المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7452 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
بطانة الرجل وولیجته
2024-04-19
معنى الصِر
2024-04-19
تحتمس الرابع وتاريخ هذه المسلة.
2024-04-19
تحتمس الثالث يقيم مسلتين في معبد عين شمس وتنقلان إلى الإسكندرية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الصـــــــحيح والاعــــــم  
  
1199   11:21 صباحاً   التاريخ: 5-8-2016
المؤلف : حسين البروجردي الطباطبائي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأصول
الجزء والصفحة : ص.39
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

لا يخفى ان الصحة (لغة) بمعنى التمامية، ويقابله الفساد نحو تقابل العدم والملكة ويعبر عنهما بالفارسية (درست ونادرست)، ولا يوصف بهما العناوين والمفاهيم بما هي هي) إذ لا معنى لفساد المفهوم في عالم المفهومية فان كل مفهوم وعنوان هو هو ويحمل على نفسه بالحمل الاولى.

واتصافه بالفساد وعدم التمامية انما هو بان لا يكون هذا العنوان هذا العنوان، وهو يساوق سلب الشيء عن نفسه ولا يوصف بهما الوجودات الخارجية ايضا بلحاظ ذواتها التي هي من سنخ الوجود، (وانما) يتصف بهما الموجودات بالقياس إلى العناوين الخاصة المترقب انطباقها عليها، فالموجود الخارجي من افراد الدواء أو الثمرة مثلا ربما يتصف بالصحة، وربما يتصف بالفساد ولكنه لا بلحاظ هذا الوجود بما انه وجود خارجي بل بالقياس إلى العنوان الذى يترقب انطباقه عليه، ليترتب عليه آثار هذا العنوان، (فان وجد) بنحو ينطبق عليه هذ العنوان ويترتب عليه اثره اتصف هذا الموجود بالصحة، (وان وجد) بنحو لا ينطبق عليه اتصف بالفساد، وكذلك العمل الخارجي الصادر عن المكلف بترقب كونه مصداقا للصلاة أو الحج أو نحوهما قد يتصف بالصحة وقد يتصف بالفساد، لكن لا بما أنه وجود خاص ولا بلحاظ عنوان الحركة مثلا، فانه بلحاظ هذا العنوان تام حيث ينطبق عليه عنوان الحركة ويترتب عليه اثرها، بل بلحاظ عنوان الصلاة المترقب انطباقها عليه، فان كان بنحو ينطبق عليه العنوان المترقب اتصف هذا الوجود بالصحة، والا اتصف بالفساد.

فالصحة عبارة عن كون الموجود (الذي وجد بداعي انطباق عنوان خاص عليه) بحيث ينطبق عليه هذا العنوان المترقب ويترتب عليه اثره، والفساد عبارة عن كونه بحيث لا ينطبق عليه ذلك، فهما وصفان للموجودات لا للعناوين والمفاهيم، ولكن اتصاف الموجودات بهما انما هو بالقياس إلى العناوين المترقبة، وربما يكون موجود خاص بالقياس إلى عنوان تاما، وبالقياس إلى عنوان آخر غير تام، فيتصف بالصحة بالنسبة إلى الاول وبالفساد بالنسبة إلى الثاني وقد اتضح بما ذكرناه ان اتصاف الموجودات بالصحة والفساد ليس بلحاظ الاثار من دون توسيط العناوين، فان الاثار آثار لا محالة لعناوين خاصة، فالاتصاف بالوصفين انما يكون بالقياس إلى العناوين المترقبة، ولا محالة يترتب الاثر بعد تحقق العنوان الذى هو موضوع له.

 ثم ان المهم في مسألة الصحيح والاعم انما هو تصوير الجامع بين الافراد والمراتب ولا سيما على القول بالأعم، (قال شيخنا الاستاذ) في الكفاية (ما حاصله): انه لا اشكال في وجود الجامع بين الافراد الصحيحة وامكان الاشارة إليه بخواصه وآثاره، فان الاشتراك في الاثر كاشف عن الاشتراك في جامع واحد، فيصح تصوير المسمى بلفظ الصلاة مثلا بالناهية عن الفحشاء، وما هو معراج المؤمن ونحوهما (انتهى).

 (اقول): اما تصوير الجامع الذاتي بين افراد الصلاة مثل فغير معقول، فان الصلاة ليست من الحقائق الخارجية، بل هي عنوان اعتباري ينتزع عن امور متباينة كل واحد منها من نوع خاص وداخل تحت مقولة خاصة، وليس صدق عنوان الصلاة على هذه الامور المتباينة صدقا ذاتيا بحيث يكون ماهية هذه المتكثرات عبارة عن الحيثية الصلوتية، ثم انه يختلف اجزائها وشرائطها باختلاف حالات المكلفين، من الحضر والسفر، والصحة والسقم والاختيار والاضطرار، ونحو ذلك: وعلي هذا فلا يعقل تصوير جامع ذاتي بين اجزائها في مرتبة واحدة فكيف بين مراتبها المتفاوتة! (واما الجامع العرضي) فتصويره معقول حيث ان جميع مراتب الصلاة مثلا بمالها من الاختلاف في الاجزاء والشرائط تشترك في كونه نحو توجه خاص وتخشع مخصوص من العبد لساحة مولاه، يوجد هذا التوجه الخاص بإيجاد اول جزء منها ويبقى إلى ان تتم، فيكون هذا التوجه بمنزلة الصورة لتلك الاجزاء المتباينة بحسب الذات، وتختلف كمالا ونقصا باختلاف المراتب.

(والحاصل) ان الصلاة ليست عبارة عن نفس الاقوال والافعال المتباينة المتدرجة بحسب الوجود حتى لا يكون لها حقيقة باقية إلى آخر الصلاة محفوظة في جميع المراتب ويترتب على ذلك عدم كون المصلى في حال السكونات والسكوتات المتخللة مشتغلا بالصلاة، بل هي عبارة عن حالة توجه خاص يحصل للعبد ويوجد بالشروع فيها، ويبقى ببقاء الا جزأ والشرائط ويكون هذا المعنى المخصوص كالطبيعة المشككة، لها مراتب متفاوتة تتنزع في كل مرتبة عما اعتبر جزء لها لا اقول ان هذا الامر الباقي يوجد بوجود على حدة وراء وجودات الاجزاء حتى يكون الاجزاء محصلات له، بل هو بمنزلة الصورة لهذه الاجزاء فهو موجود بعين وجودات الاجزاء، فيكون الموضوع له للفظ الصلاة هذه العبادة الخاصة والمعنى المخصوص، ويكون هذا المعنى محفوظا في جميع المراتب، فيكون وزان هذا الامر الاعتباري وزان الموجودات الخارجية كالإنسان ونحوه، فكما ان طبيعة الانسان محفوظة في جميع افراده المتفاوتة بالكمال والنقص والصغر والكبر، ونقص بعض الاجزاء وزيادته، مادام الصورة الانسانية محفوظة في جميع ذلك، فكذلك طبيعة الصلاة. ولعل ما ذكرناه هو المراد من الوجه الثالث المذكور في الكفاية في تصوير الجامع على القول بالأعم، الا ان التمثيل لذلك بالأعلام الشخصية مما يبعد ذلك فتدبر.

(ومثل) هذا المعنى يمكن ان يفرض في ساير العبادات ايضا من الصوم والحج ونحوهما واما ما في الكفاية: من تصوير المسمى بلفظ الصلاة مثل بالناهية عن الفحشاء وما هو معراج المؤمن ونحوهما فيرد عليه ان المتبادر من لفظ الصلاة ليس هذا السنخ من المعاني والاثار، كيف! ولو كان لفظ الصلاة موضوعا لعنوان الناهي عن الفحشاء مثلا لصار قوله تعالى {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] بمنزلة ان يقول: الذى ينهى عن الفحشاء والمنكر ينهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا واضح الفساد.

 ثم انه اشار هنا في الكفاية إلى مسألة البراءة والاشتغال في الاقل والاكثر الارتباطيين فالأولى ان نتعرض لها بمقدار يناسب المقام: (فنقول) ان المولى وان كان يلاحظ حين الامر بالمركب مجموع الاجزاء بالأسر شيئا واحدا، ويعتبرها حقيقة فاردة ويجعلها متعلقة لأمر واحد، ولكن وحدة المتعلق بحسب اللحاظ والاعتبار فقط ، فهو بحسب الواقع امور متكثرة لكل منها وجود على حدة، وعلي هذا فالأمر المتعلق بها وان كان واحدا، ولكنه يتبعض ويتكثر اعتبارا بتبعض المتعلق وتكثره، فيمكن ان يصير معلوم ومنجزا ببعضه، ومجهولا غير منجز ببعضه الاخر، فكما ان المتصل الواحد كماء الحوض مثلا مع كونه واحدا حقيقيا (من جهة ان الاتصال مساوق للوحدة الشخصية) يتجزأ ويتبعض، وبتبعضه يتبعض ما يعرضه من اللون، وربما يخالف لون بعض الاجزاء لون غيره ومع ذلك لا ينثلم به وحدة الماء، فكذلك الواحد الاعتباري المتكثر حقيقة كالصلاة مثلا، فحيث انها متكثرة حقيقة يتبعض الامر الوحداني المتعلق بها، ويمكن ان يعرض لبعضه لون العلم ويبقى بعضه مجهولا.

فإذا علم المكلف بتعلق الامر ببعض الاجزاء وشك في تعلقه بشيء آخر، وبالغ في الفحص اللازم عليه ولم يعثر على ما يدل على جزئيته يكون العقاب المستند إلى ترك هذا الجزء المشكوك عقابا بلا بيان (لا اقول) ان الامر يتبعض ويتكثر حقيقة بل نقول انه مع وحدته وبساطته لما تعلق بما هو متكثر حقيقة بتحقق فيه نحو تكثر اعتباري بحيث يمكن ان يتعلق العلم ببعضه ويبقى البعض مجهولا، فما تعلق به العلم تنجز لا محالة وليس العقاب من قبله عقابا بلا بيان، وما بقى مجهولا يكون العقاب المستند إليه عقابا بلا بيان، فيكون الامر بعكس متعلقه، فالمتعلق كثير حقيقة وواحد بحسب اللحاظ والاعتبار، والامر واحد حقيقي ومتكثر اعتبارا بتبع متعلقه. والحاصل ان تبعض الامر الواحد بحسب العلم والجهل والتنجز وعدمه لا محذور فيه بعد تكثر المتعلق حقيقة، فترك الاجزاء المعلومة يوجب العقاب سواء كان الواجب في متن الواقع هو الاقل أو الاكثر، وترك الجزء المشكوك فيه لا يوجبه.

(وان شئت قلت) ان الاقل منجز مطلق بمعنى ان تركه يستلزم استحقاق العقاب اما على نفسه أو على ترك الاكثر المستند إليه، وما لا يوجب العقوبة هو ترك الاكثر المستند إلى ترك الجزء المشكوك فيه فقط. (وبعبارة اوضح) محل البحث ليس صورة كون التكليف انشائيا فقط بحيث لم يصدر بداعي البعث والتحريك، فان العلم بهذا التكليف لا يوجب استحقاق العقوبة على تركه، بل النزاع انما هو في التكليف الفعلي الصادر بداعي البعث والتحريك، ولكن صرف فعلية التكليف وتماميته من قبل المولى لا يكفى في استحقاق العبد للعقوبة ما لم يحصل له علم، لا لقصور في ناحية التكليف فانه مطلق بالنسبة إلى العلم والجهل، بل لقصور في ناحية العبد، فالتكليف قبل تعلق العلم به فعلى ليس لتنجزه حالة منتظرة سوى علم العبد، ونعبر عنه بالفعلي قبل التنجز فإذا علم به العبد صار فعليا منجزا واستحق بتركه العقوبة، فيكون العقاب على التكليف بعد فعليته وتماميته من ناحية المولى دائرا مدار علم العبد، فيستحق العقوبة على مخالفة التكليف بمقدار حصل له العلم (وقد عرفت) ان الامر مع وحدته يتبعض بتبعض متعلقه، فإذا علم العبد بالأقل وشك في الزائد كان ترك الواجب المستند إلى ترك الاقل موجبا للعقوبة، وتركه المستند إلى ترك الجزء المشكوك فيه غير موجب له، فيكون التكليف بعد فرض فعليته منجزا بنحو الاطلاق ان كان بحسب متن الواقع متعلقا بالأقل، ومتوسطا في التنجز ان كان متعلقا بالأكثر فترك الاكثر المستند إلى ترك جميع الاجزاء يوجب العقاب، وتركه المستند إلى ترك الجزء المشكوك فيه لا يوجبه.

(وبالجملة) فترك الاقل يوجب استحقاق العقوبة مطلقا، وانم الذى لا يوجبه هو ترك الاكثر المستند إلى غير الاقل، والتكليف على أي حال فعلى، غاية الامر ان تركه المستند إلى ترك الجزء المشكوك فيه لا يوجب العقوبة من جهة القصور في ناحية العبد.

(فان قلت) سلمنا ان العلم الاجمالي بالوجوب المردد بين الاقل والاكثر ينحل إلى العلم التفصيلي بوجود الاقل والشك البدوي بالنسبة إلى الجزء المشكوك فيه، لكن نقول: ان الاشتغال اليقيني بالأقل يقتضى البراءة اليقينية منه، والمفروض ان الاقل يتردد امره بين كونه تمام المطلوب وبين كونه واجبا في ضمن الاكثر، وعلى الثاني فيتوقف صحته على اتيان الاكثر، فان المفروض كون الاقل والاكثر ارتباطيين، فالإتيان بالجزء المشكوك فيه دخيل في صحة الاقل على فرض كون الواجب بحسب متن الواقع هو الاكثر والحاصل انا نسلم انحلال العلم الاجمالي في مقام اثبات التكليف وارتفاع العقاب من ناحية الجزء الزائد، ولكن نقول: ان الاشتغال اليقيني بالأقل يقتضى قهر الاتيان بالجزء المشكوك فيه حتى يحصل الفراغ اليقيني من ناحية الاقل. (قلت) هذه هي عمدة ما استدل به القائل بالاشتغال، (ويرد عليه) انه (ان كان المراد) ان العلم بترتب الغرض على الاقل يتوقف على الاتيان بالأكثر، ففيه ان تحصيل الغرض الذى لم يقم عليه حجة شرعية غير لازم، والمفروض عدم قيام الحجة على وجوب الاكثر.

 (وان كان المراد) ان اتيان الاقل وامتثال امره مشروط بإتيان الاكثر، (ففيه) ان معنى الارتباط ليس اشتراط كل واحد من الاجزاء بالأجزاء الاخر واخذها قيدا له، بل معناه (كما عرفت) وقوع الاجزاء المتباينة المتكثرة بحسب الذات تحت امر واحد، فالأجزاء بالأسر تعلق بها امر واحد، ولا محالة يتكثر الامر ويتبعض بتكثر المتعلق تكثرا اعتباريا نحو تكثر العرض وتبعضه بتبع المعروض، فكل واحد من الاجزاء مأمور به بالأمر الانبساطي، والعلم به يوجب تنجزه ولزوم الفراغ من قبله وذلك يحصل بإتيانه قهرا.

(وبالجملة) فكم يتبعض الامر في مقام التعلق يتبعض في مقام التنجز والامتثال ايضا، فإذا اتى المكلف بما تنجز عليه حصل له الامن من العقاب.

(ومما ذكرنا ظهر) ان الامر المتعلق بالأجزاء ليس امرا غيريا، بل هو عين الامر النفسي الوحداني المتعلق بالمركب سواء كان متعلق بحسب متن الواقع بالأقل أو الاكثر.

ويظهر من الشيخ (قدس سره) تردد الامر بالأقل بين كونه نفسيا أو غيريا، ومع ذلك التزم بالبراءة، من جهة انحلال العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الاقل والشك في وجوب الزائد، ويرد عليه (مضافا إلى ما اشرنا إليه ونحققه في مبحث مقدمة الواجب من عدم كون الامر بالاجزاء غيريا) ان الامر النفسي بالأكثر على تقريره (قدس سره) غير منجز فلا يمكن ان يكون الامر المترشح منه على الاقل ايضا، منجزا بداهة ان الامر الغيرى المقدمي تابع محض لما ترشح منه، وعلى هذا فيلزم عدم كون الاقل منجز بنحو الاطلاق، ولازم ذلك عدم الانحلال.

واما على ما ذكرنا فالأمر بالأقل امر نفسي مطلقا والعلم به يوجب تنجزه كذلك فيترتب على تركه العقاب ولو كان الواجب هو الاكثر كما مر بيانه (هذا كله) بناء على تعلق الامر بنفس المركب، واما بناء على تعلقه بعنوان بسيط ففيه تفصيل، إذ هذا الامر البسيط (تارة) يكون شيئا متحصلا ومسببا من هذا المركب من الاجزاء بحيث يكون وجوده غير وجود الاجزاء خارجا، فحينئذ يتعين القول بالاحتياط إذ المأمور به عنوان مبين علم الاشتغال به، ولازم ذلك وجوب تحصيل الفراغ اليقيني.

(واخرى) يكون هذا الامر للبسيط عنوانا منتزعا عن نفس هذه الاجزاء ومنطبق عليها فيكون وجوده عين وجودها لا مسببا منها، فيمكن ان يقال (حينئذ) بالبراءة ايضا، فان المطلوب حقيقة انما هو وجود هذا الامر البسيط الانتزاعي، والمفروض ان وجوده عين وجود الاجزاء فيتبعض الامر اعتبارا بتبعض المركب الذى هو عين المأمور به خارج ولأجل ذلك قال في الكفاية في هذا المقام (ما حاصله) ان تصوير الجامع البسيط بين الافراد الصحيحة لا ينافى جريان البرائة مع الشك في الاجزاء (انتهى).

وكيف كان فلنرجع إلى اصل المقصود، فنقول: تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة على ما بيناه بل اشكال، وانما المشكل تصويره بين الصحيح والفاسد، وقد ذكر في الكفاية وجوها خمسة لتصويره مع الجواب عنها، ولا يهمنا ذكرها فلنذكر ادلة الطرفين في اصل المسألة.

(فنقول) قد استدل للصحيحي بوجوه، (منها) التبادر، (ويرد عليه) ان ادعائه انما يصح بعد تصوير مفهوم مبين يكون هو الجامع بين الافراد الصحيحة والمتبادر من اللفظ عرفا، والمفروض انه مما اشكل لدى القوم. (واما ما ذكره) في الكفاية: من تصوير المسمى بلفظ الصلاة مثلا بالناهية عن الفحشاء وما هو معراج المؤمن ونحوهما، فقد عرفت ما فيه وان المتبادر من لفظ الصلاة ليس امثال هذه المفاهيم والاثار، بل قلما يلتفت إليها ذهن المخاطب عند سماع لفظ الصلاة. (ومنها) الاخبار الظاهرة في اثبات بعض الخواص والاثار للمسميات، كقوله (عليه السلام) : الصلاة عمود الدين، أو معراج المؤمن، أو انها تنهى عن الفحشاء والمنكر ونحو ذلك )، وتقريب الاستدلال بها بوجهين.

(الاول) انه لا شك في ان هذه الاثار آثار لخصوص الافراد الصحيحة لا الاعم، وحينئذ فان كان الموضوع له للفظ الصلاة مثلا هو الاعم كان الموضوع في القضية ملحوظا بنحو الاهمال، وان كان الموضوع له خصوص الصحيح كان الموضوع ملحوظا بنحو العموم والسعة وحيث ان ظاهر تعليق الحكم على الطبيعة المحلاة باللام هو كون الطبيعة بوجودها السعي موضوعا للحكم، فاللازم منه كون الموضوع له للألفاظ خصوص الصحيح.

(الثاني) انه بعد ما نعلم ان المراد من الموضوع في هذه القضايا بلحاظ الاثار الثابتة له هو خصوص الصحيح، يتردد الامر بين ان يكون الموضوع له خصوص الصحيح فيكون الاستعمال في هذه القضايا بنحو الحقيقة وبين ان يكون هو الاعم فيكون بنحو المجازية، فبأصالة الحقيقة يثبت ان الموضوع له خصوص الصحيح، هذا.

(ويرد) على الاستدلال بهذه الاخبار ان التمسك بأصالة العموم واصالة الحقيقة انما يصح فيما إذا كان المراد الجدى مشكوكا فيه فأريد تشخيصه لا فيما إذا علم المراد وشك في كيفية الاستعمال.

(توضيح ذلك) انه ربما يشك في ان المراد الجدى للمولى وما هو الموضوع لحكمه هو جميع الافراد أو بعضها فبناء العقلاء (حينئذ) على التمسك بأصالة العموم لتشخيص ما هو المراد، وربما يكون مراد المولى معلوما، غاية الامر وقوع الشك في كيفية استعماله وارادته كما في دوران الامر بين التخصيص والتخصص، ففي هذه الموارد ليس بناء العقلاء على التمسك بأصالة العموم، فإذا قال المولى (اكرم العلماء) مثلا وعلم ان زيدا عالم وشككنا في انه مراد ايضا كان بناء العقلاء حينئذ على التمسك بأصالة العموم لأحراز وجوب اكرامه، واما إذا علم عدم وجوب اكرام زيد وشك في انه من افراد العلماء حتى يكون خروجه من باب التخصيص، أو انه ليس من افرادهم حتى يكون خروجه من باب التخصص، فليس بناء العقلاء في امثال المقام على التمسك بأصالة العموم لإحراز خروج زيد تخصصا بحيث يثبت له آثار غير العالم. (إذا عرفت هذا فنقول): ان المفروض في الاخبار المذكورة هو العلم بالمراد وانه خصوص الصحيح، وانما الشك في كيفية الاستعمال، فالتمسك بأصالة العموم أو اصالة الحقيقة لاحراز كون الصحيح هو الموضوع له خروج مما استقر عليه بناء العقلاء.

(ومما استدل به) للصحيحي ايضا الاخبار الظاهرة في نفى الماهية والطبيعة بمجرد فقد بعض الاجزاء أو الشرائط مثل قوله (لا صلاة الا بطهور، أو بفاتحة الكتاب.

(ويرد عليه) ان الاعمي ايضا يلتزم بان بعض الاجزاء والشرائط دخيل في صدق الحقيقة وان فقد انه يوجب انتقائها حقيقة، نعم لو ثبت صحة نفى الحقيقة بانتفاء أي جزء أو شرط ولو كان من الاجزاء أو الشرائط الغير الدخلية عرفا في صدق المسمى، صح الاستدلال بذلك على كون الموضوع له خصوص الصحيح، ولكن انى لكم بإثباته.

(واستدل للأعمى) ايضا بوجوه (منها) التبادر (ويرد عليه) ايضا انه فرع تصوير الجامع حتى يكون هو المتبادر، وقد عرفت الاشكال فيه.

(ومنها) استعمال لفظ الصلاة وغيرها في بعض الاخبار في الفاسدة كقوله  (عليه السلام )  (بنى الإسلام على خمس: الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية، ولم يناد احد بشيء كما نودى بالولاية، فاخذ الناس بالأربع وتركوا هذه، فلو ان احدا صام نهاره وقام ليله ومات بغير ولاية لم يقبل له صوم ولا صلاة).

 فانه بناء على بطلان عبادة تاركي الولاية لم يمكن اخذهم بالأربع الا إذا كانت اسامى للأعم (ويرد عليه) ان المراد بها في الحديث بقرينة جعلها مما بنى عليها الإسلام، هو خصوص الصحيح، والمراد بأخذ الناس بها هو اخذهم به بحسب اعتقادهم.

(ومنها) انه لا شبهة في صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تكره فيه وحصول الحنث بفعلها، ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة لا يكاد يحصل الحنث به اصلا لفساد الصلاة المأتى بها لحرمتها، بل يلزم المحال فان النذر حسب الفرض قد تعلق بالصلاة الصحيحة ومع النذر لا تقع صحيحة، فيلزم من فرض صحة الصلاة عدم صحته ومن فرض تحقق الحنث عدم تحققه، وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال (قال في الكفاية) في مقام الجواب عن هذا الاستدلال: بانه لو صح ذلك لا يقتضى الا عدم صحة تعلق النذر بالصحيح، لا عدم وضع للفظ له شرعا، مع ان الفساد من قبل النذر لا ينافى صحة متعلقة، فلا يلزم من فرض وجودها عدمها، ومن هنا انقدح ان حصول الحنث انما يكون لأجل الصحة لولا تعلقه (انتهى).

(اقول): لا يخفى ان المراد بالصلاة المنذور تركها في المثال عبارة عن طبيعة الصلاة الراتبة التي لها وقت موسع ويفرض لها افراد طولية بحسب امتداد الوقت وسعته، وقد تعلق النذر بترك اتيانها في الحمام (مثلا) لا من جهة مرجوحية ذاتية فيها بل من جهة كونها مرجوحة بالإضافة إلى ساير الافراد، وان تركه فيه يلازم الاتيان بها في ضمن افراد اخر خالية عن المنقصة والحزازة، فمرجع هذ النذر إلى نذر الاتيان بهذه الطبيعة المأمور بها في ضمن افرادها الراجحة الخالية عن الحزازة، وليس المراد بها مطلق الصلاة وان كانت من النوافل المبتدئة، إذ ليس للنافلة المبتدئة وقت وسيع حتى يترجح تركها في بعض اجزائه باعتبار اختيار البدل، فان كل وقت يسع مقدار ركعتين من الصلاة يستحب اتيانها فيه من دون ان يكون له بديل، ففي المكان المكروه كالحمام ايضا يستحب الاتيان بها، ولا يصح تعلق النذر بتركه لعدم كونها مرجوحة. والحاصل ان المراد بالصلاة المنذور تركها في المكان المكروه هي طبيعة الصلاة الراتبة التي يفرض لها افراد طولية بحسب سعة الوقت ويكون تعلق النذر بتركها في هذا المكان باعتبار مرجوحيتها بالإضافة إلى ساير الافراد.

وعلى هذا فيكون اشكال تعلق النذر مشترك الورود على كل من القول بالصحيح والقول بالأعم، ويصير محصل الاشكال انه كيف يتعلق النذر بترك الصلاة المكتوبة التي تكون صحيحة ومرجوحة بالإضافة إلى ساير الافراد مع انه يلزم من فرض صحتها وتعلق النذر بتركها عدم صحته وعدم القدرة على الحنث، وهذا من غير فرق بين ان يكون اللفظ موضوعا بأزاء الصحيح أو الاعم.

(وبالجملة) فمثال النذر لا يرتبط بما هو محل النزاع بين الصحيحي  والاعمي، بل هو اشكال يرد على كلا القولين فلابد ان يتصدى للجواب عنه.

وما ذكر في الكفاية (من ان الفساد من قبل النذر لا ينافى صحة متعلقه) لا يفي بدفع الاشكال إذ الفرض تعلق النذر بترك ما هو من افراد المكتوبة ويكون صحيحة مرجوحة، والحنث لا يتحقق الا باتيان نفس ما تعلق النذر بتركه فلا يقع ما هو فاسد بالحمل الشايع مصداقا للحنث والحاصل أن النذر لم يتعلق بترك مفهوم الصحيح بل تعلق بترك ما هو مكتوب وصحيح بالحمل الشايع بمعنى كونه بوجوده مصداقا للصحيح وعلي هذا فلا يقع الفاسد مصداقا له.

(ويمكن ان يقال) ببطلان النذر في المثال من جهة ان صرف تفاوت افراد الطبيعة الراجحة في مرتبة الرجحان وكون بعضها مرجوحا بالقياس إلى غيره لا يكفى في صحة النذر، كيف! والا لزم صحة تعلق النذر بترك الصلاة في البيت مثلا من جهة ملازمته للإتيان بها في المسجد، وصحة تعلق النذر بتركها في مسجد السوق مثلا باعتبار ملازمته للاتيان بها في مسجد افضل منه وهكذا، والالتزام بذلك مشكل. ولعل منشأ الاشتباه في المقام اطلاقهم لفظ الكراهة على الصلاة في الحمام مثلا فتوهم منه كون المراد بها المرجوحية الذاتية كم في ساير موارد الكراهة فتدبر.

(تتمه) ربما يذكر للنزاع في المسألة ثمرتان :

(الاولى) جريان البراءة فيما إذا شك في جزئية شيء للمأمور به أو شرطيته على الاعم، وعدم جريانها على الصحيح إذ لم يكن الجزء أو الشرط المشكوك فيه دخيلا في المسمى عرفا، وهذا بناء على التفصيل في جريان البراءة في المسألة، والقول بجريانها فيما إذا كان منشأ الشك عدم النص دون اجماله، فانه على القول بالأعم لا يكون في الخطاب اجمال، وانما الشك في اعتبار قيد زائد، والمفروض عدم الدليل عليه، واما على القول بالصحيح فيكون نفس الخطاب مجملا.

(الثانية) انه على القول بالأعم يصح التمسك بالإطلاقات لنفى اعتبار ما زاد على المسمى دون القول بالصحيح إذ عليه يرجع الشك إلى أصل الصدق وهذا بعد تحقق شرائط التمسك بالإطلاق: من كون المتكلم في مقام البيان، وعدم العلم الاجمالي بورود التقييد أو انحلاله بإحراز تقييدات كثيرة بعدد المعلوم بالإجمال، هذا.

(والتحقيق في المسألة) ان يقال: ان وضع الفاظ العبادات (كالصلاة والصوم ونحوهما لمهياتها) ليس بتعيين الشارع، فان سنخ هذه العبادات كان معمولا متداولا بين جميع افراد البشر وارباب الملل حتى في اعصار الجاهلية ايضا، وكان هذه الالفاظ المخصوصة موضوعة بازائها ومستعملة فيها كم عرفت تفصيل ذلك في مبحث الحقيقة الشرعية وعلى طبق استعمالهم جرى استعمال الشارع ايضا غاية الامر انه تصرف في كيفيتها وما يكون معتبرا فيها من الاجزاء والشرائط وبين ذلك بالعمل أو بتصريحات اخر، فهذه الالفاظ لم تستعمل في لسان الشارع الا في نفس هذه المهيات وهذا السنخ من العبادات المتداولة في جميع الاعصار بين جميع ارباب الملل، واعتبار القيود والخصوصيات الفردية المعتبرة في شرع الإسلام انما ثبت بالأدلة الاخر، وليس وضعها بتعيين الشارع حتى يتوهم كون الموضوع له خصوص ما صح عنده وكان واجد الجميع ما اعتبر فيه من الاجزاء والشرائط فتدبر جيدا.

(تبصرة) قال في الكفاية (ما حاصله) ان دخل شيء وجودي أو عدمي في المأمور به تارة بنحو الجزئية، واخرى بنحو الشرطية، وثالثة بان يكون مما يتشخص به المأمور به فيكون جزء أو شرط للفرد لا للمهية.

(اقول:) تفصيل المقام هو ان الشيء الدخيل في المأمور به قد يكون جزء له، وذلك بان يكون المتعلق للأمر شيئا مؤلفا منه ومن عدة اجزاء اخر وقد اعتبره الشارع حقيقة واحدة، وتعلق بها امر واحد من جهة تأثيرها في غرض وحداني، وقد يكون شرطا له وذلك على وجهين:

(الاول) ان يكون شرطا شرعيا وذلك انما يتصور فيما إذا لم يكن هذا الشيء داخلا في قوام المهية، ولكن كان ترتب الغرض عليها متوقفا على تحققه، (فحينئذ) يتعلق الامر بالمهية مقيدة بهذا الشيء بنحو يكون التقيد داخلا والقيد خارجا فيكون المأمور به هو الطبيعة المقيدة.

(الثاني) ان يكون من الشرائط العقلية والمقدمات الوجودية للمأمور به، وذلك بان يكون المأمور به عنوانا بسيطا لا يتقيد بهذا الشيء في مقام الامر، ولكن هذ العنوان البسيط انما ينتزع عن الاجزاء بالأسر حال كونها مسبوقة أو مقارنة أو ملحوقة بهذا الشيء، فمنطبق هذا العنوان الانتزاعي نفس الاجزاء بالأسر، ولكن انطباقه عليه يتوقف في متن الواقع على وجود هذا الشيء، فيكون هذا الشيء شرطا عقليا لتحقق المأمور به خارجا، غاية الامر انه كشف عنه الشارع. فعنوان الصلاة مثلا انما ينتزع عن الامور المتكثرة التي اولها التكبير وآخرها التسليم، ولكن انتزاعه عن تلك الامور والاجزاء وانطباق عنوانها عليها يتوقف على الاتيان بها حال الطهارة مثلا، هذا.

(واما ما ذكره) شيخنا الاستاذ  (قدس سره)  في الكفاية (من اخذ العدم شطرا أو شرطا) فالظاهر فساده، إذ العدم بما هو عدم لا يؤثر في المصلحة حتى يعتبر في المأمور به نحو اعتبار الاجزاء والشرائط.

(نعم) ربما يكون الشيء بوجوده مانعا ومخلا بتحقق المأمور به وانطباق عنوانه على منطبقه فيعتبر عدمه من هذه الجهة، لا بان يكون في عداد الاجزاء، فالتأثير حينئذ ليس لعدم هذا الشيء بما هو عدم بل لوجوده، واثره الاخلال، وعد عدم المانع من اجزاء العلة التامة ايضا ليس الا بلحاظ كون الوجود مخلا، والا فالعدم بنفسه لا يؤثر ولا يتأثر.

واما ما جعله في الكفاية جزء أو شرطا للتشخص والفرد فالظاهر رجوعه إلى نفس الطبيعة ايضا ولكن بحسب بعض مراتبها، وبهذا التقريب يتصور الجزء الندبي للمأمور به ايضا.

(بيان ذلك) انه يمكن ان يفرض المأمور به كالصلاة مثلا عنوانا بسيطا ذات مراتب طولية، ينتزع بعض مراتبها عن فاقد هذا الجزء وبعضها عن واجده، ويصدق هذا العنوان البسيط بمرتبته الناقصة على الاقل، وبمرتبته الكاملة على الاكثر، فان كان الشيء دخيلا في جميع المراتب سمى جزء وجوبيا وان كان دخيلا في المرتبة الكاملة فقط سمّى جزء ندبيا، وما تعلق به الامر هو صرف الطبيعة البسيطة المشككة، فالصلاة مثلا عنوان بسيط له مراتب متفاوتة بحسب الكمال والنقص، فينتزع مرتبتها الكاملة عن جميع الاجزاء الواجبة والمستحبة كالقنوت ونحوه بحيث يكون المنطبق للعنوان في هذه المرتبة جميع هذه الاجزاء، ومرتبة منها تنتزع عن الاجزاء الواجبة بضميمة بعض خاص من الاجزاء المندوبة، ومرتبة منها تنتزع عن الواجبات بضميمة بعض آخر منها، وهكذا تتدرج من الكمال إلى النقص إلى ان تصل إلى مرتبة هي اخس المراتب وهى التي يقتصر فيها على الواجبات فقط. وعلي هذا فالقنوت ايضا له دخالة في تحقق طبيعة الصلاة وانتزاع عنوانها ولكن بمرتبتها الكاملة فالمنتزع عنه لهذه المرتبة من الطبيعة هو جميع الاجزاء الواجبة والمستحبة، ونفس الامر بالطبيعة يدعو إلى الاتيان بالقنوت ايضا من جهة كونه جزء لما ينطبق عليه عنوان المأمور به ببعض مراتبه، والمكلف مخير عقلا في اتيان أي مرتبة منها أراد هذا حال الجزء.

ومنه يعرف حال الشرط أيضا مثل اتيان الصلاة في المسجد مثلا وبالجملة فما عده في الكفاية جزء أو شرطا للفرد يرجع إلى الجزئية أو الشرطية لمرتبة خاصة من الطبيعة المشككة - فتدبر.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


موكب أهالي كربلاء يهدي ممثل المرجعية العليا درعا تثمينا للمساهمات الفاعلة والمساندة لإنجاح الفعاليات التي يقيمها خلال المناسبات الدينية
مراحل متقدمة من الإنجاز يشهدها مشروع مركز الشلل الدماغي في بابل
الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة: يجب الاهتمام بالباحثين عن العمل ومنحهم الفرص المناسبة عبر الاهتمام بقدراتهم ومؤهلاتهم وإبداعاتهم
يمتد على مساحة (500) دونم ويستهدف توليد الطاقة الكهربائية.. العتبة الحسينية تعلن عن الشروع بإنشاء مشروع معمل لتدوير النفايات في كربلاء