مشاكل النقل والمرور

يجب التمييز بين مصطلح النقل (Transportation) الذي يعني وسائل النقل المختلفة فضلاً عن شبكات النقل بين المدن. ومصطلح المواصلات Communication الذي يعني : شبكة الطرق التي يعتمد عليها النقل ووسائل الاتصال المختلفة كالإنترنيت والهواتف وغيرها، أما Traffic فهو من المصطلحات المعبرة عن التنقل داخل المدن(1). من الناحية الاجتماعية، فإن للنقل أثراً مهماً في زيادة الاحتكاك الاجتماعي بين مختلف فئات المجتمع، وللنقل أثر في زيادة فرص التفاعل بين مختلف المجتمعات، وله دوره في التقليل من إمكانية العزل الاجتماعي، ذلك لأنه يوفر فرصة للتقابل والتفاعل المباشر بين الناس من خلال سفرهم واتصالهم ومن ثم انصهارهم في بوتقة ثقافية متجانسة. لذا فالمناطق المنعزلة وغير المخدومة بطرق النقل نراها غالباً محافظة على تقاليدها وعاداتها وديانتها ولغتها ونظمها الاجتماعية الأخرى، فضلاً عن اختلاف التكوين الاجتماعي لسكانها وصعوبة تأقلمهم مع غيرهم لأنهم عاشوا مرحلة طويلة من حياتهم في عزلة جغرافية.

أما الناحية السياسية والأمنية، فللنقل دور حيوي في إمكانية بسط الدولة لنفوذها على جميع أنحاء البلاد، في حين تمتاز المناطق غير المخدومة بطرق النقل، لاسيما الجبلية أو الصحراوية أو الجزر البحرية، بكثرة حركات الانفصال، واتخاذها مأوى وملاذ للهاربين من سلطة القانون والداعين إلى الانفصال والساعين إلى الحكم والسلطة، كما أن تلك المناطق وفرت الحماية بالنسبة للهاربين من قمع الحكومات وتسلطها.

وبالاعتماد على منشأ الرحلات ومقصدها، يمكن تصنيفها إلى:

1- الرحلات من خارج المدينة إلى داخلها: ومنشأ هذه الرحلات من خارج المدن ولها طرق محددة على الأغلب تمر بها، ويؤمها الزائرون والمتبضعون من مناطق الضواحي والأرياف الواقعة خارج المدن.

2- الرحلات من داخل المدينة إلى خارجها: منشأ هذه الرحلات من داخل المدن، وغالباً ما تكون لها طرق محددة تمر بها هي في الغالب موازية للطرق الأولى، ويؤمها العمال الذين تتركز مصانعهم خارج المدن. ويقع ضمن هذا النوع رحلات التسوق والتبضع والعمل والرحلات الاجتماعية والترفيهية.

3- الرحلات من الداخل إلى الداخل: تنشأ هذه الرحلات وتنتهي ضمن الحيز المكاني للمدينة. ومنها الرحلات التعليمية ورحلات أصحاب الحرف والصناعات الصغيرة وأصحاب المحلات والعمال في داخل المدن وهذا النوع من أكثر أنواع الرحلات حجماً.

4- الرحلات من الخارج إلى الخارج: ويكون منشأ هذه الرحلات ونهايتها خارج حيز المدينة، إلا أن ما يميزها أن بعض الطرق الخارجية تكون ضمن حيز المدينة، مما يؤدي إلى الاختناقات و الازدحامات المرورية لأن الطرق الخارجية تمر بالمدينة.

إن الاختناقات المرورية في المدن تنشأ من كثرة عدد التنقلات التي تتولد من زيادة حاجة السكان للحركة بين الأمكنة وهو أمر ناجم عن زيادة الحجم السكاني للمدينة. فكل المحاولات التنظيمية والتسييرية تهدف أساساً للتحكم في هذا العامل وتطويعه وتسهيله. ونشير إلى أن الحاجة الإجمالية للتنقلات في المدن تتحدد بمعرفة مجموعة من العوامل هي:

- وسيلة النقل المستعملة Travel mode وطبيعة عملها من حيث السرعة والكفاءة.

- عدد التنقلات Transfers التي يقوم بها السكان بين الأماكن.

- المدة الزمنية اللازمة للتنقل من مكان الأصل إلى مكان الهدف أو الوصول.

- مورفولوجية المدينة وكثافتها السكانية وطبيعة أنظمة الشوارع .

- طبيعة الطرق المعبدة Asphalt Roads في المدينة ومقدار تعرجاتها وكفاءتها وعدد العقد nodes المرورية فيها(*)

- نوع النشاطات الغالبة في المدينة (تجارية، سياحية، جامعية، دينية، سياسية).

- الغرض من الرحلة Purpose of trip .

هناك محددات تتحكم في تصميم مخطط الحركة والنقل داخل المدينة كما يلي:

- نوع الحركة المخصصة، أي هل الهدف هو نقل الأشخاص أو البضائع.

- تحديد الوجهة النهائية أو الأساسية لحركة النقل أو الهدف النهائي للنقل.

- منشأ حركة النقل أي مناطق تولدها من مركز المدينة أو من مناطق سكنية معينة .

- سرعة وسيلة النقل المستعملة.

- نوعية وسائل النقل المستعملة إذا كانت فردية أو جماعية.

ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من الأساليب والوسائل الإحصائية المتعلقة بالنقل الحضري، حيث يتم بموجبها معرفة درجة الازدحام والطاقة الإجمالية(**).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) Cherry E. Crdon, (1974), Urban planning problems, Printed in the UK by pitman press, pp. 9.

(*) العقدة Node أو النواة Core Center تظهر عندما يلتقي خطان للنقل البري أو أكثر   وتربط بينهما وصلات أو حلقات اتصال وعندما تتكاثف الطرق (الخطوط) بحيث تتألف من خطوط رئيسية متقاطعة وتتفرع منها خطوط فرعية بحيث لا تبعد أي محلة عمرانية من أي طريق عن 80كم يعرف عندها نمط الطرق ب Net Work، وإذا زادت كثافة الطرق بحيث لا تتجاوز المسافة الفاصلة بين أي محلة عمرانية وأي طريق عن 16كم تعرف بالشبكة العنكبوتية Spidery Net work (محمد خميس الزوكة، جغرافية النقل، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 2000، ص75).

(*) للمزيد حول الأساليب الإحصائية المتعلقة بالنقل الحضري ينظر:

أموري هادي كاظم ومحمد مناجد عيفان الدليمي، مقدمة في تحليل الانحدار الخطي، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة موصل، 1988

Bruton, M. J., (1985), Introduction to transportation planning, hutchinson and company Ltd, London..