أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-5-2019
2677
التاريخ: 16-3-2016
3515
التاريخ: 7-04-2015
3797
التاريخ:
3279
|
لمّا اطّلع أهل الشام على قتل الحسين (عليه السلام) ومظلومية أهل البيت (عليهم السّلام) وظلم يزيد لهم وعلموا مصائب أهل بيت النبوة (عليهم السّلام) ظهرت عليهم آثار الحزن والمصاب.
فعلم يزيد ذلك وبدأ بمداراة أهل البيت وتسكين عواطفهم.
فقال لعليّ بن الحسين (عليه السلام) يوما : اكشف حوائجك لديّ فأقضي ثلاثا منها .
فقال (عليه السلام) :
الاولى أن تريني وجه سيدي ومولاي و أبي الحسين (عليه السلام) فأتزود منه .
والثانية أن تردّ علينا ما أخذ منّا .
والثالثة ان كنت عزمت على قتلي أن توجه مع هؤلاء النسوة من يردّهن الى حرم جدّهن.
فقال يزيد لعنه اللّه : أما وجه ابيك فلن تراه أبدا واما قتلك فقد عفوت عنك ، واما النساء فما يردّهن غيرك الى المدينة واما ما أخذ منكم فأنا أعوضكم عنه أضعاف قيمته.
فقال (عليه السلام) : اما مالك فلا نريده وهو موفّر علينا وانما طلبت ما أخذ منّا لانّ فيه مغزل فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه واله) ومقنعتها وقلادتها وقميصها ، فأمر برد ذلك وزاد فيه من عنده مائتي دينار، فأخذها زين العابدين (عليه السلام) وفرقها على الفقراء والمساكين.
روى العلامة المجلسي وغيره انّه : دعا يزيد أهل البيت (عليهم السّلام) وخيرهم بين البقاء في الشام معزّزين مكرمين وبين الذهاب الى المدينة بصحة وسلامة فقالوا : نريد منك اولا أن تأذن لنا بإقامة العزاء والماتم لسيد الشهداء (عليه السلام) ، فأذن لهم وانزلهم في دار، فلبسوا السواد وحضر مجلسهم، مجلس البكاء والتعزية ، كل من كان في الشام من قريش أو من بني هاشم، فبكوا على السبط الشهيد والامام المظلوم سبعة أيام ففي اليوم الثامن دعاهم يزيد وتلطّف إليهم و اعتذر منهم ، ثم أحضر لهم المحامل المزينة واعطاهم الاموال وقال : هذه عوض عمّا جرى عليكم.
فقالت له أمّ كلثوم (عليها السّلام) : ما أقلّك حياء يا يزيد! قتلت إخوتي وأهل بيتي الذين لا تقاس بهم الدنيا وما فيها ، ثم تقول هذا عوض ما فعلت بكم؟.
فقال للنعمان بن بشير صاحب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : جهّز هؤلاء بما يصلحهم و ابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا وابعث معهم خيلا واعوانا.
وعلى رواية المفيد رحمه اللّه انّه : دعا عليّ بن الحسين (عليه السلام) فاستخلى به ثم قال : لعن اللّه ابن مرجانة أما واللّه لو انّي صاحب ابيك ما سألني خصلة ابدا الّا أعطيته اياها ، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ، ولكن اللّه قضى ما رأيت ، كاتبني من المدينة و انه إليّ كل حاجة تكون لك ، وتقدم بكسوته وكسوة أهله وانفذ معهم في جملة النعمان بن بشير رسولا تقدم إليه أن يسير بهم في الليل ويكونوا أمامه حيث لا يفوتون طرفه.
فاذا نزلوا انتحى عنهم وتفرّق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس ، و ينزل منهم بحيث ان أراد انسان من جماعتهم وضوء وقضاء حاجة لم يحتشم ، فسار معهم في جملة النعمان ولم يزل ينازلهم في الطريق ويرفق لهم كما وصاه يزيد ويرعاهم حتى دخلوا المدينة .
وذكر القرماني في أخبار الدول انّه : وجّه النعمان بن بشير مع ثلاثين رجلا ، فكان يسايرهم ليلا فيكونون امامه بحيث لا يفوتون طرفة و اذا نزلوا تنحى عنهم هو وأصحابه فكانوا حولهم كهيئة الحرس ، وكان يسألهم عن حاجاتهم ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة.
فقالت فاطمة بنت عليّ لأختها زينب (عليها السلام) لقد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لك أن نصله بشيء؟.
فقالت : و اللّه ما معنا ما نصله به الّا حلينا، فأخرجتا سوارين ودملجين لهما فبعثتا به إليه و اعتذرتا ، فردّ الجميع وقال : لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني ولكن واللّه ما فعلته الّا للّه ولقرابتكم من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) .
وقال السيد ابن طاوس : قال الراوي : ولما رجع نساء الحسين (عليه السلام) وعياله من الشام و بلغوا العراق قالوا للدليل : مر بنا على طريق كربلاء ، فوصلوا الى موضع المصرع ، فوجدوا جابر بن عبد اللّه الانصاري رحمه اللّه و جماعة من بني هاشم و رجالا من آل رسول اللّه (صلى الله عليه واله) قد وردوا لزيارة قبر الحسين (عليه السلام) ، فوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم ، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد ، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد ، فأقاموا على ذلك أيّاما .
يقول المؤلف : لا يخفى اتفاق الثقات من المؤرخين والمحدثين بل رواية السيد الجليل عليّ بن طاوس نفسه على انّ عمر بن سعد بعد ما قتل الحسين (عليه السلام) ، أول أمر فعله هو ارسال الرءوس الى ابن زياد لعنه اللّه ثم تسريح أهل بيته إليه في اليوم الثاني ، فأمر ابن زياد لعنه اللّه بحبسهم بعد شماتته بهم ، ثم كتب الى يزيد يسأله عمّا يفعل بأهل البيت والرؤوس ، فكتب إليه يزيد بإرسالهم الى الشام.
فأرسلهم الى الشام ، والذي يظهر من القضايا العديدة والحكايات المتفرقة انّ سير أهل البيت (عليهم السّلام) كان من طريق القرى والبلدان المعمورة التي تبلغ أربعين منزلا ، ولو قطعنا النظر عن المنازل و قلنا انّهم ساروا من البر و من جهة غرب الفرات، يبلغ سيرهم عشرين يوما لانّ المسافة بين الكوفة و الشام بالخط المستقيم حسب ما قيل (175) فرسخا، و مكثوا في الشام حوالي شهرا كما قال السيد في الاقبال : انّ أهل البيت أقاموا بالشام شهرا في موضع لا يقيهم من الحر والقر.
ومع ملاحظة هذه القضايا فمن البعيد جدا تواجد أهل البيت في كربلاء في اليوم العشرين من شهر صفر ، أي يوم الاربعين ، وقد استبعد السيد هذا الامر أيضا في الاقبال مضافا الى عدم التلويح والاشارة الى هذا الامر من العلماء وأهل السير والتاريخ والمقاتل ، بل يظهر من سياق كلامهم انكار هذا الامر، كما علمت من كلام الشيخ المفيد في باب سير أهل البيت (عليهم السّلام) الى المدينة وذكر نحوها ابن اثير والطبري والقرماني وغيرهم ولم يذكر أحدهم السير نحو العراق بل قال الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والكفعمي : انّ أهل البيت (عليهم السّلام) ساروا نحو المدينة في العشرين من شهر صفر، في اليوم الذي جاء جابر بن عبد اللّه الى كربلاء لزيارة الحسين (عليه السلام) و هو اوّل من زار الحسين (عليه السلام).
ولقد أسهب الكلام شيخنا العلامة النوري طاب ثراه في ردّ هذا الموضوع في كتابه (اللؤلؤ و المرجان ، و ذكر عذرا للسيد ابن طاوس لنقله الحكاية في كتاب ، ولا يسع المقام للبسط و التطويل.
واحتمل البعض انّ أهل البيت جاءوا الى كربلاء حين سيرهم من الكوفة الى الشام ، و هذا الاحتمال بعيد لوجوه ، و احتمل البعض الآخر انهم جاءوا الى كربلاء بعد انصرافهم من الشام لكن قدموها في غير يوم الاربعين، لانّ السيد و الشيخ ابن نما اللذين ذكرا هذه الحكاية لم يقيدا قدومهم الى كربلاء في اليوم الاربعين.
وهذا الاحتمال ضعيف أيضا لانّ الذين ذكروا هذه الحكاية كصاحب روضة الشهداء و حبيب السير، قيدوا قدومهم في يوم الاربعين، و يظهر من عبارة السيد انّهم وردوا كربلاء مع جابر في يوم واحد كما قال : (فنزلوا في وقت واحد) و من المتيقّن انّ جابرا جاء الى كربلاء في يوم الاربعين ، مضافا الى ذكر مجيئه بنحو التفصيل في كتاب مصباح الزائر للسيد ابن طاوس و بشارة المصطفى و هما من الكتب المعتبرة و لم يذكر فيهما أبدا قدوم أهل البيت إليها ، مع انّه لا بأس بذكر قدومهم لو كان.
ولنذكر رواية مجيء جابر الى كربلاء التي تشتمل على فوائد كثيرة.
فقد روى الشيخ الجليل عماد الدين أبو القاسم الطبري الآملي (من أجلّاء فن الحديث و تلميذ أبي عليّ ابن الشيخ الطوسي) في كتابه بشارة المصطفى (من الكتب المعتبرة النفيسة) مسندا عن عطيّة بن سعد بن جنادة العوني (من رواة الامامية، و قد صرح ابناء العامة في رجالهم بصدق حديثه) انّه قال : خرجت مع جابر بن عبد اللّه الانصاري رحمه اللّه زائرين قبر الحسين (عليه السلام) فلمّا وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثم ائتزر بازار و ارتدى بآخر، ثم فتح صرّة فيها سعد فنثرها على بدنه ، ثم لم يخط خطوة الّا ذكر اللّه حتى اذا دنا من القبر قال : المسنية ، فألمسته فخر على القبر مغشيا عليه ، فرششت عليه شيئا من الماء فأفاق و قال: يا حسين ثلاثا ، ثم قال : حبيب لا يجيب حبيبه.
ثم قال : و انّى لك بالجواب و قد شحطت أوداجك على أثباجك وفرّق بين بدنك ورأسك، فأشهد انّك ابن النبيين، و ابن سيد المؤمنين ، و ابن حليف التقوى ، و سليل الهدى ، و خامس أصحاب الكساء ، و ابن سيد النقباء ، و ابن فاطمة سيدة النساء ، و ما لك لا تكون هكذا و قد غذتك كفّ سيد المرسلين ، وربيت في حجر المتقين ، ورضعت من ثدي الايمان ، و فطمت بالاسلام ، فطبت حيا و طبت ميتا غير انّ قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك و لا شاكة في الخيرة لك ، فعليك سلام اللّه و رضوانه و اشهد انّك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.
ثم جال ببصره حول القبر و قال : السلام عليكم ايتها الارواح التي حلّت بفناء الحسين (عليه السلام) وأناخت برحله ، أشهد انّكم أقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، و أمرتم بالمعروف ، ونهيتم عن المنكر، و جاهدتم الملحدين ، وعبدتم اللّه حتى اتاكم اليقين ، والذي بعث محمدا (صلى الله عليه واله) بالحق لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.
قال عطيّة : فقلت لجابر : و كيف و لم نهبط واديا و لم نعل جبلا ولم نضرب بسيف والقوم قد فرّق بين رءوسهم وأبدانهم و أوتمت أولادهم وأرملت الأزواج؟.
فقال لي : يا عطيّة سمعت حبيبي رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يقول : من أحبّ قوما حشر معهم ومن أحبّ عمل قوم أشرك في عملهم ، والذي بعث محمدا بالحق نبيا انّ نيّتي و نيّة أصحابي على ما مضى عليه الحسين و أصحابه ، خذوا بي نحو أبيات كوفان.
فلما صرنا في بعض الطريق فقال لي : يا عطيّة هل أوصيك؟ و ما أظنّ انّني بعد هذه السفرة ملاقيك ، أحبّ محبّ آل محمد ما أحبّهم، و أبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم ، و ان كان صوّاما قوّاما ، وارفق بمحبّ آل محمد فانّه إن تزل لهم قدم بكثرة ذنوبهم ثبتت لهم أخرى بمحبّتهم فانّ محبهم يعود الى الجنة و مبغضهم يعود الى النار .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|