أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-5-2017
4779
التاريخ: 6-2-2016
11913
التاريخ: 2023-05-08
1294
التاريخ: 21-5-2017
6300
|
شرع الله عز وجل الطلاق كوسيلة وطريقة علاجية استثنائية لا يتم اللجوء اليها الا في حالة استعصاء الحياة الزوجية وبعد استنفاد كل محاولات الصلح، ويستمد الطلاق مشروعيته من ادلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والاجماع، والتي يمكن توضيحها كما يأتي:
أولاً: القرآن الكريم هنالك العديد من الآيات التي اشارت الى الطلاق منها:
1. قوله عز وجل (الطَّلَاقُ مَرْتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ) (1)
2 قوله عز وجل ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلَقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصَوا الْعِدَّةَ ) (2)
3. قوله عز وجل ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ) (3) .
4. قوله عز وجل (لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَقْرِضُوا لَهُنَّ فريضة) (4)
ثانياً: السنة النبوية الشريفة وردت عدة أحاديث في اباحة الطلاق، منها:
1- عن ابن عمر عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) قال (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (5).
2- عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، فقال ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (مره فَلِيُرَاجِعُها، ثم لِيُمْسِكُها حتى تَطْهُرَ، ثم تَحِيضُ فَتَطْهُرَ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يَمَسَّها، فتلك العِدَّةُ التي أمر الله ان تُطلق لها النساء) (6).
3. قول النبي محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) (إنما الطلاق لمن اخذ بالساق) (7).
ثالثاً: الاجماع : أجمع الفقهاء المسلمون من زمن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ليومنا هذا على مشروعية الطلاق المشتمل على شرائطه ووقوعه (8). فقد تم الاجماع على ان للرجل ان يطلق زوجته، ولم ينكر هذا الصنيع احد (9).
وقال القرطبي: "دل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن الطلاق مباح غير محظور"، ونقل قول ابن المنذر : وليس" في المنع منه خبر يثبت" (10).
رابعا: المعقول : المعقول يؤيده، فأنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة فضلا عن كونه ضررا مجردا، بإلزام الزوج النفقة السكني وحبس المرأة مع سوء العشرة وخصومة دائمة من غير فائدة، فأقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. (11)
فاذا حصل الخصام بين الزوجين، وتعسر الإصلاح بينهما، فلا بد من اختيار أحد الأمور الثلاثة الآتية:
1. بقاء الحياة الزوجية مع النفرة والضغينة.
2. أن تبقى الزوجية قائمة مع التفريق بينهما جسدياً، فتصير المرأة كالمعلقة.
3. أن يفرق بينهما بالطلاق فيغنيهما الله من فضله بالزواج من زوج آخر، يجد عنده ما افتقده عند صاحبه الأول (12).
ولا شك أن كل عاقل يرى أن التفريق بينهما في هذه الحال هو الأفضل، ليجد كل منهما حياته بعد ذلك، وهذا من باب درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
وعلى الرغم من حث الشريعة الإسلامية على الزواج وترغيبها فيه، وحرصها على قيام الرابطة الزوجية على أمس السكن والمودة والرحمة ودوامها على هذه الأمس، الا انها لم تغفل عن واقع النفوس وطبيعتها، وما قد يعتريها من تغيرات فقد يطرأ على القلوب ما يقلبها فتنقلب المحبة الى بغض، والمودة الى قطيعة فتستحكم النفرة ولا يمكن رأب الصدع ولا تعود الاسرة الى صفوها. لذا يعد تشريع الطلاق من محاسن الشريعة الغراء ومن دلائل واقعيتها وعدم اغفالها مصالح الناس في مختلف ظروفهم واحوالهم (13)، وله حكما عديدة منها:
1. تحقيق المصلحة لكل من طرفي العلاقة الزوجية: كأن يكون الزوج طالبا للنسل وزوجته عقيمة، وهو من أهم مقاصد الزواج، ولا يستطيع الزوج الجمع بين زوجتين والانفاق على كلتيهما، أو يكون عاجزاً عن ضم أخرى إليها وعن العدل بينهما، فإن استطاع كان الأفضل له شرعاً أن يبقيها في عصمته، وقد يكون بالزوج مرض أو عجز يمنعه النسل،
والمرأة تتوق إلى تحقيق عاطفة الأمومة، ووجودها مع الزوج على حالته هذه إيذاء لها وحرمان من حاجتها، فيكون الطلاق محققاً لمصلحته (14)
2. النفور القلبي بين الزوجين : بما ان القلوب بيد الله ولا سلطان لأحد على كثير من شؤونها لذا قد تتنافر طباع الزوجين كل التنافر ، أو يلقى في نفس أحدهما أو كليهما كراهة شديدة للآخر وتعجيز جمع الوسائل الإنسانية عن علاج هذه الحال.
3. سوء العشرة بين الزوجين : قد تفسد اخلاق أحد الزوجين، فلا يرعى لعقد الزواج عهدا ولا حرمة ويندفع في تيار الفسق والفجور كما انه يصبح فضيحة الفضائح لكل من ينتمي اليه، وتعجز جميع وسائل التقويم عن إصلاحه ورده الى الطريق المستقيم (15).
4. الوقاية من الامراض قد يصاب أحدهما بمرض لا يستطيع معه دوام العشرة، وقد يكون بأحد الزوجين مرض معد تتحول معه الحياة إلى نفور وخصام فيكون التفريق للوقاية من ذلك (16)
5. عدم القدرة على الانفاق على زوجته: قد يكون الزوج معسراً بالنفقة، اذ تتضرر الزوجة بذلك، خصوصاً وإذا لم يكن لها مورد رزق غير نفقة الزوجية فيكون الفراق هو الحل المناسب (17).
مما سبق ذكره يمكن القول ان الإسلام شرع الطلاق للضرورة التي تحقق مصلحة الزوجين وتدفع الضرر عنهما فيكون الطلاق علاجاً نهائياً مر المذاق يحسم الخلاف بين الزوجين، وذلك بعد فشل العلاج بالطرق المناسبة. لذا فالإسلام لم يكن شغوفاً بالترغيب في الطلاق، ولا داعياً إلى الإكثار منه.
_______________
1- سورة البقرة (الآية 229).
2- سورة الطلاق (الآية 1)
3- سورة النساء (الآية 130).
4- سورة البقرة (الآية 236).
5- أبو داوود سليمان بن الأشعث بن اسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، شرح سنن أبي داود للعباد، ط1، ج2، دار طويق للنشر والتوزيع، الرياض - السعودية، حديث ،(2178)، 1429هـ، ص 225.
6- مسلم بن حجاج النيسابوري، صحيح مسلم، ج2، دار احياء التراث العربي، بيروت - لبنان، حديث (1471)، 1469، ص 1098
7- ابو عبد الله محمد بن يزيد الربعي القزويني ابن ماجة، سنن ابن ماجة، ج1، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية ، حديث (2081) 1430هـ - 2009م، ص 650.
8- د. حيدر حسين كاظم الشمري، المختصر في احكام الزواج والطلاق واثارهما في التشريع العراقي والفقه الإسلامي، ط1، مطابع دار الوارث كربلاء المقدسة، العراق، 1442 - 2020م ، ص 102.
9- ابو محمد موفق الدين عبد الله بن محمد قدامة المقدسي الدمشقي الحنبلي، المغني، ج10، مكتبة القاهرة، 1388هـ - 1968م ، ص 82 معوض عبد التواب موسوعة الأحوال الشخصية، ج1، ط5، دار الوفاء، المنصورة - مصر، 1990، ص 278.
10- أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لإحكام القرآن، مراجعة وتعليق محمد إبراهيم الحفناوي، خرج أحاديثه محمود حامد عثمان، ج2، دار الحديث القاهرة - مصر، 1423هـ - 2002م، ص 111.
11- كريمة عبود جبر وعبد الهادي عبد الكريم، محددات الطلاق في الشريعة الإسلامية، حكمها والحكمة منها، بحث منشور في مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، المجلد 8، العدد 2، 2009، ص 125
12- ابو محمد موفق الدين عبد الله بن محمد قدامة المقدسي الدمشقي الحنبلي، المغني المصدر السابق، ج10، ص82. عبد الرحمن بن محمد بن احمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، الشرح الكبير على متن المقنع، تحقيق محمد شرف الدين ،خطاب والسيد محمد السيد، وسيد إبراهيم ،صادق، ط1، دار الحديث، القاهرة - مصر، 1416هـ - 1996م، ص 73 محمد احمد مصطفى أبو زهرة، الأحوال الشخصية، دار الفكر العربي، القاهرة - مصر، 1445 - 1984م، ص 280
13- محمد عبد الرحمن الفقي المغاوري سنية الطلاق وبدعيته وأثر كل منهما - دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي وبعض القوانين العربية، ط1، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية مصر، 2011، ص 24.
14- أسماء عبد الله طباسي، احكام التفويض في الطلاق في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير مقدمة إلى الجامعة الإسلامية، فلسطين، 2009، ص 16.
15 - محمود سمير عبد الفتاح، احكام الزواج والطلاق في التشريع الإسلامي (مع دراسة خاصة لمصادر التشريع)، مطبعة البحيرة، دون ذكر سنة الطبع . ، ص 218-219
16- عبد الكريم زيدان المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية، ج 7، ط2، مؤسسة الرسالة لبنان 2000، ص 348
17- أسماء عبد الله طباسي، احكام التفويض في الطلاق في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير مقدمة إلى الجامعة الإسلامية، فلسطين، 2009 ص 16.
|
|
هذه العلامة.. دليل على أخطر الأمراض النفسية
|
|
|
|
|
ضمن سلسلة إصدارات قطوف.. المَجمَع العلمي يُصدر كتاب (الأسباب النفسية للضلال)
|
|
|