يعد البحر المتوسط اكبر البحار الداخلية في العالم ويقع في عروض معتدلة تجعله مكانا مناسبا للحركة السياحية على مدار السنة وهو يملك العديد من الموارد السياحية المتنوعة, وتنتشر ظاهرة السياحة في جميع أراضي البحر التوسط وشهدت صناعة السياحة في مختلف دول المنطقة ازدهارا كبيرا ابان الثلاثين عاما الأخيرة.

ففي الربع الأخير من القرن الماضي والنصف الأول من القرن الحالي اجتذبت الحرارة اللطيفة والسماء التي تكاد تخلو من السحب والسماوات الزرقاء للبحر المتوسط في الشتاء اجتذبت الآلاف من الزوار سنويا الى الكوت دازور والرفييرا واجتذبت اعدادا اكبر بالكنوز الاثرية لليونان واراضي الشرق ومصر,  ولكن بصفة عامة كان هؤلاء السياح يقصرون على افراد من الطبقات الاغنى والاوفر في وقت فراغها ولذلك كانت اعدادها قليلة نسبيا.

وبعد الحرب العالمية الثانية تجمعت مجموعة من العوامل لتطوير صناعة السياحة من هذه العوامل ارتفاع مستوى المعيشة وبخاصة في غرب اوربا والولايات المتحدة، وتقدم النقل الجوي السريع كانت بلا شك عوامل رئيسية في هذه النقلة وجعلت الشواطئ المشمسة للبحر المتوسط في متناول الملايين من الناس ليس فقط في الشتاء ولكن على مدار السنة وليس فقط الى المناطق والمنتجعات السابق تأسيسها ولكن الى مواقع جديدة في كل مكان.

ولم تتقدم السياحة في ليبيا وكذلك في البانيا والتي لم تستأنف علاقاتها الدبلوماسية الا حديثا مع جيرانها بالبحر المتوسط, وهناك عامل آخر صغير ولكنه مهم في تقدم السياحة يشمل رغبة المهاجرين في الزيارة مع اسراتهم لاماكن ومناظر تجاربهم في فترة الحرب، وكذلك العودة المؤقتة للمهاجرين لمشاهدة مواطنهم ثانية. لأننا يجب ان نتذكر انه في السنوات المبكرة من القرن الحالي خرج ملايين من سكان أراضي البحر المتوسط بحثا عن فرص جديدة في بلاد بعيدة.

وتمثل اسبانيا وايطاليا منتجعات مفضلة للسياح وبخاصة أولئك من المانيا الاتحادية وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. ففي إيطاليا نجد جبال الالب رغم انها ليست في ذروتها كما هي في سويسرا الا انها توفر الرياضات في الشتاء وتسلق الجبال وبخاصة في دولوميت في الصيف. وهناك مجمعا لمنتجعات العطلات على طول شواطئ البحيرات مثل: كومو، ولوجانو، وجاردا.

وتوجد سلسلة من الرفييرا تحف بخليج جنوا تمتد من الغرب الى الشرف. وهناك منتجعات متتابعة على طول ساحل الادرياتي من فينسيا في الشمال الى باري في الجنوب وعلى الساحل الغربي فان المنطقة حول خلي ساليرنو مشتملة على جزيرة كابري المشهورة.

ويمكن اعتبار صقلية بأكملها جزيرة لقضاء العطلات وتبذل الجهود حاليا لتطوير إمكانات شمال شرق سردينيا.

وفي داخل إيطاليا تمثل مدن القرون الوسطى: قلورنس- بولونا-  بارما- بادوا, وغيرها كنوزا معمارية وفنية واهمها جميعا نجد روما العاصمة بما تمثله من آثار رومانية ومركز الحج للكنيسة الكاثوليكية الرومانية وهي مدينة سياحية تستقبل سنويا ملايين الزوار.

وتقدمت السياحة في اسبانيا بصورة اسرع من أي دولة أخرى في البحر المتوسط. واليوم نجد: كوستابرافا، وكوستادلسول، وجزر البلياروكناري هي المناطق الرئيسية للعطلات مع مدريد، وبرشلونة، والمدن القديمة: قرطبة، توليدو وكما تقدمت رياضات الشتاء في جبال البرانس.

وكان لنجاح اسبانيا اثره على البرتغال حيث اضيف حديثا منتجعات (الجريف) في اقصى الجنوب من الدولة بالإضافة الى المنتجعات التي سبق ان ظهرت منذ بعيد في منطقة استوريل قرب لشبونة.

وقام الفرنسيون بتطوير شمال شرق كورسيكا باعتبارها امتداد للريفييرا التي تتمتع بشهرة سياحية كبيرة وتستقبل مونت كارلو وحدها سنويا نحو 600 الف سائح.

وتنمو صناعة السياحة بصورة ملحوظة في يوغسلافيا وبخاصة على طول سواحل دلماشيا وبجذب اليها اعدادا متزايدة من السياح الى شواطئ البحيرة والجبال التي تحيط بها. ويتوفر هنا أيضا تسهيلات للمنتجعات الشتوية.

وتعد اليونان وتركيا ولبنان من الدول السياحية الرئيسية، وفي اليونان هناك تقدم كبير حدث في كورفو، كريت ومنطقة أثينا نتيجة للسياحة الجماعية واجتذبت اعدادا متزايدة الى جزر بحر ايجة, وتمثل استانبول وكذلك عديد من الشواطئ على طول السواحل الغربية والجنوبية الشرقية لتركيا الآسيوية مناطق جذب رئيسية للسياح.

والمنتجعات الساحلية في لبنان لها جاذبية اكبر في الشتاء عنها في الصيف حيث يكون المناخ اكثر دفئا ولكن يزورها في الصيف اعداد كبيرة, وتوفر جبال لبنان مناطق عطلات مناسبة لكل الفصول ففي الصيف تتعدل الأحوال الجوية بالارتفاع وفي الشتاء طور القسم الشمالي من الجبال لرياضات الشتاء وهنا وفي كل مكان هناك برنامج ضخم لبناء الفنادق والطرق.

ويكون العرب اغلب السياح في لبنان، سوريا، الأردن، مصر وعديد منهم يتحركون للحج او يبحثون عن مناطق ابرد واحوال اكثر جاذبية من بيئات مواطنهم, ففي لبنان نجد 55% من زوارها من سوريا ويذهبون أساسا الى الجبال لا يمثل الزوار من اوربا الا 9% وقد يذهب السوريون الى مناطق المدن الاثرية والقديمة في بالميرا ولكن الغالبية العظمى تذهب الى دمشق وحلب والجبال المجاورة. والملاحظ ان 62.5% من اعداد السياح الى سوريا يأتون من لبنان والأردن.

وقد تأثر تيار السياح الى إسرائيل ومصر بالأحوال السياسية غير المؤكدة. ورغم ذلك فان الزيارات الى إسرائيل لزيارة الأماكن المقدسة او الى مدنها زادت زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة من 432000 سنة 1968 الى 727532 سنة 1972. وفي مصر نجد ان اكثر من نصف السياح من العرب. والسياحة في بلدان المغرب العربي (المغرب، الجزائر، تونس) لا زالت بصورة وبأخرى في مهدها. وفي كل منها هناك شواطئ مناسبة للعطلة ولكن عامل الجذب الأعظم للأوربيين يتمثل في فرصة مشاهدة (طرق الحياة، نمط الحياة، نوع الحياة) الذي يختلف تماما عما هو موجود عندهم.

وذلك يتمثل في الأسواق الوطنية للمدن، او الرحلات القصيرة الى الصحراء الكبرى. وتمثل رحلات العطلات التي تصل الى الدار البيضاء وطنجة على الطريق من والي كناري وماديرا العنصر الذي اجتذب الاعداد الأكبر من السياح الى المملكة المغربية.

والزيادة الكبيرة للسياحة في كل مكان جلبت معها تطورات كبيرة في أنشطة مثل: الصناعات اليدوية الفنية وتجارة الكماليات، تصنيع المواد الغذائية وحرف الخدمات.. والنتيجة الملحوظة والبارزة هي النقلة في المظهر الطبيعي التي نتجت عن بناء فنادق جديدة وبوكات من الشقق وبناء طرق جديدة وانشاء موارد للمياه وتوفير الصرف ومد الكهرباء الى مناطق لم تكن متقدمة تماما من قبل.

وتوفر صناعة السياحة إضافة ملحوظة ومرغوبة للدخل لكل الدول المضيفة. ومع تزايد السياح بدأت ثورة اجتماعية في عديد من أجزاء أراضي البحر المتوسط لان الزوار بينما يجدون آثاره وتمتع بالحضارات الوطنية فانهم يجلبون معهم مطالب وقيم حضاراتهم وهذه لها تأثيرها على كل اقتصاد البحر المتوسط ومجتمعاته.

الشواطئ الاسبانية:

وفيما تتعدد الشواطئ السياحية ذات الشهرة العالمية وابرزها:

1. كوستادي لالوز

2. كوستادل سول

3. كوستا برافا

4. كرستا

كوستا دي لالوز

يقع في جنوب إسبانيا عند مدخل نهر جواديانا ويتميز بالشمس الساطعة والسماء الزرقاء الصافية وله شواطئ رملية على ساحل مغمور, وتنتشر العمارة العربية في المدن والقرى الشاطئي. وترجع المنطقة تاريخيا الى الفترات اليونانية الرومانية ويحفها مناطق جبلية مزدحمة بأشجار الصنوبر المبعثرة وبذلك فان من اهم رياضاتها الثيران والخيول وتسلق الجبال والجري على الحافات الساحلية وشتاؤه معتدل ومشمس في الربيع والصيف وتبلغ ساعات الاشراق به 3 آلاف ساعة في السنة.

كوستا دل سول

تمتد لمسافة 72 كم على البحر المتوسط في جنوب اسبانيا فيما بين فيرفا من الشرق ومانيليا في الغرب وعاصمتها ملقة, وهي منطقة تاريخية أسسها الفينيقيون وبعدهم اهل قرطاجنة واليونان والرومان فالعرب وهي زاخرة بآثار هذه الفترات التاريخية وحتى الوقت الحاضر الى جانب ساحة لمصارعة الثيران وهي اكبر مدن الساحل, ساحلها رملي مترامي والشاطئ بمياهه الدافئة والجبال المحيطة والمناخ معتدل دون تغيرات كبيرة طول السنة. كلها عوامل رئيسية للجذب السياحي به, وتضم عديدا من المناطق السياحية موزعة على القرى مثل: توريمو لينوس، فوينخيرولا، ماربيبا، واستيبونا وتتركز اهم القرى السياحية غرب ملقة بينما الشرقية اقل تطورا.

وهي تضم نحو ربع مليون غرفة سياحية حتى تستوعب الحركة السياحية الضخمة التي تقصدها فالقرية الأولى مثلا يرتفع حجمها السكاني من 25 الف الى ربع المليون في الموسم الصيفي. تحولت في اقل من ربع قرن من قرية صيد صغيرة الى احدى اهم المراكز السياحية (غطس، اشعة شمس، ملاهي، فلامنيكو).

وفي النهار تجتذبهم اشعة الشمس وليلا تزدحم الملاهي والبارات ورقص الفلامينكو. ويبلغ شاطئ فونخيرولا ستة اميال ويقام بها مهرجانات شعبية في أكتوبر ولها ميناء صيد ويقام بها كل ثلاثاء سوق شعبي.

وتحولت قرية ميخاس من الزراعة الى قرية سياحية وتبعد 5 كم عن فونخيرولا متداخلة في سلسلة جبال ببيوتها البيضاء ومناظرها الجبلية خلابة وشواطئها ذهبية, وتمتد ماربيب بطول 18.5 ميل على شاطئ البحر وهي مقصد الأثرياء والمشاهير وبها افخر الفنادق والمطاعم الاوربية وملاهي ليلة وكازينو وملاعب جولف وتنس.

وفي استيونا القرية البيضاء ميناء عظيم للقوارب الشراعية من كل العالم وساحة حديثة لمصارعة الثيران وتنتشر النوادي على ساحل البحر والمطاعم الفاخرة والحدائق, وتتقدم مانيليا سياحيا بصورة سريعة ويوجد في ستوجراندي نادي للجولف مشهور عالميا, وعلى سفوح الجبال بالداخل توجد عديد من المدن الاثرية (روندا – انتيكيرا) وبها اكبر تجمع لرقص الفلامينكو وحياة برية من النسور والصقور وعديد من الطيور.

بينما لمدينة يفصلها جدول صغير عن توريمولينوس وساحلها تكملة للأخيرة وبها اكبر مدينة ملاهي (حدائق، شلالات، مهرجان، شاطئ هادئ ابيض بها ميناء للقوارب وبها اكبر كازينو في اوربا وملعب جولف.