أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1372
التاريخ: 8-10-2014
2229
التاريخ: 8-10-2014
1084
التاريخ: 2024-11-03
217
|
في كانون الثاني « يناير » من هذا العام 1969 دار نقاش هادئ على صفحات جريدة الأخبار المصرية حول قضائه تعالى : { إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ } الخ » . واشترك في هذا النقاش عدد كبير من أهل العلم والرأي الغيورين على الحق ، واستمر الحوار والجدال أمدا غير قصير ، ونشرته الجريدة في أربعة أعداد ، وهي أعداد أيام الجمعة من الشهر المذكور ، وقد انقسم المشتركون في هذا الحوار إلى فريقين :
الفريق الأول يقول : ان أولى الضربتين على بني إسرائيل وقعت بيد المسلمين أيام عمر بن الخطاب لأنه فتح القدس ، وجاس هو والمسلمون خلال الديار الفلسطينية ، وفسر هذا الفريق المفسدة الثانية من بني إسرائيل بما فعلته عصابة الصهاينة في حزيران سنة 1967 وما تفعله الآن ، وفسر الضربة الثانية بأن اللَّه سيمكّن في المستقبل العرب والمسلمين من رقاب الصهاينة ، فيسترجعون منهم الأرض السليبة التي وثبوا عليها في حمى الاستعمار . . وقال هذا الفريق : ان هذا المعنى هو المراد من قوله تعالى : { ولِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي ان العرب والمسلمين يحررون المسجد الأقصى في المستقبل من إسرائيل الحالية كما حرره المسلمون من قبل .
ولا مصدر لهذا التفسير إلا العاطفة والتنبؤات التي يجب تنزيه القرآن عنها ، لأنه كتاب علم ونور من اللَّه يكشف عن السنن والقوانين الكونية التي لا تتغير ولا تتبدل ، وتطرد في جميع الكائنات من الذرة الصغيرة إلى المجرات الكبيرة . . وفي الوقت نفسه يحمّل القرآن كل فرد مسؤولية العمل والجهاد والحساب عليه أمام اللَّه والضمير والناس أجمعين .
أما الفريق الثاني فيقول : إن الإفسادتين من بني إسرائيل قد مضتا ، ومضت معهما الضربتان قبل الإسلام ، وان الضربة الأولى سبقت ظهور الإسلام بنحو ألف عام وانها كانت بيد ملك بابل بختنصر أو أبيه سنحاريب الذي دمّر القدس ، وأحرق الهيكل ، وقتل من اليهود مقتلة عظيمة ، وساق من بقي منهم رجالا ونساء وأطفالا سبيا ذليلا إلى بابل .
أما الضربة الثانية فيقول هذا الفريق : انها وقعت على بني إسرائيل سنة 70 للميلاد بيد تيطس الروماني الذي حاصر مدينتهم ، ودك أسوارها ، ثم دخلها فخرب منازلها ، ودمر هيكلها ، وقتل مليون نسمة على ما قرره يوسيفوس الذي شهد الموقعة بنفسه ، عدا من باعه رقيقا في الأسواق ، وهام الباقون على وجوههم مذعورين إلى شتى أنحاء الأرض (1) .
وأيضا قال هذا الفريق : إن النص القرآني لا يشير من قريب أو بعيد إلى العصابة الموجودة الآن على أرض فلسطين ، والتي تحمل اسم إسرائيل ، لأنها ليست طائفة دينية ، ولا هيئة سياسية ، ولا دولة حقيقية ، وإنما هي في واقعها عدو جديد للعرب والمسلمين ، وهو الاستعمار الصهيوني ، أو الصهيونية الاستعمارية التي تلبس أثواب داود ، عليها الخريطة المشتهاة ، والمسجلة في التوراة الموضوعة المحرفة « من النيل إلى الفرات » . والغرض الأول والأخير هو أن يقضي الاستعمار الجديد بقيادة الولايات المتحدة على الكيان العربي والاسلامي ، ويستنزف موارد الشعوب تحت ستار اليهود .
ونخلص من هذا ان القرآن الكريم لم يشر إطلاقا إلى إسرائيل الحالية ، وان الآيات التي تحدثت عن بني إسرائيل إنما عنت الاثني عشر سبطا من نسل يعقوب ابن اسحق بن إبراهيم الذين كانوا في عهد موسى وهارون . . وهؤلاء الذين اقتحموا أرضنا بأسلحة الاستعمار ، وأموال الصهيونية ليسوا من نسل إسرائيل بن اسحق ، ولا على دينه ودين موسى ، وإنما هم مخلوق جديد . . عجيب غريب . . لم يسبق له مثيل ، لأنه مكون من أشتات لا يربط بينها رابط ، ولا يجمعها جامع من وطن أو لغة ، أو أي مبدأ إلا مبدأ العمالة لقوى الشر والاستعمار .
هذا ، إلى أن تفسير قوله تعالى : { ولِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } تفسيره بأن اللَّه قضى وقدر بطرد الصهاينة من فلسطين يؤدي بنا من حيث نريد أو لا نريد إلى التواكل وطرح أسباب النصر الطبيعية التي بيّنها اللَّه في كتابه ، وعلى لسان نبيه ، وحثنا عليها بكلمة الجهاد تارة ، والتعاون تارة ، وإعداد العدة أخرى ، وعدم اليأس حينا ، والصبر والمثابرة أحيانا ، وبذل المال واسترخاص كل غال في سبيل الذود عن الدين والوطن ، تماما كما فعل محمد وصحابة محمد ( صلى الله عليه و آله وسلم ) والذين اتبعوهم بإحسان ، وكما يفعل الفدائيون الآن .
وبعد ، فإن اللَّه لا ولن يتولى عنا حرب إسرائيل ، ولا حرب الاستعمار والصهيونية ، وان صلينا له ورجوناه ، لأن أفضل أنواع العبادة عنده هي التضحية بكل القدرات والطاقات ضد الظلم والطغيان ، والفساد والعدوان . . ونحن نملك القدرة الكافية الوافية على طرد العدو من أرضنا السليبة ، نملك هذه القدرة بعددنا وديننا وتراثنا ومواردنا ، وما علينا إلا أن نستعملها . . ولا بد أن نستعملها في يوم من الأيام إن عاجلا أو آجلا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ من كلمة البهي الخولي . « الأخبار » المصرية 31 - 1 - 1969 .
لأن حب البقاء يحتم ذلك . . فلقد وضعنا الاستعمار والصهيونية أمام أمرين لا ثالث لهما : إما الموت ، وإما الحياة . . ولا أحد يفضل الموت على الحياة ، والاستعباد على الحرية ، والهوان على الكرامة .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|