التلوث الاشعاعي radiation pollution

من اخطر ملوثات الجو في العصر الحديث هو التلوث بالمواد المشعة المختلفة التي تستعمل في القنابل النووية والهايدروجينية، وفي الافران الذرية الحرارية وهي تؤدي الى السرطان ، وتؤثر على الصفات الوراثية للأجيال القادمة. يحدث التلوث الاشعاعي عند تسرب المواد المشعة (الصلبة، السائلة او الغازية) من الاوعية التي تحتويها من خلال ثقوب او شروخ بها او نتيجة لانفجارها، تندمج المواد المشعة بعد تسربها في عناصر البيئة مثل الماء والتربة والهواء لتنتقل بعد ذلك الى الانسان، وعند تلوث الهواء يؤدي ذلك الى انتشار عام للتلوث في مناطق شاسعة اذا لعبت الرياح دورها في تحريك السحابة المشعة (كما حدث في حادث تشرنوبل)، وقد ينتهي التلوث الهوائي بتساقط الغبار المشع على المناطق مختلفة مما يؤدي الى تلوث الارض والماء (يقاس بـ غراي، راد، ريم، سيفرت، بيكرل).

مصادر الاشعاع :

1. مصادر طبيعية : جميعنا معرضون للإشعاع الطبيعي كالأشعة الكونية التي تصل الى سطح الكرة الارضية والتي مصدرها اشعة الشمس، ومن الصخور التي يحتوي بعضها كميات ولو قليلة من المواد المشعة كالبوتاسيوم المشع، ونظرا لان هذه الاشعة لم تكن ذات تركيز عالي فقد تأقلمت الكائنات الحية معها.
2. مصادر صناعية : من المصادر الصناعية المهمة مواد المشعة الناتجة من استعمالات الاشعة في عمليات التشخيص الطبي ومن توليد الطاقة الكهرونووية والمواد المشعة الناتجة من تصنيع الوقود النووي المواد الناتجة من تعدين وطحن اليورانيوم والمواد الناتجة من خزن وردم النفايات المشعة ومن منشئات البحوث النووية ومن البحوث الزراعية والفيزياوية والكيمياوية والبحوث الصناعية ..الخ.

أنواع الاشعاعات :-

تنتج المواد النشطة اشعاعيا اشكالا مختلفة من الاشعاعات، وان نوى الذرات غير المستقرة تنحل ذاتيا، وان هذا الانحلال ينتج عنه اشعاع، ولا يتوقف الانبعاث الاشعاعي الا ان يتم انحلال جميع نوى الذرات. ان الانحلال النووي يولد اشعاعا يتكون من جسيمات الفا وجسيمات بيتا واشعة كاما واشعة اكس والنيترونات :-

1. جسيمات الفا Alpha particles : وهي نواة ذرة الهيليوم المشحونة الطاقة والمتكونة من نيوترونين وبروتونين، وهي تطرح الجزء الاكبر من طاقتها خلال فترة قصيرة داخل الانسجة الحية، ويمكن ايقاف مسارها بواسطة قطعة من الورق او بواسطة جسم الانسان، ولكن لو تم استنشاق ابخرة المادة التي تشع منها دقائق الفا او بلعها او دخولها الجسم نتيجة وجود جرح فأنها تكون مؤذية جدا.
2. جسيمات بيتا Beta particles : وهي الكترونات ذات شحنة سالبة سريعة الحركة وهي اسرع من جسيمات الفا بحوالي ثمان مرات، وتستطيع الدخول الى عمق عدد قليل من طبقات الخلايا الحية، لا يمكن ايقاف دقائق بيتا بواسطة قطعة الورق ولكن يمكن ايقافها بواسطة قطعة من الخشب، وقوة نفاذها اكبر من جسيمات الفا وهي شديدة الخطورة اذا تم استنشاق ابخرة او بلع المادة التي تبعث اشعة بيتا.
3. اشعة Gamma rays : وهي من اخطر انواع الاشعاعات ولها قوة اختراق عالية جدا، ويمكن ايقاف سريانها بواسطة حاجز من الكونكريت (يمكنها بسهولة اختراق جسم الانسان وامتصاصها من قبل الانسجة ولذلك هي تشكل خطرا اشعاعيا عاليا على الانسان).
4. اشعة اكس (الاشعة السينية) X – Rays  : خواصها شبيهة بخواص اشعة كاما ولكنها تختلف في المصدر حيث تنبعث اشعة اكس من عمليات خارج النواة بينما اشعة كاما تنبعث من داخل النواة، قوة الاختراق والنفاذية لأشعة اكس اقل من اشعة كاما وتعتبر من اكثر مصادر تعرض الانسان للإشعاع حيث يتم استخدامها في عديد من العمليات الصناعية والطبية. (يمكن ايقاف قدرتها على الاختراق بواسطة شريحة من الرصاص سمكها مليمترات قليلة)
5. النيوترونات : وهي احد مكونات الذرة ولا تحمل شحنة كهربائية كما ان قدرتها على الاختراق عالية وتنطلق من التفاعلات والتفجيرات النووية.

تأثير الاشعاع على الكائنات الحية

تؤثر الاشعاعات في مختلف الكائنات الحية ويعتمد تأثيرها على نوع الكائن الحي ودرجة الاشعاع والفترة الزمنية للتعرض، وعموما يكون التأثير اكبر في المراحل المبكرة للعمر نظرا لنشاط الخلايا الكبير، وتؤدي الى تغيير في ترتيب الاحماض الامينية في المادة الوراثية والانزيمات وينتج عنها اضرار وراثية تنتقل الى الاجيال القادمة او اضرار جسدية تؤثر مباشرة في الكائن الحي، ويكون تأثير الاشعاع على النظم البيئية الطبيعية بشكل عام عن طريق تغيير مكوناته الحية، فقد وجد ان تعرض نظام بيئي طبيعي الى الاشعاع بتراكيز 3-2 راد يؤدي الى تقليل عدد انواع الحيوانات، اما التعرض الى اشعاعات20- 30 راد فقد قللت من مناعة الاشجار ضد الحشرات.

التأثير البيولوجي على البشر

 هنالك نوعين من التأثيرات هما :-

1- التأثيرات قصيرة الامد او التأثيرات الحادة Acute effects

يظهر هذا التأثير سريعا بعد التعرض الى الاشعاع وخلال ساعة او ساعتين ولربما بعد عدة دقاق من التعرض الى الاشعاع العالي جدا، ولكن الموت بسبب التعرض قد لا يحدث الا بعد مرور شهرين حيث استدل على  ذلك من ضحايا القنابل الذرية في اليابان. ومن اهم اعراض هذا النوع من التأثيرات هو حدوث مرض الاشعاع الذي تكون اعراضه الابتدائية فقدان الشهية للطعام والغثيان والصداع.

ان الموت الناتج من التعرض الى جرع من 1 – 5 غراي يكون سببه الاساسي تلف الانسجة المولدة للدم، وفي الجرع الاصلي يرجع سبب الوفاة الى حدوث خلل في الجهاز الهضمي، وعند ارتفاع الجرع اكثر فان الموت يكون سبب تلف الجهاز العصبي المركزي.

ان التأثير القاتل الرئيسي للإشعاع يحدث بواسطة الفعل المتلف للخلايا، عندما تكون الجرع الاشعاعية عالية فان الطاقة الداخلة الى الخلايا تكون كافية لتحطيمها كليا، ولكن الرجع الاقل قد تؤدي الى ايقاف الانقسام الخيطي. هنالك تأثيرات حادة على الجلد مثل تساقط الشعر وتأثيرات اخرى في الجهاز التناسلي مما يؤدي الى العقم، كما ان الاشعاع قد يسبب تلفا لا يمكن اصلاحه في الخلايا المولدة للبيوض.

2- التأثيرات المزمنة Chronic effects

لا يؤدي التعرض الى الجرع الاشعاعية الواطئة الى ظهور اعراض مبكرة، ولهذا فقد كان يظن ان هذه الجرع لا تسبب ضررا، الا انه ان هذا الظن في غير محله فالجرع الاشعاعية الواطئة تؤدي الى عدد من التأثيرات منها : الحث على تكوين السرطان، والحث على حدوث عتمة عدسة العين التي تكون لها حساسية كبيرة للإشعاع، فضلا عن تقصير الحياة التأثيرات الوراثية الاخرى.

المعالجة والتخلص من المخلفات الاشعاعية 

اهم اهداف معالجة المخلفات الاشعاعية هي التخلص من او تدمير النظام المشعة لمنع ضررها ووقاية البيئة والانسان، ويتم ذلك عبر عزل او ترقيق (تخفيف التركيز) او تدمير المخلفات الناتجة، وحتى الان فان اكثر هذه الطرق قابلية للتحقيق كان وما يزال الدفن العميق للمخلفات الاشعاعية (عبوات خاصة)، الهدف الاساسي من هذه العملية هو عزل المخلفات الاشعاعية ومنع تسربها للنظام البيئي حتى يزول النشاط الاشعاعي الناتج عنها بان تتأين كل العناصر المشعة الموجودة داخله .