المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2655 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
صلاة الاستسقاء
2024-06-03
مسائل في احكام السهو والخلل في الصلاة
2024-06-03
الصلاة في السفينة
2024-06-03
عرش مصر بين سمنخكارع ونفرتيتي.
2024-06-03
مبادئ انحلال الإمبراطورية وعهد إخناتون.
2024-06-03
كتاب الموتى.
2024-06-03

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


أحرف النفي  
  
2848   01:05 صباحاً   التاريخ: 18-4-2020
المؤلف : حسن عباس
الكتاب أو المصدر : حروف المعاني بين الأصالة والحداثة
الجزء والصفحة : ص :100-110
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / الحروف وأنواعها /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-01 686
التاريخ: 30-3-2022 2061
التاريخ: 27-3-2022 2398
التاريخ: 20-10-2014 1621

أحرف النفي

هي : (لم- لما-لن-ما-لا-لات -إن)

تمهيد:

لقد سبق أن استعرضنا معاني (لا) مع أحرف العطف و(لمْ، ولمّا) مع الجوازم و(لَنْ) مع النواصب، متطرقين إلى  معانيها في النفي وهكذا لم يبق من أحرف النفي دون معالجة، سوى أحرف (ما- لات- إنْ). ولكن نظراً لأهمية (لا) وكثرة معانيها واستعمالاتها في اللغة العربية سنتحدث عنها هنا بشيء من التفصيل، كما سبق أن وعدنا القارئ بذلك في معرض الحديث عنها مع أحرف العطف.

1-لا

أولاً- حول خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية:

1-(اللام)- للإلصاق والجمع والإلزام.

2-(الألف اللينة)- فاصل صوتي ممتد يحول دون مباشرة (اللام) وظائفها الفطرية في الإلصاق والإلزام والجمع.

وبذلك يكون النفي هو محصلة الخصائص المتناقضة لهذين الحرفين. ولكنها وإن كانت تنفي وقوع الفعل، نحو (لا تعلو العين على الحاجب)، وتنفي الوجود، نحو: (لا رجل في الدار) إلا أنها تلصق النفي بـ (العلو) في المثال الأول، كما تلصقه (بوجود جنس الرجال) في المثال الثاني وذلك لخاصية الإلصاق في (اللام) من حرف (لا).

ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

لما كانت (لا) مؤلفة من (اللام) ذات الصوت اللين المتماسك و(الألف اللينة) الأشد ليونة ومرونة، فمن المتوقع أن تكون كثيرة الوجوه والأنواع والأقسام والاستعمالات. 

لقد عددنا لها لدى (ابن هشام) نيفاً وخمسين وجهاً ونوعاً واستعمالاً، وفي (المحيط) نيفاً وثلاثين. فلم ذلك؟

تساؤل قد طرحناه أكثر من مرة بمعرض الحديث عن بعض حروف المعاني التي تكثر معانيها واستعمالاتها، وبخاصة ما كان منها مؤلفاً من حرف واحد أو اثنين. وكان الجواب: "بساطة النطق بالحرف، ومرونة صوته، ثم تحرره من قيود الحروف العربية المشاركة في تركيبه". وسنرى أن (ما) لن تقل عن (لا) تنوعاً في المعاني والاستعمالات، ولا أشدّ منها عصياناً على الضبط والربط، لهذه الاعتبارات بالذات.

فإن (لا) مؤلفة من (اللام) المرنة الصوت المتعددة الخصائص والمعاني، ومن (الألف اللينة) الأكثر مرونة والأطوع تكيفاً في النطق بمعرض التعبير عن مختلف الأغراض والمعاني، فكثرت بذلك معاني (لا) واستعمالاتها.

واختصاراً للبحث وحصراً له فيما يغنينا الآن، نكتفي باستعراض وجوهها وأنواعها واستعمالاتها حسبما جاء في (المحيط)، وبشيء كثير من الإيجاز.

1-نافية تعمل عمل (إنَّ) تنصب الاسم وترفع الخبر:

تسمى (نافية للجنس)، أو (تبرئة)، لأنها تنفي الحكم عن جميع أفراد جنس اسمِها، نحو "لا رجلَ في الدار". فهي تعمل عمل الأحرف المشبهة بالفعل، تنصب الاسم وترفع الخبر، ولكنها لا تعمل إلا بشروط:

أ-تنصبّ على نفي الجنس، وإِلاّ وجب إهمالها وتكرارها أيضاً. نحو: "لا رجل في الدار ولا امرأة".

ب- أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، وإِلاّ وجب الإهمال والتكرار، نحو: "لا زيدٌ عندي ولا عمرو".

ح-أن لا يتقدم خبرها على اسمها، فإن تقدم يجب الإهمال والتكرار، نحو: (لا في الدار رجل ولا امرأة".

د- أن لا يدخل عليها حرف جر، وإلا يجب إهمالها، نحو (سافرت بلا زاد).

هـ وإذا تكررت (لا) النافية للجنس، جاز إعمالها، وجاز إلغاؤها، وجاز إعمال إحداهما وإهمال الأخرى نحو: (لا حولٌ ولا قوةٌ إلا بالله- ولا حولاَ ولا قوةٌ إلا بالله..).

و- يكثر حذف خبر (لا) النافية للجنس، نحو: "ضيرَ لا شكَّ- لا ريبَ- لا محالةَ- لا بأسَ).

       ويقل حذف اسمها، نحو: (لا عليك) أي لا بأس عليك.

ز- إن اسمها يكون مبنياً على ما نصب عليه، إن كان مفرداً، كما ينصب إذا كان مضافاً أو شبيهاً بالمضاف. نحو لا معلمَ مدرسة في الباحة.

2-نافية تعمل عمل (ليس) ترفع الاسم وتنصب الخبر:

لا يشترط لها إلا تأخير خبرها وعدم انتقاض نفيها بإلاّ. أما تنكير معمولها فقد اشترطه بعضهم ونفاه آخرون لمجيء اسمها معرفة كما في قول النابغة الجعدي:

سِواها ولا عَنْ حُبِّها مُتراخياً
 

 

وحلّتْ سوادَ القلبِ لا أنا باغِياً
 

 

وأما نفيها فيكون للوحدة، كما هو ظاهر في البيت السابق. ويكون للجنس كقول الشاعر:

ولا وَزَرٌ ممّا قضى اللهُ واقيا"
 

 

"تعزّ فلا شيءٌ على الأرضِ باقياً
 

 
3-نافية عاطفة:

وقد مرّ ذكرها مع أحرف العطف.

4-نافية لا عمل لها:

إنها لا تعمل في الأحوال التالية:

أ-  إذا كانت معترضة بين الجار والمجرور، نحو: "سافرت بلا زادٍ"، أو بين الناصب والمنصوب نحو: "اجتهدت كثيراً لكي لا أرسب". أو بين الجازم والمجزوم، نحو: "إن لا تجتهدْ ترسبْ" أو بين العاطف والمعطوف، نحو: "ما جاء زيد ولا عمرو" وكذلك إذا دخلت على فعل مضارع، نحو "زيد لا يحبُّ القراءة". أو على فعل ماض لفظاً ومستقبل معنى، نحو: "لا رحم الله الأشرار".

ب- كما أنها لا عمل لها، ولكن يجب تكرارها في الأحوال التالية: إذا دخلت على الجملة الاسمية، نحو "لا رجل في الدار ولا امرأة". أو على الجملة الفعلية التي فعلها ماض لفظاً ومعنى، نحو: "زيد لا جاء ولا اعتذر". أو دخلت على الإخبار، نحو: "زيد لا شاعر ولا كاتب". أو على النعوت، نحو "جاءنا رجل لا طويل ولا قصير". أو على الأحوال، نحو: "جاءنا زيد لا ضاحكاً ولا عابساً".

5-نافية جوابية:

وهذه تحذف الجمل بعدها كثيراً، نحو يقال لك: أجاء زيد؟ فتجيب (لا). والأصل "لا لم يجيء".

6-ناهية لا عمل لها:

وقد سبق ذكرها مع الأحرف الجازمة.

7-زائدة لا عمل لها:

ومثّل النحاة لها في قوله تعالى: "ما منعك أَلاّ تسجد إذ أمرتك.."(73) وكذلك قول الشاعر:

وللّهوِ داعٍ دائبٌ غيرُ غافِلِ"
 

 

وتلحيْنَنِي في اللهوِ أنْ لا أُحِبَّه
 

 

يقول (الانطاكي): إِنهم اعتبروها هنا زائدة. لأنهم لو اعتبروها نافية ثم فهموا من كل لفظ معناه- المعجمي، لفسد المعنى المراد. إذ يصبح المعنى في الآية: "ما منعك من عدم السجود". فكأنه تعالى يأمر إبليس بعدم السجود لآدم، وهو خلاف المقصود. وكذلك الأمر في بيت الشعر، إذ يصبح المعنى: تلومينني على "عدم حب اللهو"، بينما اللوم هو على "حب اللهو"، لا على عدم حبه.

ويرى الانطاكي أنها هنا (نافية، لا زائدة). وذلك لأن اللغة العربية تعامل الجمل أحياناً بحسب معناها العام، وليس بحسب المعنى المعجمي لكل مفردة على حدة. فقوله تعالى:

"ما منعك" يساوي في المعنى: "من أمرك" أن (لا) تسجد. فتكون بهذا التأويل (نافية، لا زائدة). وكذلك الأمر في قول الشاعر: "وتلحينني" يساوي في المعنى (تطلبين مني).

واستعرض (ابن هشام) المزيد من الأمثلة مبيناً اختلاف الفقهاء حول نفيها وزيادتها، مما لا مجال لسرده.

ولكن يبدو لي أنها هنا نافية، على الوجه الذي ذكره (الأنطاكي). فلقد لازمها النفي في أوجهها واستعمالاتها جميعاً، كما أسلفنا، فلماذا لا تكون هنا نافية أيضاً؟ فالنفي هو معناها الفطري المستمد من خصائص حرفيها ومن طريقة النطق بها.

2-مَا

أولاً- حول خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية:

1- (الميم)- للجمع والضم.

2- (الألف اللينة)- هي هنا فاصل صوتي ممدود يحول دون قيام (الميم) بوظيفتها في الجمع والضم فكان النفي، على مثال ما لاحظناه مع (لا).

وهكذا يكون النفي هو محصلة الخصائص المتناقضة لهذين الحرفين. فهل ستحافظ على هذه الخصائص في معانيها واستعمالاتها التراثية كما فعلت (لا)؟

ثانياً: حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

تأتي على وجهين: اسمية وحرفية. ولكل منهما لدى (ابن هشام) أقسام وأنواع واستعمالات قد نوفت على الخمسين. لتبلغ في (المحيط)(20). وما أقلّ أن نعثر على ما هو أعصى منها على تقصي معانيها واستعمالاتها ولا أكثر إثارة للجدل بين الفقهاء بصددها وذلك لبساطة حرفيها وسهولة التكيف بنطقهما ومرونتهما على وجه ما لاحظناه في (لا).

ولقد اختصر الأنطاكي في محيطه أخذاً عن (ابن هشام) أقسامها وفروعها وأبوابها واستعمالاتها، كما جاءت في التراث، بما يلي:

"اسم موصول- ومعرفة تامة عامة- ومعرفة تامة ناقصة- ونكرة ناقصة- ونكرة تامة واسم استفهام- وشرطية غير زمانية- وشرطية زمانية- وحرف نفي وحرف مصدري وحرف مصدري زماني.. وزائدة بين (الفعل ومرفوعه + بين الجار والمجرور + بين المضاف والمضاف إليه+ بعد أدوات الشرط+ قبل (خلا- عدا حاشا).

ولما كنا بصدد الحديث عن فئة أحرف النفي، فإننا نكتفي هنا بالحديث عن (ما) النافية فقط.

تدخل (ما) النافية على الجملتين الفعلية والاسمية. فإذا دخلت على الفعلية، لم تعمل شيئاً نحو: "ما جاء زيد". وإن دخلت على الاسمية أعملها الحجازيون والتهاميون والنجديون عمل (ليس) بشروط معروفة، كقوله تعالى: (ما هذا بشراً)(74). وأهملها اليمنيون، نحو: "ما زيد قائم".

وقد تستعمل (ما) نافية للجنس، فتعمل عمل (إنّ). وهذا نادر، ومنه قول الشاعر:

قليلٌ على مَنْ يعرفُ الحقّ عابُها".
 

 

وما بأسَ لورَدّت علينا تحيَّةً
 

 

وينبه (ابن هشام) إلى  مسألة تداخل عمل (ما) النافية مع (ما) الشرطية. ففي الآيتين "وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم"
(75). فإن (ما) فيهما شرطية لا نافية.

وباستقراء استعمالات (ما) في باقي الأقسام والفروع والأبواب لدى (ابن هشام)، لم نجد للنفي أي مداخلة في معانيها، بما فيها الأقسام (الكافة) عن العمل منها.

وهكذا كانت خاصية النفي الفطرية في (ما) المستمدة من خصائص حرفيها هي الأقل استعمالاً خلافاً للتوقع، على العكس مما لحظناه في معاني (لا) للنفي، فلم ذلك؟

2-حول أسباب الاختلاف بين معانيها

إن ذلك يرجع فيما نرى إلى  أمرين اثنين:

الأمر الأول: إيمائي: يتعلق بالخصائص الإيمائية لحرفي (اللام والميم).

فطريقة النطق بـ (لا) تتطابق مع طريقة النطق بـ (اللام) المفتوحة أصلاً. فبمجرد ما ينفصل اللسان عن سقف الحنك يخرج صوت (لا). فكانت بذلك أسرع الإشارات إطلاقاً للدلالة على الرفض أو النفي، بما يتوافق مع متطلبات الإنسان العربي من السرعة في البيان. وهكذا خصها بالنفي من قبيل (وضع الشيء المناسب في المكان المناسب).

أما طريقة النطق بـ (ما) فهي أعقد وأطول زمناً إذ تتم على مرحلتين اثنتين متباينتين: ضم الشفة إلى  الشفة بشيء من التأني حبساً للنفس، ثم بانفراجهما وفتح الفم واسعاً. ولما كانت هاتان الحركتان تستغرقان زمناً أطول مما يستغرقه النطق بـ (لا) فقد انصرف العربي عن استعمال (ما) للنفي، وجنح إلى  تحميلها معان أخرى يتطلب تحقيقها زمناً أطول مما يتطلبه الرفض أو النفي، وبما يتوافق مع طول مرحلتي خروج صوتها وذلك على مثال ما عبّر العربي عن معنى القطع طولاً بكلمة (قدّ)، والقطع عرضاً بكلمة (قطّ)، لأن مخرج صوت (الدال) في (قدّ) أبعد عن مخرج (القاف) من (الطاء) في (قط) فكانت (قط) الأخصر للصوت تناسب القطع عرضاً، كما قال (ابن جني).

الأمر الثاني معنوي: يتعلق بالمعاني الفطرية لكل من (اللام والميم).

فمن معاني (اللام) الفطرية: (الإلصاق) بما يضاهي واقعة التصاق طرف اللسان بسقف الحنك ، عند تشكل صوتها. ولكننا ألحقنا بها معاني (الجمع والضم)، وذلك لأنه ليس ثمة تعارض واضح بين معاني (الإلصاق والجمع والضم)، فهي صور مرئية محسوسة يكمل بعضها بعضاً.

وهكذا قد تداخلت في دراستنا خصائص (اللام والميم) ومعانيهما في (لا وما). ولكن التراث اللغوي العظيم قد كشف عن الفروق الدقيقة بين معانيهما في هذا التداخل. فكيف كان ذلك؟

عودة إلى الخصائص الإيمائية لحرفي (اللام والميم):

أ- (اللام) في (لا) هي للإلصاق. وإذن، عندما نلفظ (لا) بشيء من التفخيم، ينفصل طرف اللسان عن سقف الحنك مع انفتاح الفم واسعاً وارتفاع الرأس إلى  الأعلى، في حركة متناسقة موحدة سريعة مما يشير إلى  الرفض بحزم وبالتالي إلى  (النفي) البات ولا شيء آخر.

    فانفصال طرف اللسان عن سقف الحنك عند النطق بـ (لا)، لا يخلّف وراءه أي صورة محسوسة أخرى، سوى (حركة) الانفصال التي تشير إلى  الرفض أو النفي. فاستأثرت هذه المعاني باستعمالاتها التراثية جميعاً.

ب- أما (الميم) في (ما) فهي بحكم انطباق الشفة على الشفة تشير إلى  (الجمع والضم)، ولكن عندما نقول (ما) تنفرج الشفتان عن بعضهما البعض، وينفتح الفم واسعاً مع ارتفاع الرأس إلى  الأعلى في حركتين متمهلتين تشير محصلتهما إلى  الرفض. على أن الصور المحسوسة من (الجمع والضم) تبقى في الذهن بعدهما، فتغلبت على معاني الرفض والنفي، كما لحظنا ذلك في دراستها. حساسية (سمعية بصرية) فطرية لدى الإنسان العربي لا نظير لها.

ونحن لو عدنا إلى  معاني (ما) واستعمالاتها التراثية لتبين لنا أنها تخلف وراءها شيئاً معيناً قد ارتبط (وجوده) بها، على العكس من (لا)، التي لا تخلف بعدها سوى النفي والعدم.

3-وإذن، ما طبيعة العلاقة بين (ما) وما يأتي بعدها من أحكام؟

إنها علاقة وجود

1-        تأتي (ما) اسم موصول. ويعرّفه (الانطاكي) بأنه: "ما يدل على معيّن بواسطة جملة تذكر بعده) كقوله تعالى: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء.."(76). فهذا المعيّن الذي دلت عليه (ما) هو (النساء). لهنّ (وجود) مستقل متكامل يظل ثابتاً بعد (ما) ماثلاً في (الميم).

2-        كما تكون (ما) استفهامية، كقوله تعالى، نحو "وما تلك بيمينك يا موسى"(77). فالتي بيمينه (وهي عصاه) شيء له وجوده المستقل المتكامل ماثلاً في الذهن..".

3-        وهكذا الأمر عندما تكون (ما) معرفة تامة خاصة كقوله تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما)(78) أو شرطية غير زمانية، كقوله تعالى: (وما تفعلوا من خير يعلمْه الله)(79). أو شرطية زمانية، كقوله تعالى: "فما استقاموا لكم، فاستقيموا لهم"(80)، أي استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم أو مصدرية كقوله تعالى: "ليجزيك أجر ما سقيت لنا"(81)، أي أجر سقيك..

   وهذه المعاني تتطلب أحكامها فسحة في الزمن، تتوافق شيئاً ما مع الزمن الذي يستغرقه خروج صوت (ما). أما بقية معانيها، إذا لم تتعلق صراحة بوجود، فهي لا تتضمن النفي ولا العدم.

4-ولكن ثمة حالة واحدة تكون (ما) فيها للنفي، نحو: (ما جاء زيد). وشأنها في هذه الحالة شأن (لا) نفياً للوجود. ولكن هذه الحالة وحدها، لا تجرح صحة ربط (الوجود) بخصائص (الميم) في (ما) من حيث (الجمع والضم)، كما أسلفنا

أقول هذا وأنا غير غافل عما قد يلاقي هذا التعليل من اعتراض. وذلك بزعم أن العربي الضارب في أعماق التاريخ ومجاهل الأرض كان من المتعذر عليه أن ينتبه إلى  هذه الفروق الدقيقة بين خصائص (لا وما) بمعرض التعبير عن معانيه.

ونرد على هذا الاعتراض أن اللغة العربية فطرية النشأة كما لاحظ القارئ ذلك مراراً عديدة في هذه الدراسة. والفطري في الإنسان يضاهي الغريزي في الكائنات الحية. فلو أنهم تمعنوا في سير حياة أي كائن حي بدءاً من النملة فالنحلة، إلى  الأسماك فالطيور حتى ملوك الغابات، إذن لرأوا من الدقة والبراعة وحكمة في السلوك واقتصاداً في الزمن، ما لا يتصوره عقل إنسان.

واللغة العربية الفطرية النشأة، ما هي إلا نموذج راق من نماذج الكائنات الحية. فبمقدار ما نتعمق في دراسة مظاهرها تتاح لنا فرص أكثر لاكتشاف المزيد من أسرارها مما لم يخطر على بال عالم لغة أو فقيه صرف ونحو طوال ألف عام ونيف.

3-لاتَ

أولاً حول خصائص أحرفها ومعانيها الفطرية:

1-(لا)- من (اللام والألف اللينة)، كانت محصلة معانيهما الفطرية والتراثية النفي كما أسلفنا.

2-(التاء) للرقة والضعف.

فتكون محصلة معاني أحرفها: النفي بضعف لتعدد الفواصل بين (لام) الإلصاق ومتعلقها.

ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:

1-حول حقيقتها:

أ-قال بعضهم: هي فعل ماض بمعنى (نقص)، ثم استعمل في النفي. كما استعملوا فعل (قلَّ) في قولهم: "قلّ رجل يفعل ذلك"، بمعنى: "ما رجل يفعل ذلك". فقال تعالى: "لا يَلِتْكُم من أعمالكم شيئاً"، بمعنى لا يُنقص. فيقال: "لات يليت، وألت يألت".

ب-وقال بعضهم أنها كلمتان: (لا) النافية، و(التاء) لتأنيث اللفظة، كما في: (ثُمّت رُبّت) بضم أولهما.

ح-وقال آخرون: هي (ليس)، قلبت ياؤها (ألِفا) وسينها (تاء). وهو تعليل  أبعد عن الصواب مما جاء آنفاً حول حقيقتها، ولعل الوجه الأول بمعنى (قل) هو الأصوب.

2-حول عملها:

أ-إنها لا تعمل شيئاً: إذا وليها مرفوع، فهو مبتدأ حُذف خبره. فإن قُرِئ في الآية القرآنية: "لات حينُ مناص"(82) بالرفع، كان التقدير: "ولا حينُ مناصٍ كائن" وإذا قرئ بالنصب فهو مفعول لفعل محذوف تقديره: "لا أرى حينَ مناص".

ب- إنها تعمل عمل (إنَّ): تنصب الاسم وترفع الخبر. فإذا كان ما بعدها منصوباً، فهو اسمها وخبرها محذوف. وإن كان مرفوعاً، فهو خبرها واسمها محذوف.

ج-إنها تعمل عمل (ليس). فإن رفع ما بعدها فهو اسمها والخبر محذوف، وإن نصب فهو خبرها واسمها محذوف.

والمتفق عليه أن (لات) لا تدخل إلا على أسماء الزمان، نحو: "لات حينَ مناص- لات ساعةَ مندم".

وهكذا تتوافق معانيها الفطرية مع معانيها التراثية من حيث ضعف قدرتها على النفي بفعل (التاء)، فاقتصرت على نفي الزمان فحسب، وما أضيّقَه من مجال، وضعف قدرتها على النفي يضاهي ضعف (ليت) في التمني، للأسباب ذاتها، كما سيأتي.

4-إنْ

لما كان لا علاقة ظاهرة بين خصائص حرفيها ومعانيهما بما فيها (النفي)، فلقد رأينا أن نستعرض بإيجاز شديد معانيها واستعمالاتها التراثية تذكيراً للقارئ بها.

فهي لدى (ابن هشام) على أربعة أوجه:

1-حرف شرط جازم: تدخل على المضارعين فتجزمهما لفظاً، نحو "إن تدرسْ تنجحْ" وإذا دخلت على الماضيين تجزمهما محلاً، نحو: "إن درسَ زيدٌ نجحَ".

2-حرف نفي: تدخل على الجملة الاسمية، كقوله تعالى: "إن الكافرون الاّ في غرور"(83)، أي ليس الكافرون إلاّ في غرور. وتدخل على الجملة الفعلية كقوله تعالى: (إن أردنا إلاّ الحُسنى)(84). أي ما أردنا إلاّ الحسنى.

3-مخففة من (إنَّ): تدخل على الجملة الاسمية وتعمل عمل (إنَّ)، نحو: إنْ زيداً لمنطلق). وبعضهم يهملها، فيكون ما بعدها مبتدأ وخبر، نحو: "إن زيدٌ لمنطلقٌ". وإذا دخلت على الجملة الفعلية فلا تكون إلا مهملة كقوله تعالى: "وإن ْكادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك"(85).

هذا ولا بد في (إنْ) المخففة من الثقيلة من (لام) مفتوحة بعدها تسمى (لام) الفارقة، لأنها تميزها من (إنْ) النافية.

4-زائدة: تزاد بعد (ما) النافية نحو:

"ما إنْ أتيتُ بشيء أنت تكرهه.." وتزاد بعد (ما) الموصولية: نحو:

وتعرض دون أدناه الخطوب".
 

 

"يرجّى المرءُ ما إن لا يراه
 

 

وتزاد بعد (ألا) الاستفسارية، نحو:

أُحاذِرُ أن تنأى النَّوى بِغَضُوبا".
 

 

ألا إنْ سرى ليلي فبتُّ كئيبا
 

 

ويبدو لي أن معانيها جميعاً اصطلاحية.

 

 

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.