x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

المخزومي الأعمى ونزهون الغرناطية

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  مج1، ص: 190-192

7/11/2022

1321

المخزومي الأعمى ونزهون الغرناطية

ومع كون أهل الأندلس سباق حلبة الجهاد، مهطعين إلى داعيه من الجبال والوهاد، فكان لهم في الترف والنعيم والمجون ومداراة الشعراء خوف الهجاء محل وثير المهاد، وسيأتي في الباب السابع من هذا القسم من ذلك وغيره ما يشفي ويكفي، ولكن سنح لي أن أذكر هنا حكاية أبي بكر المخزومي الهجاء المشهور الذي قال فيه لسان الدين بن الخطيب في الإحاطة (1) : إنه كان أعمى شديد الشر، معروفا بالهجاء، مسلطا على الأعراض، سريع الجواب، ذكي الذهن، فطنا للمعاريض، سابقا في ميدان الهجاء، فإذا مدح ضعف شعره. والحكاية هي ما حكاه أبو الحسن ابن سعيد في الطالع السعيد، إذ قال حكاية عن أبيه فيما أظن: قدم المذكور - يعني المخزومي - على غرناطة أيام ولاية أبي بكر ابن سعيد،

(190)

ونزل قريبا مني، وكنت أسمع به بنار صاعقة يرسلها الله على من يشاء من عباده، ثم رأيت أن أبدأه بالتأنيس والإحسان، فاستدعيته بهذا الأبيات:

يا ثانيا للمعري ... في حسن نظم ونثر

وفرط ظرف ونبل ... وغوص فهم وفكر

صل ثم واصل حفيا ... بكل بر وشكر (2)

وليس إلا حديث ... كما وهى عقد در

وشادن يتغنى ... على رباب وزمر

وما يسامح فيه ال ... غفور من كأس خمر

وبيننا عهد حلف ... لياسر حلف كفر

نعم فجدده عهدا ... بطيب سكر (3) ويسر

والكأس مثل رضاغ ... ومن كمثلك يدري ووجه له الوزير أبو بكر (4) ابن سعيد عبدا صغيرا قاده، فلما استقر به المجلس، وأفعمته روائح الند والعود والأزهار، وهزت عطفه الأوتار، وقال:

دار السعيدي ذي أم دار رضوان ... ما تشتهي النفس فيها حاضر داني

سقت أباريقها للند سحب ندى ... تحدى برعد لأوتار وعيدان (5)

والبرق من كل دن ساكب مطرا ... يحيا به ميت أفكار وأشجان

هذا النعيم الذي كنا نحدثه ... ولا سبيل له إلا بآذان فقال له أبو بكر ابن سعيد: وإلى الآن لا سبيل له إلا بآذان؟ فقال: حتى

 (191)

يبعث الله ولد زنى كلما أنشدت هذه الأبيات قال: إن قائلها أعمى، فقال: أما أنا فما أنطق بحرف، فقال: من صمت نجا. وكانت نزهون بنت القلاعي حاضرة فقالت: وتراك يا أستاذ قديم النعمة بمجمر ند وغناء وشراب، فتعجب من تأتيه وتشبهه بنعيم الجنة، وتقول: ما كان يعلم إلا بالسماع، ولا يبلغ إليه بالعيان؟ ولكن من يجيء من حصن المدور، وينشأ بين تيوس وبقر، من أين له معرفة بمجالس النعيم؟ فلما استوفت كلامها تنحنح الأعمى (6) ، فقالت له: ذبحة، فقال من هذه الفاضلة؟ فقالت: عجوز مقام أمك، فقال: كذبت، ما هذا صوت عجوز، إنما هذه نغمة قحبة محترقة تشم روائح هنها على فرسخ؛ فقال له أبو بكر: يا أستاذ، هذه نزهون بنت القلاعي الشاعرة الأديبة، فقال: سمعت بها، لا أسمعها الله خيرا، ولا أراها إلا أيرا. فقالت له: يا شيخ سوء تناقضت، وأي خير للمرأة مثل ما ذكرت؟ ففكر ساعة ثم قال:

على وجه نزهون من الحسن مسحة ... وإن كان قد أمسى من الضوء عاريا

قواصد نزهون توارك غيرها ... ومن قصد البحر استقل السواقيا فأعملت فكرها ثم قالت:

قل للوضيع مقالا ... يتلى إلى حين يحشر

من المدور أنشئ ... ت والخرا منه أعطر

حيث البداوة أمست ... في مشيها تتبختر

لذاك أمسيت صبا ... بكل شيء مدور

خلقت أعمى ولكن ... تهيم في كل أعور

جازيت شعرا بشعر ... فقل لعمري من أشعر

 (192)

إن كنت في الخلق أنثى ... فإن شعري مذكر فقال لها اسمعي:

ألا قل لنزهونة ما لها ... تجر من التيه أذيالها

ولو أبصرت فيشة شمرت ... كما عودتني سربالها فحلف أبو بكر ابن سعيد أن لا يزيد أحدهما على الآخر في هجوه كلمة، فقال المخزومي: أكون هجاء الأندلس وأكف عنها دون شيء؟ فقال: أنا أشتري منك عرضها فاطلب، فقال: بالعبد الذي أرسلته فقادني إلى منزلك، فإنه لين اليد رقيق المشي، فقال أبو بكر: لولا كونه صغيرا كنت أبلغك به مرادك، وأهبه لك، ففهم قصده وقال: أصبر عليه حتى يكبر، ولو كان كبيرا ما آثرتني به على نفسك! فضحك أبو بكر، وقال: إن لم تهج نظما هجوت نثرا، فقال: أيها الوزير لا تبديل لخلق الله. وانفصل المخزومي بالعبد بعدما أصلح الزوير بينه وبين نزهون، انتهى.

وفي كتاب " الدر المنضد، في وفيات أعيان أمة محمد " تأليف الأمير صارم الدين إبراهيم بن دقماق (7) ، قال أبو القاسم بن خلف: كان - يعني المخزومي المذكور - حيا بعد الأربعين وخمسمائة، انتهى.

 

__________

(1) الإحاطة 1: 432 - 435.

(2) ق الإحاطة: بكل شكر وبر.

(3) في النسخ: شكر. دوزي: فقم نجدده.

(4) أبو بكر: سقطت من ق.

(5) ق ط ج: وألحان.

(6) الأعمى: سقطت من ك.

(7) إبراهيم بن محمد بن ايدمر بن دقماق القاهري صارم الدين ( - 809) مؤرخ مصر، كان مكثرا من التأليف في التاريخ، وهو صاحب كتاب " الانتصار لواسطة عقد الأمصار " في تاريخ مصر (الضوء اللامع 1: 145)؛ وفي ك: الإمام صارم الدين.