المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8821 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النحاس والنمو
2024-04-16
العناصر النزرة Trace Elements
2024-04-16
أنزيم الكرياتين كاينيز (CK) Creatine Kinase
2024-04-16
أنزيم الفوسفاتيز القاعدي (ALP) Alkaline phosphatase
2024-04-16
أنزيم GPT
2024-04-16
أنزيم GOT
2024-04-16

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


وقفة مع دعاء كميل  
  
4969   02:54 مساءاً   التاريخ: 20-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج4 ، ص63-74.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / التراث العلوي الشريف /

من أدعية الإمام الشهيرة الذائعة الصيت الدعاء المعروف بدعاء كميل بن زياد النخعي وهو من مشاهير أصحاب الإمام ومن خلّص أتباعه وقد نسب إليه هذا الدعاء الشريف ؛ لأنّه قد رواه عن الإمام (عليه السلام) وكان يدعو به في ليلة النصف من شهر شعبان وقد أمره بكتابته فكتبه , ويمتاز هذا الدعاء برقّة أسلوبه وعذوبة ألفاظه وجمال ديباجته واحتوائه على أروع صور التضرّع والتذلّل أمام الله تعالى , وقد عكف المؤمنون على تلاوته في ليالي الجمعة ونظرا لما فيه من دقائق الامور البالغة الأهميّة فقد ترجم إلى بعض اللغات وشرحت مضامينه ولعلّ من أهمّ شروحه وأوفاها لبيان مطالبه ما كتبه سماحة الحجّة العلاّمة السيّد عزّ الدين بحر العلوم وقد أسماه أضواء على دعاء كميل وفيما يلي نصّ الدعاء :

اللهمّ إنّي أسألك برحمتك الّتي وسعت كلّ شيء وبقوّتك الّتي قهرت بها كلّ شيء وخضع لها كلّ شيء وذلّ لها كلّ شيء وبجبروتك الّتي غلبت بها كلّ شيء وبعزّتك الّتي لا يقوم لها شيء وبعظمتك الّتي ملأت كلّ شيء وبسلطانك الّذي علا كلّ شيء وبوجهك الباقي بعد فناء كلّ شيء وبأسمائك الّتي ملأت أركان كلّ شيء وبعلمك الّذي أحاط بكلّ شيء وبنور وجهك الّذي أضاء له كلّ شيء يا نور يا قدّوس يا أوّل الأوّلين ويا آخر الآخرين ...

وحفل هذا المقطع بالتوسّل إلى الله تعالى وتقديم أسمائه وصفاته العظيمة وجعلها واسطة له باستجابة دعائه والتقرّب إليه وبطلب الإمام من الله تعالى أن يعيذه والمسلمين من الذنوب التالية:

اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تهتك العصم اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تنزل النّقم اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تغيّر النّعم اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تحبس الدّعاء اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تنزل البلاء اللهمّ اغفر لي الذّنوب الّتي تقطع الرّجاء اللهمّ اغفر لي كلّ ذنب أذنبته وكلّ خطيئة أخطأتها ...

وحكت هذه الفقرات امّهات الذنوب وكبائر الموبقات التي لها الآثار الوضعية المدمّرة التي تجلب للإنسان الشقاء والهلاك وهي على أنواع عدّ الإمام (عليه السلام) منها ما يلي :

1 ـ الذنوب التي تهتك العصم : وهي الذنوب التي تزيل عصمة العبد عن ربّه وقد ذكرها الإمام الصادق (عليه السلام) وعدّ منها : شرب الخمر واللعب والقمار وفعل ما يضحك الناس من المزاح واللهو وذكر عيوب الناس ومجالسة أهل الريب ؛ إنّ هذه الآثام تزيل عصمة الإنسان وتلقيه في شرّ عظيم.

2 ـ الذنوب التي تنزل النّقم : وهي الذنوب التي توجب نقمة الله تعالى من مقترفها وقد أدلى الإمام الصادق (عليه السلام) ببعضها وهي : نقض العهد وظهور الفاحشة وشيوع الكذب والحكم بغير ما أنزل الله تعالى ومنع الزكاة وتطفيف الكيل فإنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : خمس بخمس .

قالوا : يا رسول الله ما خمس بخمس؟ فقال :  ما نقض قوم العهد إلاّ وسلّط الله عليهم عدوّهم وما ظهرت عنهم الفاحشة إلاّ وقد فشا فيهم الموت وما شاع فيهم الكذب والحكم بغير ما أنزل الله إلاّ وقد فشا فيهم الفقر وما منعوا الزّكاة إلاّ وحبس عنهم القطر وما طفّفوا الكيل إلاّ منعوا النّبات واخذوا بالسّنين ؛ فهذه الذنوب هي التي توجب نقمة الله على عباده وأخذهم بالعذاب الأليم.

3 ـ الذنوب التي تغيّر النّعم : أمّا الذنوب التي تغيّر نعم الله وتحجبها عن الإنسان فقد تحدّث عنها الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله : ترك شكر المنعم الافتراء على الله والرّسول قطع صلة الرّحم تأخير الصّلاة عن أوقاتها الدّياثة وترك إغاثة الملهوفين المستغيثين وترك إعانة المظلومين ؛ إنّ هذه الذنوب هي التي تزيل نعم الله عن عباده وتحجبها عنهم.

4 ـ الذنوب التي تحبس الدعاء : أمّا الذّنوب التي تحبس الدعاء ولا تجعله يصل إلى الله تعالى فهي ما يقترفه الإنسان من الأعمال المنكرة والتي منها أكل مال الناس بالباطل وعدم الاتّكال على الله والغرور وغير ذلك من الرذائل والموبقات .

5 ـ الذنوب التي تنزل البلاء : أمّا الذنوب التي تنزل البلاء والعقاب فقد جاء في بعض الأخبار أنّها سبعة : وهي الشرك بالله وقتل النفس التي حرّم الله تعالى وقذف المحصنة وأكل مال اليتيم ظلما والزنا والفرار من الزحف والسرقة ؛ وهذه بعض الذنوب التي تكون سببا لنزول البلاء على الإنسان.

6 ـ الذنوب التي تقطع الرجاء : أمّا الذنوب التي تقطع الرجاء بالله أعاذنا الله منها فهي اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والثقة بغير الله والتكذيب بوعيد الله كما في الحديث أنّ هذه الآثام تقطع الصلة بين العبد وخالقه وتلقي الإنسان في متاهات سحيقة من الضلال ؛ ونعود إلى الاستمرار في دعاء الإمام (عليه السلام) قال :

اللهمّ إنّي أتقرّب إليك بذكرك وأستشفع بك إلى نفسك وأسألك بجودك أن تدنيني من قربك وأن توزعني شكرك وأن تلهمني ذكرك ؛ اللهمّ إنّي أسألك سؤال خاضع متذلّل خاشع أن تسامحني وترحمني وتجعلني بقسمك راضيا قانعا وفي جميع الأحوال متواضعا ...

وحكت هذه الفقرات أجمل ما توسّل به العارفون إلى الله تعالى فقد طلب الإمام من الله تعالى أن يقرّبه إليه زلفى وأن يوزعه شكره ويلهمه ذكره ويجعله راضيا بما قسمه له ؛ ويستمر الإمام في دعائه قائلا :

اللهمّ وأسألك سؤال من اشتدّت فاقته وأنزل بك عند الشّدائد حاجته وعظم فيما عندك رغبته , اللهمّ عظم سلطانك وعلا مكانك وخفي مكرك وظهر أمرك وغلب قهرك وجرت قدرتك ولا يمكن الفرار من حكومتك ...

وأعربت هذه الكلمات عن مدى تضرّع الإمام وإنابته إلى الله تعالى وخوفه منه ومعرفته به ويأخذ الإمام في دعائه قائلا :

اللهمّ لا أجد لذنوبي غافرا ولا لقبائحي ساترا ولا لشيء من عملي القبيح بالحسن مبدّلا غيرك لا إله إلاّ أنت سبحانك وبحمدك ظلمت نفسي وتجرّأت بجهلي وسكنت إلى قديم ذكرك لي ومنّك عليّ , اللهمّ مولاي! كم من قبيح سترته! وكم من فادح من البلاء أقلته! وكم من عثار وقيته! وكم من مكروه دفعته! وكم من ثناء جميل لست أهلا له نشرته! ...

أمّا هذه البنود المشرقة من دعاء الإمام (عليه السلام) فقد حكت ألطاف الله تعالى وفضله على عباده وذلك بغفرانه للذنوب وستره لقبائح الأعمال ونشره وإشاعته لفعل المعروف والإحسان وإقالته لفادح البلاء وغير ذلك من ألطافه ويستمرّ الإمام في دعائه قائلا :

اللهمّ عظم بلائي وأفرط بي سوء حالي وقصرت بي أعمالي وقعدت بي أغلالي وحبسني عن نفعي بعد آمالي وخدعتني الدّنيا بغرورها ونفسي بجنايتها ومطالي يا سيّدي فأسألك بعزّتك أن لا يحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي ولا تفضحني بخفيّ ما اطّلعت عليه من سرّي ولا تعاجلني بالعقوبة على ما عملته في خلواتي من سوء فعلي وإساءتي ودوام تفريطي وجهالتي وكثرة شهواتي وغفلتي ...

عرض الإمام (عليه السلام) في هذه الفقرات عن تذلّله وتضرّعه إلى الله وما يعمله الغرور والطيش في نفس الإنسان من البعد من الله تعالى فهو يطلب منه أن تشمله رحمته ولا يبعده عنه سوء الأعمال ويأخذ الإمام في دعائه قائلا :

وكن اللهمّ بعزّتك لي في كلّ الأحوال رءوفا وعليّ في جميع الأمور عطوفا ؛ إلهي وربّي من لي غيرك أسأله كشف ضرّي والنّظر في أمري , إلهي ومولاي! أجريت عليّ حكما اتّبعت فيه هوى نفسي ولم أحترس فيه من تزيين عدوّي فغرّني بما أهوى وأسعده على ذلك القضاء فتجاوزت بما جرى عليّ من ذلك بعض حدودك وخالفت بعض أوامرك فلك الحجّة عليّ في جميع ذلك ولا حجّة لي فيما جرى عليّ فيه قضاؤك وألزمني حكمك وبلاؤك ...

وحفلت هذه الكلمات من دعاء إمام المتّقين (عليه السلام) بانقطاعه التامّ إلى الله تعالى والتجائه إليه في جميع شئونه واموره واعترافه بالتقصير في طاعته وأنّه لا حجّة له على الله وإنّما الحجّة له عليه ويقول الإمام في دعائه :

وقد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي معتذرا نادما منكسرا مستقيلا مستغفرا منيبا مقرّا مذعنا معترفا لا أجد مفرّا ممّا كان منّي ولا مفزعا أتوجّه إليه في أمري غير قبولك عذري وإدخالك إيّاي في سعة من رحمتك . اللهمّ فاقبل عذري وارحم شدّة ضرّي وفكّني من شدّ وثاقي , يا ربّ ارحم ضعف بدني ورقّة جلدي ودقّة عظمي , يا من بدأ خلقي وذكري وتربيتي وبرّي وتغذيتي هبني لابتداء كرمك وسالف برّك بي , يا إلهي وسيّدي وربّي أتراك معذّبي بنارك بعد توحيدك وبعد ما انطوى عليه قلبي من معرفتك ولهج به لساني من ذكرك واعتقده ضميري من حبّك وبعد صدق اعترافي ودعائي خاضعا لربوبيّتك هيهات أنت أكرم من أن تضيّع من ربّيته أو تبعّد من أدنيته أو تشرّد من آويته أو تسلّم إلى البلاء من كفيته ورحمته , وليت شعري يا سيّدي وإلهي ومولاي أتسلّط النّار على وجوه خرّت لعظمتك ساجدة وعلى ألسن نطقت بتوحيدك صادقة وبشكرك مادحة وعلى قلوب اعترفت بإلهيّتك محقّقة وعلى ضمائر حوت من العلم بك حتّى صارت خاشعة وعلى جوارح سعت إلى أوطان تعبّدك طائعة وأشارت باستغفارك مذعنة ما هكذا الظّنّ بك ولا اخبرنا بفضلك عنك ...

أرأيتم هذا الاستعطاف والتذلّل والخشوع أمام ربّ العالمين بهذا الأدب الفيّاض الذي انبعث عن قلب ليس فيه منفذ ولا موطن لغير الله تعالى؟ سلام الله عليك يا إمام المتّقين وسيّد الموحّدين فقد أخلصت في طاعتك وحبّك لله تعالى كأعظم وأسمى ما يكون الإخلاص ويستمرّ الإمام (عليه السلام) في تذلّله وخوفه من الله تعالى فيقول :

يا كريم يا ربّ وأنت تعلم ضعفي عن قليل من بلاء الدّنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره على أهلها على أنّ ذلك بلاء ومكروه قليل مكثه ، يسير بقاؤه قصير مدّته فكيف احتمالي لبلاء الآخرة وجليل وقوع المكاره فيها وهو بلاء تطول مدّته ويدوم مقامه ولا يخفّف عن أهله لأنّه لا يكون إلاّ عن غضبك وانتقامك وسخطك وهذا ما لا تقوم له السّماوات والأرض , يا سيّدي فكيف بي وأنا عبدك الضّعيف الذّليل الحقير المسكين المستكين ...

وحكت هذه الفقرات بالغ خوفه وشدّة فزعه من الله تعالى ومطالبته بالعفو والمغفرة من الله والنجاة من أهوال يوم القيامة , ويأخذ الإمام (عليه السلام) في تضرّعه إلى الله وفزعه منه قائلا : يا إلهي وربّي وسيّدي ومولاي لأيّ الأمور إليك أشكو ولما منها أضجّ وأبكي لأليم العذاب وشدّته أم لطول البلاء ومدّته , فلئن صيّرتني للعقوبات مع أعدائك وجمعت بيني وبين أهل بلائك وفرّقت بيني وبين أحبّائك وأوليائك فهبني يا إلهي وسيّدي ومولاي وربّي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك وهبني صبرت على حرّ نارك فكيف أصبر عن النّظر إلى كرامتك أم كيف أسكن في النّار ورجائي عفوك فبعزّتك يا سيّدي ومولاي أقسم صادقا لئن تركتني ناطقا لأضجنّ إليك بين أهلها ضجيج الآملين ولأصرخنّ إليك صراخ المستصرخين ولأبكينّ عليك بكاء الفاقدين ولأنادينّك أين كنت يا وليّ المؤمنين يا غاية آمال العارفين يا غياث المستغيثين يا حبيب قلوب الصّادقين ويا إله العالمين , أفتراك سبحانك يا إلهي وبحمدك تسمع فيها صوت عبد مسلم سجن فيها بمخالفته وذاق طعم عذابها بمعصيته وحبس بين أطباقها بجرمه وجريرته وهو يضجّ إليك ضجيج مؤمّل لرحمتك ويناديك بلسان أهل توحيدك ويتوسّل إليك بربوبيّتك يا مولاي فكيف يبقى في العذاب وهو يرجو ما سلف من حلمك أم كيف تؤلمه النّار وهو يأمل فضلك ورحمتك أم كيف يحرقه لهيبها وأنت تسمع صوته وترى مكانه أم كيف يشتمل عليه زفيرها وأنت تعلم ضعفه أم كيف يتقلقل بين أطباقها وأنت تعلم صدقه أم كيف تزجره زبانيتها وهو يناديك يا ربّاه أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها فتتركه فيها هيهات ما ذلك الظّنّ بك ولا المعروف من فضلك ولا مشبه لما عاملت به الموحّدين من برّك وإحسانك ...

لقد ناجى الإمام ربّه بإيمان ويقين وتذلّل وخشوع واستجار به أن ينجيه من أهوال يوم القيامة وعذاب الآخرة , إنّ هذه البنود المشرقة من كلمات الإمام (عليه السلام) دلّلت على عظمة الإمام وأنّه سيّد المتّقين وإمام الموحّدين وأنّه الفرد الأوّل من المنقطعين إلى الله تعالى ويستمرّ الإمام في دعائه قائلا :

فباليقين أقطع لو لا ما حكمت به من تعذيب جاحديك وقضيت به من إخلاد معانديك لجعلت النّار كلّها بردا وسلاما وما كانت لأحد مقرّا ولا مقاما لكنّك تقدّست أسماؤك أقسمت أن تملأها من الكافرين من الجنّة والنّاس أجمعين وأن تخلّد فيها المعاندين , وأنت جلّ ثناؤك قلت مبتدئا وتطوّلت بالإنعام متكرّما أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ...

عرض الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع إلى سعة رحمة الله تعالى ولطفه وعفوه وأنّه لو لا حكمه بتعذيب الجاحدين لربوبيّته والمنكرين لتوحيده لما خلّد أحدا في نار جهنّم ولجعلها بردا وسلاما لجميع عباده ويقول الإمام متضرّعا إلى الله تعالى :

إلهي وسيّدي فأسألك بالقدرة الّتي قدّرتها وبالقضيّة الّتي حتمتها وحكمتها وغلبت من عليه أجريتها أن تهب لي في هذه اللّيلة وفي هذه السّاعة كلّ جرم أجرمته وكلّ ذنب أذنبته وكلّ قبيح أسررته وكلّ جهل عملته كتمته أو أعلنته أخفيته أو أظهرته وكلّ سيّئة أمرت بإثباتها الكرام الكاتبين الّذين وكّلتهم بحفظ ما يكون منّي وجعلتهم شهودا عليّ مع جوارحي وكنت أنت الرّقيب عليّ من ورائهم والشّاهد لما خفي عنهم وبرحمتك أخفيته وبفضلك سترته وأن توفّر حظّي من كلّ خير تنزله أو إحسان فضّلته أو برّ نشرته أو رزق بسطته أو ذنب تغفره أو خطأ تستره ...

ويطلب الإمام في هذا المقطع من الله تعالى أن يعفو عنه ويشمله برحمته ومغفرته ورضوانه وأن تكون صحيفة أعماله خالية من كلّ ما يبعده عنه وأن يتفضّل عليه بالخير الذي ينشره على عباده والرزق الذي يبسطه عليهم ثمّ يأخذ الإمام بالتوسّل إلى الله تعالى قائلا :

يا ربّ يا ربّ يا ربّ يا إلهي وسيّدي ومولاي ومالك رقّي يا من بيده ناصيتي يا عليما بضرّي ومسكنتي يا خبيرا بفقري وفاقتي ؛ يا ربّ يا ربّ يا ربّ أسألك بحقّك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك أن تجعل أوقاتي في اللّيل والنّهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة وأعمالي عندك مقبولة حتّى تكون أعمالي وأورادي كلّها وردا واحدا وحالي في خدمتك سرمدا ...

وطلب الإمام من الله تعالى أن يجعل جميع أوقاته مشغولة بذكر الله وطاعته وما يقرّبه إليه زلفى ويأخذ الإمام في دعائه قائلا :

يا سيّدي يا من عليه معوّلي يا من إليه شكوت أحوالي ؛ يا ربّ يا ربّ يا ربّ قوّ على خدمتك جوارحي واشدد على العزيمة جوانحي وهب لي الجدّ في خشيتك والدّوام في الاتّصال بخدمتك حتّى أسرح إليك في ميادين السّابقين واسرع إليك في البارزين وأشتاق إلى قربك في المشتاقين وأدنو منك دنوّ المخلصين وأخافك مخافة الموقنين وأجتمع في جوارك مع المؤمنين ...

توسّل الإمام (عليه السلام) في هذه الفقرات إلى الله تعالى أن يقرّبه إلى خدمته ويهب له الجدّ في خشيته والخوف منه ؛ حتّى يكون من السابقين في خدمته والفائزين برضاه وطاعته , ثمّ يقول (عليه السلام) :

اللهمّ ومن أرادني بسوء فأرده ومن كادني فكده واجعلني من أحسن عبيدك نصيبا عندك وأقربهم منزلة منك وأخصّهم زلفة لديك فإنّه لا ينال ذلك إلاّ بفضلك وجد لي بجودك واعطف عليّ بمجدك واحفظني برحمتك واجعل لساني بذكرك لهجا وقلبي بحبّك متيّما ومنّ عليّ بحسن إجابتك وأقلني عثرتي واغفر زلّتي فإنّك قضيت على عبادك بعبادتك وأمرتهم بدعائك وضمنت لهم الإجابة ...

وحفل هذا المقطع من دعاء الإمام (عليه السلام) بأن يحفظه الله من كلّ باغ ومعتد عليه وأن يجعله من أوفر عباده نصيبا عنده في كلّ خير وفضل يمنّ به تعالى على عباده إلى غير ذلك من مطالبه التي تعود عليه بأفضل أنواع التقرّب إلى الله تعالى.

ولنستمع إلى الفقرة الأخيرة من هذا الدعاء الشريف يقول (عليه السلام) :

فإليك يا ربّ نصبت وجهي وإليك يا ربّ مددت يدي فبعزّتك استجب لي دعائي وبلّغني مناي ولا تقطع من فضلك رجائي واكفني شرّ الجنّ والإنس من أعدائي , يا سريع الرّضا اغفر لمن لا يملك إلاّ الدّعاء فإنّك فعّال لما تشاء يا من اسمه دواء وذكره شفاء وطاعته غنىّ ارحم من رأس ماله الرّجاء وسلاحه البكاء , يا سابغ النّعم يا دافع النّقم يا نور المستوحشين في الظّلم يا عالما لا يعلّم صلّ على محمّد وآل محمّد وافعل بي ما أنت أهله وصلّى الله على رسوله والأئمّة الميامين من أهله وسلّم تسليما كثيرا .

وانتهى هذا الدعاء الشريف الذي هو صفحة مشرقة من عبادة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وانقطاعه التامّ إلى الله تعالى فقد هام بحبّه وطاعته وأخلص في عبادته كأعظم ما يكون الإخلاص.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






في ذي قار.. العتبة العباسيّة تقدم دعوة لجامعة العين للمشاركةِ في حفل التخرّج المركزي للطلبة
العتبة العباسية تقدم دعوة لجامعة المثنى لمشاركة طلبتها في حفل التخرج المركزي
جامعة بغداد تؤكد مشاركتها في الحفل المركزي الرابع لتخرج طلبة الجامعات العراقية
جامعة الكرخ للعلوم: مشاركة طلبتنا في حفل التخرّج المركزي مدعاة فخر لنا