المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8824 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
صلاة الليل بإشارات القرآنية
2024-04-18
الائمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
2024-04-18
معنى الصد
2024-04-18
ان الذي يموت كافر لا ينفعه عمل
2024-04-18
تحتمس الثالث الحملتان الحادية عشرة والثانية عشرة.
2024-04-18
تحتمس الثالث الحملة الثالثة عشرة السنة الثامنة والثلاثون.
2024-04-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ذم معاوية للأنصار  
  
4271   06:01 مساءً   التاريخ: 18-10-2015
المؤلف : السيد محسن الامين
الكتاب أو المصدر : أعيان الشيعة
الجزء والصفحة : ج2,ص283-287
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

دعا معاوية النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري ومسلمة بن مخلد الأنصاري ولم يكن معه من الأنصار غيرهما فقال يا هذان لقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال حتى والله جبنوا أصحابي الشجاع والجبان أو حتى والله ما أسال عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتله الأنصار أما والله لألقينهم بجدي وحديدي ولاعين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه ثم لأرمينهم باعدادهم من قريش رجال لم يغذهم التمر والطفيشل يقولون نحن الأنصار قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم فغضب النعمان فقال يا معاوية لا تلومن الأنصار بسرعتهم في الحرب فإنهم كذلك كانوا في الجاهلية وأما دعاؤهم إلى النزال فلقد رأيتهم مع رسول الله (صلى الله عليه واله) وأما لقاؤك إياهم في اعدادهم من قريش فقد علمت ما لقيت قريش منهم فان أحببت أن ترى فيهم مثل ذلك آنفا فافعل وأما التمر والطفيشل فان التمر كان لنا فلما ان ذقتموه شاركتمونا فيه وأما الطفيشل فكان لليهود فلما أكلناه غلبناهم عليه كما غلبت قريش على السخينة ثم تكلم مسلمة بن مخلد فقال يا معاوية ان الأنصار لا تعاب احسابها ولا نجداتها وأما غمهم إياك فقد والله غمونا ولو رضينا ما فارقونا وما فارقنا جماعتهم وإن في ذلك لما فيه من مباينة العشيرة ولكن حملنا ذلك ورجونا منك عوضه وأما التمر والطفيشل فإنهما يجران عليك نسب السخينة والخرنوب وانتهى الكلام إلى الأنصار فجمع قيس بن سعد الأنصاري الأنصار ثم قام خطيبا فيهم فقال إن معاوية قد قال ما بلغكم وأجاب عنكم صاحبكم فلعمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس وان وترتموه في الاسلام لقد وترتموه في الشرك وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الدين الذي أنتم عليه فجدوا اليوم جدا تنسونه ما كان أمس وجدوا غدا جدا تنسونه ما كان اليوم فأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل والقوام مع لواء أبي جهل والأحزاب وأما التمر فانا لم نغرسه ولكن غلبنا عليه من غرسه وأما الطفيشل فلو كان طعامنا سمينا به كما سميت قريش السخينة ثم قال قيس بن سعد في ذلك شعرا :

يا ابن هند دع التوثب في الحر * ب إذا نحن بالجياد سرينا

نحن من قد علمت فادن إذا شئت * بمن شئت في العجاج إلينا

ان تشأ فارس له فارس منا * وإن شئت باللفيف التقينا

اي هذين ما أردت فخذه * ليس منا وليس منك الهوينا

ثم لا تنزع العجاجة حتى * تنجلي حربنا لنا أو علينا

ليت ما تطلب الغداة أتانا * أنعم الله بالشهادة عينا

أننا أننا الذين لدى الفتح * شهدنا وخيبرا وحنينا

بعد بدر وتلك قاصمة الظهر * واحد وبالنضير ثنينا

يوم الأحزاب فيه قد علم الناس * شفينا من نحوكم واشتفينا

فلما بلغ شعره معاوية دعا عمرو بن العاص فقال ما ترى في شتم الأنصار قال أرى أن توعد ولا تشتم ما عسى أن تقول لهم إذا أردت ذمهم ذم أبدانهم ولا تذم أحسابهم ، قال معاوية ان خطيب الأنصار قيس بن سعد يقوم كل يوم خطيبا وهو والله يريد أن يفنينا غدا إن لم يحبسه عنا حابس الفيل فما الرأي ؟ قال : الرأي التوكل والصبر ، فأرسل معاوية إلى رجال من الأنصار فعاتبهم فمشوا إلى قيس فقالوا إن معاوية لا يريد شتمنا فكف عن شتيمه فقال إن مثلي لا يشتم ولكن لا أكف عن حربه حتى القى الله ؛ وتحركت الخيل غدوة فظن قيس بن سعد أن فيها معاوية فحمل على رجل يشبهه فقنعه بالسيف فإذا هو غير معاوية ، وحمل على آخر يشبهه أيضا فضربه ثم انصرف ، فلما تحاجز الفريقان شتمه معاوية شتما قبيحا وشتم الأنصار فغضب النعمان ومسلمة فأرضاهما بعد ما هما أن ينصرفا إلى قومهما ؛ ثم أن معاوية سأل النعمان أن يخرج إلى قيس فيعاتبه ويسأله السلم فخرج فقال له : يا قيس أ لستم معشر الأنصار تعلمون أنكم أخطأتم في خذل عثمان وقتلتم أنصاره يوم الجمل وأقحمتم خيولكم على أهل الشام بصفين فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليا لكانت واحدة بواحدة ولكنكم خذلتم حقا ونصرتم باطلا ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس حتى أعملتم في الحرب ودعوتم إلى البراز ثم لم ينزل بعلي أمر قط إلا هونتم عليه المصيبة ووعدتموه الظفر وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم فاتقوا الله في البقية . فضحك قيس ثم قال : ما كنت أراك يا نعمان تجترئ على هذه المقالة أنه لا ينصح أخاه من غش نفسه ، وأنت والله الغاش الضال المضل ، أما ذكرك عثمان فإن كانت الأخبار تكفيك فخذ عني واحدة : قتل عثمان من لست خيرا منه وخذله من هو خير منك ، وأما أصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث ، وأما معاوية فوالله أن لو اجتمعت عليه العرب لقاتلته الأنصار ، وأما قولك أنا لسنا كالناس فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول الله (صلى الله عليه واله) نتقي السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ، ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية إلا طليقا أو أعرابيا أو يمانيا مستدرجا بغرور ؟ أين المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان الذين رضي الله عنهم ؟ ثم هل ترى مع معاوية غيرك وصويحبك ولستما والله ببدريين ولا أحديين ولا لكما سابقة في الاسلام ولا آية في القرآن ، ولعمري لئن شغبت علينا لقد شغب علينا أبوك يشير إلى ما فعله أبوه يوم السقيفة ، وقال قيس في ذلك :

والراقصات بكل أشعث أغبر * خوص العيون تحثها الركبان

ما ابن المخلد ناسيا أسيافنا * عمن نحاربه ولا النعمان

تركا العيان وفي العيان كفاية * لو كان ينفع صاحبيه عيان

قال نصر : كان فارس أهل الكوفة الذي لا ينازع العكبر بن جدير الأسدي وفارس أهل الشام الذي لا ينازع عوف بن مجزاة المرادي المكنى أبا أحمر ، وهو أبو الذي استنقذ الحجاج بن يوسف يوم صرع في المسجد بمكة ، وكان العكبر له عبادة ولسان لا يطاق ، فقام إلى علي (عليه السلام) وقال يا أمير المؤمنين إن في أيدينا عهدا من الله لا نحتاج فيه إلى الناس وقد ظننا باهل الشام الصبر وظنوا بنا فصبرنا وصبروا وقد عجبت من صبر أهل الدنيا لأهل الآخرة ثم قرأت آية من كتاب الله فعلمت أنهم مفتونون : {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } [العنكبوت: 1، 2] فاثنى عليه علي خيرا وقال له خيرا ؛ وخرج الناس إلى مصافهم وخرج المرادي نادرا من الناس وكذلك كان يصنع وقد كان قتل قيل ذلك نفرا مبارزة فنادى يا أهل العراق هل من رجل عصاه سيفه يبارزني ولا أغركم من نفسي فانا فارس رؤوف فصاح الناس بالعكبر فخرج إليه منقطعا من أصحابه والناس وقوف والمرادي يقول :

بالشام أمن ليس فيه خوف * بالشام عدل ليس فيه حيف

أنا المرادي ورهطي روف * أنا ابن مجزاة واسمي عوف

هل من عراقي عصاه سيف * يبرز لي وكيف لي وكيف

فبرز إليه العكبر وهو يقول :

الشام محل والعراق تمطر * بها الامام والامام معذر

أنا العراقي واسمي العكبر * ابن جدير وأبوه المنذر

ادن فاني للكمي مصحر

فاطعنا فصرعه العكبر فقتله ومعاوية على التل في جماعة فوجه العكبر فرسه فملأ فروجه ركضا يضربه بالسوط مسرعا نحو التل فنظر إليه معاوية فقال إن هذا الرجل مغلوب على عقله أو مستأمن اسألوه فاتاه رجل وهو في حمو فرسه فناداه فلم يجبه فمضى حتى انتهى إلى معاوية وجعل يطعن في أعراض الخيل ورجا المعكبر أن يفردوا له معاوية فقتل رجالا وقام القوم دون معاوية بالسيوف والرماح فلما لم يصل إليه نادى أولى لك يا ابن هند وأنا الغلام الأسدي ورجع إلى علي فقال له ما دعاك إلى ما صنعت يا عكبر ؟

قال : أردت غرة ابن هند وكان شاعرا فقال :

قتلت المرادي الذي جاء باغيا * ينادي وقد ثار العجاج نزال

يقول أنا عوف بن مجزاة والمنى * لقاء ابن مجزاة بيوم قتال

فقلت له لما علا القوم صوته * بليت بمشبوح اليدين طوال

فأوجرته في معظم النقع صعدة * ملأت بها رعبا قلوب رجال

وقدمت مهري راكضا نحو صفهم * أعرقه في جريه بشمالي

أريد به التل الذي فوق رأسه * معاوية الجاني لكل خبال

فلما رأوني أصدق الطعن فيهم * جلا عنهم رجم الغيوب فعالي

فقام رجال دونه بسيوفهم * وقام رجال دونه بعوالي

فلو نلته نلت التي ليس بعدها * من الأمر شئ غير قيل وقال

ولو مت في نيل المنى ألف ميتة * لقلت إذا ما مت لست أبالي

وانكسر أهل الشام لقتل المرادي وهدر معاوية دم العكبر فقال العكبر يد الله فوق يد معاوية فأين دفاع الله عن المؤمنين .

قال نصر : وكانت طلائع أهل الشام وأهل العراق يلتقون فيما بين ذلك ويتناشدون الأشعار ويفخر بعضهم على بعض ويحدث بعضهم بعضا على أمان ، فالتقوا يوما وفيهم النجاشي فتذاكروا رجراجة علي وخضرية معاوية فالأولى أربعة آلاف مجفف من همدان مع سعيد بن قيس الهمداني عليهم البيض والسلاح والدروع والرجراجة الكتيبة التي تموج من كثرتها أو تمخض في سيرها ولا تكاد تسير لكثرتها والثانية أربعة آلاف مع عبيد الله بن عمر عليهم ثياب خضر أو معلمون بالخضرة وتسمى الرقطاء أيضا كما مر ، فافتخر كل قوم بكتيبتهم وقالوا في ذلك الاشعار .

قال نصر : وجزع أهل الشام على قتلاهم جزعا شديدا فقال معاوية بن خديج : يا أهل الشام قبح الله ملكا يملكه المرء بعد حوشب وذي الكلاع ، فقال معاوية : يا أهل الشام ما جعلكم الله أحق بالجزع على قتلاكم من أهل العراق على قتلاهم ، فوالله ما ذو الكلاع فيكم بأعظم من عمار بن ياسر فيهم ، ولا حوشب فيكم بأعظم من هاشم فيهم ، وما عبيد الله بن عمر فيكم بأعظم من ابن بديل فيهم ، وما الرجال إلا أشباه ، فابشروا فان الله قد قتل من القوم عمار بن ياسر وهو فتاهم ، وهاشما وكان جمرتهم ، وابن بديل وهو فاعل الأفاعيل وبقي الأشعث والأشتر وعدي بن حاتم ، فاما الأشعث فإنما حمى عنه مصره وأما الأشتر وعدي فغضبا للفتنة والله قاتلهما غدا ؛ فقال ابن خديج : إن يكن الرجال عندك أشباها فليست عندنا كذلك وغضب ابن خديج .

وروى نصر عن عمر بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين فمر به الأسود بن قيس باخر رمق فقال عز علي والله مصرعك أما والله لو شهدتك لآسيتك ولدافعت عنك ولو أعرف الذي أشعرك لأحببت أن لا يزايلني حتى اقتله أو يلحقني بك ثم نزل إليه فقال والله إن كان جارك ليأمن بوائقك وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيرا أوصني رحمك الله قال أوصيك بتقوى الله وأن تناصح أمير المؤمنين وأن تقاتل معه المحلين حتى يظهر الحق أو تلحق بالله وأبلغه عني السلام وقل له قاتل على المعركة حتى تجعلها خلف ظهرك فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب ، ثم لم يلبث أن مات فاقبل الأسود إلى علي فأخبره فقال رحمه الله جاهد معنا عدونا في الحياة و نصح لنا في الوفاة .

وروى نصر أن معاوية جمع كل قرشي بالشام فقال : العجب يا معشر قريش أنه ليس لأحد منكم في هذه الحرب فعال يطول به لسانه ما عدا عمرا فما بالكم أين حمية قريش ؟ فغضب الوليد بن عقبة وقال : وأي فعال تريد ؟ والله ما نعرف في أكفائنا من قريش العراق من يغني عنا باللسان ولا باليد ، فقال معاوية : بل إن أولئك وقوا عليا بأنفسهم ، قال الوليد : كلا بل وقاهم علي بنفسه ، قال ويحكم أ ما منكم من يقوم لقرنه منهم مبارزة أو مفاخرة فقال مروان أما البراز فان عليا لا يأذن لحسن ولا لحسين ولا لمحمد بنيه فيه ولا لابن عباس واخوته ويصلى بالحرب دونهم فلأيهم نبارز ؟ وأما المفاخرة فبما ذا نفاخرهم أ بالاسلام أم بالجاهلية ؟ فإن كان بالاسلام فالفخر لهم بالنبوة ، وإن كان بالجاهلية فالملك فيه لليمن فان قلنا قريش قالت العرب فأقروا لبني عبد المطلب .

فقال عتبة بن أبي سفيان ألهوا عن هذا فاني لاق بالغداة جعدة بن هبيرة فقال معاوية بخ بخ قومه بنو مخزوم وأمه أم هاني بنت أبي طالب وأبوه هبيرة بن أبي وهب كفو كريم ونابذ معاوية الوليد بن عقبة فاغلظ له الوليد وظهر العتاب بين عتبة والقوم حتى أغلظ لهم وأغلظوا له ، ثم ما أمسوا حتى اصطلحوا وأرضاهم معاوية من نفسه ووصلهم بأموال جليلة وبعث إلى أخيه عتبة ما أنت صانع في جعدة قال ألقاه اليوم وأقاتله غدا وكان لجعدة في قريش شرف عظيم وكان له لسان وكان من أحب الناس إلى علي فغدا عليه عتبة فنادى يا جعدة يا جعدة فاستأذن عليا في الخروج إليه فاذن له فاجتمع الناس لكلامهما فقال عتبة يا جعدة إنه والله ما أخرجك علينا إلا حب خالك وعمك ابن أبي سلمة عامل البحرين وإنا والله ما نزعم أن معاوية أحق بالخلافة من علي لولا أمره في عثمان ولكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به فاعفوا لنا عنها فوالله ما بالشام رجل به طرف إلا وهو أجد من معاوية في القتال وما بالعراق من له مثل جد علي في القتال ونحن أطوع لصاحبنا منكم لصاحبك وما أقبح بعلي أن يكون في قلوب المسلمين أولى الناس بالناس حتى إذا أصاب سلطانا افنى العرب فقال جعدة : أما حبي لخالي فوالله لو كان لك خال مثله لنسيت أباك وأما ابن أبي سلمة فلم يصب أعظم من قدره والجهاد أحب إلي من العمل وأما فضل علي على معاوية فهذا ما لا يختلف فيه وأما رضاك اليوم بالشام فقد رضيتم بها أمس وأما قولك أنه ليس بالشام من رجل إلا وهو أجد من معاوية وليس بالعراق لرجل مثل جد علي فهكذا ينبغي أن يكون مضى بعلي يقينه وقصر بمعاوية شكه وقصد أهل الحق خير من جهد أهل الباطل وأما قولك نحن أطوع لمعاوية منكم لعلي فوالله لا نسأله إن سكت ولا نرد عليه إن قال وأما قتل العرب فان الله كتب القتال فمن قتله الحق فإلى الله ؛ فغضب عتبة وفحش على جعدة فلم يجبه واعرض عنه وانصرفا جميعا مغضبين وجمع عتبة خيله فلم يستبق منها وجل أصحابه السكون والأزد والصدف وتهيأ جعدة بما استطاع فالتقيا وصبر القوم جميعا وباشر جعدة القتال بنفسه وجزع عتبة فأسلم خيله وأسرع هاربا إلى معاوية فقال له فضحك جعدة وهزمك لا تغسل رأسك منها أبدا.

 قال عتبة : لا والله لا أعود إلى مثلها أبدا وقد أعذرت وما كان على أصحابي من عتب ولكن الله أبى أن يديلنا منهم فما أصنع ، فحظي بها جعدة عند علي ، وقال النجاشي أبياتا يذكر فيها ذلك وقال الشني مثلها وذكرناهما في ترجمة جعدة .

قال نصر : وأظهر علي (عليه السلام) أنه مصبح غدا معاوية ومناجزه فبلغ ذلك معاوية وفزع أهل الشام لذلك وانكسروا لقوله وكان معاوية بن الضحاك بن سفيان صاحب راية بني سليم مع معاوية وكان مبغضا لمعاوية وكان يكتب بالاخبار إلى عبد الله بن الطفيل العامري ويبعث بها إلى علي فبعث إلى عبد الله بن الطفيل إني قائل شعرا أذعر به أهل الشام وأذعر به معاوية وكان معاوية لا يتهمه وكان له فضل ونجدة ولسان فقال ليلا ليسمع أصحابه من أبيات :

ألا ليت هذا الليل أصبح سرمدا * علينا وأنا لا نرى بعده غد

حذار علي أنه غير مخلف * مدى الدهر ما لبى الملبون موعدا

كأني به في الناس كاشف رأسه * على ظهر خوار الرحالة اجردا

يخوض غمار الموت في مرجحنة * ينادون في نقع العجاج محمدا

فوارس بدر والنضير وخيبر * واحد يروون الصفيح المهندا

ويوم حنين جاهدوا عن نبيهم * فريقا من الأحزاب حتى تبددا

هنالك لا تلوي عجوز على ابنها * وإن أكثرت في القول نفسي لك الفدا

فقل لابن حرب ما الذي أنت صانع * أ تثبت أم ندعوك في الحرب قعددا

فلا رأي إلا تركنا الشام جهرة * وإن أبرق الفجفاج فيها وارعدا

فلما سمع أهل الشام شعره أتوا به معاوية فهم بقتله ثم راقب فيه قومه وطرده عن الشام فلحق بمصر وقال معاوية والله لقول السلمي أشد على أهل الشام من لقاء علي وقال الأشتر حين قال علي انني مناجز القوم إذا أصبحت :

قد دنا الفصل في الصباح وللسلم * رجال وللحروب رجال

فرجال الحروب كل خدب * مقحم لا تهده الأهوال

يضرب الفارس المدجج بالسيف * إذا قل في الوغى الاكفال

يا ابن هند شد الحيازيم للموت * ولا تذهبن بك الآمال

إن في الصبح إن بقيت لأمراء * تتنادى من هوله الأبطال

فيه عز العراق أو ظفر الشام * باهل العراق والزلزال

فاصبرن للطعان بالأسل السم * ر وضرب تجري به الأمثال

إن تكونوا قتلتم النفر النبيض * وغالت أولئك الآجال

فلنا مثلهم وإن عظم الخطب * قليل أمثالهم ابدال

يخضبون الوشيج طعنا إذا جرر * للموت بينهم أذيال

طلبوا الفوز في المعاد وفي ذا * تستهان النفوس والأموال

فلما انتهى إلى معاوية شعر الأشتر قال شعر منكر من شاعر منكر

رأس أهل العراق وعظيمهم ومسعر حربهم وأول الفتنة وآخرها




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثامن والثلاثين من مجلة دراسات استشراقية
مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) يستقبل الطلبة المشاركين في حفل التخرج المركزي
جامعة الكفيل تحيي ذكرى هدم مراقد أئمة البقيع (عليهم السلام)
الانتهاء من خياطة الأوشحة والأعلام الخاصة بالحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات