغيير هذا الوضع « (1) .

... إن بنية القبيلة ـ كما أسلفنا ـ بنية طبقية تقع في قمتها طبقة الصرحاء، وتقع في قاعها طبقة العبيد، ويمثل الموالي طبقة متوسطة بين الطبقتين، من حيث الأهمية والقيمة. وتمثل ظاهرة الصعلكة تمرداً على البناء القبلي، لأنَّ مشكلة الصعاليك» لم تكن مشكلة قبائلهم وإنما كانت مشكلة النظام القبلي نفسه، وهذا ما أوجد بين الصعاليك معنى مشتركاً، يعبر بالتضامن الفعلي أو المفترض مع شعور جنيني بأنهم مجتمع مصغر يختلف عن المجتمع القائم، وبالتالي فقد تميزوا بفقد الإحساس بالعصبية القبلية التي كانت قوام المجتمع الجاهلي وبتطورها في نفوسهم إلى عصبية مذهبية«(2).

... إن البناء الاجتماعي للصعلكة يتجاوز البناء الطبقي المتعدد الطبقات إلى طبقة اجتماعية واحدة يتساوى فيها الجميع، وقد كونت هذه الطبقة الجديدة طوائف ثلاثة انحدرت من المجتمع القبلي، يمكن تلخيصها على النحو التالي: (3)

1-... طائفة الخلعاء والشذاذ: وهي الطائفة التي اضطرت قبائلهم إلى خلعهم، مثل: حاجز الأزدي، وقيس بن الحدادية، وأبي الطمحان القيني.

2-... طائفة الأغربة: وهم العبيد السود الذين سرى لهم السواد من أمهاتهم مثل: تأبط شراً، والشنفرى، والسليك بن السلكة.

3-... طائفة الفقراء الذين يتصعلكون بسبب الفقر والفاقة التي فرضتها الظروف الاقتصادية السيئة في المجتمع الجاهلي، مثل: عروة بن الورد.

... إن هذه الطوائف الثلاث يجمع بينها الفقر المدقع وحالة الطرد الاجتماعي من البناء القبلي »وينظر هؤلاء الفقراء الجياع، المحتقرون من مجتمعهم، المنبوذون من إخوانهم في الإنسانية، إلى الحياة ليشقوا لهم طريقاً في زحمتها، وقد جردوا من كل وسائلها المشروعة، فلا يجدون أمامهم إلا أمرين : إما أنْ يقبلوا هذه الحياة الذليلة المهينة التي يحيونها على هامش المجتمع، في أطرافه البعيدة، خلف أدبار البيوت، يخدمون الأغنياء، أو ينتظرون فضل ثرائهم، أو يستجدونهم في ذل واستكانة، وإما أنْ يشقوا طريقهم بالقوة نحو حياة كريمة أبية، يفرضون فيها أنفسهم على مجتمعهم، وينتزعون لقمة العيش من أيدي من حرموهم «(4) .

... على الرغم من أنَّ للتمرد دلالته اللغوية المعروفة التي حدتها معجمات اللغة فإن للتمرد دلالته الفكرية وأنماطه السلوكية، إذ يكتنف التمرد بعدان جوهريان : أولهما : الحرية، وثانيهما : الخصوصية الفردية، إذ لا يمكن أن يتحقق التمرد دون إحساس المتمرد بضغوط القهر، بكل أنماطه، ومحاولته النزوح والخروج على أنماط القهر هذه، ولذلك يسعى إلى حرية تكسر أنماط القهر، كما أنَّ خصوصية الأداء والفعل معبرة هي الأخرى عن هذا الكسر، بمعنى أنَّ الخصوصية الفردية للمتمرد تقوده إلى خصوصية فعله في الواقع إنَّ سلطة التمرد وتشريعه وقوانينه نابعة من هذين البعدين، ومن ثم فهما متميزان بخصوصيتهما.

... ويلتقي التمرد بالثورة في كونهما يسعيان إلى تغيير الواقع (5)، ويبدو أنَّ أسبابا قوية تدفع إليهما، بحيث يصل الأمر درجة من التأزم، ومن ثم تستخدم القوة أداة للوصول إلى الهدف، إنَّ المتمرد يؤمن بعدالة قضيته التي يسعى من أجل تحقيقها في الواقع، كتمرد المضطهدين والمسحوقين بسبب الظلم والاضطهاد، أو تمرد الفقير لما يفرضه المجتمع عليه بسب التفاوت الاقتصادي الفادح.

... إن ظاهرة الصعلكة بوصفها ظاهرة اجتماعية متمردة في المجتمع الجاهلي، تولدت في أحد جوانبها من عدم إمكان تعايش الفرد في إطار القبائل العربية بأنظمتها القاسية وقوانينها الجائرة، ولكنه بخروجه عن القبيلة أخذت تواجهه ضروب من المعضلات والمشكلات لا تقل عن تلك التي عاشها في المجتمع القبلي.

... إن المجتمع الجديد لم يحقق آمال الصعاليك التي خرجوا من أجلها، صحيح أنه حقق لهم قدراً من الحرية، ولكنها حرية مشوبة بقيود لا تقل عن تلك القيود صرامة، وإن كانت من نوع آخر، ولقد بقي الصعلوك يعيش حالة الفاقة والفقر والعوز في مجتمعه الجديد.

... لقد كان الصعاليك ينشدون حياة مستقرة بعيدة عن الجوع والعبودية، ولذلك كانوا يجدّون بحثا عن الغنى والثراء غير مبالين بالوسيلة التي توصلهم إلى هدفهم، وعلى الرغم من هذا فإنهم لم يحققوا هذه الغاية التي ينشدونها، إذ نجد عروة بن الورد بقي فقيراً على الرغم من كل محاولات الإغارة والسلب يقول :(6)

دَعَيني أُطَوِّف في البِلادِ لَعَلَّني

أُفيدُ غِنى فِيهِ لِذِي الحَقِّ مَحملُ (7)

أَلَيسَ عَظيماً أَنْ تَلِمَ مُلِمَّةٌ

وَلَيسَ عَلَينَا في الحقوقِ مُعوَّلُ

فَإِنْ نَحنُ لم نَملِكْ دِفاعاً بِحَادِثٍ

تَلمُ بهِ الأَيامُ فَالموتُ أَجْمَلُ

إن عروة بن الورد يوازن بين الموت والغنى، إذ يجعل الطواف علة في الصراع مع الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه، وإذا كان الطواف يعنى الحركة نحو غاية محددة فإنه يقود الشاعر إلى أحد أمرين: الغنى» الذي يتضمن الحياة «في زمن الفقر والبؤس، والموت الذي يعني خلاصا من حياة بائسة، إنَّ الشاعر هنا يواجه الحياة والموت بوصفهما قطبي معادلة لا بد من إصابة أحدهما، ويقول :(8)

ذَرَيني أُطوِّفْ في البلادِ لعلَّني

أُخلِّيكِ أو أُغنيكِ عن سُوءِ مَحْضَرِ (9)

فإنْ فَازَ سَهمٌ بالمنيةِ لمْ أكنْ

جَزوعاً وهلْ عن ذاكَ من مُتَأخرِ

وإنْ فَازَ سَهمي كفَّكم عن مَقَاعدٍ

لَكَم خَلفَ أدبارِ البيوتِ ومَنظرِ (10)

ويقول :(11)

دَعيني لِلغِنى أَسعَى فَإنِّي

رَأَيتُ النَّاسَ شَرُّهُمُ الفَقَيرُ

وَأَبعَدَهُمْ وأَهوَنَهم عَلَيْهِم

وَإنْ أَمسَى لَهُ حَسَبٌ وَخِيرُ (12)

وَيُقْصِيهِ النَّدِيُّ وَتَزدَرِيهِ

حَلَيلَتُهُ وَيَنهرُهُ الصَّغيرُ (13)

وَيُلفى ذُو الغِنَى وَلَهُ جَلالٌ

يَكَادُ فُؤَادِ لاقيه يَطَيرُ

قَليلٌ ذَنْبُهُ وَالذَّنبُ جَمٌ

وَلَكَنْ لِلغِنى رَبٌ غَفُورُ

إنَّ الفقر نفي اجتماعي آخر يعاني منه الصعلوك إذ يقترن الفقر بالشر والهوان والازدراء والانتهار والذنب، في حين يقترن الغنى بالصفات المضادة تماما .

... ومن الجدير بالذكر أنَّ عروة بن الورد ألحَّ على تكرار الفعل »أطوف « الذي يدل على الحركة التي تحاول الكشف والبحث، وكأنه رحلة نحو النجاة، وقد فطن باحث إلى أنَّ الفعل » طاف « ومشتقاته قد شحن » بتوتر ملحوظ بين الإنسان والطبيعة بشكل خاص، فالإنسان يرى هلاكه في مادة طاف بعد أن أمن بالنجاء « (14)، وإذا أخذنا بهذا السياق أنَّ الطواف له دلالة مقدسة لأنه يجعل من الكعبة أو الصنم مركزاً يدور حوله الإنسان سعياً نحو النجاة وأمناً من الشرور، أصبح للفعل »أطوف « دلالته التي تحاول التقليل من شدة التوتر الذي يحدثه الواقع الخارجي في نفس الشاعر، بمعنى أنَّ الشاعر

» ينطلق في رحلته محاولا التخلص من ذلك الخوف الرابض في نفسه نتيجة الشعور بعدم الاستقرار على المستوى النفسي والاجتماعي «(15) ويقول:

إِذا قُلتُ قَد جَاء الغِنى حَالَ دونَهُ

أَبو صِبيةٍ يَشْكُو المفاقِرَ أَعْجَفُ (16)

ويمثل التعبير عن» الأنا «خاصية يتميز بها شعر الصعاليك، وتتجلى ملامحها واضحة إزاء» النحن «متمثلة في القبيلة، شعوراً بالاعتلاء والتفاخر بالخصائص الفردية، وقد أكد ذلك يوسف خليف إذ يصبح» ضمير الفرد» أنا «أداة التعبير فيه بدلاً من ضمير الجماعة» نحن «الذي هو أداة التعبير في الشعر القبلي، وتصبح المادة الفنية لشعره مشتقة من شخصيته هو لا من شخصية قبيلته. ومعنى هذا أنَّ ظاهرة الفناء الفني لشخصية الشاعر القبلي في شخصية قبيلته التي نلاحظها بوضوح عند أصحاب المذهب القبلي في الشعر الجاهلي قد اختفت من مجموعة الشعر داخل دائرة الصعلكة، وحلت محلها ظاهرة أخرى يصح أن نطلق عليها» ظاهرة الوضوح الفني لشخصية الشاعر الصعلوك «(17) ويرى كمال أبو ديب أنَّ هذه الأنا» قلقة تبحث لا من أجل أنويتها بل من أجل تغيير العالم من أجل تدمير آثار التركيبة الطبقية للقبيلة، من أجل أن تنقذ المسحوقين والمحرومين«(18) يقول عروة بن الورد مخاطبا بني ناشب:

فإنْ شئتُمُ حاربتُموني إلى مَدى

فيجهدكم شأوُ الكِظاظِ المغرّبِ (19)

إذ يبدو التعارض بين القبيلة والفرد، صراع يتعالى فيه الفرد، ويقهر الآخر في قدرته وإمكاناته، وكان اختيار كلمة» الكظاظ «له تأثيره الإيحائي من جهة الدلالة، لأنه يعني ما يملأ القلب من الهم والتعب والشدة، ومن جهة وحداتها الصوتية، وبخاصة الظاء التي تتميز بأنها صوت لثوي مطبق يكلف نطقه جهداً، فضلا عن تكرارها مرتين في كلمة يفصل بينهما حرف الألف، ويسبقهما حرف الكاف، وهو حرف شديد مهموس.

... ولا يعنى هذا ان الشاعر الصعلوك لا يقيم تعارضا بين الأنا والأنا الآخر على الإطلاق، ولكنه يقيمه من منظور آخر، يتكئ على أبرز مقومات التمرد وأخلاقياته، إذ يتحدد على ضوء الإيثار المتمثل في الصعلوك، وتعارضه الأثرة لدى الآخر، يقول عروة: (20)

إني امرؤ عافي إنائي شركةٌ

وأنتَ امرؤ عافي إنائِكَ واحدُ(21)

أتهزأُ مني أن سَمِنتَ وأن ترى

بوجهي شحوبَ الحقِّ والحقُ جاهدُ

أقسّمُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ

وأحسو قراحَ الماءِ والماءُ باردُ(22)

إن هذه الأبيات تنبئ عن» التعارض الحدي بين قيم الصعلوك وقيم الآخرين، بين الإيثار والأثرة، بين الانظلام والظلم، وتبرز هذا التعارض بواسطة الصورة الكنائية لوعاء الزاد الذي لا يقربه سوى صاحبه، والوعاء المقابل الذي يبيحه صاحبه للناس جميعاً فلا يبقى له شيء. صاحب الوعاء الأول يزداد سمنة وترهلاً، مقابل صاحب الوعاء الثاني الذي يزداد هزالاً ونحولاً لأنه أثر الحق، والحق مجهد لصاحبه، وآثر أن يعطي من نفسه لغيره، كأنه يقسم جسمه بين جسوم كثيرة ولا يتمتع بشيء سوى قراح الماء البارد «(23).

... إنَّ الرجل في قصيدة القبيلة له حضور خاص يتجلى في فروسيته وفحولته ونأيه عن مظاهر الحياة الهامشية، وكأنه صورة لمثال أو بطل ملحمي، ولكن الرجل في قصيدة الصعاليك إنسان عادي يؤدي دوره في حياة واقعية، ويميز عروة بن الورد بين نمطين من الصعاليك الأول خامل كسول: فهو كما يقول عروة بن الورد: (24)

لَحى اللّهُ صُعلوكاً إِذا جَنَّ لَيلُهُ

مُصافي المُشاشَ آلفاً كُلَّ مَجزرِ (25)

يَعَدّ الغِنى من نَفسِهِ كُلَّ لَيلةٍ

أَصابَ قِراها من صَديقٍ مُيسَّرِ (26)

يَنَامُ عِشاءً ثُمَّ يُصبِحُ نَاعِساً

يَحُثُ الحَصَا عن جَنبِهِ المُتَعَفِّرِ (27)

قَليلُ التماسِ الزَّادِ إِلاّ لِنفسِهِ

إِذا هو أَمسى كالعريشِ المجوَّر (28)

يُعِينُ نِسَاءَ الحَيِّ مَا يَستَعِنَّهُ

وَيُمسِي طَليحاً كَالبَعيرِ المُحَسَّرِ(29)

والثاني لا يعيش هذه الحياة، بل إنَّ شراسته تتجاوز الحدود، إذ يشهر سيفه ويخاتل خصومه من أجل أنْ يعيش، وقد يموت في سبيل ذلك، وكلا الأمرين ينتزعهما بإرادته، وفي كليهما حياة بعز أو موت يلقاه وهو حميد السمعة، يقول عروة بن الورد:

وَلَكنَّ صُعلُوكاً صَفيحَةُ وَجْهِهِ

كَضَوءِ شِهَابِ القَابِسِ المُتَنَوَّرِ (30)

مُطِلاًّ على أَعدائِهِ يَزجرُونَهُ

بِسَاحَتِهِم زَجْرَ المَنِيحِ المُشَهَّرِ (31)

إذا بَعُدُوا لا يأَمَنُونَ اقتِرَابَهُ

تَشَوُّفَ أَهْلِ الغَائِبِ المُتَنَظَّرِ (32)

فَذلكَ إنْ يَلْقَ المَنيَةَ يَلقَهَا

حَمَيداً وإنْ يَسْتَغْنِ يوماً فأجْدَرِ

إنَّ نمطا جديدا من المثالية يتبدى في قصيدة الصعلوك، عون للضعيف وفتك بالخصوم والأعداء، وصبر وجلد مع النفس، إذ يصبر الصعلوك على الجوع، ويؤثر غيره على نفسه، ويخشى أن يعيش بذلة، لأن الموت خير من حياة تكتنفها المذلة، يقول عروة بن الورد:

وَإني لأُثوي الجُوع حَتى يَمَلَّني

فَيذهبَ لَم يَدْنسْ ثِيابي وَلا جِرمِي(33)

وَأَغتَبقُ المَاءَ القَرَاحَ فأنتهي

إذا الزَّادُ أَمسَى لِلمُزلَّجِ ذا طَعْمِ (34)

أَرُدُّ شُجَاعَ البَطنِ قَدْ تَعْلَمينَهُ

وأُوثِرُ غَيري من عِيالِكِ بالطُّعمِ (35)

مَخَافَةَ أَنْ أَحيَا بِرَغمٍ وَذِلَّةٍ

وَللمَوتُ خَيرُ مِنْ حَيَاةٍ على رَغْمِ

... إنَّ ما يدعو إليه الصعلوك في اختيار أحد أمرين الحياة الكريمة أو الموت، هو الأمر الذي أكده البير كامو في أثناء حديثه عن خصائص التمرد عند الإنسان، لأن المتمرد يريد» أن يحيا، ويعترف به في شخصه، انه يريد أن يكون هذا، أو أن يكون لا شيء، أي أن تحرمه القوة المتحكمة به حرمانا نهائيا. وهو في النهاية، يرضى بالحرمان والسقوط الأخير، ونعني الموت ... إنه يؤثر أن يموت عزيزاً رافع الرأس على أن يعيش عيشة الهوان«(36).

... لقد كان الصعلوك يكثر من الحديث عن الموت أو الخوف منه، ولكنه لا يبالي فيما يقع فيه، ما دام مقتنعاً بالهدف الذي يسعى إليه، كسباً للقوت والطعام، أو تحقيقاً للذات في امتلاك حريتها ووجودها، ومن ثم تكون التضحية أمراً عادياً، فقد يموت الإنسان وهو يكافح، وقد يموت وهو قاعد خلف أدبار البيوت، وكلاهما موت، غير أنَّ هناك فرقاً جوهرياً كبيراً بينهما. إنَّ الصعلوك ـ هنا ـ يختار الموت، فإرادته هي التي اختارت الخروج على القبيلة، وإرادته هي التي حددت له الميتة التي يريد، ومن ثم فإنه يرفض أساليب القبيلة، لأنها أساليب قمعية خارجية ثابتة لا تعرف التغاير، ويستبدل ذلك بأسلوبه هو الخاص الذاتي الداخلي. إنه بهذا يؤكد ذاته، إنَّ اختيار الخروج على القبيلة، واختيار الموت، تمرد على» مس كيانه «كما يقول البير كامو لأن المتمرد

» يناضل من أجل سلامة جزء من كينونته «(37)

... إن تمرد الصعاليك على القبيلة كان تمرداً على نظامها وقوانينها وعاداتها وقيمها، واستبدل الصعلوك ذلك بمجتمع جديد له قيمه وقوانينه، ولقد تغيرت فيه أمور كثيرة، إذ يهدف الصعلوك إلى هدم البناء الطبقي في القبيلة، وأشاد بدلا منه نظام طبقة واحدة يتساوى فيها الناس، ولا يمكن أنْ يتحقق ذلك الا بالتحرر من ربقة النظام القبلي باستخدام القوة وسيلة لتحقيق الأهداف، ولذلك فإنَّ كل ما يملكه الصعلوك: ذكاء، وسيف، وأنفة، وإنَّ هذه المقومات الثلاثة تبعد عنك مظالم المجتمع القبلي كما يقول عمرو بن براق الهمداني:

مَتَى تَجمَعِ القَلبَ الذَّكيَّ وَصَارِماً

وأَنفاً أَبياً تَجْتَنبكَ المَظَالِمُ (38)

... ويتجلى من ذلك أنَّ الحياة لها أحد ركنين: عيش ماجد، أو موت، وكأن الشاعر الصعلوك قد تمرد على هذه المنطقة الوسطى التي تقع بين العيش الماجد والموت. وتؤكد لامية العرب للشنفرى كثيراً من هذه المعاني، بحيث يستبدل الشاعر الناس بالحيوان، ويستبدل الأصحاب بأخر، بقلب لا يعرف الخوف، وسيف صقيل، وقوس قوية:

وإنِّي كَفَاني فَقْدُ مَنْ ليسَ جَازياً

بِحُسنَى ولا في قُربِهِ مُتَعَلِّلُ (39)

ثَلاثَةُ أَصحابٍ: فَؤَادٌ مُشَيَّعٌ

وأَبيضُ إصْلِيتٌ وَصفراءُ عَيْطَلُ (40)

... وكان الخوف يكتنف حياة الصعلوك من كل جانب، خوفاً على حياته وحياة أسرته، وخوفاً من القبائل التي تحاول القضاء عليهم، وخوفاً من الموت في أثناء غاراتهم في السلب والنهب، يقول عروة ابن الورد:

أَرَى أُمَّ حَسّانِ الغَداةِ تَلومُني

تُخَوّفُني الأّعداءَ والنَّفسُ أَخْوَفُ

تَقولُ سُليمى لو أَقمتَ لَسرَّنَا

وَلَمْ تَدْرِ أَني للمُقَامِ أُطوّفُ

لَعلَ الذي خَوّفتِنا من أَمامنا

يُصادِفُهُ في أَهلِهِ المُتخلفُ (41)

ويقول أيضا :(42)

تَقولُ لكَ الوَيلاتُ هلْ أنتَ تارِكٌ

ضُبُوءاً بِرَجلٍ تارةً وبمنسرِ (43)

ومُستثبِتٌ في مالِك العامِ إِننَّي

أَراكَ على أقتادِ صرماءَ مُذكِرِ (44)

فَجُوعٍ بها للصالحينَ مَزَلَّةٍ

مخُوفٍ رَدَاها أنْ تصيبَكَ فاحذرِ (45)

ويقودنا هذا إلى الحديث عن مكانة المرأة في مجتمع الصعاليك، إذ لها حضورها المتميز ولكنه حضور من نوع آخر يختلف عن حضورها في قصيدة القبيلة، فإذا كانت المرأة في قصيدة القبيلة تمثل ماضياً ينبيء عنه طلل حاضر، ومحاولته استرجاع الماضي عبر أوصاف حسية جسدية تثير الغريزة غالباً، فهي أقرب إلى المثال أو الرمز البعيد، ولكنها في قصيدة الصعلوك تعيش حياة صاحبها معاناة وخوفاً وقلقاً، ولذلك فليست » المرأة في قصائد الصعاليك بهكنة، هركولة، مربربة، ثقيلةالخطى، نؤوم الضحى، عالية تغري أحضانها بالهروب من الخطر، أو تشعل الشهوة التي تتوهج في اليوم الغائم تحت الطراف المعمد كأنها حضور جسدي دائم ينسي الهم كالخمر ويغري بالاقتناص كالفريسة، وإنما هي الحبيبة والزوج الملهوفة والمحاورة والشريك ورفيق الضراء قبل السراء « (46)

... وقد قاد النبذ الاجتماعي للصعاليك إلى مجموعة من القيم الاجتماعية الكريمة منها : كرم الصعلوك، ووفاؤه لأصحابه من الصعاليك، أما كرمه فهو مشهور معروف حتى قيل » كل صعلوك جواد «، ولعل حالة الفاقة والفقر في مجتمع القبيلة قادته إلى إتلاف أمواله في كرم مبالغ فيه، غير أنَّ جانباً إنسانياً جديراً بالتقدير يلاحظه الباحث هو تضامن الصعاليك في الحياة الاقتصادية، على نحو العموم، وفي وفائهم لبعضهم بعامة، فلقد كان الصعاليك يقسمون ما يغنمون بالتساوي، سواء أكان ذلك من حارب من أجل الغنيمة، أم من كان قاعداً لا يقوى على الخروج، ومن هنا جاء الحديث عن ملامح الاشتراكية عند الصعاليك، أما وفاء الصعلوك لصاحبه فلأنهما يعيشان أقلية تتربص بهما الدوائر، ومن ثم تولد هذا التلاحم في الوفاء .

... يمكن القول إنَّ شعر الصعاليك صورة لحياتهم الاجتماعية، وتعبير عن هذه الطبقة الواحدة التي يعيشها هؤلاء الشعراء، كما أنَّ »أشعار الصعاليك تصور لنا أيضاً الكثير من أحوالهم وأفكارهم، ففيها صيحات الفقر والجوع، وما تمور به نفوسهم من ثورة على الأغنياء والأشحاء، فضلاً عما في نفوس بعضهم، كأبناء الإماء، من شعور بالامتهان والضعة . ويحدثنا هؤلاء الصعاليك عما كانوا يكابدونه من الفقر والجوع، ويروي السليك بن السلكة، في بعض شعره، كيف كان يغمى عليه من الجوع في شهور الصيف حتى كاد يشرف على الموت والهلاك:

وَمَا نِلتُهِا حَتَّى تَصَعْلكتُ حِقْبَةً

وَكِدتُ لأَسبَابِ المَنِيَّةِ أَعْرَفُ (47)

وحَتَّى رَأَيتُ الجُوعَ بالصَّيفِ ضَرَّني

إِذا قُمتُ تَغْشَاني ظِلالٌ فأَسدِفُ «(48)

... إنَّ قصيدة القبيلة تعبر عن المألوف والمحدود في حياة القبيلة، ويمثل المكان أحد أبرز المكونات التي تعنى بها قصيدة القبيلة ،إذ يرسم الشاعر تجمع القبيلة ورحيلها، ويحتل المكان قيمة خاصة لدى الشاعر وبخاصة في الطلل الذي تظل ملامحه واضحة بحدوده الجغرافية، وببقايا آثاره، ويستدعي المكان معه زمناً خاصاً يقوم على أساس تعاقبي، ولا أحسب أنَّ المكان » يصبح عرضياً في النص الصعلوكي ،وبسبب عرضيته تنتفي ظاهرة التعبير الرمزي بالأطلال وينفصم المكان عن الزمان كلية«(49)وإنما يمثل المكان خصوصية أخرى، إذ ينتقل فيه الشاعر من الحديث عن المألوف والمحدد إلى الغامض والغريب واللامألوف، فبعد أنْ كان الطلل دار الحبيبة وتجمع القبيلة أمراً مألوفاً في قصيدة القبيلة يصبح المكان مرقبة عنقاء عند الشنفرى :

وَمَرقَبةٍ عَنقَاءَ يَقصُرُ دَونَهَا

أَخُو الضِّرْوَةِ الرِجْلُ الحَفِيُّ المُخَفَّفُ(50)

نَعَبتُ إلى أَدنَى ذُرَاها وقد دَنا

من الليلِ مُلتَفٌ الحَديقةِ أَسْدَفُ (51)

فَبِتُّ على حَدِّ الذِّراعَينِ مُجْذِياً

كَمَا يَتَطَوَّى الأَرْقَمُ المُتَعَطِّفُ (52)

وَلَيسَ جِهَازِي غَيرُ نَعلينِ أُسْحِقَتْ

صُدُورُها مَخصَورَةً لا تُخَصَّفُ (53)

وقد» لا يكتسب المكان اسماً في نص الصعلكة «(54) ولكنه يتراءى مُنَكَرَّاً مجهولاً غامضاً ومعبراً عن موحشة الحياة التي تعيشها الصعلوك، ولكنه لا يفارقه زمان يعيشه الشاعر نفسه، وإذا جاز أنْ نقول إنَّ قصيدة القبيلة لها زمانها الآني القصير الذي يسترجع فيه الشاعر الماضي فإنَّ المكان في قصيدة الصعلوك يعبر عن المجهول والغامض، فهو مكان بكر يقاربه زمان حاضر ينبئ عن المستقبل، زمان دائري لا يعرف التعاقب. إنَّ المكان في قصيدة الصعلوك مكان » الحياة / الموت « وإنَّ الحاضر يمكن أن يحقق للشاعر إمكان التواصل مع الحياة، أي أنَّ الشاعر الصعلوك يعيش لحظته الآنية، غير أنه لا يمتلك وقتاً أو زمناً للحب، وهو يختلف عن شاعر القبيلة الذي يعيش اللحظة الآنية سريعة خاطفة لتحيله إلى الزمن الماضي ،ولذلك فإن الزمن الأساس عند شاعر القبيلة هو الزمن الماضي زمن المحبوبة، زمن التواصل معها، وفيه يمتلك الشاعر وقتاً للحب والتواصل، إذن فالأطلال «تجسد للزمن الماضي ومرور الزمن وتدميره للعالم، أما مكان الصعلوك فإنه إمكانية تجسد المستقبل وبناء عالم جديد »(55).

... وفي ضوء هذا يتمايز شعر الصعاليك عن الشعر الجاهلي القبلي من حيث بنية القصيدة وموضوعاتها، وهو تغير جدير بالدرس، وقد تناوله بالتفصيل الدكتور يوسف خليف في كتابه» الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي «ومن أبرز الملامح التي تعرض لها بالدرس هي:

شعر مقطوعات:

... تتفشى في شعر الصعاليك المقطوعات القصيرة التي يمكن أنْ نضع لكل واحدة منها عنواناً مستقلاً، وقد فطن إلى هذا يوسف خليف وأرجعه إلى » طبيعة حياتهم نفسها تلك الحياة القلقة المشغولة بالكفاح في سبيل العيش التي لا تكاد تفرغ للفن من حيث هو فن يفرغ صاحبه لتطويله وتجويده وإعادة النظر فيه كما يفعل الشعراء القبليون ... »كما« أنَّ حياة الصعاليك كانت حياة قلقة مضطربة، وأنهم جميعا كانوا يشعرون شعوراً عميقاً بأنها حياة قصيرة ...وهل نظن شاعراً هذه طبيعة حياته يستطيع أن يفرغ لفنه يطيله ويجوده ويعيد النظر فيه المرة بعد المرة ؟ أظن أنَّ الطبيعي أنَّ مثل هذه الحياة التي لا يكاد الشاعر يفرغ فيها لنفسه لا تنتج إلا لوناً من الفن السريع الذي يسجل فيه الشاعر ما يضطرب في نفسه من مقطوعات قصيرة موجزة، يسرع بعدها إلى كفاحه الذي لا ينظره ولا يمهله «(56).

وحدة الموضوع :

... يغلب على شعر الصعاليك، وهو مقطوعات في أغلبه، وحدة موضوع واحد، بحيث يستطيع الباحث» أن يضع لكل مقطوعة عنواناً خاصاً بها، دالاً على موضوعها، وهي ظاهرة لم تعرفها قصائد الشعر الجاهلي القبلي في مجموعه، تلك القصائد التي تبدأ عادة بمقدمة طللية، ثم تظل تنتقل من موضوع إلى موضوع حتى تصل إلى نهايتها «(57) وقد تكون المقطوعة الشعرية تعبيراً عن موقف ما عاشه الشاعر، فالشنفرى قال لإحدى بنات القبيلة» اغسلي رأسي يا أخيه، فأنكرت أن يكون أخاها ولطمته . . . فقال:

أَلاَ لَيتَ شِعرِي والتَّلَهُفِ ضَلَّةٌ

بما ضَرَبتْ كَفُّ الفَتَاةِ هَجينَهَا (58)

ولو عَلِمَتْ قُعسُوسُ أَنسابَ وَالِدِي

وَوَالدِها ظَلَّتْ تَقَاصَرُ دُونَهَا (59)

أَنا ابنُ خِيارِ الحُجْرِ بَيْتَاً وَمنصِباً

وَأَمِّي ابنةُ الأَحرارِ لو تَعرِفِينَهَا

التخلص من المقدمات الطللية:

... ومن الخصائص التي تميز بها شعر الصعاليك أنه يخلو من المقدمات الطللية، لأنَّ الشعر مادام شعر مقطوعات من ناحية، وشعراً يتسم بوحدة الموضوع من ناحية ثانية فإنه من الطبيعي أن يتخلص من المقدمات الطللية، ولا يعني هذا أنَّ الصعلوك لا يتعرض إلى ذكر المرأة، ولكنه كان يتعرض للومها وخوفها عليه، وغالبا ما تكون زوجة .

... إن بنية القصيدة الجاهلية القبلية تتكون في الغالب من وحدات متعددة، يكون الوقوف على الأطلال والتغزل بالحبيبة من بعض هذه المكونات، وتلحقهما مكونات أخرى، مثل وصف الرحلة مرة، أو وصف الفرس مرة، أو التعرض للسلم أو الحرب مرة، وهكذا، إذ من المؤكد أنَّ غالبية القصائد الجاهلية القبلية تتميز بتعدد الوحدات المكونة لها، ترى هل يمكننا القول إنَّ هذا التعدد في الوحدات الشعرية إنما هو صدى وصورة لتعدد طبقات البناء الاجتماعي في القبيلة، فإذا كانت القبيلة تتعدد طبقاتها : من أحرار، وموال، وعبيد، ماثلت ذلك القصيدة بتعدد وحداتها المكونة لها:

القبيلة: تعدد الطبقات: أحرار، وموالي، وعبيد

القصيدة: تعدد الوحدات الفنية: المقدمة الطللية، الغزل، وصف الرحلة، أو أشياء أخرى .

... ولكننا حين ننتقل إلى مجتمع آخر هو مجتمع الصعاليك، نلاحظ أنه يتكون من طبقة اجتماعية واحدة، مما قاد إلى تحول بناء القصيدة تبعا لطبيعة الواقع الاجتماعي الجديد، فأصبحت القصيدة تتكون من وحدة فنية واحدة، لا تشتمل على وحدات متعددة، أي أنَّ هناك تماثلاً بين البناء الاجتماعي والبناء الفني .

... الصعاليك : طبقة واحدة

... القصيدة : وحدة واحدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ يوسف خليف، الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، ص 26 ـ 17.

(2) ـ إحسان سركيس، مدخل إلى الأدب الجاهلي، ص 200.

(3) ـ ... ينظر: يوسف خليف، الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، ص 57 ـ 58.

(4) ـ نفسه، ص 33.

(5) ـ ... أدونيس، زمن الشعر، ص 130.

(6) ـ عروة بن الورد، ديوان عروة بن الورد، ص 106.

(7) ـ الحق: الحزم، المحمل: الجهد.

(8) ـ الاصمعي، الاصمعيات، ص 44.

(9) ـ التخلية: الطلاق.

(10) ـ جعل من سهام الميسر مثلا له في مقارعة الموت، وفوز السهم: خروجه أولا، أدبار البيوت: كان الضيف إذا نزل بقوم نزل أدبار البيوت حتى يهيأ له مكانه.

(11) ـ عروة بن الورد، ديوان عروة بن الورد، ص 45 .

(12) ـ الخير: الكرم والشرف.

(13) ـ الندي: المجلس، حليلته: زوجته.

(14) ـ ... حسن البنا، الطيف والخيال في الشعر العربي القديم، ص14.

(15) ـ ... نفسه، ص19.

(16) ـ المفاقر: جمع فقر .

(17) ـ ... يوسف خليف، الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، ص 277.

(18) ـ ... كمال أبو ديب، الرؤى المقنعة، ص 582 ـ 583.

(19) ـ الكظاظ: ما يملأ القلب من الهم، المغرب: البعيد.

(20) ـ ... عروة بن الورد، ديوان عروة بن الورد، ص 29.

(21) ـ عافي إنائي شركة: أي يأتيني من يشاركني فيه.

(22) ـ قراح الماء: اي الذي لا يخالطه لبن أو غيره.

(23) ـ ... جابر عصفور، حكمة التمرد، مجلة العربي ع :444 ص 77.

(24) ـ ... ديوانا عروة بن الورد والسموأل، ص 37.

(25) ـ مصافي المشاش: مختار، المشاش: رأس العظم اللين، المجزر: الذي يجزر به الأبل

(26) ـ يقول إذا ملأ بطنه عنده غنى ولم يبال ما وراءه من عياله وقرابته.

(27) ـ ... يحث: يحرك، ويحث الحصى: أي لا يبرح الحي، المتعفر: الممرغ في التراب.

(28) ـ العريش: شبه الخيمة، مجور: ساقط.

(29) ـ ... الطليح: المعيي والمهزول، المحسر: المتعب، والواقع في الحسرة.

(30) ـ ... صفيحة وجهه: بشرته، القابس: الذي يقبس النار، المتنور: المضيء.

(31) ـ ... مطلا: مشرفا، يزجرونه: يصيحون به، المنيح: قدح سريع الخروج لا نصيب له، المشهر: المشهور.

(32) ـ تشوف: تطلع، المتنظر: المنتظر قدومه.

(33) ـ أثوي: أطيل حبسه، جرمي: جسمي.

(34) ـ أغتبق: أشرب عشاء، القراح: الصافي، المزلج: البخيل.

(35) ـ شجاع البطن: شدة الجوع.

(36) ـ ... البير كامو، الإنسان المتمرد، ص 20.

(37) ـ ... نفسه، ص 23.

(38) ـ الصارم: السيف القاطع، الأبي: المترفع عن الدنايا، الحمى: الذي لا يحتمل الضيم.

(39) ـ الجازي بالحسنى: الذي يعمل الخير، التعلل: التلهي.

(40) ـ المشيع: المقدام، الأصليت: السيف الصقيل المجرد من غمده، الصفراء: قوس نبع، العيطل: القوية الطويلة العنق.

(41) ـ أبو الفرج الاصفهاني، الأغاني، 2 / 187.

(42) ـ الاصمعي، الأصمعيات، ص 44 ـ 45.

(43) ـ الضبوء: اللصوق في الأرض، المنسر: الجماعة من الخيل بين الثلاثين والأربعين، وقيل منسر لأنه مثل منسر الطائر.

(44) ـ الأقتاد: جمع قتد: وهو خشبة الرحل، الصرماء: القليلة اللبن، المذكر: التي تلد ذكورا.

(45) ـ فجوع: تفجع للناس.

(46) ـ أسباب: جمع سبب وهو الطريق وما يتوصل به إلى غيره.

(47) ـ ... احسان سركيس، مدخل إلى الأدب الجاهلي، ص 194. وينظر: ديوان ... (48) الشنفرى والسليك بن السلكة وعمرو بن براق، ص 94، أسدف: ارتخي وأنام.

(49) ـ ... كمال أبو ديب، الرؤى المقنعة، ص 576.

(50) ـ ... المرقبة: الموضع العالي المنيع يتخذ للرصد، العنقاء: الطويلة العنق، أخو الضروة: الصياد الذي يكون معه كلاب ضراها أي عودها على الصيد، الحفي: العالم بالشيء علما عميقا، المخفف: النحيل.

(51) ـ نعبت: رفعت رأسي وأسرعت، نميت: ارتفعت اليها، أسدف: مظلم.

(52) ـ مجذيا: ثابتا، الأرقم: ذكر الحيات أو أخبثها .

(53) ـ أسحقت: بليت، مخصورة: أي أصيبت خاصرتها، لا تخصف: أي لا تخرز بالمخصف، والمخصف مخرز الإسكاف .

(54) ـ ... كمال أبو ديب، الرؤى المقنعة، ص 577.

(55) ـ ... نفسه، ص 578.

(56) ـ يوسف خليف، الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، ص 262.

(57) ـ نفسه، ص 264.

(58) ـ التلهف ضلة: أي التلهف على شيء ضلال، الهجين: العربي الذي امه أَمَةٌ.

(59) ـ عقسوس: اسم فتاة، ظلت تقاصر دونها: أي تقاصر عنقها أمامي.

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.


قسم التربية والتعليم ينظّم جلسةً حوارية لملاكه حول تأهيل المعلّمِين الجدد
جامعة العميد تحدّد أهداف إقامة حفل التخرّج لطلبتها
جامعة العميد تحتفي بتخرّج الدفعة الثانية من طلبة كلّية الطبّ
قسم الشؤون الفكريّة يشارك في المؤتمر العلمي الدولي الخامس في النجف الأشرف