المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16322 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الاية (1-19) من سورة الانفطار  
  
24223   12:18 صباحاً   التاريخ: 1-2-2018
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الانفطار /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-2-2018 24224

قال تعالى : {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الانفطار : 1 - 19] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

 

{إذا السماء انفطرت} أي انشقت وتقطعت ومثله يوم تشقق السماء بالغمام الآية {وإذا الكواكب انتثرت} أي تساقطت وتهافتت قال ابن عباس سقطت سودا لا ضوء لها {وإذا البحار فجرت} أي فتح بعضها في بعض عذبها في ملحها وملحها في عذبها فصارت بحرا واحدا عن قتادة والجبائي وقيل معناه ذهب ماؤها عن الحسن {وإذا القبور بعثرت} أي قلب ترابها وبعث الموتى الذين فيها وقيل معناه بحثت عن الموتى فاخرجوا منها يريد عند البعث عن ابن عباس ومقاتل {علمت نفس ما قدمت وأخرت} وهذا كقوله سبحانه ينبؤ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر وقد مر ذكره عن عبد الله بن مسعود قال ما قدمت من خير أوشر وما أخرت من سنة حسنة استن بها بعده فله أجر من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء أوسنة سيئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ويؤيد هذا القول ما جاء في الحديث أن سائلا قام على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسأل فسكت القوم ثم أن رجلا أعطاه فأعطاه القوم فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ( (من استن خيرا فاستن به فله أجره ومثل أجور من اتبعه من غير منتقص من أجورهم ومن استن شرا فاستن به فعليه وزره ومثل أوزار من اتبعه غير منتقص من أوزارهم) ) . قال فتلا حذيفة بن اليمان {علمت نفس ما قدمت وأخرت} .

 {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم} أي : أي شيء غرك بخالقك وخدعك وسول لك الباطل حتى عصيته وخالفته وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما تلا هذه الآية قال غره جهله واختلف في معنى الكريم فقيل هو المنعم الذي كل أفعاله إحسان وإنعام لا يجربه نفعا ولا يدفع به ضررا وقيل هو الذي يعطي ما عليه وما ليس عليه ولا يطلب ماله وقيل هو الذي يقبل اليسير ويعطي الكثير وقيل إن من كرمه سبحانه أنه لم يرض بالعفو عن السيئات حتى بدلها بالحسنات وقيل للفضيل بن عياض لو أقامك الله يوم القيامة بين يديه فقال {ما غرك بربك الكريم} ما ذا كنت تقول له قال أقول غرني ستورك المرخاة وقال يحيى بن معاذ لو أقامني الله بين يديه فقال ما غرك بي قلت غرني بك برك بي سالفا وآنفا وعن بعضهم قال غرني حلمك وعن أبي بكر الوراق غرني كرم الكريم وإنما قال سبحانه {الكريم} دون سائر أسمائه وصفاته لأنه كأنه لقنه الإجابة حتى يقول غرني كرم الكريم وقال عبد الله بن مسعود ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة فيقول يا ابن آدم يا ابن آدم ما غرك بي يا ابن آدم ما ذا عملت فيما عملت يا ابن آدم ما ذا أجبت المرسلين وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) كم مغرور بالستر عليه ومستدرج بالإحسان إليه {الذي خلقك} من نطفة ولم تك شيئا {فسواك} إنسانا تسمع وتبصر {فعدلك} أي جعلك معتدلا وقيل معناه عدل خلقك في العينين والأذنين واليدين والرجلين عن مقاتل والمعنى عدل بين ما خلق لك من الأعضاء التي في الإنسان منها اثنان لا تفضل يد على يد ولا رجل على رجل {في أي صورة ما شاء ركبك} أي في أي شبه من أب أوأم أو خال أو عم عن مجاهد وروي عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال لرجل ما ولد لك قال يا رسول الله وما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية قال فمن يشبه قال يشبه أمه وأباه فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا تقل هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم أ ما قرأت هذه الآية {في أي صورة ما شاء ركبك} أي فيما بينك وبين آدم .

وقيل في أي صورة ما شاء من صور الخلق ركبك إن شاء في صورة إنسان وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة قرد عن عكرمة وأبي صالح وقال الصادق (عليه السلام) لوشاء ركبك على غير هذه الصورة والمعنى أنه سبحانه يقدر على جعلك كيف شاء ولكنه خلقك في أحسن تقويم حتى صرت على صورتك التي أنت عليها لا يشبهك شيء من الحيوان وقيل في أي صورة شاء من ذكر أو أنثى أو جسيم أو نحيف حسن أو دميم طويل أو قصير .

 {كلا} أي ليس الأمر كما تزعمون أنه لا بعث ولا حساب وليس هنا موضع الإنكار للبعث مع وضوح الأمر فيه وقيام الدلالة عليه {بل تكذبون} معاشر الكفار {بالدين} الذي هو الجزاء لإنكاركم البعث والنشور عن مجاهد وقتادة وقيل تكذبون بالدين الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو الإسلام عن الجبائي {وإن عليكم لحافظين} من الملائكة يحفظون عليكم ما تعلمونه من الطاعات والمعاصي ثم وصف الحفظة فقال {كراما} على ربهم {كاتبين} يكتبون أعمال بني آدم {يعلمون ما تفعلون} من خير وشر فيكتبونه عليكم لا يخفى عليهم من ذلك شيء وقيل إن الملائكة تعلم ما يفعله العبد إما باضطرار وإما باستدلال وقيل معناه يعلمون ما تفعلون من الله دون الباطن وفي هذا دلالة على أن أفعال العبد حادثة من جهتهم وأنهم المحدثون لها دونه تعالى وإلا فلا يصح قوله تفعلون .

 {إن الأبرار لفي نعيم} وهو الجنة والأبرار أولياء الله المطيعون في الدنيا {وإن الفجار لفي جحيم} وهو العظيم من النار والمراد بالفجار هنا الكفار المكذبون للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لقوله {يصلونها يوم الدين} أي يلزمونها بكونهم فيها {وما هم عنها بغائبين} أي لا يكونون غائبين عنها بل يكونون مؤبدين فيها وقد دل الدليل على أن أهل الكبيرة من المسلمين لا يخلدون في النار ولأنه سبحانه قد ذكر المكذبين بالدين فيما قبل هذه الآية فالأولى أن تكون لفظة الفجار مخصوصة بهم وأيضا فإذا احتمل الكلام ذلك بطل تعلق أهل الوعيد بعموم اللفظ .

 ثم عظم سبحانه يوم القيامة فقال {وما أدريك ما يوم الدين} تعظيما له لشدته وتنبيها على عظم حاله وكثرة أهواله {ثم ما أدريك ما يوم الدين} كرره تأكيدا لذلك وقيل أراد ما أدراك ما في يوم الدين من النعيم لأهل الجنة وما أدراك ما في يوم الدين من العذاب لأهل النار عن الجبائي {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا} أي لا يملك أحد الدفاع عن غيره ممن يستحق العقاب كما يملك كثير من الناس في دار الدنيا ذلك .

 {والأمر يومئذ لله} وحده أي الحكم له في الجزاء والثواب والعفو والانتقام وروى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال إن الأمر يومئذ واليوم كله لله يا جابر إذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلا الله وقيل معناه يوم لا تملك نفس لنفس كافرة شيئا من المنفعة عن مقاتل والمعنى الصحيح في الآية أن الله سبحانه قد ملك في الدنيا كثيرا من الناس أمورا وأحكاما وفي القيامة لا أمر لسواه ولا حكم (2) ومتى قيل فيجب أن لا يصح على هذا شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فالجواب أن ذلك لا يكون إلا بأمره تعالى وبإذنه وهومن تدابيره .

__________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج10 ، ص285-288 .

2- وقد مر نظير هذا الكلام في قوله تعالى : {مالك يوم الدين} في سورة الفاتحة فراجع .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

 

هذه السورة تماما كالسورة السابقة ، تعرض صورا لبعض ما يحدث عند قيام الساعة ، وما بعدها من الحساب والجزاء .

{إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} انشقت وتساقطت كواكبها ، ومثله {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ} [الرحمن - 37 ] . {وإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ} هوت وبادت {وإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ} ارتفعت أمواجها وانطلقت مشرّقة ومغربة . . .

أو تبخر ماؤها ، واندلعت النيران من باطنها . انظر تفسير {وإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ} في السورة السابقة . {وإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} البعثرة والبحثرة في اللغة إثارة الشيء بقلب باطنه إلى ظاهره ، وبالعكس ، والمراد هنا من البعثرة ان الساعة آتية لا ريب فيها {وأَنَّ اللَّهً يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[الحج - 7 ] . {عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وأَخَّرَتْ} . بعد البعث يعلم كل إنسان ما قدمت يداه من خير أوشر ، وما ترك منهما .

{يا أَيُّهَا الإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} . فسواك أي أودع فيك من القوى الظاهرة والباطنة ما جعلك إنسانا كاملا ، وعدلك أي جعل أعضاءك متوازية ، فلم يجعل إحدى يديك أطول من الأخرى ، ولا إحدى العينين أصغر ، ولا بعض الأعضاء اسود والبعض الآخر أبيض الخ .

واختلفوا : ما هو المراد من الكريم في قوله تعالى : {ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} ؟

فقال البعض : وصف سبحانه نفسه هنا بالكريم ليلهم عبده المذنب الجواب ، ويعلَّمه ان يقول غدا إذا سئل عن ذنبه : غرني عفوك وكرمك . . وقال الشيخ محمد عبده : هذا تلاعب بالتأويل ، وتضليل للناظر في كتاب اللَّه . . واللائق ان يفسر الكريم هنا بالعظيم في جميع صفاته تعالى ، وان من كان كذلك فلا يترك عبيده سدى بلا سؤال ولا جزاء ، بل يحاسبهم ويثيب الأخيار منهم ، ويعاقب الأشرار ، وعليه فلا ينبغي للإنسان أن يغتر بالدنيا وزخرفها .

وللإمام علي (عليه السلام) كلام طويل حول هذه الآية ، أدرج مع خطب نهج البلاغة ، ويتلخص في مجمله بالآتي : ما الذي جرأك أيها الإنسان على معصية ربك ، وأنت تقيم في كنفه ، وتتقلب في نعمه ؟ هل غرك منه إقباله عليك بالنعم ، وأنت متول عنه إلى غيره ؟ . أما تعلم ان هذا الإقبال تفضل منه عليك ، وإمهال لك كي تؤوب إلى رشدك وترجع عن غيك ؟ .

وعلى هذا يكون المراد بكرمه تعالى في الآية هو إمهاله لعبده المذنب وعدم أخذه بالعقوبة العاجلة ، وان عليه أن يبادر إلى التوبة والإنابة ، ولا يغتر بالإمهال والإمداد .

{فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ} قال بعض المفسرين : أي لم يجعلك خنزيرا أو حمارا . وقال آخر : صوّرك كما أراد طولا أو قصرا ، سوادا أو بياضا . .

والذي نفهمه من هذه الآية هو فكّر أيها الإنسان في إحكام خلقك ، وإتقان تركيبك لتدرك عظمة اللَّه في خلقه ، وان الذي أنشأك في أحسن تقويم قادر على ان يعيدك إلى الحياة ثانية {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} . ارتدعوا عن ضلالكم الذي لا مصدر له إلا التكذيب بالبعث . . فإنكم محاسبون ومسؤولون لا محالة عما كنتم تعملون {وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ} من خير أوشر ، ولا يستركم منهم شيء ، ومعنى كرام انهم أقوياء أمناء يؤدون مهمتهم على أتم الوجوه وأكملها . وتقدم مثله في الآية 80 من سورة الزخرف . وتجدر الإشارة إلى ان الذي يجب علينا اعتقاده ان أعمال العباد تحفظ وتحصى ، أما كيف ؟ وبأي شيء ؟ فنحن غير مسؤولين عن ذلك .

{إِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ} . الأبرار هم أهل الصدق وصالح الأعمال ، وجزاؤهم عند ربهم مغفرة وأجر كريم ، والفجار هم الذين يعيثون في الأرض فسادا ، وجزاؤهم نزل من حميم وتصلية جحيم {وما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ} مطرف عين . . أبدا شقاء لازم ، وعذاب دائم {وما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ} . انك تجهل حقيقة اليوم الآخر . . انه فوق التصور بشدائده وأهواله {ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ} . هذا تأكيد وتضخيم لنكاله وأثقاله {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} . لا أحد يملك نفعا ولا ضرا في ذاك اليوم لنفسه ولا لغيره {والأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} فهو المتفرد بالأمر والنهي ، فلا مشير ولا نصير ، بل ولا شفيع إلا لمن أذن له الرحمن وقال صوابا .

______________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص530-532 . 

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

تحد السورة يوم القيامة ببعض أشراطه الملازمة له المتصلة به وتصفه بما يقع فيه وهو ذكر الإنسان ما قدم وما أخر من أعماله الحسنة والسيئة - على أنها محفوظة عليه بواسطة حفظة الملائكة الموكلين عليه - وجزاؤه بعمله إن كان برا فبنعيم وإن كان فاجرا مكذبا بيوم الدين فبجحيم يصلاها مخلدا فيها .

ثم يستأنف وصف اليوم بأنه يوم لا يملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ، وهي من غرر الآيات ، والسورة مكية بلا كلام .

قوله تعالى : {إذا السماء انفطرت} الفطر الشق والانفطار الانشقاق والآية كقوله : {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة : 16] .

قوله تعالى : {وإذا الكواكب انتثرت} أي تفرقت بتركها مواضعها التي ركزت فيها شبهت الكواكب بلآلي منظومة قطع سلكها فانتثرت وتفرقت .

قوله تعالى : {وإذا البحار فجرت} قال في المجمع ، : التفجير خرق بعض مواضع الماء إلى بعض التكثير ، ومنه الفجور لانخراق صاحبه بالخروج إلى كثير من الذنوب ، ومنه الفجر لانفجاره بالضياء ، انتهى .

وإليه يرجع تفسيرهم لتفجير البحار بفتح بعضها في بعض حتى يزول الحائل ويختلط العذب منها والمالح ويعود بحرا واحدا ، وهذا المعنى يناسب تفسير قوله : {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ } [التكوير : 6] بامتلاء البحار .

قوله تعالى : {وإذا القبور بعثرت} قال في المجمع ، بعثرت الحوض وبحثرته إذا جعلت أسفله أعلاه ، والبعثرة والبحثرة إثارة الشيء بقلب باطنه إلى ظاهره ، انتهى .

فالمعنى وإذا قلب تراب القبور وأثير باطنها إلى ظاهرها لإخراج الموتى وبعثهم للجزاء .

قوله تعالى : {علمت نفس ما قدمت وأخرت} المراد بالعلم علمها التفصيلي بأعمالها التي عملتها في الدنيا ، وهذا غير ما يحصل لها من العلم بنشر كتاب أعمالها لظاهر قوله تعالى : {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } [القيامة : 14 ، 15] وقوله : { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى } [النازعات : 35] ، وقوله : {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ } [آل عمران : 30] .

والمراد بالنفس جنسها فتفيد الشمول ، والمراد بما قدمت وما أخرت هوما قدمته مما عملته في حياتها ، وبما أخرت ما سنته من سنة حسنة أو سيئة فعملت بها بعد موتها فتكتب صحيفة عملها قال تعالى : {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } [يس : 12] .

وقيل : المراد بما قدمت وأخرت ما عملته في أول العمر وما عملته في آخره فيكون كناية عن الاستقصاء .

وقيل في معنى التقديم والتأخير وجوه أخر لا يعبأ بها مذكورة في مطولات التفاسير من أراد الوقوف عليها فليراجعها .

وقد تقدم في تفسير قوله تعالى : { لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال : 37] ، كلام لا يخلو من نفع هاهنا .

قوله تعالى : {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم - إلى قوله - ركبك} عتاب وتوبيخ للإنسان ، والمراد بهذا الإنسان المكذب ليوم الدين - على ما يفيده السياق المشتمل على قوله : {بل تكذبون بالدين} وفي تكذيب يوم الدين كفر وإنكار لتشريع الدين وفي إنكاره إنكار لربوبية الرب تعالى ، وإنما وجه الخطاب إليه بما أنه إنسان ليكون حجة أو كالحجة لثبوت الخصال التي يذكرها من نعمه عليه المختصة من حيث المجموع بالإنسان .

وقد علق الغرور بصفتي ربوبيته وكرمه تعالى ليكون ذلك حجة في توجه العتاب والتوبيخ فإن تمرد المربوب وتوغله في معصية ربه الذي يدبر أمره ويغشيه نعمه ظاهرة وباطنة كفران لا ترتاب الفطرة السليمة في قبحه ولا في استحقاق العقاب عليه وخاصة إذا كان الرب المنعم كريما لا يريد في نعمه وعطاياه نفعا ينتفع به ولا عضوا يقابله به المنعم عليه ، ويسامح في إحسانه ويصفح عما يأتي به المربوب من الخطيئة والإثم بجهالة فإن الكفران حينئذ أقبح وأقبح وتوجه الذم واللائمة أشد وأوضح .

فقوله تعالى : {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم} استفهام توبيخي يوبخ الإنسان بكفران خاص لا عذر له يعتذر به عنه وهو كفران نعمة رب كريم .

وليس للإنسان أن يجيب فيقول : أي رب غرني كرمك فقد قضى الله سبحانه فيما قضى وبلغه بلسان أنبيائه : {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم : 7] ، وقال : {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات : 37 - 39] ، إلى غير ذلك من الآيات الناصة في أن لا مخلص للمعاندين من العذاب وأن الكرم لا يشملهم يوم القيامة قال : {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } [الأعراف : 156] ولو كفى الإنسان العاصي قوله : {غرني كرمك} لصرف العذاب عن الكافر المعاند كما يصرفه عن المؤمن العاصي ، ولا عذر بعد البيان .

ومن هنا يظهر أن لا محل لقول بعضهم : إن توصيف الرب بالكريم من قبيل تلقين الحجة وهومن الكرم أيضا .

كيف؟ والسياق سياق الوعيد والكلام ينتهي إلى مثل قوله : {وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين} .

وقوله : {الذي خلقك فسواك فعدلك} بيان لربوبيته المتلبسة بالكرم فإن من تدبيره خلق الإنسان بجمع أجزاء وجوده ثم تسويته بوضع كل عضو فيما يناسبه من الموضع على ما يقتضيه الحكمة ثم عدله بعدل بعض أعضائه وقواه ببعض بجعل التوازن والتعادل بينها فما يضعف عنه عضو يقوى عليه عضو فيتم به فعله كما أن الأكل مثلا بالالتقام وهو للفم ، ويضعف الفم عن قطع اللقمة ونهشها وطحنها فيتم ذلك بمختلف الأسنان ، ويحتاج ذلك إلى نقل اللقمة من جانب من الفم إلى آخر وقلبها من حال إلى حال فجعل ذلك للسان ثم الفم يحتاج في فعل الأكل إلى وضع الغذاء فيه فتوصل إلى ذلك باليد وتمم عملها بالكف وعملها بالأصابع على اختلاف منافعها وعملها بالأنامل ، وتحتاج اليد في الأخذ والوضع إلى الانتقال المكاني نحو الغذاء وعدل ذلك بالرجل .

وعلى هذا القياس في أعمال سائر الجوارح والقوى وهي ألوف وألوف لا يحصيها العد ، والكل من تدبيره تعالى وهو المفيض لها من غير أن يريد بذلك انتفاعا لنفسه ومن غير أن يمنعه من إفاضتها ما يقابله به الإنسان من نسيان الشكر وكفران النعمة فهو تعالى ربه الكريم .

وقوله : {في أي صورة ما شاء ركبك} بيان لقوله : {عدلك} ولذا لم يعطف على ما تقدمه والصورة ما ينتقش به الأعيان ويتميز به الشيء من غيره و{ما} زائدة للتأكيد .

والمعنى : في أي صورة شاء أن يركبك - ولا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة - ركبك من ذكر وأنثى وأبيض وأسود وطويل وقصير ووسيم ودميم وقوي وضعيف إلى غير ذلك وكذا الأعضاء المشتركة بين أفراد الإنسان المميزة لها من غيرها كاليدين والرجلين والعينين والرأس والبدن واستواء القامة ونحوها فكل ذلك من عدل بعض الأجزاء ببعض في التركيب قال تعالى : {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم{ : التين : 4 والجميع ينتهي إلى تدبير الرب الكريم لا صنع للإنسان في شيء من ذلك .

قوله تعالى : {كلا بل تكذبون بالدين} {كلا} ردع عن اغترار الإنسان بكرم الله وجعل ذلك ذريعة إلى الكفر والمعصية أي لا تغتروا فلا ينفعكم الاغترار .

وقوله : {بل تكذبون بالدين} أي بالجزاء .

إضراب عما يفهم من قوله : {ما غرك بربك الكريم} من غرور الإنسان بربه الكريم على اعتراف منه ولو بالقوة بالجزاء لقضاء الفطرة السليمة به .

فإذ عاتب الإنسان ووبخه على غروره بربه الكريم واجترائه على الكفران والمعصية من غير أن يخاف الجزاء أضرب عنه مخاطبا للإنسان وكل من يشاركه في كفره ومعصيته فقال : بل أنت ومن حاله حالك تكذبون بيوم الدين والجزاء فتجحدونه ملحين عليه .

قوله تعالى : {وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون} إشارة إلى أن أعمال الإنسان حاضرة محفوظة يوم القيامة من طريق آخر غير حضورها للإنسان العامل لها من طريق الذكر وذلك حفظها بكتابة كتاب الأعمال من الملائكة الموكلين بالإنسان فيحاسب عليها كما قال تعالى : {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء : 13 ، 14] .

فقوله : {وإن عليكم لحافظين} أي إن عليكم من قبلنا حافظين يحفظون أعمالكم بالكتابة كما يفيده السياق .

وقوله : {كراما كاتبين} أي أولي كرامة وعزة عند الله تعالى وقد تكرر في القرآن الكريم وصف الملائكة بالكرامة ولا يبعد أن يكون المراد به بإعانة من السياق كونهم بحسب الخلقة مصونين عن الإثم والمعصية مفطورين على العصمة ، ويؤيده قوله : {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [الأنبياء : 26 ، 27] حيث دل على أنهم لا يريدون إلا ما أراده الله ولا يفعلون إلا ما أمرهم به ، وكذا قوله : {كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [عبس : 16] .

والمراد بالكتابة في قوله : {كاتبين} كتابة الأعمال بقرينة قوله : {يعلمون ما تفعلون} وقد تقدم في تفسير قوله : {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية : 29] كلام في معنى كتابة الأعمال فليراجعه من شاء .

وقوله : {يعلمون ما تفعلون} نفي لخطئهم في تشخيص الخير والشر وتمييز الحسنة والسيئة كما أن الآية السابقة متضمنة لتنزيههم عن الإثم والمعصية فهم محيطون بالأفعال على ما هي عليه من الصفة وحافظون لها على ما هي عليه .

ولا تعيين في هذه الآيات لعدة هؤلاء الملائكة الموكلين على كتابة أعمال الإنسان نعم المستفاد من قوله تعالى : {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق : 17] إن على كل إنسان منهم اثنين عن يمينه وشماله ، وقد ورد في الروايات المأثورة أن الذي على اليمين كاتب الحسنات والذي على الشمال كاتب السيئات .

وورد أيضا في تفسير قوله : {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء : 78] أخبار مستفيضة من طرق الفريقين دالة على أن كتبة الأعمال بالنهار يصعدون بعد غروب الشمس وينزل آخرون فيكتبون أعمال الليل حتى إذا طلع الفجر صعدوا ونزل ملائكة النهار وهكذا .

وفي الآية أعني قوله : {يعلمون ما تفعلون} دلالة على أن الكتبة عالمون بالنيات إذ لا طريق إلى العلم بخصوصيات الأفعال وعناوينها وكونها خيرا أوشرا أو حسنة أو سيئة إلا العلم بالنيات فعلمهم بالأفعال لا يتم إلا عن العلم بالنيات .

قوله تعالى : {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم} استئناف مبين لنتيجة حفظ الأعمال بكتابة الكتبة وظهورها يوم القيامة .

والأبرار هم المحسنون عملا ، والفجار هم المنخرطون بالذنوب والظاهر أن المراد بهم المتهتكون من الكفار إذ لا خلود لمؤمن في النار ، وفي تنكير {نعيم} و{جحيم} إشعار بالتفخيم والتهويل - كما قيل - .

قوله تعالى : {يصلونها يوم الدين} الضمير للجحيم أي يلزمون يعني الفجار الجحيم يوم الجزاء ولا يفارقونها .

قوله تعالى : {وما هم عنها بغائبين} عطف تفسيري على قوله : {يصلونها} إلخ يؤكد معنى ملازمتهم للجحيم وخلودهم في النار ، والمراد بغيبتهم عنها خروجهم منها فالآية في معنى قوله : { وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة : 167] .

قوله تعالى : {وما أدراك ما يوم الدين} تهويل وتفخيم لأمر يوم الدين ، والمعنى لا تحيط علما بحقيقة يوم الدين وهذا التعبير كناية عن فخامة أمر الشيء وعلوه من أن يناله وصف الواصف ، وفي إظهار اليوم - والمحل محل الضمير - تأكيد لأمر التفخيم .

قوله تعالى : {ثم ما أدراك ما يوم الدين} في تكرار الجملة تأكيد للتفخيم .

قوله تعالى : {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله} الظرف منصوب بتقدير اذكر ونحوه ، وفي الآية بيان إجمالي لحقيقة يوم الدين بعد ما في قوله : {وما أدراك ما يوم الدين} من الحث على معرفته .

وذلك أن رابطة التأثير والتأثر بين الأسباب الظاهرية ومسبباتها منقطعة زائلة يومئذ كما يستفاد من أمثال قوله تعالى : {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة : 166] ، وقوله : { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [البقرة : 165] فلا تملك نفس لنفس شيئا فلا تقدر على دفع شر عنها ولا جلب خير لها ، ولا ينافي ذلك آيات الشفاعة لأنها بإذن الله فهو المالك لها لا غير .

وقوله : {والأمر يومئذ لله} أي هو المالك للأمر ليس لغيره من الأمر شيء .

والمراد بالأمر كما قيل واحد الأوامر لقوله تعالى : {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر : 16] وشأن الملك المطاع ، الأمر بالمعنى المقابل للنهي ، والأمر بمعنى الشأن لا يلائم المقام تلك الملاءمة .

________________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج20 ، ص198-203 .

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

 

عندما يحلّ الحدث المروع !

تقدّم لنا الآيات (مرّة اُخرى) مشاهداً مروعة من يوم القيامة ، فتخبر عن تفطّر السماء من هول الكارثة : {إذا السماء انفطرت} .

ثمّ تنتقل إلى ما سيصيب الكواكب ونظامها : {وإذا الكواكب انتثرت} .

فسينهدم العالم العلوي ، وستحدث الانفجارات العظيمة المهيبة في كلِّ النجوم السماوية ، وسيتخلخل نظام المنظومات الشمسية ، فتخرج النجوم من مساراتها لتصطدم الواحدة بالاُخرى وتتلاشى . . . فينتهي عمر العالم ، ويتناثر كلُّ شيء ليُبنى على أنقاضه عالم جديد آخر .

«انفطرت» : من (الانفطار) ، بمعنى الإنشقاق ، وقد ورد التعبير في آيات اُخرى كالآية الاُولى من سورة الإنشقاق : {إذا السماء انشقت} ، والآية (18) من سورة المزمل : {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ } [المزمل : 18] .

«انتثرت» : من (النثر) على وزن (نصر) ، بمعنى نشر الشيء وتفريقه ، و «الإنتثار» : هو الإنتشار والتفرق . وباعتبار أنّ انتشار النجوم يؤدّي إلى تفرقها في السماء (كحبات العقد المنفرط) فقد فسّرها الكثير من المفسّرين بـ (سقوط النجوم) ، وهومن لوازم معنى الانتثار .

«الكواكب» : جمع (كوكب) ، وله معان كثيرة ، منها : النجوم بشكل عام ، والزهرة بشكل خاص ، النبت إذا طال ، البياض الذي يظهر في سواد العين ، لمعان الحديد : بريقه وتوقده و«غلام كوكب» : ممتليء إذا ترعرع وحسن وجهه ، وكوكب كلّ شيء : معظمه ، مثل كوكب العشب وكوكب السماء وكوكب الشمس .

والكوكب أيضاً : الماء ، السيف ، سيد القوم . . . الخ .

وعلى ما يبدو أنّ المعنى الحقيقي هو (النجم المتلأليء) ، وما دون ذلك معان مجازية استعملت لعلاقة المشابهة .

ولكن ، ما هي العوامل التي ستؤدي بالكواكب إلى التناثر والتفرق في الفضاء مع فقدانها لنظامها الذي يحكمها ؟

هل بسبب فقدان التعادل الموجود في الجاذبية فيما بينها؟ أم ثمّة قوّة هائلة ستفعل ذلك؟ أم بسبب التوسع المستمر الحاصل في العالم ـ كما يقول ذلك العلم الحديث ؟ . . .

لا يستطيع أيِّ أحد أنْ يتكهن السبب بدّقة . . . وكلُّ ما نعلمه أنّ هذه الاُمور تهدف إلى تعريف الإنسان بما سيحدث بالمستقبل الآت ، وتدعوه لخلاص نفسه من أهوالها ، وهو الكائن الضعيف وسط تلك الحوادث الجسام ؟!

فالآيات تحذر الإنسان من أن يتخذ العالم الفاني هدفاً لوجوده ، فيتصوره محل خلوده ، لأنّ ذلك سيؤول إلى تلوث قلب الإنسان (شاء أم أبى) ، وما ينتج عن التلوث سوى الذنوب المؤدّية إلى عذاب الجحيم . . .

وينتقل البيان القرآني من السماء إلى الأرض ، فيقول : {وإذا البحار فجّرت} أي اتصلت .

مع أنّ البحار متصلة فيما بينها قبل حلول ذلك اليوم (ما عدا البحيرات) ، لكنّ اتصالها سيكون بشكل آخر ، حيث ستفيض جميعها وتتمزق حدودها وتصير بحراً واحداً لتشمل كلّ الأرض ، بسبب الزلازل المرعبة وتحطم الجبال وسقوطها في البحار . . . هذا أحد تفاسير الآية السادسة من سورة التكوير (الآنفة الذكر) {وإذا البحار سجّرت} .

وثمّة احتمال آخر بخصوص الآية المبحوثة والآية (6) من سورة التكوير ، يقول : يراد بـ «فجّرت» و «سجّرت» الإنفجار والإحتراق ، لأنّ مياه البحار والمحيطات ستتحول إلى قطعة من نار لاهب .

وكما أشرنا سابقاً ، فالماء يتكون من عنصرين شديدي الاشتعال (الأوكسجين والهيدروجين) فلو تحلل الماء إلى عنصريه فسيكفيه شرارة صغيرة لجعله قطعة ملتهبة من النيران .

وتتناول الآية التالية عرضاً لمرحلة القيامة الثانية ، مرحلة تجديد الحياة وإحياء الموتى ، فتقول : {إذا القبور بعثرت} . . . واُخرج الموتى للحساب .

«بعثرت» : قلب ترابها وأثير ما فيها .

واحتمل (الراغب) في مفرداته : إنّ «بعثرت» تكونت من كلمتين ، (بعث) و (اُثيرت) ، فجاء المعنى منهما ، كقولنا : «بسملة» من «بسم» ولفظ الجلالة «اللّه» .

وعلى آيّة حال ، فإننا نرى شبيه هذا المعنى قد ورد في سورة الزلزال : {وأخرجت الأرض أثقالها} أي الأموات (بناءً على المشهور من تفاسيرها) ، وفي الآيتين (13 و14) من سورة النّازعات : {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات : 13 ، 14] .

وتوضح الآيات إنّ إحياء الموتى وإخراجهم من القبور سيكون مفاجئاً وسريعاً .

وبعد ذكر كلّ تلك العلائم لما قبل البعث ولما بعده ، تأتي النتيجة القاطعة : {علمت نفس ما قدّمت وأخّرت} .

نعم ، فستتجلى حقائق الوجود ، وسيصير كلّ شيء بارز إنّه «يوم البروز» وسيرى الإنسان كلّ أعماله محضرة بخيرها وشرّها ، لأنّه يوم إزالة الحجب ، ورفع مبررات الغرور والغفلة ، وعندها . . . سيعلم الإنسان ما قدّم لآخرته ، وما ترك بعده من آثار حسنها وسيئها ، مثل : الصدقة الجارية ، فعل الخير ، عمارة الأبنية ، الكتب التي ألفها ، ما سنّ من السنن . . . فإن كان ما خلّفه خالصاً للّه فسينال حسناته ، وإنْ كانت نيّة أفعاله غير خالصة للّه فستصل إليه سيئات تبعاته .

وهذه نماذج من الأعمال التي ستصل نتائجها إلى الإنسان بعد الموت ، وهو : المراد من «وأخّرت» .

صحيح أنّ الإنسان يعلم بما عمل في دنياه بصورة إجمالية ، لكنّ حبّ الذات والإشتغال بالشهوات والنسيان غالباً ما ينسيه ما قدّمت يداه ، فيتغافل عن النظر إلى ما بدّ منه ، أمّا في ذلك اليوم الذي سيتحول ويتغير فيه كلّ شيء حتى روح الإنسان فسيلتفت إلى ما قام به من عمل بكلّ دقّة وتفصيل ، كما تشير إلى ذلك الآية (30) من سورة آل عمران : {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} [آل عمران : 30] ، فكلٌّ سيرى كلَّ أعماله حاضرة مجسمة أمام عينه .

وقيل : «ما قدّمت» ، إشارة إلى أعمال أوّل عمر الإنسان ، و «أخّرت» ، إشارة إلى أعمال آخر عمره .

ويبدو أنّ التّفسير الأوّل أنسب من جميع الجهات .

ويراد بـ «نفس» الواردة بالآية ، كلُّ نفسِ إنسانية .

 

وقوله تعالى : {يَأَيُّهَا الإِنْسَنُ مَا غَرَّكَ بِرَّبِكَ الكَرِيمِ (6) الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ  (7) فِى أَىِّ صُورَة مَّآ شَآءَ رَكَّبَكَ (8) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ  (9) وإِنَّ عَلَيكُمْ لَحَفِظِينَ  (10) كِرَامَاً كَتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار : 7-12] .

 

لا داعي للغرور :

تنتقل الآيات أعلاه من المعاد إلى الإنسان ، ببيان إيقاظي عسى أنْ ينتبه الإنسان من غفلة ما في عنقه من حقّ وما على عاتقه من مسؤوليات جسام أمام خالقه سبحانه وتعالى ، فتخاطب الآية الاُولى الإنسان باستفهام توبيخي محاط بالحنان والرأفة الرّبانية : {يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم} .

فالقرآن يذكّر الإنسان بإنسانيته ، وما لها من إكرام وأفضلية ، ثمّ جعله أمام «ربّ» «كريم» ، فالرّب وبمقتضى ربوبيته هو الحامي والمدبّر لأمر تربية وتكامل الإنسان ، وبمقتضى كرمه أجلس الإنسان على مائدة رحمته ، ورعاه بما أنعم عليه مادياً ومعنوياً ودون أنْ يطلب منه أيّ مقابل ، بل ويعفو عن كثير من ذنوب الإنسان لفضل كرمه . . .

فهل من الحكمة أنْ يتمرد هذا الموجود المكرّم على هكذا ربّ رحيم كريم ؟!

وهل يحقُّ لعاقل أنْ يغفل عن ذكر ربّه ولو للحظة واحدة ، ولا يطيع أمر مولاه الذي يتضمن سعادته وفوزه؟!

ولهذا فقد ورد عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند تلاوته للآية المباركة أنّه قال : «غرّه جهله» (2) .

ومن هنا ، يتقرّب لنا هدف الآية ، فهي تدعو الإنسان لكسر حاجز غروره وتجاوز حالة الغفلة ، وذلك بالإستناد على مسألة الربوبية والكرم الإلهي ، وليس كما يحلو للبعض من أنْ يصور هدف الآية ، على أنّه تلقين الإنسان عذره ، فيقول : غرّني كرمك! أو كما قيل للفضيل بن عياض : «لو أقامك اللّه ويوم القيامة بين يديه ، فقال : {ما غرّك بربّك الكريم} ، ماذا كنت تقول له؟ قال : أقول : غرّني ستورك المرخاة» (3) .

فهذا ما يخالف تماماً ، لأنّها في صدد كسر حالة غرور الإنسان وإيقاظه من غفلته ، وليست في صدد إضافة حجاب آخر على حجب الغفلة !

فلا ينبغي لنا أنْ نذهب بالآية بما يحلو لنا ونوجهها في خلاف ما تهدف إليه !

«غرّك» : من (الغرور) ، و «الغرّة» : غفلة في اليقظة ، وبعبارة اُخرى : غفلة في وقت لا ينبغي فيه الغفلة ، ولما كانت الغفلة أحياناً مصدراً للإستعلاء والطغيان فقد استعملت (الغرور) بهذه المعاني .

والغرور) : كلُّ ما يغرُّ الإنسان من مال ، جاه ، شهوة وشيطان ، وقد فُسّر الغَرور بالشيطان ، لأنّه أخبث مَنْ يقوم بهذا الدور الدنيء في الدّنيا .

وذُكر في تفسير «الكريم» آراءً كثيرة ، منها : إنّه المنعم الذي تكون جميع أفعاله إحسانٌ ، وهولا ينتظر منها أيَّ نفع أو دفع ضرر .

ومنها : هو الذي يعطي ما يلزمه وما لا يلزمه .

ومنها : هومَنْ يعطي الكثير بالقليل .

ولو جمعنا كلّ ما ذُكر وبأعلى صورة لدخل في كرم اللّه عزّوجلّ ، فيكفي كرم اللّه جلالاً أنّه لا يكتفي عن المذنبين ، بل يبدل (لمن يستحق) سيئاتهم حسنات .

وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عند تلاوته لهذه الآية ، أنّه قال : (إنّ الإنسان) «أدحض مسؤول حجّة ، وأقطع مغترّ معذرة ، لقد أبرح (أي اغتر) جهالة بنفسه .

يا أيّها الإنسان ، ما جرّأك عل ذنبك ، وما غرّك بربّك ، وما أنسك بهلكة نفسك؟ أمَا من دائك بلول (أي شفاء) ، أمْ ليس من نومتك يقظة؟ أمَا ترحم نفسك ما ترحم من غيرك؟ فلربّما ترى الضاحي من حرِّ الشمس فتظلّه ، أو ترى المبتلى بألم يمض جسده فتبكي رحمةً له! فما صبرك على دائك ، وجلدك على مصابك ، وعزاك عن البكاء على نفسك وهي أعزّ الأنفس عليك ، وكيف لا يوقظك خوف بيات نقمة (أي تبيت بنقمة من اللّه) وقد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته! فتداومن داء الفترة في قلبك بعزيمة ، ومن كرى (أي النوم) الغفلة في ناظرك بيقظة ، وكن للّه مطيعاً وبذكره آنساً ، وتمثل (أي تصور) في حال توليك عنه إقباله عليك ، يدعوك إلى عفوه ويتغمدك بفضله وأنت متول عنه إلى غيره ، فتعالى من قوي ما أكرمه! وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته! . . .» (4) .

وتعرض لنا الآية التالية جانباً من كرم اللّه ولطفه على الإنسان : {الذي خلقك فسّواك فعدلك في أيّ صورة ما (5) شاء ركّبك} .

فالآية قد طرحت مراحل خلق الإسنان الأربعة . . أصل الخلقة ، التسوية ، التعديل ، ومن ثمّ التركيب .

ففي المرحلة الاُولى : يبدأ خلق الإنسان ومن نطفة في ظلمات رحم الاُم .

وفي مرحله الثّانية : مرحلة «التسوية والتنظيم» وفيها يقدر الباري سبحانه خلق كلّ عضو من أعضاء الإنسان بميزان متناهي الدّقة .

فلو أمعن الإنسان النظر في تكوين عينه اُذنه أو قلبه ، عروقه وسائر أعضاءه ، وما اُودع فيها من ألطاف ومواهب وقدرات إلهية ، لتجسم أمامه عالماً من العلم والقدرة واللطف والكرم الإلهي .

عطاء ربّاني قد شغل العلماء آلاف السنين بالتفكير والبحث والتأليف ، ولا زالوا في أوّل الطريق . . .

وفي المرحلة الثّالثة : يكون التعديل بين «القوى» و«الأعضاء» وتحكيم الإرتباط فيما بينها .

وبدن الإنسان قد بُني على هذين القسمين المتقاربين ، فـ : اليدين ، الرجلين ، العينين ، الاُذنين ، العظام ، العروق ، الأعصاب والعضلات قد توزعت جميعها على هذين القسمين متجانس ومترابط .

هذا بالإضافة إلى أنّ الأعضاء في عملها يكمل بعضها للبعض الآخر ، فجهاز التنفس مثلاً يساعد في عمل الدورة الدموية بدورها تقدم يد العون إلى عملية التنفس ، ولأجل ابتلاع لقمة غذاء ، لا تصل إلى الجهاز الهضمي إلاّ بعد أنْ يؤدّي كلُّ من : الأسنان ، اللسان ، الغدد وعضلات الفم دوره الموكل به ، ومن ثمّ تتعاضد أجزاء الجهاز الهضمي على إتمام عملية الهضم وامتصاص الغذاء ، لينتج منه القوّة اللازمة للحركة والفعالية . . .

وكلُّ ما ذكر ، وغيره كثير ، قد جمع قصيرة رائعة . . . (فعدلك) .

وقيل : «عدلك» إشارة إلى اعتدال قامة الإنسان ، وهوما يمتاز به عن بقية الحيوانات ، وهذا المعنى أقرب للمرحلة القادمة ولكن المعنى الأوّل أجمع .

وفي المرحلة الرابعة : تكون عملية «التركيب» وإعطاء الصورة النهائية للإنسان نسبةً إلى بقية الموجودات .

نعم ، فقد تكرم الباري بإعطاء النوع الإنساني صورة موزونة عليها مسحة جمالية بديعة قياساً مع بقية الحيوانات ، وأعطى الإنسان فطرة سليمة ، وركّبه بشكلٍّ يكون فيه مستعداً لتلقي كلَّ علم وتربية .

ومن حكمة الباري أن جعل الصور الإنسانية مختلفة متباينة ، كما أشارت إلى ذلك الآية (22) من سورة الروم : {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } [الروم : 22] ، ولولا الإختلاف المذكور لاختل توازن النظام الإجتماعي البشري .

ومع الإختلاف في المظهر فإنّ الباري جلّ شأنه قدّر الإختلاف والتفاوت في القابليات والإستعدادات والأذواق والرغبات ، وجاء هذا النظم بمقتضى حكمته ، وبه يمكن تشكيل مجتمع متكامل سليم وكلّ حوائجه ستكون مؤمَّنَة .

وتلخص الآية (4) من سورة التين خلق اللّه للإنسان بصورة إجمالية : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [التين : 4] .

والخلاصة : فالآيات المبحوثة ، إضافة لآيات أُخرَ كثيرة تهدف وبشكلٍّ دقيق إلى تعريف الإنسان المغرور بحقيقته ، منذ كان نطفة قذرة ، مروراً بتصويره وتكامله في رحم اُمّه ، حتى أشدّ حالات نموه وتكامله ، وتؤكّد على أنّ حياة الإنسان في حقيقتها مرهونة بنعم اللّه ، وكلُّ حيّ يفعم برحمة اللّه في كل لحظات حياته ، ولابدّ لكلّ حي ذي لبّ وبصيرة من أنْ يترحل من مطية غروره وغفلته ، ويضع طوق عبودية المعبود الأحد في رقبته ، وإلاّ فالهلاك الحتمي .

وتتناول الآية التالية منشأ الغرور والغفلة : {كلاّ بل تكذبون بالدّين} .

فالكرم الإلهي ، ولطف الباري منعمه ليست بمحفز لغروركم ، ولكنكم آليتم على عدم إيمانكم بالقيامة ، فوقعتم بتلك الهاوية الموهمة . (6)

ولو دققنا النظر في حال المغرورين والغافلين ، لرأينا أنّ الشك بيوم القيامة أو إنكاره هو الذي استحوذ على قلوبهم وما دونه مجرّد مبررات واهية ، ومن هنا يأتي لتشديد على أصل المعاد ، فلو قوي الإيمان بالمعاد في القلوب لارتفع الغرور وانقشعت الغفلة عن النفوس .

«الدين» : يراد به هنا ، الجزاء يوم الجزاء ، وما احتمله البعض من أنّه (دين الإسلام) فبعيد عن سياق حديث الايات ، لأنّها تتحدث عن «المعاد» .

وتأتي الآيات التالية لتوضح أنّ حركات وسكنات الإنسان كلّها مراقبة ومحسوبة ولابدّ الإيمان بالمعاد وإزالة عوامل الغفلة والغرور ، فتقول . . {وإنّ عليكم لحافظين} (7) .

وهؤلاء الحفظة لهم مقام كريم عند اللّه تعالى ودائبين على كتابة أعمالكم : {كراماً كاتبين} .

{يعلمون ما تفعلون} .

و«الحافظين» : هم الملائكة المكلفون بحفظ وتسجيل أعمال الإنسان من خير أوشرّ ، كما سمّتهم الآية (17) من سورة (ق) بالرقيب العتيد : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق : 18] ، كما وذكرتهم الآية (16) من نفس السورة :  {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ } [ق : 17] .

وثمّة آيات قرآنية اُخرى تشير إلى رقابة الملائكة لما يفعله الإنسان في حياته .

إنّ نظر وشهادة اللّه عزّوجلّ على أعمال الإنسان ، ممّا لا شك فيه ، فهو الناظر لما يبدر من الإنسان قبل أيَّ أحد ، وأدق من كلِّ شيء ، ولكنّه سبحانه ولزيادة التأكيد ولتحسيس الإنسان بعظم مسؤولية ما يؤديه ، فقد وضع مراقبين يشهدون على الإنسان يوم الحساب ، ومنهم هؤلاء الملائكة الكرام .

وقد فصّلنا أقسام المراقبين الذين يحفون بالإنسان من كلِّ جهة ، وذلك ذيل الآيتين (20 و21) من سورة فصّلت ، ونوردها هنا إجمالاً ، وهي على سبعة أقسام .

أوّلاً : ذات اللّه المقدّسة ، كما في قوله تعالى : {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } [يونس : 61] .

ثانياً : الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) ، بدلالة قوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } [النساء : 41] .

ثالثاً : أعضاء بدن الإنسان ، بدلالة قوله تعالى : { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور : 24] .

رابعاً : جلد الإنسان وسمعه وبصره ، بدلالة قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت : 20] .

خامساً : الملائكة ، بدلالة قوله تعالى : { وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } [ق : 21] ، وبدلالة الآية المبحوثة أيضاً .

سادساً : الأرض . . المكان الذي يعيش عليه الإنسان ، بدلالة قوله تعالى : {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة : 4] .

سابعاً : الزمان الذي تجري فيه أعمال الإنسان ، بدلالة ما روي عن الإمام علي (عليه السلام) في وقوله : «ما من يوم يمرّ على ابن آدم إلاّ قال له ذلك اليوم : يا ابن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد»  (8)   .

وفي كتاب الإحتجاج للشيخ الطبرسي : إنّ شخصاً سأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن علّة وضع الملائكة لتسجيل أعمال الإنسان في حين أنّ اللّه عزّوجلّ عالم السرّ وأخفى؟

فقال الإمام (عليه السلام) : «استعبدهم بذلك ، وجعلهم شهوداً على خلقه ، ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعة اللّه مواظبة ، وعن معصيته أشدّ انقباضاً ، وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوى وكفّ ، فيقول ربّي يراني ، وحفظتي عليّ بذلك يشهد ، وأنّ برأفته ولطفه وكّلهم بعباده ، يذبّون عنهم مردة الشياطين ، وهوام الأرض ، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن اللّه ، إلى أن يجيء أمر اللّه عزّوجلّ»  (9)   .

ويستفاد من هذه الرواية أنّ للملائكة وظائف أُخرى إضافة لتسجيلهم لأعمال الإنسان كحفظ الإنسان من الحوادث والآفات ووساوس الشيطان .

(وقد بحثنا موضوع وظائف ومهام الملائكة بتفصيل في ذيل الآية (1) من سورة فاطر ـ فراجع) .

وقد وصفت الآيات المبحوثة هؤلاء الملائكة بأنّهم «كرام» ، ليكون الإنسان أكثر دقّة في مراقبة نفسه وأعماله ، لأنّ الناظر كلّما كان ذا شأن كبير ، تحفظ الإنسان منه أكثر وأكثر واستحى من فعل المعاصي أمامه .

وعلّة ذكر «كاتبين» للتأكيد على إنّهم لا يكتفون بالمراقبة والحفظ دون تسجيل ذلك بدقّة متناهية .

وذكر : {يعلمون ما تفعلون} تأكيد آخر على كونهم مطلعين على كلّ الأعمال وبشكل تام ، واستناداً إلى اطلاعهم ومعرفتهم يسجلون ما يكتبونه .

فالآيات تشير إلى حرية إرادة الإنسان ، وتشير إلى كونه مختاراً ، وإلاّ فما قيمة تسجيل الأعمال؟ وهل سيبقى للحذير والإنذار من معنى؟

وتشير أيضاً إلى جدّية ودقّة الحساب والجزاء والإلهي .

ويكفي فهم واستيعاب هذه الإشارات البيانية الرّبانية لإنقاذ الإنسان من وقوعه في هاوية المعاصي ، وتكفيه الإشارات عظةً ليزكي ويعرف مسؤوليته ويعمل بدروه .

وقوله تعالى : {إِنَّ الاْبْرَارَ لَفِى نَعِيم (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جحِيم (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ اللدِّين (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ (16) وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْس شَيئَاً والاْمْرُ يَوْمَئِذ للّهِ} [الانفطار : 13-19] .

 

«يوم . . . لا تملك نفسٌ لنفس شيئاً» :

بعد ذكر الآيات السابقة لتسجيل أعمال الإنسان من قبل الملائكة ، تأتي الآيات أعلاه لتتطرق إلى نتائج تلك الرقابة ، وما سيصل إليه كلّ من المحسن والمسيء من عاقبة ، فتقول الآية الاُولى : {إنّ الأبرار لفي نعيم} .

والثّانية : {وإنّ الفجّار لفي جحيم} .

«الأبرار» : جمع (بار) و«بَرّ» على وزن (حق) ، بمعنى : المُحسن ، و (البرّ) بكسر الراء ـ كلّ عمل صالح . . . والآية تريد العقائد السليمة ، والنيات والأعمال الصالحة .

«نعيم» : وهي مفرد بمعنى النعمة ، ويراد به هنا «الجنّة» ، وجاءت بصيغة النكرة لبيان أهمية وعظمة هذه النعمة ، التي لا يصل لإدراك حقيقتها إلاّ اللّه سبحانه وتعالى ، واختيرت كلمة «نعيم» بصيغة الصفة المشبهة ، للتأكيد على بقاء واستمرار هذه النعمة ، لأنّ الصفة المشبهة عادة ما تتضمّن ذلك .

«الفجّار» : جمع (فاجر) من (فجر) ، وهو الشقّ الواسع ، وقيل للصبح فجر لكونه فجَرَ الليل ، أيّ شقّه بنور الصباح ، و (الفخور) : شقّ ستر الديانة والعفة ، والسير في طريق الذنوب .

«جحيم» : من (الجحمة) ، وهي تأجج النّار ، وتطلق الآيات القرآنية (الجحيم) على جهنّم عادة .

ويمكن أنْ يراد بقوله تعالى : {إنّ الأبرار لفي نعيم الفجّار جحيم} الحال الحاضر ، أيّ : إنّ الأبرار يعيشون في نعيم الجنّة حاليّاً ، وإنّ الفجّار قابعون في أودية النّار ، كما يفهم من إشارة الآية (54) من سورة العنكبوت : {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [العنكبوت : 54] .

وقال بعض : المراد من الآيتين هو حتمية الوقوع المستقبلي ، لأنّ المستقبل الحتمي والمضارع المتحقق الوقوع يأتي بصيغة الحال في اللغة العربية ، وأحياناً يأتي بصيغة الماضي .

فالمعنى الأوّل أكثر انسجاماً مع ظاهر الآية ، إلاّ أنّ المعنى الثّاني أنسب للحال ، واللّه العالم .

وتدخل الآية التالية في تفصيل أكثر لمصير الفجّار : {يصلَونها يوم الدين} .

فإذا كانت الآية السابقة تشير إلى أنّ الفجّار هم في جهنّم حالياً ، فسيكون إشارة هذه الآية ، إلى أنّ دخولهم جهنّم سيتعمق ، وسيحسون بعذاب نارها ، بشكل أشدّ .

«يصلون» : من (المصلى) على وزن (سعي) ، و«صلى النّار» : دخل فيها ، ولكون الفعل في الآية قد جاء بصيغة المضارع ، فإنّه يدل على الإستمرار والملازمة في ذلك الدخول .

ولزيادة التفصيل ، تقول الآية التالية : (وما هم عنها بغائبين) .

اعتبر كثير من المفسّرين كون الآية دليلاً على خلود الفجّار في العذاب ، وخلصوا إلى أنّ المراد بـ «الفجّار» هم «الكفّار» ، لكون الخلود في العذاب يختص بهم دون غيرهم .

فـ «الفجّار» : إذَن : هم الذين يشقون ستر التقوى والعفة بعدم إيمانهم وتكذبيهم بيوم الدين ، ولا يقصد بهم ـ في هذه الآيات ـ اُولئك الذي يشقّون الستر المذكور بغلبة هوى النفس مع وجود حالة الإيمان عندهم .

وإتيان الآية بصيغة زمان الحال تأكيداً لما أشرنا إليه سابقاً ، من كون هؤلاء يعيشون جهنّم حتّى في حياتهم الدنيا (الحالية) أيضاً . . . {وما هم عنها بعائبين} ، فحياتهم بحدّ ذاتها جهنّماً ، وقبورهم حفرة من حفر النيران (كما ورد في الحديث الشريف) ، وعليه فجهنّم القبر والبرزخ وجهنّم الآخرة . . . كلّها مهيأة لهم .

كما وتبيّن الآية أيضاً : إنّ عذاب أهل جهنّم عذاب دائم ليس له انقطاع ، ولا يغيب عنهم ولو للحظة واحدة .

ولأهمية خطب ذلك اليوم العظيم ، تقول الآية التالية : {وما أدراك ما ويوم الدين} .

{ثمّ ما أدراك ما يوم الدين} .

فإذا كانت وحشة وأهوال ذلك اليوم قد اُخفيت عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو المخاطب في الآية ـ مع كلّ ما له من علم بـ : القيامة ، المبدأ ، المعاد . . فكيف يا تُرى حال الآخرين؟!! . .

والآيات قد بيّنت ما لأبعاد يوم القيامة من سعة وعظمة ، بحيث لا يصل لحدّها أيّ وصف أو بيان ، وكما نحن (السجناء في عالم المادة) لا نتمكن من إدراك حقيقة النعم الإلهية المودعة في الجنّة ، فكذا هو حال إدراكنا بالنسبة لحقيقة عذاب جهنّم ، وعموماً لا يمكننا إدراك ما سيجري من حوادث في ذلك اليوم الرهيب المحتوم .

وينتقل البيان القرآني للتعبير عن إحدى خصائص ذلك اليوم ، وبجملة وجيزة ، لكنها متضمّنة لحقائق ومعان كثيرة : {يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ للّه} .

فستتجلّى حقيقة أنّ كلّ شيء في هذا العالم هو بيد اللّه العزيز القهّار ، وستبان حقيقة حاكمية اللّه المطلقة ومالكيته على كلّ مَنْ تنكر لهذه الحقيقة الحقّة ، وستنعدم تلك التصورات الساذجة التي حكمت أذهان المغفلين بكون فلان أميراً ورئيساً أوحاكماً ، وسينهار اُولئك البسطاء الذين اعتبروا أنْ قدراتهم مستقلة بعد أنْ أكل الغرور نفوسهم وتكالب التكبر على تصرفاتهم في الحياة الدنيا الفانية .

وتشهد على الحقيقة ـ بالإضافة إلى الآية المذكورة ـ الآية (16) من سورة المؤمن حيث تقول : { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [غافر : 16] .

وتشير الآية (37) من سورة عبس إلى انشغال الإنسان بنفسه في ذلك اليوم دون كلّ الأشياء الاُخرى ، ولو قُدّر أنْ يُمنَح قدراً معيناً من القدرة ، لما نفع بها أحد دون نفسه! ، حيث تقول الآية : { لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس : 37] .

حتّى روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) ، أنّه تناول ذلك الموقف بقوله : «إنّ الأمر يومئذ واليوم كلّه للّه ، . . . وإذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلاّ اللّه» (10) 

وهنا . . . يواجهنا السؤال التالي : هل يعني ذلك ، إنّ الآية تتعارض وشفاعة الأنبياء والأوصياء والملائكة ؟

ويتّضح جواب السؤال المذكور من خلال البحوث التي قدمناها بخصوص موضوع (الشفاعة) فقد صرّح الحكيم في بيانه الكريم ، إنّ الشّفاعة لن تكون إلاّ بإذنه ، وإنّ الشّفاعة غير مطلقة ، حسب ما تشير إليه الآية (28) من سورة الأنبياء {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء : 28] .

__________________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج15 ، ص140-157 .

2 ـ مجمع البيان ، ج10 ، ص449 ; والدر المنثور ، وروح المعاني ، وروح البيان ، والقرطبي ، عند تفسير الآية المبحوثة .

3 ـ المصدر السابق .

4 ـ نهج البلاغة ، الخطبة 223 .

5 ـ «ما» : زائدة ، واحتملها البعض (شرطية) ، ولكنّ الرأي الأوّل أقرب للصواب .

6 ـ «كلاّ» حرف ردع لإنكار شيء ذكر وتوهم ، لكن . . . أيُّ إنكار قصدته الآية؟ ثمة احتمالات عديدة للمفسّرين في ذلك ، وأهمها ما ذكر أعلاه ، أي أنّ «كلاّ» جاءت لتنفي كلّ أسباب ومنابع الغرور والغفلة وتجعلها في إنكار القيامة والتكذيب به فقط ، وهوما ورد بعد «بل» وهذا ما اختاره الراغب في مفردات (في مادة : بل) ، وقال بعد ذكره للآية : قيل ليس ههنا ما يقتضي أنْ يغرهم به تعالى ولكن تكذيبهم هو الذي حملهم على ما ارتكبوه .

7 ـ قيل : إن «الواو» هنا حاليّة ، كما في روح المعاني وروح البيان ، ولكنّ احتمال كونها (استئنافية) أقرب للحال .

8 ـ سفينة البحار ، ج2 ، ص739 (مادة : يوم) .

9 ـ نور الثقلين ، ج5 ، ص522 .

10 ـ مجمع البيان ، ج10 ، ص450 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



بدء توافد الطالبات للمشاركة في فعاليات اليوم الثاني لحفل التكليف الشرعي ضمن مشروع الورود الفاطمية
أولياء الأمور: حفل الورود الفاطمية للتكليف الشرعي يحصن بناتنا من التأثر بالأفكار المحيطة بهن
تربويات: الورود الفاطمية لتكليف الطالبات مشروع حيوي لبناء مجتمعٍ سليم
تربويون: مشروع الورود الفاطمية ينتج جيلاً محتشماً ملتزماً بالحجاب وتعاليم الدين الإسلامي