أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-29
315
التاريخ: 22-12-2015
5900
التاريخ: 27/11/2022
1518
التاريخ: 2024-09-21
215
|
للمال السهم الأوفر في جذب القلوب وإنّ عامة الناس لا يحبون جمع المال فحسب، بل إنّ لهم لأصل المال عشقاً جماً وحباً عظيماً، مهما كان ضئيلاً. وإن لم تؤدّ زيادة حبّ المال تلك إلى كسب الحرام فإنها ستؤسس لاحتكار الحلال وادخاره الأمر الذي يبعث على الامتناع عن إنفاقه في سبيل الله. إنَّ إمساك المال والإغماض عن إنفاقه في السبل الدينية اللازمة التي تُسمّى "مصارف الزكاة" هما مدعاة لتراكم الرين على القلب وتجمّع الغبار عليه.
إن الأمر بالزكاة هو لنيل بركات جمّة سنكتفي هنا بالإشارة إلى ثلاث منها؛ الأولى تعديل الثروة وتأمين حاجات المعوزين والمحرومين والثانية هي بركة ماليّة وهي أن الله تعالى ينمّي المال الذي دفعت زكاته، ومن هنا جاءت تسمية "الزكاة" التي هي بمعنى النمو، والثالثة هي بركة روحيّة حيث إنّ الله يطهر روح المعطي للزكاة ويزيل عنها كل رين وريب وعيب، ومن هذا الباب تكون تسمية "الزكاة" بمعنى الطهارة. وفي هذا المجال لا محذور من إرادة المعنى الجامع للنقطتين الأخيرتين معاً، مثل مطلق النمو، من عنوان الزكاة؛ وذلك لأنَّ إزالة النواقص والعيوب - كما هو الحال في تشذيب أغصان الشجرة - يكون سبباً للنمو.
ومن المفيد هنا الإلفات إلى ملاحظتين:
أ- على الرغم من أن أثر الزكاة في رفع ظاهرة الحرمان من المجتمع كبير، إلا أن المراد الأصيل من إيجاب الزكاة . هو استحصال طهارة الروح، وإلا فإن تأمين نفقات أفراد الأمة ليس بالأمر العسير على القدرة الإلهية التي لا حد لها. إنه من الممكن استنباط هذا المبحث، بعنوان كونه قانوناً جامعاً، من القرآن الكريم؛ وذلك لأن الله جلت آلاؤه قد أوجب الجهاد للدفاع عن الدين وصيانة حريم الأمة الإسلاميّة. بطبيعة الحال تترتب على الجهاد آثار جمة حيث يُعد الاستقلال، والتحرر، والتخلص من الاستعباد ،والاستثمار والاستبداد والاستعمار وما شاكلها من جملة بركات مقارعة الطغاة، أمّا عند تحليل السرّ النهائي للدفاع نراه يشير إلى أن الهدف الأصيل من الجهاد هو امتحان المؤمنين لتستحكم لديهم روح التضحية والإيثار وتتولّد فيهم روحيّة نبذ الظلم ومحاربة الجور، وإلا فإن معاقبة المتجاوزين وتأديب المعتدين على الحرمات والانتقام من المهاجمين أمر عملي سهل بالنسبة لقدرة الله غير المحدودة: {... وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 4]
إن الأصل الكلي القابل للاستظهار من الآية الكريمة هو أن تربية الروح ورفعة النفس البشرية هي من أهم أهداف نزول الأوامر الإلهيّة وإلا فإن تأمين نفقات المحتاجين، حالها حال معاقبة المعتدين، هي مما يستطيع الباري تعالى القيام به على أكمل وجه، بيد أن السر والرمز وراء هذا الأمر الشاق هو تفتح وازدهار القابليات والمواهب الدفينة.
تأسيساً على ما سبق فإنه على الرغم من أن المشكلة الاقتصادية للمحرومين قابلة للحلّ النسبي عن طريق الزكاة وأن الله عزّ وجلّ ينمّي المال المتبقي (بعد إخراج أسهم بيت المال التي تنقص بحسب الظاهر من أصل المال) حتى ليجعله أكثر من الأصل، إلا أن الهدف الأصيل من إيجاب الزكاة هو الوصول إلى طهارة الروح. لذا، فإن ما ورد في علل تشريع الزكاة، مما سيُشار إلى بعض منه في البحث الروائي، هو في طول بعضه البعض لا في عرضه؛ فمثلاً فائدة التطهير والتزكية التي جاءت في الآية: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] أهم من ثمرة نموّ المال وزيادته الكمية التي وردت في الآية: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276] وهي أسمى من تأمين متطلبات المحتاجين اقتصادياً مما أشير إليه في بعض النصوص (1).
ب- من إطلاق عنوان الزكاة وبالاستعانة بالأحاديث التي تبين مصاديقها يمكن عد كل أنواع الزكاة، بما هو أعم من المالي والبدني؛ أي زكاة الفطرة، مشمولة بمثل تلك الإطلاقات. لقد استشهد بعض المفسرين بتأمل وتكلف بالآية: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15] لتشريع زكاة الفطرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) علل الشرائع، ج2، ص68؛ وتفسير نور الثقلين، ج1، ص74.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|