أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-29
156
التاريخ: 2023-02-09
1202
التاريخ: 2024-10-19
121
التاريخ: 2024-06-12
557
|
إن مساعي العمال، الذين يريدون الارتزاق من سواعدهم، دليل على صلاحهم وفضيلتهم، بينما مساعي عشاق المال، الذين يريدون جمع المال لإشباع غريزة طمعهم، دليل على سوئهم ووجود الرذيلة لديهم.
عن علي (عليه السلام) أنه قال: (يستدل على شر الرجل بكثرة شرهه وشدة طمعه) (1).
أخطار عبادة المال:
إن عبادة المال والحرص من الممكن أن يؤثرا على الإنسان تأثيراً كبيراً لدرجة أن ينسى نفسه وينسى قيمه الإنسانية، ولا يعود يفكر إلا في جمع المال واكتنازه، وطلب المال وحبه يمكن أن يغفل الإنسان عن الله عز وجل وعن الحقيقة، يمنعه من السمو النفسي والتكامل المعنوي، ويمحو من ذهنه مكارم الأخلاق والصفات الإنسانية. ويغرق البعض فى حب المال وجمعه لدرجة ينسون معها الزوجة والأبناء، ينسون محبة الحياة الزوجية وعطف الأبوة، فيبدلون دفء العائلة إلى برودة.
الاسلوب الأحمق:
(يقول راسل: في العالم الجديد يوجد عدو خطر للحب، وهو مبدأ العمل والكسب والنجاح الاقتصادي، خاصة في أمريكا حيث يعتقد الناس ان الإنسان يجب أن لا يسمح للحب بأن يكون مانعاً للنجاح في الحياة، وإذا ما سمح بذلك فهو احمق وجاهل. ورغم أن هذه المسألة، كالمسائل الاخرى، تحتاج إلى التعادل، فإنه من الحماقة أن يضحي الإنسان بعمله ومكانته من أجل (الحب)، ولكنه من الحمق أيضاً أن يضحي الإنسان بالحب من أجل العمل، ومع ذلك فإن هذا الأمر لا يمكن اجتنابه في مجتمع أساسه مبني على العمل الحثيث للحصول على المال.
لاحظوا حياة أحد تجار هذا العصر خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، فهو منذ اللحظة التي عرف فيها نفسه وشعر بالرجولة يسعى من أجل الحصول على المال، وفي رأيه أن معظم الأشياء ما هي إلا لعب تافه؛ في شبابه يغرق في الفساد ثم يتزوج، ولكن رغباته تختلف عن رغبات زوجته، ولذا لا يحصل بينهما أي نوع من الارتباط الحقيقي والضروري بينهما - يأتي عادة منهكاً إلى البيت، ويخرج من المنزل صباحاً قبل استيقاظ زوجته، ويقول: إن رغبات زوجته نسائية وهولا يرغب أن تكون له علاقة بذلك، وهكذا لا يستبعد أن تشعر زوجته ببرود عاطفي تجاهه، لأن زوجها لم يكن لديه وقت لإظهار محبته لها) (2).
إن الرجل الذي يمضي أكثر أوقاته خارج المنزل، ويصرف طاقاته لكسب المال، يكون منهكاً لدى عودته إلى البيت لدرجة لا يستطيع أن يهتم بزوجته أو يظهر محبته لها، أو أن يحترم عواطفها، ويلبي رغباتها الطبيعية.
برود الزوجة من الزوج:
من الواضح أن المرأة في مثل هذه الظروف تكتئب ويزداد تأثرها يوماً بعد آخر فإحباطاتها، وحرمانها المتتابع يصيبها بالبرود تجاه زوجها، ويبث فيها اليأس من الحياة الزوجية، ولا يمضي وقت طويل حتى تبدأ بالشكوى وعدم الرضا، وتظهر قلقها واضطرابها الباطنيين من الحياة الزوجية.
الخلاف العائلي:
وهذا الوضع إن لم يدفع بالمرأة إلى الفساد والانحلال الخلقي والفضيحة، أو يجعلها توسع من شكواها حتى تصل إلى الطلاق، إن لم يحصل ذلك فعلى الأقل يؤدي إلى القضاء على العشق والحب والأمل والعطف في محيط الأسرة ليحل محله اليأس والبرود، وفي النهاية تبتلي العائلة بالخلافات وأحياناً بالشجار والخصام.
إن عبّاد الثروة الطامعين، بأسلوبهم الخاطئ لا يدمرون حسن التفاهم والمحبة في العائلة وحسب، بل إنهم بعملهم المفرط يصيبون المجتمع بأضرار، فهؤلاء من أجل أن يحصلوا على مال أكثر، لإشباع رغبتهم هذه، يضطرون للعمل في مجالات متعددة، أو أنهم يوسعون نطاق عملهم الذي يعملون فيه إلى الدرجة التي تتحقق فيها آمالهم. على أية حال إنهم في هذا الأسلوب يضيقون مجالات العمل أمام الآخرين فيؤدي ذلك إلى حرمان هؤلاء. ومما لا شك فيه أن الفشل والحرمان هما من أسباب الصراع والتضاد.
يدخل الشباب إلى المجتمع بقلب مليء بالأمل للحصول على العمل. وعندما يشاهدون أن جميع الأعمال بيد الجيل القديم يبدو عليهم الضجر فيدخلون ميدان التنافس ليجدوا لأنفسهم موضع قدم، ولدى رؤية عباد الثروة يقبضون على أكثر الأعمال، بينما هم يبحثون عن عمل واحد، ينتابهم القلق ويشعرون بالضياع، فيصل الأمر بهم إلى الإنفعال، فيظهر الإختلاف وعدم التفاهم بشدة أكثر في المجتمع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ غرر الحكم، ص 63.
2ـ الزواج والأخلاق، ص 117.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
مكتبة العتبة العباسية.. خدمات رقمية متطورة وجهود لتلبية احتياجات الباحثين
|
|
|