المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16311 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
بطانة الرجل وولیجته
2024-04-19
معنى الصِر
2024-04-19
تحتمس الرابع وتاريخ هذه المسلة.
2024-04-19
تحتمس الثالث يقيم مسلتين في معبد عين شمس وتنقلان إلى الإسكندرية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الاية (35-38) من سورة الرعد  
  
3151   04:30 مساءً   التاريخ: 20-7-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الراء / سورة الرعد /

 

قال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 35 - 38]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لما تقدم ذكر ما أعد الله للكافرين عقبه سبحانه بذكر ما أعده للمؤمنين فقال: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ } أي: شبهها عن مقاتل وقيل: صفتها وصورتها عن الحسن قال ابن قتيبة: المثل الشبه في أصل اللغة ثم قد يصير بمعنى صورة الشيء وصفته يقال: مثلت لك كذا أي صورته ووصفته وقيل: إن مثل مقحم والتقدير الجنة التي وعد المتقون { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ } يعني أن ثمارها لا تنقطع كثمار الدنيا وظلها لا يزول ولا تنسخه الشمس عن الحسن وقيل معناه نعيمها لا ينقطع بموت ولا آفة عن ابن عباس وقيل لذتها في الأفواه باقية عن إبراهيم التيمي { وظلها } أيضا دائم لا يكون مرة شمسا ومرة ظلا كما يكون في الدنيا { تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا} أي تلك الجنة عاقبة المتقين فالطريق إليها التقوى { وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ } أي: وعاقبة أمر الكفار النار.

 ولما تقدم ذكر الوعد والوعيد أخبر سبحانه عن المتقين والكافرين فقال { وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } يريد أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) الذين آمنوا به وصدقوه أعطوا القرآن وفرحوا بإنزاله { وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ } يعني اليهود والنصارى والمجوس أنكروا بعض معانيه وما يخالف أحكامهم عن الحسن وقتادة ومجاهد وقيل الذين آتيناهم الكتاب هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه فرحوا بالقرآن لأنهم يصدقون به والأحزاب بقية أهل الكتاب وسائر المشركين عن ابن عباس قال لأن عبد الله بن سلام وأصحابه أساءهم قلة ذكر الرحمن في القرآن مع كثرة ذكره في التوراة فأنزل الله { قل ادعوا الله أوادعوا الرحمن } ففرحوا بذلك وكفر المشركون بالرحمن وقالوا ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة ويريد بالأحزاب الذين تحزبوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالمعاداة ومن ينكر بعضه يعني ذكر الرحمن وهو قوله { وهم يكفرون بالرحمن } { قل } يا محمد { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ } أي أمرت أن أوجه عبادتي إلى الله ولا أشرك به في عبادته أحدا { إليه أدعوا } يعني إلى الله أوإلى الإقرار بتوحيده وصفاته وتوجيه العبادة إليه وحده أدعو{ وإليه مآب } أي إليه مرجعي ومصيري أي أرجع وأصير إلى حيث لا يملك الضر والنفع إلا هو وحده فإنه لا يملك يوم القيامة الأمر أحدا من عباده كما ملكهم في الدنيا .

{ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا } أي: كما أنزلنا الكتب إلى من تقدم من الأنبياء بلسانهم أنزلنا إليك حكمه عربية أي جارية على مذاهب العرب في كلامهم يعني القرآن فالحكم هاهنا بمعنى الحكمة كما في قوله { وآتيناه الحكم صبيا } وقيل إنما سماه حكما لما فيه من الأحكام في بيان الحلال والحرام وسماه عربيا لأنه أتى به نبي عربي { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ } خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمراد به الأمة أي لئن واقفت وطلبت أهواء الذين كفروا والأهواء جمع الهوى وهو ميل الطباع إلى شيء بالشهوة { بعد ما جاءك من العلم } بالله تعالى لأن ما آتيناك من الدلالات والمعجزات موجب للعلم الذي يزول معه الشبهات { ما لك من الله من ولي } أي: ناصر يعينك عليه ويمنعك من عذابه { ولا واق } يقيك منه { من ولي } في موضع رفع ومن مزيدة .

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ } يا محمد { وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } أي: نساء وأولادا أكثر من نسائك وأولادك وكان لسليمان (عليه السلام) ثلاث مائة امرأة مهيرة وسبعمائة سرية ولداود (عليه السلام) مائة امرأة عن ابن عباس أي فلا ينبغي أن يستنكر منك أن تتزوج ويولد لك وروي أن أبا عبد الله (عليه السلام) قرأ هذه الآية ثم أومأ إلى صدره فقال نحن والله ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } أي لم يكن لرسول يرسله الله أن يجيء ب آية ودلالة إلا بعد أن يأذن في ذلك ويطلق له فيه { لكل أجل كتاب } ذكر فيه وجوه ( أحدها ) أن معناه لكل أجل مقدر كتاب أثبت فيه ولا تكون آية إلا بأجل قد قضاه الله في كتاب على وجه ما يوجبه التدبير فالآية التي اقترحوها لها وقت أجله الله لا على شهواتهم واقتراحاتهم عن البلخي ( والثاني ) لكل أمر قضاه الله كتاب كتبه فيه فهو عنده كأجل الحياة والموت وغير ذلك عن أبي علي الجبائي ( والثالث ) أنه من المقلوب والمعنى لكل كتاب ينزل من السماء أجل ينزل فيه عن ابن عباس والضحاك ومعناه لكل كتاب وقت يعمل به فللتوراة وقت وللإنجيل وقت وكذلك القرآن.

________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص45-48.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وظِلُّها } .

لما ذكر سبحانه عقاب الكافرين ذكر ثواب المتقين ، كما هو شأنه تعالى في المقارنة بين الضدين والمتشابهين ، وثواب المتقين الجنة بنعيمها الدائم أنهارا وثمارا وظلالا { تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا } . تلك إشارة إلى الجنة ، والعقبى المنقلب والمصير ، والمتقون هم الذين يناصرون الحق وأهله ، ويقاومون الباطل وأهله ، وفي بعض الأخبار : ان الايمان فوق الإسلام ، والتقوى فوق الايمان ، واليقين فوق التقوى والمراد باليقين الثقة باللَّه ، والتوكل عليه .

{ وعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ } . وليس المراد بالكافر هنا خصوص من جحد باللَّه أو أشرك به ، بل كل من عاند الحق ، وهو به عليم . . فقد جاء في كثير من الأخبار ان النفاق كفر ، والرياء شرك . وقد وصف سبحانه الظالمين بالكفر في الآية 99 من الاسراء : { فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً } كما وصف الكافرين والمشركين بالظلم في العديد من الآيات .

الشيعة الإمامية والصحابة :

دأب بعض المأجورين والجاهلين على إثارة الفتن والنعرات بين المسلمين لتشتيت وحدتهم وتفريق كلمتهم ، دأبوا على ذلك عن طريق الدس والافتراء على الشيعة الإمامية ، وذلك بأن نسبوا إليهم النيل من مقام الصحابة ، وتأليه علي ، والقول بتحريف القرآن الذي يهتز له العرش . . وما إلى ذلك من الكذب والبهتان . .

وكتبت المقالات الطوال في الرد على هؤلاء الأدعياء والعملاء ، ثم وضعت في الشيعة الإمامية كتاب { مع الشيعة الإمامية } . و { الشيعة والحاكمون } .

و { الاثنا عشرية وأهل البيت } . و { الشيعة والتشيع } وهو أكبر وأضخم من الجميع ، وغرضي الأول من المقالات والمؤلفات جلاء الحقيقة لمن يرغب في معرفتها ، وإبطال ما قيل أو يقال حول هذه الطائفة من الافتراءات والأكاذيب .

وأشرت هنا إلى ما كتبت وألفت في هذا الموضوع لمناسبة تتضح مما يلي :

{ والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ } . قال أبو حيان الأندلسي والزمخشري والشيخ المراغي والبيضاوي وغيرهم من علماء السنة قالوا : المراد بالذين آتيناهم الكتاب من آمن بمحمد من اليهود والنصارى . . وقال الطبرسي في مجمع البيان ما نصه بالحرف : { يريد اللَّه سبحانه أصحاب النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) الذين آمنوا به ، وصدقوه وأعطوا القرآن ، وفرحوا بإنزاله } . والطبرسي من أجل علماء الشيعة الإمامية وثقاتهم ( ت 548 ه ) . . فالكثير من علماء السنة فسروا الآية بمن أسلم من أهل الكتاب ، وفسرها الشيعة الإمامية بصحابة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، ولو كانوا ينالون من مقام الصحابة لاتجه شيخهم الطبرسي في تفسير هذه الآية إلى غير هذا الوجه . . وبهذا يتبين الدس ممن نسب إليهم هذه الفرية .

وكان أبان بن تغلب أحد الكبار في تلامذة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، حتى أن الإمام كان يأمر الشيعة أن يأخذوا الدين عنه ، وفي ذات يوم سأله رجل عن الشيعة ؟ . وكان يدعى هذا السائل { أبو البلاد } . فقال له أبان : انهم الذين إذا اختلف الناس في الرواية عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) أخذوا برواية علي عن النبي ، وإذا اختلف الناس في قول علي ( عليه السلام ) أخذ الشيعة بقول جعفر الصادق عن علي . .

فالمسألة - إذن - عند الشيعة الإمامية مسألة ثقة بالرواية عن محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) لا مسألة سب وشتم أصحاب محمد . . والسر لاعتماد الشيعة على أهل البيت فيما ثبت عن جدهم ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) باب { من فضائل علي بن أبي طالب } أنه قال : { انا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي ، فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب اللَّه فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب اللَّه ، واستمسكوا به ، فحث على كتاب اللَّه ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي أذكركم اللَّه في أهل بيتي كررها ثلاثا } .

{ ومِنَ الأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ } . المراد بالأحزاب أهل الملل والأديان الأخرى كاليهود والنصارى وغيرهم ممن أنكروا ما يخالف أهواءهم ، واعترفوا بما بوافقها من القرآن . . ومن الواضح ان اعتراف هؤلاء ، وانكارهم سواء ، لأنه اعتراف بما يهوون ، لا بالقرآن { قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهً ولا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وإِلَيْهِ مَآبِ } . هذا هو الإسلام : لا إله إلا اللَّه له الملك واليه وحده الدعوة إلى العبادة ، واليه المرجع والمصير .

{ وكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا } . المراد بالحكم القرآن لأنه حكم اللَّه ، وما عداه حكم الجاهلية ، كما قال سبحانه : { أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ - 51 المائدة } . وكما أرسل اللَّه كل نبي بلغة قومه فقد أرسل محمدا كذلك : { وما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ - 4 إبراهيم } . وعند تفسير الآية 2 من سورة يوسف بيّنا السبب لنزول القرآن بلغة العرب مع أن محمدا رسول اللَّه إلى الناس جميعا .

{ ولَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا واقٍ } .

الخطاب لمحمد ، والضمير في أهوائهم إلى الأحزاب من أهل الملل والأديان - غير الإسلام - واللَّه يعلم أن النبي لا ولن يتبع أهواءهم . . والغرض من هذا النهي ان يثبت ويستمر في الدعوة إلى الحق ، ولا يخشى في اللَّه لومة لائم ، وقدمنا أكثر من مرة ان الأمر من الأعلى لا يلحظ فيه مقام المأمور مهما بلغ من العظمة ما دامت دون عظمة الآمر .

{ ولَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وذُرِّيَّةً } . إذا أفحم المبطل

ولم يجد حجة يتذرع بها أخذ باللف والدوران ، وقاس الأشياء بخياله وأوهامه ، وهذه هي بالذات حال المشركين مع محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) . . أتاهم بالدلائل والبينات ، ولما عجزوا عن ردها قالوا : كيف يكون نبيا ، وله نساء وأولاد ؟ . وهذا المنطق العليل يتفق تماما مع منطق الذين آمنوا بالرهبانية وقد رد اللَّه عليهم بأن محمدا كنوح وإبراهيم وإسماعيل وغيرهم من الأنبياء والرسل الذين لهم نساء وأبناء ، فأي عجب في ذلك ؟ . وفي الحديث عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) أنه قال : { أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام ، وآكل اللحم ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني } .

{ وما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ }. وهذا رد أيضا على المشركين الذين اقترحوا على رسول اللَّه أن يأتيهم بما يهوون من المعجزات . . ووجه الرد ، ان اللَّه سبحانه قد زود نبيه محمدا بما هو كاف واف في الدلالة على نبوته لمن تدبر واعتبر ، وطلب الحق لوجه الحق ، أما الاستجابة لأهواء العنود المكابر فلا يحتمها عقل ولا عرف ، وأمرها متروك إلى اللَّه وحكمته جل وعز { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ } . لكل شيء أجل معجزة كان أو عذابا أو غيرهما ، والأجل محتوم لا يتقدم ولا يتأخر ، وهو مكتوم أيضا لا يعلمه الا اللَّه .

______________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4،ص411- 414.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} المثل هو الوصف يمثل الشيء.

وفي قوله:{مثل الجنة} إلخ بيان ما خص الله به المتقين من الوعد الجميل مقابلة لما أوعد به الذين كفروا وليكون تمهيدا لما يختم به القول من الإشارة إلى محصل سعي الفريقين في مسيرهم إلى ربهم ورجوعهم إليه وقد قابل الذين كفروا بالمتقين إشارة إلى أن الذين ينالون هذه العاقبة الحسنى هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات دون المؤمنين من غير عمل صالح فإنهم مؤمنون بالله كافرون بآياته.

ومن لطيف الإشارة في الكلام المقابلة بين المؤمنين والمشركين أولا بتعبير{المتقون والذين كفروا} وأخيرا بقوله{الذين اتقوا والكافرون} ولعل فيه تلويحا إلى أن الفعل الماضي والصفة هاهنا واحد مدلولا ومجموع أعمالهم في الدنيا مأخوذ عملا واحدا، ولازم ذلك أن يكون تحقق العمل وصدور الفعل مرة واحدة عين اتصافهم به مستمرا، ويفيد حينئذ قولنا:{الكافرون والمتقون} الدالان على ثبوت الاتصاف وقولنا:{الذين كفروا والذين اتقوا} الدالان على تحقق ما للفعل مفادا واحدا، وهو قصر الموصوف على صفته، وأما من تبدل عليه العمل كأن تحقق منه كفر أوتقوى ثم تبدل بغيره ولم يختتم له العمل بعد فهو خارج عن مساق الكلام فافهم ذلك.

واعلم أن في الآيات السابقة وجوها مختلفة من الالتفات كقوله:{كذلك أرسلناك} ثم قوله:{بل لله الأمر} ثم قوله:{فأمليت للذين كفروا} ثم قوله{وجعلوا لله شركاء} والوجه فيه غير خفي فالتعبير بمثل{أرسلناك} للدلالة على أن هناك وسائط كملائكة الوحي مثلا.

والتعبير بمثل{بل لله الأمر جميعا} للدلالة على رجوع كل أمر ذي وسط أو غير ذي وسط إلى مقام الألوهية القيوم على كل شيء، والتعبير بمثل{فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم} للدلالة على أنه لا واسطة في الحقيقة يكون شريكا أو شفيعا كما يدعيه المشركون.

ثم قوله تعالى:{ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ } إشارة إلى خاتمة أمر الفريقين وعقباهما كما تقدم - وبه يختتم البحث في المؤمنين والمشركين من حيث آثار الحق والباطل في عقيدتهما وأعمالهما، فقد عرفت أن هذه الآيات التسع التي نحن فيها من تمام الآيات العشر السابقة المبتدئة بقوله:{أنزل من السماء ماء} الآية.

تتمة الآيات السابقة وتعقب قولهم:{لولا أنزل عليه آية من ربه}.

قوله تعالى:{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } إلى آخر الآية.

الظاهر أن المراد بالذين أوتوا الكتاب اليهود والنصارى أوهم والمجوس فإن هذا هو المعهود من إطلاقات القرآن والسورة مكية وقد أثبت التاريخ أن اليهود ما كانوا يعاندون النبوة العربية في أوائل البعثة وقبلها ذاك العناد الذي ساقتهم إليه حوادث ما بعد الهجرة وقد دخل جمع منهم في الإسلام أوائل الهجرة وشهدوا على نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكونه مبشرا به في كتبهم كما قال تعالى:{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ }: الأحقاف: 10.

وأنه كان من النصارى يومئذ قوم على الحق من غير أن يعاندوا دعوة الإسلام كقوم من نصارى الحبشة على ما نقل من قصة هجرة الحبشة وجمع من غيرهم، وقد قال تعالى في أمثالهم:{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ }: القصص: 52 وقال:{ وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }: الأعراف: 159 وكذا كانت المجوس ينتظرون الفرج بظهور منج ينشر الحق والعدل وكانوا لا يعاندون الحق كما يعانده المشركون.

فالظاهر أن يكونوا هم المعنيون بالآية وخاصة المحقون من النصارى وهم القائلون بكون المسيح بشرا رسولا كالنجاشي وأصحابه، ويؤيده ما في ذيل الآية من قوله:{ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو } فإنه أنسب أن يخاطب به النصارى.

وقوله:{ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ } اللام للعهد أي ومن أحزاب أهل الكتاب من ينكر بعض ما أنزل إليك وهو ما دل منه على التوحيد ونفي التثليث وسائر ما يخالف ما عند أهل الكتاب من المعارف والأحكام المحرفة.

وقوله:{قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به} دليل على أن المراد من البعض الذي ينكرونه ما يرجع إلى التوحيد في العبادة أوالطاعة وقد أمره الله أن يخاطبهم بالموافقة عليه بقوله:{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }: آل عمران: 64.

ثم تمم الكلام بقوله:{إليه أدعوا وإليه مآب} أي مرجعي فكان أول الكلام مفصحا عن بغيته في نفسه ولغيره، وآخره عن سيرته أي أمرت لأعبد الله وحده في عملي ودعوتي، وعلى ذلك أسير بين الناس فلا أدعو إلا إليه ولا أرجع في أمر من أموري إلا إليه فذيل الآية في معنى قوله:{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }: يوسف: 108.

ويمكن أن يكون المراد بقوله:{وإليه مآب} المعاد ويفيد حينئذ فائدة التعليل أي إليه أدعوه وحده لأن مآبي إليه وحده.

وقد فسر بعضهم الكتاب في الآية بالقرآن والذين أوتوا الكتاب بأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأحزاب بالأعراب الذين تحزبوا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأداروا عليه الدوائر من قريش وسائر القبائل.

وفيه أنه خلاف المعهود من إطلاق القرآن لفظة:{الذين أوتوا الكتاب} على أن ذلك يؤدي إلى كون الآية مشتملة على معنى مكرر.

وربما ذكر بعضهم أن المراد بهم اليهود خاصة والكتاب هو التوراة والمراد بإنكار بعض أحزابهم بعض القرآن وهو ما لا يوافق أحكامهم المحرفة مع أن الجميع ينكرون ما لا يوافق ما عندهم إنكاره من غير فرح وأما الباقون فكانوا فرحين ومنكرين وقد أطالوا البحث عن ذلك.

وعن بعضهم: أن المراد بالموصول عامة المسلمين، وبالأحزاب اليهود والنصارى والمجوس، وعن بعضهم أن تقدير قوله:{وإليه مآب} وإليه مآبي ومآبكم.

وهذه أقوال لا دليل من اللفظ على شيء منها ولا جدوى في إطالة البحث عنها.

قوله تعالى{ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ } الإشارة بقوله:{كذلك} إلى الكتاب المذكور في الآية السابقة وهو جنس الكتاب النازل على الأنبياء الماضين كالتوراة والإنجيل.

والمراد بالحكم هو القضاء والعزيمة فإن ذلك هو شأن الكتاب النازل من السماء المشتمل على الشريعة كما قال:{ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ }: البقرة: 212 فالكتاب حكم إلهي بوجه وحاكم بين الناس بوجه فهذا هو المراد بالحكم دون الحكمة كما قيل.

وقوله:{عربيا} صفة لحكم وإشارة إلى كون الكتاب بلسان عربي وهو لسانه (صلى الله عليه وآله وسلم) سنة الله التي قد خلت في عباده، قال تعالى:{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}: إبراهيم: 4 وهذا - كما لا يخفى - من الشاهد على أن المراد بالمذكورين في الآية السابقة اليهود والنصارى، وأن هذه الآيات متعرضة لشأنهم كما كانت الآيات السابقة عليها متعرضة لشأن المشركين.

وعلى هذا فالمراد بقوله:{ولئن اتبعت أهواءهم} إلخ، النهي عن اتباع أهواء أهل الكتاب، وقد ذكر في القرآن من ذلك شيء كثير، وعمدة ذلك أنهم كانوا يقترحون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) آية غير القرآن كما كان المشركون يقترحونها، وكانوا يطمعون أن يتبعهم فيما عندهم من الأحكام لإحالتهم النسخ في الأحكام، وهذان الأمران ولا سيما أولهما عمدة ما تتعرض له هذه الآيات.

والمعنى: وكما أنزلنا على الذين أوتوا الكتاب كتابهم أنزلنا هذا القرآن عليك بلسانك مشتملا على حكم أوحاكما بين الناس ولئن اتبعت أهواء أهل الكتاب فتمنيت أن ينزل عليك آية غير القرآن كما يقترحون أوداهنتهم وملت إلى اتباع بعض ما عندهم من الأحكام المنسوخة أوالمحرفة أخذناك بالعقوبة وليس لك ولي يلي أمرك من دون الله ولا واق يقيك منه فالخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو المراد به دون الأمة كما ذكره بعضهم.

قوله تعالى:{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } لما نهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن اتباع أهوائهم فيما اقترحوا عليه من إنزال آية غير القرآن ذكره بحقيقة الحال التي تؤيسه من الطمع في ذلك ويعزم عليه أن يتوكل على الله ويرجع إليه الأمور.

وهو أن سنة الله الجارية في الرسل أن يكونوا بشرا جارين على السنة المألوفة بين الناس من غير أن يتعدوها فيملكوا شيئا مما يختص بالغيب كأن يكونوا ذا قوة غيبية فعالة لما تشاء قديرة على كل ما أرادت أو أريد منها حتى تأتي بكل آية شاءت إلا أن يأذن الله له فليس للرسول وهو بشر كسائرهم من الأمر شيء بل لله الأمر جميعا.

فهو الذي ينزل الآية إن شاء غير أنه سبحانه إنما ينزل من الآيات إذا اقتضته الحكمة الإلهية وليست الأوقات مشتركة متساوية في الحكم والمصالح وإلا لبطلت الحكمة واختل نظام الخليقة بل لكل وقت حكمة تناسبه وحكم يناسبه فلكل وقت آية تخصه.

وهذا هو الذي تشير إليه الآية فقوله:{و لقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية} إشارة إلى السنة الجارية في الرسل من البشرية العادية، وقوله:{ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } إشارة إلى حرمانهم من القدرة الغيبية المستقلة بكل ما أرادت إلا أن يمدهم الإذن الإلهي.

وقوله:{لكل أجل} أي وقت محدود{كتاب} أي حكم مقضي مكتوب يخصه إشارة إلى ما يلوح إليه استثناء الإذن وسنة الله الجارية فيه، والتقدير فالله سبحانه هوالذي ينزل ما شاء ويأذن فيما شاء لكنه لا ينزل ولا يأذن في كل آية في كل وقت فإن لكل وقت كتابا كتبه لا يجري فيه إلا ما فيه.

ومما تقدم يظهر أن ما ذكره بعضهم أن قوله:{ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } من باب القلب وأصله: لكل كتاب أجل أي إن لكل كتاب منزل من عند الله وقتا مخصوصا ينزل فيه ويعمل عليه فللتوراة وقت وللإنجيل وقت وللقرآن وقت.

وجه لا يعبأ به.

_________________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج11،ص300-307.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

بالنظر إلى تناوب آيات هذه السورة في بيان التوحيد والمعاد وسائر المعارف الإسلامية الأُخرى، تحدّثت هذه الآية مرّةً أُخرى حول المعاد وخصوصاً نِعَمِ الجنّة وعذاب الجحيم. يقول تعالى أوّلا:{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}(2).

قد يكون التعبير بـ«مثل» إشارة إلى هذه النكتة، وهي أنّ الجنّة وسائر النعم الاُخروية غير قابلة للوصف بالنسبة إلى الساكنين في هذا العالم المحدود الذي هو في مقابل عالم بعد الموت يعتبر صغيراً جدّاً، ولذلك نستطيع أن نضرب لهم مثلا أو صورة عن ذلك، كما أنّ الجنين في بطن اُمّه لو كان يعقل لا يمكن أن نصوّر له كلّ نعم الدنيا، إلاّ من خلال أمثال ناقصّة وشاحبة!

الوصف الثّاني للجنّة هو{أكلها دائم}.

فهي ليست كفاكهة الدنيا فصلية وتظهر في وقت معيّن من السنة، بل في بعض الأحيان وبسبب الآفات الزراعية تنقطع تماماً، لكن ثمار الجنّة ليست فصلية ولا موسمية وغير مصابة بآفة، بل كإيمان المؤمنين المخلصين دائمة وثابتة.

وكذلك{وظلّها} ليس كظلّ أشجار الدنيا التي يظهر ظلّها إذا كانت الشمس أُفقية ويزول أو يقل إذا صارت عمودية، أو يظهر في الربيع والصيف عندما تكون الأشجار مورقة، ويزول في الخريف والشتاء عند تساقط الأوراق، (بالطبع هناك أشجار قليلة تعطي ثماراً وأزهاراً على مدار السنة، وهذه تكون في المناطق المعتدلة التي ليس فيها شتاء).

الخلاصة: ظلال الجنّة كبقيّة النعم الأُخرى خالدة ودائمة، ومن هذا يتّضح أن ليس في الجنّة فصل لتساقط الأوراق، ونعلم من ذلك ـ أيضاً ـ أنّ شعاع الشمس موجود في الجنّة، وإلاّ كان التعبير بالظلّ هناك بدون شعاع الشمس ليس له أي مفهوم، وأمّا ما جاء في الآية (13) من سورة الدهر{ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا } قد تكون إشارةً إلى إعتدال الهواء، فلا الشمس محرقة ولا البرد قارس، وهذا لا يعني أن لا تكون هناك شمس أصلا.

إنّ إنطفاء الشمس ليس دليلا على زوالها أبداً، لأنّ القرآن الكريم يقول:{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ }(إبراهيم 48) تكون أوسع وبهيئة جديدة.

وإذا قيل: إن كانت شمس الجنّة غير محرقة، فعلام الظلّ؟

نقول في جوابهم: إنّ الظلّ ليس مانعاً لحرارة الشمس فقط، بل إنّ الرطوبة المعتدلة الصادرة من الأوراق بإتّحادها مع الأوكسجين تعطي نشاطاً ولطافة خاصّة للظلّ، ولذلك كان ظلّ الأشجار مختلفاً عن ظلّ السقوف الجافّة.

وبعد بيان هذه الصفات الثلاث قال تعالى في آخر الآية:{ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ}.

لقد بيّن وفصّل في هذه العبارة نعم الجنّة، ولكن بالنسبة إلى أصحاب النّار ذكر جملة قصيرة وبعنف حيث ذكر أنّ عاقبة أمرهم إلى النار!

المؤمنون والأحزاب!

أشارت هذه الآية إلى ردّ الفعل المتفاوت للناس في مقابل نزول الآيات القرآنية، فالأفراد الذين يبحثون عن الحقيقة يفرحون بما أُنزل على الرّسول، بينما المعاندون يخالفون ذلك.

يقول تعالى أوّلا:{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}.

إنّ الوصف بـ(آتيناهم الكتاب} إشارة إلى اليهود والنصارى وأمثالهم ممّن لهم كتاب سماوي وقد ذكرهم القرآن في مواطن كثيرة، فكان الأشخاص الطالبون للحقّ من اليهود والنصارى وأمثالهم يفرحون عند نزول الآيات على الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّهم كانوا من جهة يرونها مطابقة لما في أيديهم من العلامات، ومن جهة أُخرى كان سبباً لحريتهم ونجاتهم من شرّ الخرافات ومن علماء اليهود والمسيحيّة الذين كانوا يستعبدونهم، وكانوا محرومين من حرية الفكر والتكامل الإنساني.

وأمّا ما قاله بعض المفسّرين الكبار من أنّ المقصود من{الذين آتيناهم الكتاب} هم أصحاب النّبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) فبعيد جدّاً، لأنّ هذا الوصف ليس معهوداً بالنسبة للمسلمين، بالإضافة إلى ذلك فإنّها غير موافقة مع جملة{بما أُنزل إليك}(3).

وبما أنّ سورة الرعد مكّية فهي غير منافية لما قلناه آنفاً، مع أنّ المركز الأصلي لليهود في الجزيرة العربية كان المدينة وخيبر، والمركز الأصلي للمسيحيين هو نجران وأمثالها، ولكنّهم كانوا يتردّدون على مكّة ويعكسون أفكارهم ومعتقداتهم فيها، ولهذا السبب كان أهل مكّة يعرفون علامات آخر نبي مرسل وكانوا ينتظرونه (قصّة ورقة بن نوفل وأمثالها معروفة).

وهناك شواهد لهذا الموضوع في آيات أُخرى من القرآن الكريم والتي كان يفرح المؤمنين من أهل الكتاب عند نزول الآيات على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمثلا الآية (52) من سورة القصص تقول:{الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}.

ثمّ تضيف الآية{ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ } المقصود من هذه المجموعة هي نفس جماعة اليهود والنصارى الذين غلبهم التعصّب الطائفي وأمثاله، ولذلك لم يعبّر القرآن الكريم عنهم بأهل الكتاب، لأنّهم لم يتّبعوا كتبهم السّماوية. بل كانوا في الحقيقة أحزاباً وكتلا تابعين لخطّهم الحزبي، وهذه المجموعة كانت تنكر كلّ ما خالف ميلهم ولم يطابق أهواءهم.

ويحتمل أيضاً أنّ كلمة «الأحزاب» إشارة إلى المشركين، لأنّ سورة الأحزاب ذكرتهم بهذا التعبير، وهؤلاء في الحقيقة ليس لهم دين ولا مذهب بل كانوا على شكل أحزاب وكتل متفرّقة اتّحدوا في مخالفتهم للقرآن والإسلام.

ونقل العلاّمة الطبرسي وبعض آخر من المفسّرين الكبار عن ابن عبّاس، أنّ هذه الآية إشارة إلى المشركين الذين كانوا يخالفون وصف الله بالرحمن، وأهل الكتاب ـ خصوصاً اليهود ـ يفرحون بهذا الوصف «الرحمان» في الآيات القرآنية، ومشركي مكّة كانوا يسخرون منه بسبب عدم معرفتهم به.

وفي آخر الآية يأمر الله النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يعتني بهذا وذاك من المخالفين، بل يدعوه إلى الثبات على الخطّ الأصيل والصراط المستقيم حيث يقول تعالى:{ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ } وتلك دعوة للموحّدين الصادقين والمؤمنين الرساليين أن يسلّموا أمام الأوامر الإلهيّة، فالرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)كان خاضعاً لكلّ ما اُنزل عليه، فلا يأخذ ما كان يوافق ميله ويترك غيره.

الحوادث «الثّابتة» و «المتغيّرة»:

تتابع هذه الآيات المسائل المتعلّقة بالنبوّة، ففي الآية الأُولى يقول تعالى:{ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا }.

«العربي» كما يقول الراغب في مفرداته «الفصيح البيّن من الكلام» ولذلك يُقال للمرأة العفيفة والشريفة: إنّها «امرأة عروبة» ثمّ تضيف الآية{حكماً عربياً} قيل معناه مفصحاً يحقّ الحقّ ويبطل الباطل.

ويحتمل في «العربي» أنّ معناه «الشريف» لأنّها جاءت في اللغة بهذا المعنى. وعلى هذا فوصف القرآن بالعربي لأنّ أحكامه واضحة وبيّنة. ولذلك وردت في عدّة آيات أُخرى بعد «عربياً» مسألة الإستقامة وعدم الإعوجاج أو العلم، منها في الآية (28) من سورة الزمر قوله تعالى{قرآناً عربياً غير ذي عوج} وفي الآية (3) من سورة فصلت يقول تعالى:{ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }. وعلى هذا فما قبل هذه الآية وما بعدها يؤيّدان أنّ المراد من «عربياً» هو الفصاحة والوضوح في البيان وخلوّه من الإعوجاج والإلتواء.

وهذه العبارة وردت في سبع سور من القرآن الكريم، ولكن ذكرت في عدّة موارد بشكل{لسان عربي مبين} والتي يمكن أن يكون لها نفس المعنى. ويمكن أن يكون هذا الموضع الخاص إشارة إلى اللسان العربي، لأنّ الله سبحانه وتعالى بعث كلّ نبيّ بلسان قومه، حتّى يهدي قومه أوّلا، ثمّ تنتشر دعوته في المناطق الأُخرى.

ثمّ يخاطب القرآن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلحن التهديد وبشكل قاطع حيث يقول:{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ }وبما أنّ إحتمال الإنحراف غير موجود إطلاقاً في شخصيّة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لما يتميّز به من مقام العصمة والمعرفة، فهذا التعبير ـ أوّلا ـ يُوضّح أنّ الله سبحانه وتعالى ليس له إرتباط خاص مع أي أحد حتّى لو كان نبيّاً، فمقام الأنبياء الشامخ إنّما هو بسبب عبوديتهم وتسليمهم وإستقامتهم.

وثانياً: تأكيد وإنذار للآخرين، لأنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لم يكن مصوناً من العقوبات الإلهيّة في حالة إنحرافه عن مسيرة الحقّ وإتّجاهه صوب الباطل، فما بال الآخرين؟

ولابدّ من ذكر هذه النقطة، وهي أنّ «ولي» و «واق» مع أنّهما متشابهان في

المعنى، ولكن هناك تفاوت بينهما وهو أنّ أحدهما يبيّن جانب الإثبات والآخر جانب النفي، فواحد بمعنى النصرة والدعم، والآخر بمعنى الدفاع والحفظ.

الآية الأُخرى ـ في الواقع ـ جواب لما كان يستشكله أعداء الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

ومن جملة هذه الإشكالات:

أوّلا: كان البعض يقول: هل من الممكن أن يكون الرّسول من جنس البشر، يتزوّج وتكون له ذرّية؟ فالآية تجيبهم وتقول ليس هذا بالأمر الغريب:{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً }(4).

ويتبيّن من إشكالهم أنّهم إِمّا أن يكونوا غير عالمين بتاريخ الأنبياء، أو أنّهم يتجاهلون ذلك وإلاّ لم يوردوا هذا الإشكال.

ثانياً: كان ينتظر هؤلاء من الرّسول أن يجيبهم على كلّ معجزة يقترحونها عليه بما تقتضيه أهواؤهم، سواء آمنوا أو لم يؤمنوا، ولكن يجب أن يعلم هؤلاء أنّ{ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ }.

ثالثاً: لماذا جاء نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيّر أحكام التوراة والإنجيل، أو ليست هذه كتب سماوية؟ وهل من الممكن أن ينقض الله أوامره؟ (هذا الإشكال كان يطابق ما يقوله اليهود من عدم نسخ الأحكام).

وتجيب الجملة الأخيرة من الآية فتقول:{ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } كيما تبلغ البشرية المرحلة النهائية من الرشد والتكامل فليس من العجيب أن ينزّل يوماً التوراة، ويوماً آخر الإنجيل، ثمّ القرآن، لأنّ البشرية في تحوّلها وتكاملها بحاجة إلى البرامج المتغيّرة والمتفاوتة.

ويحتمل أنّ جملة{ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } جواب لمن كان يقول: إذا كان الرّسول صادقاً، لماذا لا ينزل الله عذابه وسخطه على المخالفين والمعاندين؟ فيجيبهم  القرآن بأنّ{لكلّ أجل كتاب} وليس بدون حساب وكتاب، وسوف يصل الوقت المعلوم للعقاب(5).

______________________

1- تفسير الامثل ،مكارم الشيرازي ،ج6،ص458-465.

2- هناك نقاش بين المفسّرين حول تركيب هذه الجملة فقال البعض: إنّ «مثل» مبتدأ و «تجري» خبرها، وقال بعض آخر: إنّ «مثل» مبتدأ وخبره محذوف تقديره «فيما نقص عليكم مثل الجنّة».

3 ـ لأنّه يلازم هذا الحديث أن يكون{ما اُنزل إليك} هو نفس «الكتاب» فالإثنان يشيران إلى القرآن، في الوقت الذي نرى فيه من قرينة المقابلة أنّ المقصود من «الكتاب» غير{ما أُنزل إليك}.

4 ـ يقول بعض المفسّرين في سبب نزول هذه الآية: إنّها جواب لما كان يورده البعض من تعدّد أزواج الرّسول، في الوقت الذي نرى أنّ سورة الرعد مكّية وتعدّد الزوجات لم يكن حينذاك.

5- ولتطابق هذا المعنى يجب أن يكون هناك تقديم وتأخير في الجملة أعلاه، ويقال في تقديره «لكلّ كتاب أجل» كما قاله بعض المفسّرين.

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



موكب أهالي كربلاء يهدي ممثل المرجعية العليا درعا تثمينا للمساهمات الفاعلة والمساندة لإنجاح الفعاليات التي يقيمها خلال المناسبات الدينية
مراحل متقدمة من الإنجاز يشهدها مشروع مركز الشلل الدماغي في بابل
الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة: يجب الاهتمام بالباحثين عن العمل ومنحهم الفرص المناسبة عبر الاهتمام بقدراتهم ومؤهلاتهم وإبداعاتهم
يمتد على مساحة (500) دونم ويستهدف توليد الطاقة الكهربائية.. العتبة الحسينية تعلن عن الشروع بإنشاء مشروع معمل لتدوير النفايات في كربلاء