المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
بطانة الرجل وولیجته
2024-04-19
معنى الصِر
2024-04-19
تحتمس الرابع وتاريخ هذه المسلة.
2024-04-19
تحتمس الثالث يقيم مسلتين في معبد عين شمس وتنقلان إلى الإسكندرية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


جريمة العدوان  
  
4449   08:28 صباحاً   التاريخ: 23-3-2017
المؤلف : عبد الله علي عبو سلطان
الكتاب أو المصدر : دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق الانسان
الجزء والصفحة : ص108-117
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

لا شك ان جريمة العدوان تشكل اقسى وافظع الجرائم في حق البشرية لما يصحبه من ارتكاب انتهاكات خطيرة اخرى للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ووصفت هذه الجريمة بانها (أم الجرائم) اذ كثيراً ما تكون هي السبب الاصلي لارتكاب الجرائم الاخرى والاعتداء على حقوق الانسان إذ ان الجرائم الدولية الخطيرة  الاخرى(جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية) غالباً ما تكون أثارا فرعية لجريمة العدوان ، لذلك فان هذه الجريمة من الخطورة بحيث لا يمكن ان تترك بلا عقاب حتى تتحقق العدالة الدولية الجنائية في المجتمع الدولي وسوف اركز في جريمة العدوان على ثلاث نقاط رئيسة وهي : 1- تعريف العدوان ، 2- العدوان كجريمة دولية ، 3- جريمة العدوان في النظام الاساسي للمحكمة الدولية الجنائية .

أولاً-  تعريف العدوان :

لا اريد ان ادخل في التطور التاريخي لتعريف العدوان حيث فيها الكثير من الامور التفصيلية التي قد يطول الشرح فيها ولكن اكتفي بالقول ان تعريف العدوان لم يكن له وجود في ظل القانون الدولي التقليدي ولا حتى بعد قيام عصبة الامم وما تلتها من معاهدات واتفاقيات دولية ، ففي ظل القانون التقليدي لم يكن هناك تحريم للجوء الى الحرب بل كان من حق الدولة اللجوء الى الحرب وكان ينظر الى الحرب بانه عمل مشروع تتمتع بممارسته كل دولة ثم ظهر آنذاك مصطلح الحرب العادلة او المشروعة اذا كان هناك سبب عادل يبرر اللجوء اليها ويصف (جيرهارد فان غلان) هذه الفترة بقوله ان الحرب خدمت غايتين أساسيتين في المجتمع الدولي آنذاك ، اذ وفرت وسيلة فعالة للاعتماد على النفس في تنفيذ الحق في حالة غياب محاكم دولية متخصصة ، وزودت الدول بوسيلة من وسائل الاعتماد على النفس أيضاً لتنفيذ قواعد القانون الدولي وتكييفها مع الظروف المتغيرة(1). واستمر هذا الوضع حتى مطلع القرن العشرين حيث كان هناك اتجاه في المجتمع الدولي يدعو الى تقييد حرية الدول في اللجوء الى الحرب فتم عقد اتفاقيات لاهاي 1899 و1907 إلا انها لم تعرف العدوان بل حددت وسائل القتال والاسلحة في الحروب . وبعد قيام عصبة الامم كان يتوقع منها ان تعرف العدوان إلا انها لم تفعل واكتفت بالتمييز بين الحرب العدوانية والحرب غير العدوانية فبموجب نصوص عهد العصبة لا تعد حرباً عدوانياً اذ شنتها دولة طرف في نزاع ضد طرف اخر وكانت الدولة الاولى قد سبق ان قبلت حكم محكمة العدل الدولية الدائمة او قرار التحكيم او توصية مجلس العصبة بينما رفض الطرف الاخر في النزاع الحكم او القرار او التوصية ، وبذلك فان عهد العصبة لم يعرف العدوان لان مفهوم العدوان اوسع نطاقاً من (الحرب العدوانية) فضلاً عن افتقار العهد الى وجود جزاء منظم يفرض على ارتكاب الاعمال العدوانية(2). ورغم وجود العديد من المحاولات لمحاولة تعريف العدوان من خلال ابرام اتفاقيات دولية كمشروع المعونة المتبادلة 1923 وبروتوكول جنيف 1924 وميثاق بريان كيلوك عام 1928 التي حاولت فيها الدول الموقعة تعريف العدوان او تحديد مضمونه إلا ان محاولاتها اتسمت بالغموض وعدم الدقة ولم توفق في الوصول الى تحقيق نتائج إيجابية تذكر(3). ولكن المحاولات الدولية لوضع تعريف للعدوان بدأت تتزايد مع قيام منظمة الامم المتحدة وخاصة ان ميثاق الامم المتحدة امتاز عن عهد العصبة وما تلاه من اتفاقيات دولية بأنه ربط بين العدوان وحفظ الامن والسلم الدوليين وحرم الحرب بكل صورها ولم يميز بين الحرب العدوانية والحرب غير العدوانية ، ومما ساعد بصورة كبيرة على دفع الدول نحو السعي لتعريف العدوان ان الميثاق جاء خالياً من تعريف العدوان لذلك بدأت جهود الدول في هذا المجال ابتداءً من عام 1953 عندما قدم الاتحاد السوفيتي الى الجمعية العامة مشروعا لتعريف العدوان وعلى اثر ذلك شكلت الجمعية لجنة من (19) عضواً لدراسة المشروع وقدمت اللجنة تقريرها في عام 1957 إلا ان ردود فعل الدول كانت ضعيفة تجاه المشروع المذكور ولم يؤدي الى وضع تعريف للعدوان . ثم تكررت المحاولات للوصول الى تعريف للعدوان عام 1968 بإصدار الجمعية القرار 2330/22 الخاص بتشكيل لجنة من (35) عضواً لدراسة مسألة تعريف العدوان وقد قدم للجنة المذكورة ثلاثة مشروعات من  الدول لتعريف العدوان(4). واجتمعت هذه اللجنة عام 1970 لمناقشة المشاريع الثلاثة ولكنها لم تتوصل الى نتيجة لوضع تعريف للعدوان إلا في عام 1974 وقد وافقت عليه الجمعية العامة(5). وعلى إثر ذلك صدر قرار الجمعية العامة المرقم 3314 لعام 1974 بتعريف العدوان حيث جاء في المادة الاولى (ان العدوان هو استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد دولة اخرى او سلامتها الاقليمية او استقلالها السياسي او بأية صورة اخرى تتنافى مع ميثاق الامم المتحدة وفقاً لنص هذا التعريف) . ولو اردنا تبني تعريف عام واوسع من تعريف القرار 3314 فيمكن القول ان العدوان هو( استخدام القوة او التهديد بها من قبل دولة او مجموعة دول ضد اقليم وشعب دولة اخرى باية صورة كانت ولأي سبب او لأي غرض مهما كان فيما عدا الافعال التي يكون القصد من استخدامها الدفاع الشرعي الفردي او الجماعي ضد اعتداء مرتكب من قبل قوات مسلحة او استخدامها في عمل قمع متخذ من الامم المتحدة)(6).

2- العدوان كجريمة دولية :

العدوان يعد خرقاً لقواعد القانون الدولي العام ولكن لما يشكله العدوان من تهديد للمجتمع الدولي لا يكفي وصفها بأنها مجرد خرق بل لا بد من وصفها بانها جريمة دولية بل من اشد الجرائم الدولية خطورة ، ولكن في ظل قواعد القانون الدولي التقليدي لم يتم وصف العدوان بأنه جريمة دولية و حتى بعد قيام عصبة الامم لم يطلق هذا الوصف على الحرب العدوانية وكانت المرة الاولى التي يوصف فيها العدوان بأنه جريمة دولية هي من خلال مشروع المعونة المتبادلة عام 1923 ثم في بروتوكول جنيف عام 1924 حيث وصفت الحرب العدوانية بأنها جريمة دولية(7). إلا انه مما يؤخذ على الاتفاقيتين السابقتين انهما لم تبينا الافعال التي تتكون منها هذه الجريمة ولم تحدد المسؤولية الدولية الجنائية على هذه الجريمة . فضلاً عن انهما لم يدخلا حيز التنفيذ لعدم تصديق الدول عليهما . وإذ كان ميثاق المحكمة العسكرية لنورمبرغ عام 1945 ذهب الى ابعد مما عداه في إدانة العدوان واعتبارها جريمة دولية رتب عليها مسؤولية جنائية للافراد المسؤولين عن التحضير لحرب عدوان او شنها فضلاً عن المسؤولية الدولية للدولة(8). إلا ان خطوة محكمة نورمبرغ تتعارض مع مبدأ الشرعية اذا لم يستند هذا التجريم للحرب العدوانية الى اية قاعدة دولية عرفية او اتفاقية وان كان القاضي (Jakson) عد ان تجريم الحرب العدوانية يستند الى مشروع المعونة المتبادلة 1923 وبروتوكول جنيف 1924 . إلا ان رأيه انتقد لان هاتين الوثيقتين كما قلنا لم تدخلا حيز النفاذ . ثم جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314 في عام 1974 ليصف العدوان بانه جريمة دولية يترتب عليها مسؤولية دولية (9). وأخيراً فان مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الانسانية وامنها (وصفت العدوان بانة جريمة دولية وادرجتها ضمن الجرائم الواردة فيها وتبنت القرار 3341 لعام 1974)(10).

3- جريمة العدوان في النظام الاساسي للمحكمة الدولية الجنائية الدائمة :

ما ان بدأت الجهود الدولية لانشاء المحكمة الدولية الجنائية في مؤتمر روما عام 1998 حتى تولد الشعور لدى غالبية اعضاء المجتمع الدولي والمدافعين عن حقوق الانسان بالأمل في ادراج جريمة العدوان ضمن الجرائم الخاضعة لاختصاص المحكمة والعقاب عليها. إذ كان التصور الموجود لغالبية الدول انه لا يمكن اقامة عدالة دولية جنائية بدون العقاب على جريمة العدوان من قبل نظام قضائي دولي جاء ليدعم العدالة في المجتمع الدولي . لذلك كان هنالك شبه اجماع على ضرورة ادراج جريمة العدوان في النظام الاساسي وبدون هذا الادراج وعدم اعطاء الاختصاص للمحكمة للنظر فيها ستكون المحكمة عندئذ رمزية اكثر من كونها فعالة وسيكون النظام الاساسي للمحكمة ناقصاً نقصاناً كبيراً دون ادراج جريمة العدوان(11). لكن الامر لم يكن بالسهولة التي كانت تتوقعها هذه الدول إذ ظهرت معارضة شديدة من دول تتضرر مصالحها القومية بإدراج العدوان في النظام الاساسي وعلى رأسها الولايات المتحدة واسرائيل وبنص الدولة الاخرى التي عارضت الادراج لكن ليس بالشدة التي عارضت بها الولايات المتحدة واسرائيل ذلك واذا اردنا معرفة الحجج التي ساقتها الولايات المتحدة واسرائيل والدول الاخرى للتذرع بعدم الموافقة على ادراج العدوان نجدها تتمثل في ثلاث حجج(12) وهي :

  1. عدم وجود تعريف للعدوان .
  2. ضرورة تحديد دور مجلس الامن في تقرير وقوع العدوان .
  3. ان العدوان جريمة ترتكبها الدول لا الافراد فضلاً عن عدم وجود سوابق قضائية دولية بشأن المسؤولية الجنائية عن افعال عدوانية .

ونعتقد ان هذه الحجج هي حجج واهية وضعيفة لا تصلح لان تكون سبباً للمعارضة على إدراج العدوان ضمن الجرائم الخاضعة لاختصاص المحكمة ويمكن الرد عليها بسهولة وكذلك نعتقد انها ليست الاسباب الحقيقية لمعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل لإدراج العدوان بل هناك أسباب اقوى من ذلك عليه سوف نحاول أولاً الرد على الحجج السابقة ثم الوقوف على الاسباب الجدية لمعارضة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل لإدراج العدوان ثانياً .

أولاً- الرد على حجج الولايات المتحدة واسرائيل والدول المعارضة :

أ- فيما يتعلق بالحجة الاولى بعدم وجود تعريف للعدوان : فهذا القول غير منطقي ومردود عليه وذلك لوجود القرار (3314) لعام 1974 وفيه تعريف العدوان والافعال المكونة له ولهذا القرار اهمية كبيرة ولا سيما اذا ما عرفنا انها انعكاس لرأي المجتمع الدولي الذي بذل جهداً كبيراً كوضع التعريف هذا وما سبقه من تقديم مشاريع عديدة الى الجمعية العامة وأهمها المشاريع الثلاثة المقدمة من الدول الى اللجنة المشكلة من قبل الجمعية عام 1968 . كما ان المشروع النهائي الذي قدم للجمعية تمت الموافقة عليه بالاجماع في الدورة (29) في 1974 وصدر القرار 3314 الذي تضمن تعريف العدوان ، وقد اشارت محكمة العدل الدولية في قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة عام 1986 الى ان التعريف الوارد في القرار 3314 ينسجم مع القانون الدولي العرفي(13). (وكذلك فان القاضي ستيفن شفيل رئيس محكمة العدل سابقاً والذي كان عضواً ممثلاً عن الولايات المتحدة اللجنة الخاصة بتعريف العدوان قال بان القرار 3314 يعد بمثابة تفسير من الجمعية العامة لمدلول احكام ميثاق الامم المتحدة حول استعمال القوة المسلحة المخالفة لاحكام الميثاق وبالتالي فانه بحد ذاته يتسم بالاهمية . كما ان غالبيه ان لم يكن كل كتاب القانون الدولي الجنائي لا سيما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يستشهدون بالقرار 3314 كتعريف متفق عليه عموماً)(14). فضلاً عن ان مدونة الجرائم المخلة بسلم الانسانية وامنها لعام 1996 ذهبت الى تبني التعريف الوارد في القرار 3314 وادرجتها ضمن الجرائم الواردة فيها . اذا هذه الحجة لا يمكن التذرع بها فالعدوان جريمة قانونية دولية مكتملة الاركان وما التذرع بذلك إلا محاولة لخرق القانون الدولي والافلات من العقاب على اشد الجرائم الدولية خطورة .

ب- فيما يتعلق بالحجة الثانية حول ضرورة تحديد دور مجلس الامن في تقرير وقوع العدوان: ولا شك ان الغرض من هذه الحجة هو الاحتفاظ بالامتيازات التي تمتلكها الولايات المتحدة في مجلس الامن (حق الفيتو) وبذلك تتحكم في تقرير وقوع جريمة العدوان ام لا.ويمكن الرد على هذه الحجة بالاتي ان المحكمة هي جهاز قضائي دولي وهذا يعني ان دورها هو ابراز الطابع القانوني لجريمة العدوان وبالتالي هي أيضاً خطوة مهمة نحو تجاوز السلبيات الموجودة في مجلس الامن في مجال تحديد العدوان ، فضلاً عن ان هذا الجهاز القضائي يجب ان يكون مستقلاً عن مجلس الامن وغير تابع او خاضع لسلطته .

ج- فيما يتعلق بالحجة الاخيرة حول ان العدوان جريمة مرتكبة من قبل الدول لا الافراد : فهذه الحجة من اسهل الحجج التي يمكن الرد عليها ، فهنا الولايات المتحدة بصورة خاصة وقعت في تناقض بين موقفها في الماضي ايام محاكمات نورمبرغ وموقفها في مؤتمر روما عام 1998 فالولايات المتحدة  اعتبرت على لسان مواطنها القاضي (Jackson) عند ادانته المتهمين من دول المحور لارتكابهم جرائم ضد السلام (العدوان) ان العدوان المسلح اصبح جريمة دولية وليس حقاً قومياً فحسب ، كما برر (Jackson) محاكمة المتهمين عن ارتكاب العدوان بسبب خطورة هذه الجريمة العظمى نظراً لانها اساس كل الجرائم الاخرى وانتهى الى القول بان حرب الاعتداء جريمة دولية وان القانون الدولي الحديث قد ابطل الدفاع القديم الذي ينفي مسؤولية اولئك الاشخاص الذين يتسببون بارتكاب جرب الاعتداء(15). وهنا تظهر الغرابة في موقف الولايات المتحدة واعتمادها على حجة لرفض ادراج العدوان في نظام المحكمة إذ كانت هي نفسها التي اعتمدها لتبرير المسؤولية الجنائية للمنهزمين من دول المحور وهاهي تعود بعد (53) سنة لتقول انه لا وجود لسوابق دولية للمسؤولية الجنائية الفردية عن جريمة العدوان .

ثانياً-  الاسباب الحقيقة لمعارضة الولايات المتحدة واسرائيل لادراج جريمة العدوان في النظام الاساسي :

ان الحجج التي أوضحناها ليست هي الدوافع الرئيسة لوقوف الولايات المتحدة واسرائيل ضد ادراج العدوان بل هناك دوافع اهم منها وان لم يكن معلنا عنها فبالنسبة لمعارضة اسرائيل فهذا الموقف طبيعي ومتوقع من دولة تبنت منذ تأسيس كيانها الصهيوني سياسة وسلاح العدوان لتحقيق اهدافها التوسعية وتحقيق اهدافها غير المشروعة . كذلك فهي ادركت ان ادراج العدوان يعني انها ستكون مقصرة وان وجود جهاز قضائي عادل يعني تجريم الافعال التي ترتكبها ومعاقبة مسؤوليها وهذا يشكل تهديداً جديداً لمصالح اسرائيل ومشاريعها التوسعية ، فضلاً عن اصناف الاجرام الدولي التي ارتكبتها من جرائم حرب وضد الانسانية وإبادة جماعية واستهتارها بالقانون الدولي ومقررات المنظمات الدولية بحيث أصبحت تنظر الى القانون الدولي بأنها وسيلة لتحقيق أهدافها وليست قيد على سلوكها(16). أما بالنسبة للولايات المتحدة فان معارضتها لم تكن تتعلق بعدم وجود تعريف للعدوان وانما تنصب هذه المعارضة على إدراج جريمة العدوان بشكل نهائي في اختصاص المحكمة لذلك فان الولايات المتحدة (كانت دوماً تظهر حماساً اقل لان يشمل اختصاص المحكمة جريمة العدوان)(17). فضلاً عن أنها تريد ان يحتفظ مجلس الأمن بسلطته المطلقة في تحديد وقوع العدوان وبذلك تتحكم هي في هذه المسألة ، كما ان ادراج العدوان يعني فرض قيد على قدرة الولايات المتحدة في استخدامها للقوة تحقيقاً لمصالحها القومية بصورة منفردة دون اللجوء الى مجلس الامن الدولي بحجة (انها تصرفات ضرورية للحفاظ على الامن الامريكي)(18). وهذه التصرفات وفقاً للتحليل القانوني السليم ينطبق عليها وصف العدوان ويجب ان تعاقب عليها نذكر منها اعتداءها على ليبيا والسودان وافغانستان واخيراً عدوانها على العراق خلافاً للشرعية الدولية وتجاوزاً على مجلس الامن ، وهكذا كان موقف الولايات المتحدة معارضاً ليس فقط لاختصاص المحكمة بنظر جريمة العدوان وانما لوجود المحكمة ككل(19).

- الوضع الحالي لجريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية :

مع اصرار غالبية الدول وحركة عدم الانحياز وبعض الدول الاوربية رغم المعارضة الامريكية والاسرائيلية وبعض الدول الاخرى فان جريمة العدوان ادرجت ضمن المادة (5) من النظام الاساسي لكي تكون من ضمن الجرائم الاخرى (جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجريمة الابادة) التي تخضع لاختصاص المحكمة(20).    ولكن مع اعتبار ان ادراج جريمة العدوان في النظام الاساسي يعد انجازاً كبيراً وخطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الدولية إلا انه مع الاسف فان نتائج هذا الادراج جاءت مخيبة للامال ويبدو ان صفة الادراج جاءت بالشكل الذي يرضي الولايات المتحدة واسرائيل. إذ انه بخلاف بقية الجرائم التي تم تحديدها وحق المحكمة بممارسة اختصاصها عليها بمجرد دخول النظام الاساسي حيز النفاذ . جاءت الفقرة (2) من المادة (5) لتنص على  (تمارس المحكمة الاختصاص على جريمة العدوان متى اعتمد حكم بهذا الشأن وفقاً للمادتين (121 و 123) يعرف جريمة العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة ……) . وبالرجوع الى احكام المادتين (121 و 123) نجد انها تتطلب لكي تمارس المحكمة اختصاصها على جريمة العدوان انه بعد مرور سبع سنوات من نفاذ النظام الاساسي يقوم الامين العام بالدعوة الى مؤتمر استعراضي للدول الاطراف . وفي هذا المؤتمر ينبغي ان تتم الموافقة على تعريف العدوان المقترح اما باجماع الاراء للدول الاطراف او باغلبية ثلثي اراء تلك الدول . وحتى تحقق النصاب المطلوب فان المحكمة تمارس اختصاصها بخصوص جريمة العدوان بعد مرور سنة واحدة من تاريخ ايداع صكوك التصديق او القبول بالنسبة للدول التي وافقت عليه واما بالنسبة للدول التي لم توافق على تعريف العدوان فان المحكمة ليس لها ان تمارس اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة وذلك عندما ترتكب في اقليم الدولة او يرتكبها أحد مواطنيها . أليس في هذا كله ارضاء وامتياز للولايات المتحدة واسرائيل ، فالمادتان (121و123) تقضيان بالانتظار لمدة (سبع سنوات) لنفاذ النظام الاساسي لفرض الاتفاق على تعريف العدوان باغلبية معينة وحتى بعد الاتفاق على التعريف لا تمارس المحكمة الاختصاص إلا بعد مرور سنة من تاريخ ايداع صك التصديق للدولة الموافقة على التعريف إذاً نحن امام ثماني سنوات مطلوبة لممارسة المحكمة لاختصاصها على جريمة العدوان ، وهي مدة طويلة جداً وفرصة مناسبة للافلات من العقاب حيث سينعم فيها قادة الدول المعتدية بالامان وعدم المساءلة الجنائية على ما اقترفوه من جرائم العدوان ، فضلاً عن ان هذه المدة الطويلة قد تؤدي الى اضاعة الادلة والاثباتات مما يفوت على المحكمة الفرصة لجمع هذه الادلة واستخدامها ضد الدول المعتدية . ومما سيزيد من فرص الافلات من العقاب ويقلل من اهمية ادراج جريمة العدوان في النظام الاساسي ان الفقرة (5) من المادة (121) علقت ممارسة المحكمة لاختصاصها بشأن جريمة العدوان على إرادة الدول ، فهي تمارس هذا الاختصاص فقط تجاه الدول التي ستوافق على التعريف الذي سيتم التوصل اليه في المؤتمر الاستعراضي ولا تمارس هذا الاختصاص تجاه الدول التي ترفض هذا التعريف ، وبذلك بات من مصلحة الدول التي اعتدت عليها الولايات المتحدة واسرائيل ان لا تنضم هاتان الدولتان الى النظام الاساسي لانهما لو انضمتا ورفضتا تعريف العدوان فان المحكمة ليس لها ان تمارس اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة وذلك عندما يرتكبها مواطنوها (21).

___________________

1- انظر : جيرهارد فان غلان، القانون بين الامم، الجزء الثالث، تعريب ايلي وريل،دار الافاق الجديدة،بيروت،1970، ص7.

2- انظر : د. سمعان بطرس فرج الله ، تعريف العدوان ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد (24) ، السنة 1968 ، ص ص 191-194.

3- لمزيد من التفصيل عن المحاولات المبذولة لتعريف العدوان في هذه الاتفاقية ، انظر : المصدر نفسه ، ص ص 194-204.

4- لمزيد من التفصيل عن المشاريع الثلاثة انظر كل من : د. .كمال حماد، جريمة العدوان احدى الجرائم الخطيرة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ضمن الندوة العلمية(المحكمة الجنائية الدولية، تحدي الحصانة) (جامعة دمشق، كلية الحقوق، من 3-4 تشرين الاول،2001 ، ص ص 259-263؛ د. .رشاد عارف يوسف السيد، المسؤولية الدولية عن اضرار الحروب العربية الاسرائيلية، الجزء الاول، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الاولى،1984,ص 197-205 ؛ وكذلك : د. ابراهيم زهير الدراجي،جريمة العدوان ومدى المسئولية القانونية الدولية عنها،رسالة دكتوراة مقدمة الى  كلية الحقوق، جامعة عين شمس2002  ، ص ص 183-188.  

5- انظر : د. رشاد عارف يوسف السيد ، مصدر سابق ، ص205. 

6- انظر : د. محمد محمود خلف، حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي، دراسة تاصلية تحليلية مقارنة، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الاولى،1973ص418. 

7-See : Joachim Geweher , Op. Cit., pp. 6-7.

 8-See : Francois Bughion , Juste War and War of Aggression and International Humanitarian Law, International Review of Red Cross, No. 847, 2002, p.49.   

9- انظر : م (5) فقرة (2) من القرار . 

10-  انظر : م (16) من مشروع المدونة .

11- انظر في استعراض اراء الدول المؤيد لادراج العدوان كلا من : د.كمال حماد ، مصدر سابق ، ص ص 270- 276؛ وكذلك : ابراهيم زهير الدراجي، جريمة العدوان ومدى المسئولية القانونية الدولية عنها، رسالة دكتوراة مقدمة الى  كلية الحقوق، جامعة عين شمس2002ص 874-877. 

12- Joachim geweher, OP. Cit., p. 25.

13- انظر : ابراهيم زهير الدراجي ، مصدر سابق ، ص881. 

14- انظر : د. محمد عزيز شكري، جريمة العدوان بين نظام روما الاساسي واللجنة التحضيرية لانشاء المحكمة الجنائية الدولية، ضمن الندوة العلمية بعنوان(القانون الدولي الانساني الواقع والطموح)،جامعة دمشق، كلية الحقوق،من 4-5تشرين الثاني2000ص225.

15- See : Benjamin B. Ferencz , from Nuremberg to Rome the prosecution of International Crimes, May 1998, p.2. http:// www. Benferencz. Org/ bonnlecz. htm. 

16-انظر : عبد الله عبد الجليل الحديثي ، النظرية العامة للقواعد الآمرة في القانون الدولي ، بغداد ، الطبعة الأولى ، 1986 ، ص239. 

 17- See : Benjamin B. Ferencz , Can Aggression be deterred by Law 1999, p.3. http : // www. benfernz. Org/ paceari. Htm.  

 18- See : William L. Nash, The International Criminal Count and the Deployment of U. S. Armed Forces. http:// www. amacad. org./ publications/icc ; and See also : Marjori chn, the Crime of Agression What is it and Way doesn’t the U. S want the International Criminal Court to Punish it? http:// www. jurist. Law. Pitt. Edu.  

19-  See : Benjamin B. ferencz, misguided fears about the Icc, New Jersey Law Journal, 15 June 2000, pp.2-3. http: // www. benferenz. Org / fears. htm.

20- انظر : د. محمد عزيز شكري ، مصدر سابق ، ص228.

21-  ولا شك أن منح الدولة صلاحية رفض التعريف والتهرب من اختصاص المحكمة إنما يعد من قبيل التحفظ على اختصاص أصيل للمحكمة بالنظر في اخطر جريمة دولية على الإطلاق وهذا يتنافى مع النظام الأساسي نفسه الذي نص في المادة (120) منه على  (لا يجوز إبداء أية تحفظات على هذا النظام الأساسي. لمزيد من التفصيل ، انظر : إبراهيم زهير الدراجي ، مصدر سابق ، ص897. 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






موكب أهالي كربلاء يهدي ممثل المرجعية العليا درعا تثمينا للمساهمات الفاعلة والمساندة لإنجاح الفعاليات التي يقيمها خلال المناسبات الدينية
مراحل متقدمة من الإنجاز يشهدها مشروع مركز الشلل الدماغي في بابل
الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة: يجب الاهتمام بالباحثين عن العمل ومنحهم الفرص المناسبة عبر الاهتمام بقدراتهم ومؤهلاتهم وإبداعاتهم
يمتد على مساحة (500) دونم ويستهدف توليد الطاقة الكهربائية.. العتبة الحسينية تعلن عن الشروع بإنشاء مشروع معمل لتدوير النفايات في كربلاء