المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5810 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


بيعة ابي بكر وقصة السقيفة  
  
2592   10:56 صباحاً   التاريخ: 15-11-2016
المؤلف : نجاح الطائي
الكتاب أو المصدر : سيرة الامام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج1, ص122-135
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الخلفاء الاربعة / ابو بكر بن ابي قحافة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016 1490
التاريخ: 15-11-2016 947
التاريخ: 3-8-2020 5144
التاريخ: 9-9-2018 1017

السقيفة والخلافة:

أحداث السقيفة:

 الظاهر من عمل أبي بكر وعمر في السقيفة، وما قبلها وما بعدها، أن التخطيط الذي خططاه مع صحبهم كان دقيقا وناضجا للغاية، قد استنفد وقتا طويلا وجهودا حثيثة من عدة أشخاص، فقد اشترك إلى جانبهما أبو عبيدة بن الجراح، وعثمان وابن العاص وأنس وقنفذ وأسيد. ذكر اليعقوبي وقد شارك المغيرة بن شعبة، وخالد بن الوليد، وعبد الرحمن ابن عوف في السقيفة (1). وبجهود أولئك الأشخاص منع النبي (صلى الله عليه وآله) من كتابة وصيته في يوم الخميس، ومنعت حملة أسامة من التحرك إلى الشام، ومنع الناس من دفن النبي (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام تم فيها انتخاب أبي بكر في السقيفة. وظاهر الأمر أن تخطيط التحرك كان يعتمد على الأمور التالية: سلب السلطة من القوتين الأساسيتين في المدينة بني هاشم والأنصار، لذلك اقترحت الخطة مهاجمة كلا منهما على حدة. وبما أن بني هاشم سينشغلون بمراسم دفن الرسول (صلى الله عليه وآله)، فالأفضل إرضاء الأنصار أولا وانتزاع البيعة منهم، ثم إقامة بيعة سريعة، قبل انتهاء بني هاشم من مراسم دفن الرسول (صلى الله عليه وآله). لقد أدرك عمر وأبو بكر وأبو عبيدة أن الأنصار قوة كبيرة، يحسب لها حساب في المدينة المنورة، وأي خليفة منتخب يجب أن يحصل على تأييدها، للوصول إلى السلطة، فهم أكثر من نصف سكان المدينة. وفي الأنصار الصحابة الكرام، الذين اشتركوا في معركة بدر، واحد، وخيبر وحنين، وغيرها. وهم الذين بايعوا بيعة الرضوان والعقبتين، ونصروا الرسول (صلى الله عليه وآله) والمهاجرين بأموالهم، وأنفسهم، وجهودهم. ولو مال الأنصار بأجمعهم إلى أي طرف لمالت كفته، وحقق أهدافه. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آية المنافق بغض الأنصار، وآية المؤمن حب الأنصار (2). وعن البراء أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في الأنصار: لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق. من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله (3). وكانت خطة أبي بكر وعمر وابن الجراح تتمثل في إقصاء هذه الطائفة عن الخلافة، بصورة أساسية وجذرية كي لا ينافسوا قريشا أبدا. وقد أدركوا أن هذا لا يتم بأدلة قبلية، ولا حجج عقلية، ولا براهين عرفية، بل يتم بأحاديث نبوية... فجاؤوهم بحديث: الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش، والأمراء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش. وفي الواقع هذا الحديث هو امتداد لحديث الثقلين، إذ قال (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وأحدهما أكبر من الآخر، وأنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة (4).

فذلك الثقل أوله علي (عليه السلام) وآخره المهدي (عليه السلام) وهم الذين لا يفارقون القرآن إلى يوم القيامة. والآيات والأحاديث في أهل البيت كثيرة منها الآية الكريمة: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [آل عمران: 103] (5)، والحديث الشريف: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى (6). وتمكن أبو بكر وعمر وابن الجراح من الاستفادة من حديث الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش بإلصاقه بالقرشيين عموما وبالموجودين في السقيفة خصوصا! وبواسطة هذا الحديث أخرجوا الأنصار وغيرهم، بعد إجراء تغيير في متنه، لصالح قريش (7). وبما أن الأنصار قوة كبيرة، ومؤمنة ببيعة الغدير للإمام علي (عليه السلام)، فقد توجهت الخطة نحو كسب أفراد منهم مثل بشير بن سعد من الخزرج ومعاذ بن جبل وأسيد بن حضير من الأوس. وبقيت زعامات كثيرة عند الأنصار على خلاف هذا المنهج. واقتضت الخطة للهروب من تأييد جموع الأنصار للإمام علي (عليه السلام)، أن تكون بيعتها ختلة وخلسة. وكانت المجموعة قد انتصرت في منع النبي (صلى الله عليه وآله) من كتابة وصيته، وعرقلة حملة أسامة، التي سعى فيها النبي (صلى الله عليه وآله) لإبعاد كل المنافسين للإمام علي (عليه السلام) إلى خارج المدينة. مثل عمر وأبي بكر وابن الجراح وعثمان وابن عوف وخالد والمغيرة وغيرهم. وكان كل من النبي (صلى الله عليه وآله) وهؤلاء يعد خطة لتعيين خليفة للمسلمين، ودحر خطبة الخصم، ثم حدثت فجأة مشكلة في الخطة الاستراتيجية المذكورة، لجماعة أبي بكر وعمر تمثلت في وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) في غياب أبي بكر. وهنا تحرك عمر بكل الوسائل المتاحة لتأخير دفن الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى حين عودة أبي بكر من السنح. ولو دفن الرسول (صلى الله عليه وآله) قبل عودة أبي بكر لأخفقت الخطة تماما. وقد اضطر عمر وجماعته إلى منع المسلمين من دفن النبي (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام، إلى حين مجيء أبي بكر من السنح (8)، لأن الخطة كانت تعتمد على أفراد معينين، وطريقة خاصة، ووقت خاص ودقيق. فالوقت أو ساعة الصفر للعملية محدد في زمن انشغال بني هاشم بمراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله). وقد نجحت هذه الخطة أيضا، بما اختلقه عمر من ادعاء عدم وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وذهابه (صلى الله عليه وآله) إلى الله سبحانه كموسى، وما رافق ذلك من تهديد ووعيد، ولكن عمر وبسبب حراجة الموقف، وهيبة المقام لم يطرح عذرا واحد بل طرح أعذارا شتى، شككت الناس في نواياه: فقد قال بذهابه (صلى الله عليه وآله) إلى ربه كموسى (أي بجسده) (9) وقال مرة برفعه إلى السماء كعيسى (عليه السلام) (10) وقال أخرى بارتفاع روحه إلى السماء فقط دون جسده (11) وقال أيضا: غشي رسول الله (صلى الله عليه وآله) (12).

وبعد وصول أبي بكر، تحركت المجموعة بسرعة إلى المكان المحدد لإجراء بيعة أبي بكر والمتمثل في سقيفة بني ساعدة، البعيدة عن بيت ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) مكان إجراء مراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله) ثم استدرجوا سعد بن عبادة للحضور في السقيفة لإلقاء تبعة الأحداث على كاهله! وبعد وصولهم إلى السقيفة اختلقوا الأجواء للكلام في خلافة النبي (صلى الله عليه وآله). وهنا قال الأنصار الحاضرون بقوة: لا نبايع إلا عليا (13)، لكن عمر وجماعته سعوا في منهجين: الأول: حصر الخلافة في قريش لإخراج الأنصار، واعتمدوا في ذلك على الحديث الوارد في أهل البيت (عليهم السلام) وهو الخلفاء من بعدي اثنا عشر خليفة، وادعوا بأنهم عشيرة النبي (صلى الله عليه وآله)، في حين عشيرة النبي (صلى الله عليه وآله) مشغولة بمراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله)؟! الثاني: حصر الخلافة في الموجودين في داخل السقيفة، لإخراج بني هاشم منها! ولما طبق أفراد المجموعة المنهج الأول، تحولوا نحو المنهج الثاني، فواجهوا به دعوى الأنصار: لا نبايع إلا عليا. فعلي (عليه السلام) من أهل البيت وابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) وهو قرشي وزعيم بني هاشم وصاحب نص الغدير ووصي رسول الله (صلى الله عليه وآله). لكنه غير موجود في السقيفة. وبسرعة خارقة للأعراف والتقاليد، حصر أبو بكر الخلافة في رجلين: عمر وابن الجراح؟! فعاد الرجلان فتنازلا عن حقهما بترشيحهما له (14).

وهنا أيد البيعة رجال الأنصار المتفقين مع أبي بكر وعمر وهم معاذ وأسيد وبشير وزيد بن ثابت. وكان زيد بن ثابت من أصول يهودية ويتقن اللغة العبرية ولكنهم وضعوا له نسبا في الأنصار (15). وقد أيد زيد أبا بكر في السقيفة ودعا إلى بيعته فقد روى ابن كثير: أن زيد ابن ثابت أخذ بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه... (16). وقال زيد في السقيفة: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان من المهاجرين وإنما الإمام يكون من المهاجرين ونحن أنصاره، كما كنا أنصار رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقام أبو بكر فقال: جزاكم الله خيرا من حي يا معشر الأنصار وثبت قائلكم (17). وبين حيرة الحاضرين من سرعة إجراء المخطط ودقة تنظيمه دخلت قبيلة أسلم إلى الميدان حسب الاتفاق معها فبايعت أبا بكر. وقد قال عمر: ما أن رأيت أسلم حتى أيقنت بالنصر؟ (18) ولكن كيف جاءت أسلم بتلك السرعة الخاطفة؟ ولماذا بايعت دون جدال؟ وكيف أيقن عمر بالنصر برؤيتها؟ ولماذا لم تذهب لمراسم النبي (صلى الله عليه وآله)؟! أسئلة بحاجة إلى جواب. وقد جاء: أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر (19). كان الأولى بأسلم الذهاب إلى مراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله) من دخلوها في بيعة خاطفة وفلتة؟

وكانت الخطة تقتضي مواجهة حاسمة مع الأنصار، ولما نادت الأنصار في السقيفة لا نبايع إلا عليا، وفشلت في مسعاها، وأخذت البيعة منها قسرا وحيلة انحسرت الأنصار عن الدولة فتحرك أعوان الدولة، من مثل عمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهم لهجو الأنصار بأسلوب عنيف. واستمرت معارضة سعد بن عبادة لحكم أبي بكر وعمر إلى أن انتهى ذلك في زمن عمر بن الخطاب بنفيه إلى الشام ثم قتله هناك... وقد قتله محمد بن مسلمة في الشام بأمر عمر بن الخطاب (20) ولكن الدولة ألقت بتهمه قتله على الجن؟! (أي جن الشام)، ثم قتل محمد بن مسلمة بواسطة رجل شامي.. (ليس من الجن)؟! وكانت خطة الحزب القرشي تعتمد على اتهام سعد بن عبادة بحادثة تأسيس وقائع السقيفة لضرب عصفورين بحجر الأول أي الانتقام من سعد بن عبادة رئيس الأنصار وعزل علي بن أبي طالب (عليه السلام) زعيم بني هاشم ووصي المصطفى (عليه السلام). فجاءوا بسعد بن عبادة إلى السقيفة مستدرجين إياه، أو أنه كان في سقيفته مع ثلة من الأنصار معذورا عن حضور مراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله) لمرضه. وكان سعد زعيم الأنصار وابنه قيس من دهاة العرب ومن المؤمنين المجاهدين الذين شاركوا في حروب النبي (صلى الله عليه وآله)، ولو أراد سعد السيطرة على الخلافة بغتة لما تمكن رجال الحزب القرشي من أخذها من الأنصار، ولجمع الجموع العظيمة، وهيأوا الخطط الخطيرة. علما بأنهما من المتقين الأخيار الذين لا يسعون لأخذ الخلافة من علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ويشهد لذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله): اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة. وقال (صلى الله عليه وآله) في غزوة ذي قرد: اللهم ارحم سعدا وآل سعد، نعم المرء سعد بن عبادة (21). ويشهد لذلك جهود قيس وأنصاره في بيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومشاركته في الجمل وصفين والنهروان. ورفضه رشوة معاوية البالغة ألف ألف درهم ليكون بجانبه وينصرف عن نصرة الحسن (عليه السلام). فأرسل إليه بالمال، وقال: تخدعني عن ديني (22). ورفضه عرض معاوية بإعطائه سلطان العراقيين (الكوفة والبصرة) والحجاز (23). واعتمدت الخطة أيضا على سلب النص الإلهي والنبوي من أهل البيت (عليهم السلام)، وتمثل ذلك السلب في نظرية خطيرة طرحها عمر في رزية يوم الخميس ألا وهي: حسبنا كتاب الله، مقابل نظرية الله ورسوله والمتمثلة بالثقلين: القرآن وأهل البيت (عليهم السلام). واعتمدت الأطروحة على إقصاء أهل البيت تماما عن مسرح الأحداث، بمنع تدوين الحديث النبوي وإحراقه. ومنع الصحابة من الخروج من المدينة المنورة إلى الأمصار الإسلامية المفتوحة لمنع انتشار الحديث النبوي. واقتضت الخطة إرضاء أبي سفيان وأبنائه بمشاركتهم في السلطة. وتطورت الخطة الموضوعة إلى العمل في أحداث انقسامات في داخل البيت الهاشمي، بكسب العباس وأبنائه إلى صفوف السلطة بإغرائه بالمشاركة في الحكم مع أبنائه، لكنها فشلت لمعارضة العباس ذلك (24). وكانت خطة عمر وأبي بكر وصحبهم تتمثل في الإقصاء الكامل لأهل البيت (عليهم السلام)، وإضعافهم في النواحي المرجعية، والتراثية، والاقتصادية، والسياسية. وامتدت تلك الخطة زمنيا إلى ما بعد زمن أبي بكر وعمر. أي أن عمر مبرمج أطروحة السقيفة، لم يكتف بإقصاء الإمام علي (عليه السلام)، وإحلال أبي بكر محله، ولا بتنصيب نفسه بيد أبي بكر، بل نراه انزعج جدا في خلافته من قول عمار بن ياسر: لو مات عمر لبايعت عليا؟! (25) وهدد من بايع عليا (عليه السلام) بالموت قائلا: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها ومن عاد إليها فاقتلوه (26). وجاء عمر بعثمان وبني أمية إلى الخلافة لإقصاء علي وبني هاشم عنها إلى الأبد. لماذا جرت الأحداث في سقيفة بني ساعدة؟ إن نسب سعد هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة، وقيل حارثة بن حزام بن حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي (27) وإلى قبيلته تنتسب سقيفة بني ساعدة. وقد تم انتخاب هذه السقيفة من قبل الحزب القرشي لأمور منها بعدها عن المسجد النبوي حيث تم غسل النبي (صلى الله عليه وآله) بواسطة بني هاشم. وثانيا وجود سعد بن عبادة في هذه السقيفة، لأنها سقيفة قومه ومن الطبيعي وجوده فيها، وإلا فمن السهولة استدراجه أو دعوته إليها. ولو تمت الأحداث في سقيفة بعيدة أخرى لصعب ذلك.

وكانت عصبة قريش قد شخصت اثنين من زعماء المسلمين المنافسين لها على حكم البلاد. الأول علي بن أبي طالب (عليه السلام) زعيم بني هاشم ووصي رسول الله (صلى الله عليه وآله). والثاني سعد بن عبادة زعيم الأنصار. ولما كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) مشغولا بمراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله) بقي سعد بن عبادة. فاستعدت عصبة قريش له جيدا بمفاجئته ورده ببعض الأنصار الموالين لها والمتفقين معها من أمثال أسيد بن حضير وبشير بن سعد ومحمد بن مسلمة ومعاذ ابن جبل. وكان سعد بن عبادة يومها مريضا لا يقوى على الحركة لذا قال: إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي (28). وقال عمر: أما والله لو أن بي قوة أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيرا يجحرك وأصحابك (29). وبسبب مرض سعد وعدم استعداده لهذا الإنقلاب المفاجئ فقد سيطرت عصبة قريش على سقيفة بني ساعدة، فتمت بيعتهم لأبي بكر بتأييد مجموعة من الأنصار المنضمين إليهم. وكانت المجموعة التي بايعت أبا بكر تضم عشرات الأفراد من الحزب القرشي وقبيلة أسلم، فوطأت سعد بن عبادة وكسرت أنف الحباب بن المنذر (30). وكانت خطة عصبة قريش تهدف إلى ضرب الزعيمين بضربة واحدة. فتمكنت من القضاء على سعد بن عبادة قضاء معنويا عبر اتهامه بمحاولة اغتصاب السلطة، فبقي سعد محكوما في التاريخ إلى يومنا هذا بمحاولة ليس لها واقع. وبواسطة هذا الاتهام سلبت منه أي محاولة لاحقة لإبعاد عصبة قريش عن الخلافة. ورغم ترك سعد للسياسة والمدينة لم يسلم بجلده إذ قتل في حوران الشام. والظاهر إن عمر كان مصرا على قتل سعد في السقيفة إذ قال: اقتلوه قتله الله ثم قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك. فقال أبو بكر: مهلا يا عمر الرفق ههنا أبلغ (31 ). لكن عمر بقي مصرا على رأيه، فلما انتهت مدة خلافة أبي بكر بوفاته أرسل محمد بن مسلمة إلى الشام فقتله هناك (32). هل رشح سعد بن عبادة نفسه للخلافة؟ لقد وقع سعد بن عبادة ضحية السياسة حيا وميتا. فلقد ألصقوا به (حيا) تهمة سعية لغصب الخلافة. وألصقوا به ميتا تهمة مقتله بأيدي الجن؟! وقد قال الإمام علي (عليه السلام): لقد كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبا بكر نادى: أيها الناس إني والله ما أردتها، حتى رأيتكم تصرفونها عن علي، ولا أبايعكم حتى يبايع علي، ولعلي لا أفعل وإن بايع، ثم ركب دابته وأتى حوران، وأقام في خان حتى هلك ولم يبايع (33). إذن كانت تهمة قريش لسعد باطلة، ولا أصل لها من الصحة، فالرجل لم يستغل فترة انشغال الناس بجهاز النبي (صلى الله عليه وآله) لقبض السلطة كما ادعوا: ولقد كان سعد في ذلك اليوم مريضا مشغولا بنفسه. ولو كانت عنده رغبة في قبض الخلافة لقبضها قبل مجيء أبي بكر وعمر وصحبهم إلى السقيفة. إذ مات النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الاثنين قبل الزوال (34) وقالت عائشة: دفن نبي الله (صلى الله عليه وآله) ليلة الأربعاء (35). فسعد بن عبادة كان بإمكانه الحصول على بيعة له في يوم الاثنين، أو في يوم الثلاثاء، ولكنه لم يفعل ذلك؟! إذن كيف اتهموه واتهموا الأنصار بمحاولة السيطرة على السلطة؟ إنها السياسة تفعل ما تريد ولا تتوانى عن التضحية بما تشاء لما تشاء. وهكذا تفعل حكومات العالم؟! وفي حادثة السقيفة كان كبش الفداء سعد بن عبادة الذي ذهب ضحية الانقلاب العسكري المدبر من قبل حزب قريش.. متى كان الإنقلاب العسكري الأول؟ لقد أثبتنا في موضوع حملة أسامة إلزام النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم بوجوب الانخراط في صفوف جيش أسامة. فتحول هؤلاء بالأمر الإلهي الصادر من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جنود في تلك الحملة المتوجهة إلى الشام. ولكن أفراد عصبة قريش المشتركين في التخطيط للسيطرة على الحكم امتنعت من الذهاب في تلك الحملة بالرغم من الإصرار النبوي. فعاد البعض إلى المدينة وذهب أبو بكر إلى خارج المدينة (السنح) (36) دون اهتمام بالأمر الإلهي واللعن النبوي للعاصين. وعندما مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) افتعلت تلك العصبة العسكرية العاصية للأمر الإلهي انقلابا عسكريا سيطرت فيه على الدولة. وكانت ساعة الصفر لذلك الانقلاب تتمثل في موت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومدته محصورة بين البدء بغسل النبي (صلى الله عليه وآله) وانتهاء بدفنه، وساحة الانقلاب تتمثل في سقيفة بني ساعدة. وفعلا تم ذلك التخطيط ونفذ وانتخبوا أبا بكر. وقد استمر بعض الجنود الفارين من حملة أسامة بمناداة أسامة بالأمير طيلة حياتهم. ومنهم أبو بكر وعمر وبعد سيطرة أبو بكر على السلطة طلب من أسامة إذنا ببقاء عمر في المدينة، فقال له أسامة (جوابا خطيرا): ماذا تقول في نفسك؟ (37) وبالرغم من كل ذلك فقد بقي صدى صوت الأنصار: لا نبايع إلا عليا (38). واعترف عمر بمعارضة الأنصار لهم قائلا (عن حادثة السقيفة): وتخلفت عنا الأنصار بأسرها (39). فإذا كانت الأنصار بأسرها قد تخلفت عن بيعة أبي بكر، وقالت بأسرها: لا نبايع إلا عليا، فمتى حصلت البيعة لابن عبادة؟، وكيف؟ ولو بايع سعد لنفسه في فترة وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) ووجود أبي بكر في السنح (خارج المدينة)، وجمع الأعوان لنفسه وشاطرهم السلطة، (مثلما فعل أبو بكر وعمر مع المغيرة وابن العاص وخالد وابن عوف وعثمان وغيرهم) لما تمكن عمر من وطئه، والمطالبة بقتله، وكسر أنف الحباب؟!! لقد وطأوا سعدا وكسروا أنف الحباب، بينما ذكرت الأخبار بأنهما ثبتا مع النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في معركة أحد يوم فر منها أبو بكر وعمر (40) وبعد حادثة السقيفة قتل ابن عبادة وأهمل ذكر الحباب! وصعد نجم المعادين للنبي (صلى الله عليه وآله) من أمثال ابن العاص ومعاوية والوليد بن عقبة! بينما كان سعد بن عبادة حاملا للواء الرسول (صلى الله عليه وآله) في كل معارك، فإذا حدث قتال أخذ اللواء علي بن أبي طالب (عليه السلام) (41). وكان الحباب بن المنذر حاملا لراية الخزرج في كثير من المعارك منها معركة أحد ومعركة خيبر (42). ولقد دهشت من قول عمر إني لقائم العشية في الناس أحذرهم هؤلاء الرهط، الذين يريدون أن يغتصبوا الناس أمرهم (أو حقهم) (43). وقال أيضا: وقد دفت إلينا دافة من قومكم، فإذا هم يريدون أن يغصبونا الأمر (44). أي يتهم عمر عمارا وجماعته بمحاولة غصب السلطة لصالح علي (عليه السلام). فإذا كانت بيعة الناس لعلي (عليه السلام) تسمى غصبا، فماذا تسمى بيعة أبي بكر الفلتة، ووصية أبي بكر لعمر القائمة على الفلتة. إن عليا (عليه السلام) عنده نص إلهي بالبيعة ووصية نبوية وبيعة جماهيرية في الغدير وبيعة في سقيفة بني ساعدة (يوم قالت الأنصار: لا نبايع إلا عليا (عليه السلام)) والذي عنده نص إلهي وبيعة جماهيرية بالخلافة كيف يتهم بمحاولة غصب السلطة؟ لقد كان عمر، على جانب كبير من القدرة في المناورة السياسية لإخراج منافسيه من حلبة الصراع، فلقد اتهم عمارا وجماعته بمحاولة غصب السلطة، واتهم ابن عبادة بالنفاق، قائلا: قتله الله إنه منافق (45). واتهم عليا بن أبي طالب بالدعابة، وهو أبعد ما يكون عن عالم المزاح واللهو والدعابة. بينما اتهم النبي (صلى الله عليه وآله) بالهجر لإخراجه من حلبة الصراع السياسي، ومنعه من كتابة الوصية السياسية. ومن مناورات عمر السياسية، اتهامه النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته بأنه ميت، واتهامه في مماته بأنه حي؟ إذ قال عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الخميس: إنه يهجر أي عجوز خرف فهو ميت، وقال عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته، بأنه غشي عليه أو ذهب إلى الله تعالى وسيعود أي أنه حي؟! انتظارا لمجئ أبي بكر من خارج المدينة. ولو عكس عمر وأصحابه القضيتين لما حدثت عندنا مشكلة سياسية ودينية. والملاحظ لعالم السياسة والسياسيين يجد ذلك العمل مألوفا لا غرابة فيه؟! وقد قال طه حسين عن مقتل سعد بن عبادة: قتلته السياسة (46).

__________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 123، الإصابة، ابن حجر 1 / 325.

(2) صحيح مسلم ج 1 / 33 حديث 74.

(3) صحيح مسلم ج 1 / 33 حديث 75.

(4) كنز العمال 1 / 45، سنن الترمذي 2 / 308، أسد الغابة، ابن الأثير 2 / 12، الصواعق المحرقة، ابن حجر 136، سنن مسلم 7 / 122، مسند أحمد 5 / 181.

(5) آل عمران: 103.

(6) المعارف، ابن قتيبة 86 ط. مصر.

 (7) جاء في الحديث عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: يكون اثنا عشر أميرا، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي إنه قال: كلهم من قريش، صحيح البخاري، كتاب الأحكام. بينما الحديث الكامل رواه القندوزي في ينابيع المودة في الباب السابع والسبعين عن بعض علماء العامة أنه قد روي حديث جابر بن سمرة وقال في آخره: كلهم من بني هاشم وروى الحافظ أبو نعيم في حليته 1 / 86 بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فأنهم عترتي خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي.

(8) تاريخ الطبري 2 / 443، طبع مؤسسة الأعلمي، بيروت.

(9) تاريخ الطبري 2 / 442، سيرة ابن هشام، 305.

 (10) الملل والنحل 1 / 15.

(11) سنن الدارمي 1 / 39.

(12) طبقان ابن سعد 2 / 267.

(13) تاريخ الطبري 2 / 443.

 (14) الإمامة والسياسة، ابن قتيبة 1 / 6.

(15) مسند أحمد 1 / 239، 405، 442، تاريخ المدينة المنورة 3 / 1006.

 (16) السيرة النبوية 4 / 494.

(17) مسند أحمد بن حنبل 5 / 185.

(18) تاريخ الطبري 2 / 458، شرح نهج البلاغة 2 / 287.

(19) تاريخ الطبري 2 / 458، طبع مؤسسة الأعلمي، بيروت.

(20) أنساب الأشراف، البلاذري، السقيفة والخلافة، عبد الفتاح عبد المقصود، 13.

(21) إمتاع المقريزي ص 263، 515، تاريخ ابن عساكر 6 / 82، 88، مختصر تاريخ ابن عساكر 9 / 242، السيرة الحلبية 3 / 8.

(22) تاريخ اليعقوبي 2 / 191.

 (23) تهذيب التهذيب 11 / 331 رقم 636.

(24) تاريخ اليعقوبي 2 / 125، السقيفة وفدك، الجوهري ص 37.

(25) تاريخ الطبري، 2 / 446.

(26) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 2 / 29.

 (27) أسد الغابة، ابن الأثير 2 / 356.

(28) تاريخ الطبري 2 / 455.

(29) تاريخ الطبري 2 / 459.

(30) تاريخ الطبري ص 457 - 463.

(31) تاريخ الطبري 2 / 459.

(32) أنساب الأشراف، العقد الفريد 4 / 247، السقيفة والخلافة، عبد الفتاح عبد المقصود ص 13.

(33 ) كشف المحجة لثمرة المهجة 173 - 189 طبعة النجف.

 (34) الكامل في التاريخ، ابن الأثير 2 / 333. (35) تاريخ الطبري 2 / 452، 455.

(35) تاريخ الطبري 2 / 442، الكامل في التاريخ ص 322.

(36) تاريخ أبي الفداء 1 / 220، تاريخ اليعقوبي 2 / 127.

(37) الكامل في التاريخ، ابن الأثير 2 / 325.

 (38) تاريخ الطبري 2 / 446، طبع مؤسسة الأعلمي، بيروت.

(39) مغازي والواقدي 1 / 240.

(40) أسد الغابة 4 / 20، أنساب الأشراف 2 / 106.

 (41) طبقات ابن سعد 2 / 39، 106.

 (42) الكامل في التاريخ لابن الأثير 2 / 326.

(43) الكامل في التاريخ، ابن الأثير 2 / 327.

(44) تاريخ الطبري 2 / 459.

(45) صحيح البخاري 4 / 490 باب جوائز الوفد ح 1229، صحيح مسلم 11 / 89.

 (46) علي والفتنة الكبرى.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





أولياء الأمور: حفل الورود الفاطمية للتكليف الشرعي يحصن بناتنا من التأثر بالأفكار المحيطة بهن
تربويات: الورود الفاطمية لتكليف الطالبات مشروع حيوي لبناء مجتمعٍ سليم
تربويون: مشروع الورود الفاطمية ينتج جيلاً محتشماً ملتزماً بالحجاب وتعاليم الدين الإسلامي
الشؤون النسوية: مشهد حفل التكليف الشرعي له وقع كبير في نفوس المكلفات