الأحلاف الثنائية والجماعية:

الأحلاف الثنائية هي ما تعقد بين دولتين، والأحلاف الجماعية تعقد بين أكثر من دولتين، وقد استعمل كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (قبل تفككه) الأسلوبين في أحلافه، فقد اتبعته الولايات المتحدة في أوربا الغربية حينما أبرمت حلف شمال الأطلنطي في٤ أبريل عام ١٩٤٩، وحلف جنوب شرق آسيا في ٢سبتمبر عام ١٩٥٤، ومثلها عندما قام الاتحاد السوفيتي بإبرام حلف وارسو في ١٤مايو عام ١٩٥٥.

وقد تلجأ بعض الدول إلى الاشتراك في حلف ثنائي عندما يصعب إدخال الدول ضمن الحلف الجماعي، كما حدث بالنسبة لإسبانيا التي رفض حلف الأطلنطي إدخالها، فلجأت الولايات المتحدة إلى إبرام معاهدة ثنائية عسكرية مع إسبانيا في ٢٦ سبتمبر عام ١٩٥٣ ، وكما فعلت نفس الشيء عندما أبرمت تحالفا مع اليابان في ٨ سبتمبر عام ١٩٥١، بينما ارتبطت بحلف عسكري جماعي مع دول جنوب شرقي آسيا في سبتمبر عام ١٩٥٤ بدون اليابان لما بين اليابان وبين هذه الدول من مشكلات من جراء احتلال اليابان لهذه الدول.

وقد تلجأ الدولة الكبرى إلى التحالف الثنائي مع دولة ذات موقف خاص يتنافى مع دخولها في حلف جماعي، مثل فنلند التي رفضت انضمامها إلى حلف وارسو الجماعي، رغم وقوعها في دائرة نفوذ الاتحاد السوفيتي، ولكنها ارتبطت بالاتحاد السوفيتي من خلال تحالف ثنائي أبرم في٦ أبريل عام ١٩٤٨ لأنها ذات مركز سياسي خاص داخل المجموعة السوفيتية.

وقد تلجأ الدولة الكبرى إلى التحالف الثنائي مع دولة أخرى تقع في منطقة فيها تحالف جماعي، ولكن لوضعها الخاص أو حتى لا يتحمل بقية أعضاء الحلف أعباء للدفاع عنها مثل ما حدث من التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في أول أكتوبر عام ١٩٥٣، ومع فورموزا (تايوان) في ٢ ديسمبر عام ١٩٥٤، ولم تحاول إدخال الدولتين ضمن حلف جنوب شرق آسيا.

وقد تلجأ الدولة إلى التحالف الثنائي مع دولة أخرى رغم اشتراكها في تحالف جماعي، إذا ما ظهر بينها وبين الدولة الأخرى تضامن أقوى من التضامن الذى تقضى به المحالفة الجماعية، كما فعلت مصر عندما أبرمت اتفاقية للدفاع المشترك بين الدول العربية، ومن بينها سوريا والمملكة العربية السعودية.

وحدث ذلك عندما تحالفت ثنائيا كل من ألمانيا وفرنسا في ٢٢ يناير ١٩٦٣ رغم اشتراكهما في حلف الأطلنطي, وتختلف الآراء في القيمة السياسية والأيديولوجية لكل من الحلف الثنائي والحلف الجماعي، حيث يرى البعض أن الحلف يعبر عن نزعة دكتاتورية في السياسة الدولية، لأنه إذا قام بين دولتين إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة فإن الدولة الكبرى تفرض سيطرتها على الصغرى، مثل تحالف الولايات المتحدة مع كوريا ومع فورموزا كما ذكرنا ومثل تحالف إنجلترا مع ماليزيا عام ١٩٥٧.

أما التحالف الجماعي ففيه نوع من الضمان للديمقراطية داخل الحلف، فسواء اتخذت قرارات الحلف بالإجماع أم بالأغلبية، فإن اشتراط توافر عدد معين من الأصوات دليل على أن الدولة الكبرى داخل الحلف لا تملى إرادتها على باقي الدول المتحالفة معها، لأن تعدد الدول يكفل نوعا من التوازن وحرية الرأى بين الدول المتحالفة بخلاف ما يحدث في التحالف الثنائي, كما أن التحالف الجماعي من الناحية النفسية يبعث على الطمأنينة في نفس الدول الصغيرة، حيث يمنحها القوة التي تستمدها من الدول المتحالفة معها.