المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2652 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المعجم (تحليل المعنى المعجمي)  
  
9146   02:23 صباحاً   التاريخ: 16-4-2019
المؤلف : تمام حسان
الكتاب أو المصدر : اللغة العربية معناه ومبناها
الجزء والصفحة : ص323- 334
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / مستويات علم اللغة / المستوى الدلالي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-4-2019 1252
التاريخ: 17-4-2019 798
التاريخ: 17-4-2019 1971
التاريخ: 17-4-2019 1241


والآن ننتقل إلى تناول المعنى المعجمي بالتحليل من النواحي الآتية:
أ- التعدد والاحتمال في المعنى المعجمي:
ب- شرح المعنى كيف يكون.
جـ- صلة المعنى المعجمي بأنظمة اللغة الثلاثة الصوتي والصرفي والنحوي.
أ- قلنا: إن من طبيعة المعنى المعجمي أن يكون متعددًا ومحتملًا, وهاتان الصفتان من صفاته تقود كل منهما إلى الآخر, فإذا تعدَّد معنى الكلمة المفردة حال انعزالها تعددت احتمالات القصد وتعدد احتمالات القصد يعتبر تعددًا في المعنى, والذي يجب ألّا يغيب عن أذهاننا دائمًا أن الكلمة في المعجم لا تفهم إلّا منعزلة عن السياق, وهذا هو المقصود بوصف الكلمات في المعجم بأنها "مفردات", على حين لا توصف بهذا الوصف وهي في النص حاشا بعد استخراجها منه لتحديد معناها المناسب. وإن تعدد معنى الكلمة في المعجم يرجع إلى صلاحيتها للدخول في أكثر من سياق, وثبوت ذلك لما بسبق استعمالها في نصوص عربية قديمة وحديثة. ومن صلاحيتها للدخول في أكثر من سياق ما يأتي
ص323
تعدد معناها واحتماله في حالة الإفراد, وإذا أردنا أن نضرب مثلًا لتعدد معاني الكلمة المفردة واحتمالها, فلدينا مثالان نوردهما هنا ونرصد تعدد المعنى فيهما, وهما كلمتا "صاحب" و"ضرب".
فأما كلمة صاحب فيتعدد معناها على النحو التالي:
1- لقب "أي: ذو"      نحو:            صاحب الجلالة.
2- مالك                نحو:            صاحب البيت.
3- صديق             نحو:            صاحبي.
4- رفيق              نحو:            صاحب رسول الله.
5- منتفع             نحو:             صاحب المصلحة.
6- مستحق          نحو:             صاحب الحق.
7- مقتسم           نحو:             صاحب نصيب الأسد.
فكلمة صاحب بمفردها تحتمل هذه المعاني السبعة ولا تختص بواحد منها إلّا عند التضام مع المضاف إليه, وهذا التضام أضعف صورة من صور الدخول في سياق, ولذلك يعتبر كل مثال من الأمثلة السبعة الواردة مما يحدد معنى واحدًا معينًا للكلمة, وأما كلمة "ضرب" فمن معانيها ما يأتي:
1- عاقب             نحو:            ضرب زيد عمرًا.
2- ذكر              نحو:             ضرب الله مثلًا.
3- أقام              نحو:              ضرب له قبة.
4- صاغ           نحو:               ضرب العملة.
5- حدد              نحو:             ضرب له موعدًا.
6- سعى            نحو:            ضرب في الأرض.
7- حسب           نحو:            ضرب خمسة في ستة.
وقد تأتي في تعبير فتفيد بالتضام غير ذلك؛ كإفادة معنى "الارتباك" في عبارة "ضرب أخماسًا في أسداس" والمعنى معجمي في الكلمة المفردة فقط, أما حين تدخل في السياق فإن معناه لا يسمَّى معجميًّا نظرًا إلى أن السياق يحفل بالكثير من القرائن الحالية والمقالية التي قد تعطي الكلمة من المعاني
ص324
ما لا يرد على بال صاحب المعجم, وقد سبق أن شرحنا بعض ذلك عند دراسة النبر والتنغيم حين وازنا بين "اذكر الله" و"اذكري الله", وحين قلنا عن بعض العبارات مثل: "نعم" و"لا" و"يا سلام" إنها قد تفيد بالنغمة من المعاني ما يتعارض مع معناها المعطى لا في المعجم. ولعل تعدد المعنى واحتماله من جهة وتحدده وتعينه من جهة أخرى هو الفارق الأساسي بين الكلمة التي في المعجم واللفظ الذي في السياق.
ب- ما الذي يتوقعه المرء عندما يمسك بالمعجم ليكشف عن معنى الكلمة ما؟ أو بعبارة أخرى: أي نوع من أنواع المعلومات يتوقّع الطالب أن يجده في المعجم, وأيها لا يتوقع أن يجده؟ دعنا أولًا نقول: إن المعجم ليس كتاب قواعد؛ لأنه ليس نظامًا من أنظمة اللغة, فلا ينبغي للطالب أن يكشف في المعجم عن قاعدة صوتية أو صرفية أو نحوية؛ لأن القواعد بفروعها المذكورة تتكفَّل بشرح المعنى الوظيفي بواسطة وصف سلوك الرمز التي دون الكلمة, أي سلوك الأجزاء التحليلية, ويجمع هذه الفروع كلمة "قواعد" التي تقابلها الكلمة الإنجليزية grammar, فالقواعد تشمل النظام الصوتي والنظام الصرفي والنظام النحوي. وأما المعجم فهو الخطوة التالية بعد القواعد في تتابع المستويات التحليلية للمعنى, ولا يأتي بعد المعجم من هذه المستويات إلّا علم الدلالة semantics, تلك كانت إجابة سلبية على السؤال المتقدم. أما الإجابة الإيجابية فهي: إن الطالب ينبغي أن يتوقّع من المعجم أن يقدم له المعلومات الآتية:
1- طريقة النطق: من المعروف أن أنظمة الكتابة في اللغات المختلفة تقصر دون تمثيل النطق تمثيلًا صوتيًّا دقيقًا؛ لأن الأغراض العملية للكتابة الإملائية لا تتطلّب الرمز للفروق الصوتية الدقيقة التي لا تهمّ القارئ العادي كالإخفاء والإقلاب والإدغام بغنّة وهلم جرا, وإنما ينبغي لكل نظام إملائي أن تكون غايته المنشودة أن يمثل الحروف phonemes في الكتابة بأن يجعل لكل حرف من حروف اللغة "وقد يشتمل الواحد منها على عدد من الأصوات
ص325
كما بينا بالنسبة للنون" رمزًا كتابيًّا واحدًا مستقلًّا، وهذه الغاية المنشودة لم تصل إليها لغة من لغات العالم حتى الآن, ولم يصل إليها نظام الإملاء العربي كذلك, ومن شاء أن يعرف تفصيل ذلك فليرجع إلى كتابي "اللغة بين المعيارية والوصفية". ولكننا نستطيع أن نضرب المثل هنا بالحروف التي لا تنطق كالواو التي في "عمرو", والحروف التي لا تكتب كواو المد في "داود", والحروف التي تنطق ويكتب رمز غيرها من الحروف كالألف في "رمى" وهلم جرّا. ولهذا السبب أصبح من المحتمل للكلمة العربية كما يمثلها نظام الإملاء أن تكون عرضة للخطأ في النطق, ومن ثَمَّ يتوقع طالب المعجم حين يكشف عن معنى الكلمة أن يبدأ المعجم بأن يحدد له طريقة نطقها ما دام النظام الإملائي لا يصل إلى هذه الغاية. وفي لغات العالم الحية معاجم خاصة لنطق الكلمات؛ كالمعجم الذي وضعه دانيال جونز لنطق كلمات اللغة الإنجليزية, وأطلق عليه اسم: English Pronouncing Dictionary ولعل الصلة الشديدة الانفكاك بين الهجاء الإنجليزي ونطق الكلمات في تلك اللغة يبرر وضع معجم خاص لنطق كلماتها. أما الطريقة التي درجت عليها المعاجم العربية للوصول إلى هذه الغاية "إيضاح طريقة النطق" فهي أن تصف حركات الكلمة ومدها وإعجام الحروف أو إهمالها, فتقول مثلًا في كلمة "تبعة" بفتح فكسر ففتح, أو تقول عند خوف اللبس المطبعي: بالتاء الفوقية المثناة فالباء التحتية فالعين المهملة, ومن ذلك أيضًا ألّا تفصل القول في حركاتها وحروفها, وإنما تلجأ إلى قياس هذه الكلمة على كلمة أخرى أشهر منها في الاستعمال, فتجعل الكلمة الشهيرة كالميزان الصرفي للكلمة المشروحة فتقول مثلًا: "ردح البيت كمنع" فيعرف أن هذا الفعل من باب فعل يفعل -بفتح العين- في الصيغتين, فيفيد القارئ من ذلك من جهة النطق -وربما الصرف كذلك- في الوقت نفسه.
2- الهجاء: وما دامت الأنظمة الإملائية لا تتطابق مع النطق بالضرورة ولا سيما حين تراعى اعتبارات أخرى بعضها تاريخي وبعضها لغوي "صوتي أو صرفي أو نحوي" وهلمَّ جرا, فلا بُدَّ أن يكون هجاء الكلمات غير متَّسم أحيانًا بالاطراد التام, ولا بُدَّ أن يختلف أساس هجاء كلمتين قد يبدو لأول
ص326
وهلة أنهما متشابهتان مثل: "غزا" و"جزى", فعلى المعجم في هذه الحالة أن يكون مظنَّة من مظانِّ الإجابة على كيفية كتابة كلمة ما, فيقدم هذا العون لمن لا يعرف ما يختفي خلف هاتين الألفين من اعتبارات صرفية, ومثل ذلك يقال في الكلمات التي تشتمل على الهمزات التي يختلف موضعها من الصورة الكتابية للكلمة بين الإفراد والكتابة على ألف أو واو أو ياء, فعلى المعجم أيضًا أن يكون مظنة الوصول إلى هجاء هذه الكلمات.
أما الرجل العادي الذي لا بصر له بقواعد اللغة فليرجع في شأن الهجاء إلى المعجم.
3- التحديد الصرفي: ومما ينبغي للمعجم أن يقدمه للقارئ تحديد المبنى الصرفي للكلمة, كما إذا كانت الكلمة اسمًا أو صفة أو فعلًا أو غير ذلك, فتقديم هذا التحديد الصرفي للكمة يعتبر الخطوة الضرورية في طريق الشرح؛ لأنه لا يمكن لإنسان أن يربط ما بين كلمة وما بين معناها المعجمي إلّا إذا عرف مبناها الصرفي فحدَّد معناها الوظيفي أولًا, ويحدث أحيانًا أن تأتي كلمة على صيغة صرفية محايدة مثل:
فاعل: لصفة الفاعل والأمر من فاعل نحو: "قاتل".
فعل: للصفة المشبهة والمصدر نحو: "عدل".
فعيل: لصيغة المبالغة ولمعنى مفعول نحو: "رفيع".
أفعل: للفعل الماضي وصفة التفضيل والصفة المشبهة نحو: "أسمى".
فانعزال الكلمة في المعجم قد يكون بيئة صالحة للبس في معناها, فعلى المعجم أن يعطيها من طرق الشرح ما يوضح معناه الصرفي كالتضامِّ بأن يقول مثلًا: "الأشرف الفاضل في الشرف" فنعلم من هذا أن المقصود صفة التفضيل بقرينة التضامِّ مع أداة التعريف, أو يقول: "أشرف على الشيء" أطل عليه" فيعرف من التضام أن المقصود الفعل. وفي كلمة مثل "المختار" لا بُدَّ للمعجم قبل شرحها أن يقول مثلًا: "والمختار بمعنى الفاعل الذي يختار
ص327
لنفسه وبمعنى المفعول من يقع عليه الاختيار" أو شيئًا شبيهًا بذلك, فقوله: بمعنى الفاعل وبمعنى المفعول تحديد صرفي لكلمة محايدة, أو يقول: "العدل بمعنى الصفة العادل, وبمعنى المصدر الإقساط في الحكم". فلا يمكن في حالة "المختار" و"العدل" ولا في غيرهما أن يكون الشرح مفيدًا إفادة تامة دون التحديد الصرفي للكمة.
4- الشرح: ويكون شرح الكلمة بذكر معانيها المتعددة التي يصلح كل واحد منها لسياق معين, ولكن هذا الشرح أيضًا يتطلب أمورًا لا بُدَّ للمعجم من الوفاء بها حتى تتحقق فائدته بالنسبة لطلاب معاني الكلمات.
أولًا: لا بُدَّ أن يعنى المعجم بعرض الأشكال المختلفة إن وجدت للكلمة التي يشرحها, وهذه الأشكال المتعددة قد توجد جنبًا إلى جنب في الاستعمال في عصر واحد؛ كأن يسجل المعجم وجود صورتين مثلًا لكلمة "ميزة" تبدأ إحداهما للهيئة بالكسر والمد, وتبدأ الثانية للمرة بالفتح فالسكون, فيذكرهما باعتبارهما جاريتين على الألسنة بدرجة واحدة أو متقاربة. وقد تكون الأشكال المختلفة للكلمة مختلفة العصور كأنّ للكلمة صورة قديمة إما مهجورة أو مستعملة, وصورة أخرى أحدث منها مستعملة في الوقت الحاضر, وذلك مثل: "بكة" و"مكة". والمؤسف حقًّا أن المعاجم العربية قليلة العناية بتسجيل التطور الشكلي للكلمات على عكس ما تفعل المعاجم الأوربية كمعجم أوكسفورد الكبير الذي أعطى الكثير من العناية لما أطلق عليه اسم "وجهة النظر التاريخية" بالنسبة لتطور الكلمات.
ثانيًا: تخصيص مدخل لكل اشتقاق من اشتقاقات المادة, أو على الأصح: لكل مشتق من مشتقات المادة؛ لأن الاشتراك في حروف المادة يعتبر صلة رحم بين الكلمات من حيث الشكل, ولا يعتبر بالضرورة صلة رحم من حيث المعنى, وقد ضربنا مثلًا لهذا بالحل والحل والحلول, تشترك ثلاثتها في الأصول وتختلف في المعاني، ولقد درجت المعاجم العربية على جعل حروف المادة
ص328
هي المدخل, ثم تعدد الكلمات الداخلة تحتها على غير ترتيب وبلا قاعدة محددة لهذا التعدد.
وقد كنا نسمع أن معاجم اللغات الأخرى تشتمل على أعداد من الكلمات أكثر مما تشتمل عليه المعاجم العربية. فإذا قد عرفنا أن المعاجم العربية لا تعدد الكلمات بمداخل مستقلة, وإنما تعدد المواد كلًّا منها بمدخل خاصٍّ أدركنا أن المعاجم الأجنبية ربما كانت أكثر عدد مداخل لا عدد كلمات من المعاجم العربية. فاللغة العربية دون شك واسعة الثروة بما منحها التاريخ العربي المجيد من مفردات وهي قابلة لزيادة هذه الثروة بما وهبتها طبيعتها العبقرية في الصياغة من إمكان الاشتقاق والارتجال والتعريب وتغليب الصيغ على نحو ما اقترحناه تحت عنوان: "النظام الصرفي" وهلم جرا.
ثالثًا: شرح المعاني المختلفة المتعددة للكلمة الواحدة, وينبغي للشرح أن يكون واضحًا وأن يتجنب قدر الطاقة الشرح بالمرادف فقط؛ لأن الترادف التامّ مشكوك في أمره لما أصبح معروفًا في دراسة أصول التعارف على وضع الرموز للمعاني من ضرورة استقلال المعنى الواحد بالرمز الواحد, فالكلمتان اللتان تعتبرهما مترادفتين لا يوجد بينهما في الواقع إلّا منطقة مشتركة من المعنى, ثم يستقل كلٌّ منهما بأقليمه الخاص خارج منطقة التداخل, فاختلاف ظلال المعنى بهذه الصورة مطعَن خطير في فكرة الترادف.
ومَنْ ذَا الذي يقول: إن السيف والمشرفي والحسام والهندواني والفرند كلها بمعنى واحد؟ لا شَكَّ أن كل اسم من أسماء السيف هنا يستقل بملحظ خاص، ومن ثَمَّ يحسن في الشرح أن يستوفي ذلك الشرح قدر الطاقة بأكثر من مجرد المرادف. كما ينبغي أن تستوفى استعمالات الكلمة لغويًّا وفنيًّا إذا كانت الكلمة قد دخلت الاستعمال الاصطلاحي, فإذا تعددت معانيها الفنية كما في كلمة "الفاعل" مثلًا، فهو في النحو اسم مرفوع, وفي علم الجريمة هو المجرم, وفي الفلسفة هو المؤثر, وهو ضد القابل، فيحسن في هذه الحالة أن يشير المعجم إلى فروع العلم التي تستخدم فيها الكلمة استخدامًا اصطلاحيًّا قبل البدء في شرح معناها الاصطلاحي؛ كأن يقال مثلًا:
ص329
الفاعل الذي يفعل, وفي النحو الاسم المرفوع الذي يسند إليه فعل متقدم مبنى للمعلوم، وفي الجريمة الذي الجناية, وفي الفلسفة المؤثر وهو ضد القابل إلخ.
ومما يرد على الخاطر في هذا الصدد أن الكتاب العرب المعاصرين يبدون الكثير من الإهمال عند اختيار مصطلحاتهم الفنية, فيختارون للتعبير الاصطلاحي كلمات لا تتصل بما أريد بها من معنى, وذلك كأن يريد الكاتب التعبير عن معنى الإحساس" فيسوق لذلك المعنى كلمة "الشعور", وهي كلمة لها معنًى فني آخر، أو حين يريد الكاتب أن يعبر عن فكرة فنية ما فيأتي للتعبير عنها بكلمة ذات استعمال عرفي عام, فليس لها استعمال سابق في الاصطلاح, وذلك كالتعبير عن فكرة "الطلاق" بكلمة "اليمين"، أو حين يريد الكاتب أن يعبّر عن معنى يوصل إليه لغة بصيغة صرفية معينة, فيستعمل للتعبير عن هذا المعنى صيغة أخرى ذات معنى يختلف تمامًا عن المعنى المقصود؛ كأن يريد التعبير عن معنى "محددة" أي: لها حد وتعريف تتعين به, فيستعمل لهذا المعنى كلمة "محدودة" غير عابئ, أو لعله غير فطن إلى هذه الكلمة الأخيرة معناها "قاصرة", أي: لا توصف بالعموم ولا بالشمول.
رابعًا: الاستشهاد على كل معنى من المعاني التي يوردها المعجم للكلمة؛ لأن شرح المعنى بدون استشهاد على الشرح لا يعطي فكرة واضحة عن طريقة استعمال الكلمة, أي: إن القيمة الحقيقية لهذا الاستشهاد تكمن في الكشف عن الطرق المختلفة التي يمكن بها أن تستعمل الكلمة في نطاق التركيب بعد أن عرف معناها المفرد؛ لأن مجرد الكشف عن هذا المعنى مهما تعددت المعاني المشروحة لا يمكن أن يرشد إلى طريقة الاستعمال في التراكيب المختلفة باختلاف الرتبة والتضام وغيرهما من القرائن. وينبغي للاستشهاد أن يختار اختيارًا حسنًا بحيث يمثل المعنى المقصود تمثيلًا أمينًا؛ سواء أكان هذا المعنى فنيًّا أم أدبيًّا جماليًّا أم عرفيًّا عامًّا. فإذا ذكر المعجم للكلمة معنى سوقيًّا كان الأفضل أن يكون الاستشهاد عليه من كلام السوقة, أما إذا كان المعنى المختار أدبيًّا جماليًّا فإن الشاهد ينبغي أن يؤخذ من النصوص الأدبية الجميلة.
ص330
خامسًا: أن يتوخَّى المعجم تحديد ضمائم الكلمة طبقًا للوجه الأول من وجهي فهمنا للتضام(1) وهو الذي أطلقنا عليه "التوارد", والوجه الآخر وهو "التلازم", وقد أشرنا إليهما في دراسة النظام النحوي.
وينبغي هنا أن يشير المعجم إلى تغيّر المعنى مع كل ضميمة تتوارد مع الكلمة أو تتلازم معها, فيقول في الحالة الأولى مثلًا: صاحب الدار مالكها, وصاحب رسول الله رفيقة, وصاحب الفضيلة المثقّف في الشريعة الإسلامية, وصاحب الجلالة الملك, وصاحب المعالي الوزير, وصاحبي صديقي, وهلم جرا. ذلك هو المراد بالتوارد الذي هو أحد وجهي التضام, ويقول في الحالة الثانية وهي حالة التلازم: رغب فيه طلبه, وعنه كرهه, وإليه استعانه, وهكذا. ومن قبيل التضام ما يساق من أمثلة التعبيرات المشكوكة مثل: يضرب أخماسًا في أسداس, ويلقي الحبل على الغارب, ويضع الأمور في نصابها, وغير ذلك من العبارات التي تنوسي فيها ما كان لها من المعنى البياني حتى أصبحت كالأمثال لا تحتمل التغيير, ومن هنا جاء وصفها "بالمسكوكة". وإنما ينبغي ذكر الضمائم هنا؛ لأن الاكتفاء بذكر الكلمة دون ضمائمها لا يصل بالمعجم إلى غايته المنشودة, ويضيف إلى ما في المعجم من عموم المعنى وتعدده واحتماله عنصرًا آخر سلبيًّا جديدًا خطيرًا هو "اللبس".
جـ- والذي لا أملّ من تكراره في هذا المقام أن المعنى المعجمي متعدد ومحتمل, وهذا هو وجه الشبه من جهة بينه وبين المعنى الوظيفي للعناصر التحليلية, ووجه الاختلاف من جهة أخرى بين هذين المعنيين والمعنى الدلالي للسياق. ومما أود أن أشير إليه ههنا أن المعجم ينتفع بنتائج المستويات التحليلية التي سبقت, وهي النظام الصوتي والنظام الصرفي والنظام النحوي, وهي النظم المسئولة عن تحديد المعنى الوظيفي, أي: إن المعنى المعجمي يستعين بالمعنى الوظيفي. وقد رأينا كيف توقعنا للمعجم أن يحدد طريقة النطق وطريقة الهجاء والمبنى الصرفي, كما يرتبط شرح المعنى المعجمي في تحديد ضمائم الكلمة وسوق شواهدها بضرورة إيراد بعض الإشارات النحوية.

ص331
وفيما يلي نصٌّ من القاموس المحيط للفيروز آبادي يمكن أن ننظر فيه لنرى مقدار وفائه بمطالب علم المعجم أو مقدار قصوره في هذا المضمار:
"ردح" البيت كمنع, وأردحه أدخل شقة في مؤخرة, أو تكاثف عليه الطين، والردحة -بالضم- سترة في مؤخرة البيت، أو قطعة تزاد في البيت. وكسحاب الثقيلة الأوراك، والجفنة العظيمة، والكتيبة الثقيلة الجرارة، والدوحة الواسعة، والجمل المثقل حملًا، والمخصب، ومن الكباش الضخم الإلية، ومن الفتن الثقيلة العظيمة, جمعه: ردح، ومنه قول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه: إن من ورائكم أمورًا متحاملة ردحًا, ويروى: والردح الوجع الخفيف، والردحي بالضم -بقال القرى, ولك عنه ردحة -بالضم- ومرتدح أي سعة".
وبعد فقد رأينا من هذا النص ما يأتي:
1- تعدد المعنى المعجمي لكلمة "ردح" إذ كان لها معنيان، وكان للردحة معنيان أيضًا، وللرداح ثمانية معانٍ مختلفة, وكل واحد من المعاني المتعددة للكلمة المفردة يظل محتملًا للقصد حتى ترد الكلمة في سياق فيكون لها معنًى واحد فقط.
2- رأينا كذلك كيف حدَّد القاموس طريقة نطق الكلمة بقوله: ردح كمنع, فما دمنا نعلم الحركات التي في كلمة "منع", وأنها ثلاث فتحات متوالية, فإن قوله: "كمنع" يصبح في قوة قوله: مفتوحة الأول والوسط والآخر.
3- أما من ناحية هجاء الكلمة: فقد لمحنا في كل مشتق من مشتقات هذه المادة كيف يكتب, ولكن غالبية المشتقات جاءت على القواعد الإملائية المحضة, فلم يكن فيها ما يدعو إلى النظر في طريقة هجائها, ولكن واحدة منها مثلًا هي "الردحي" قد اختلطت فيها قواعد الإملاء بالاعتبارات الصرفية
ص332
فأصبح هجاؤها وكتابة آخرها بالياء مما يطلبه بعض الناظرين في معناها, فجاءت صورتها الإملائية هنا عونًا لهذا البعض.
4- وحين قال القاموس: "ردح كمنع" أعطانا معلومات صرفية محدَّدة, فبيّن لنا باب الفعل الثلاثي الذي ينتمي إليه "ردح"؛ إذ لم تقتصر هذه المعلومات التي عرفناها من قوله: "كمنع" على صورة الماضي, وإنما دلت الكلمة أيضًا على حركة عين مضارعه, وأنها فتحة, فكأنه قال: ومضارعه "يردح" مفتوح العين.
5- أعطانا القاموس هنا صورة توضح لنا قيمة التضامّ في إيضاح المعنى وطريقة الاستعمال؛ إذ قال: "ولك عنه ردحة بالضم ومرتدح أي: سعة", ولو أنه قال: "والردحة السعة" لما أمكن لنا أن نعرف متى تكون كذلك, ولكان في قوله تعميم غير حميد لا يذهب بأثره إلّا إيراد الضمائم التي يكون هذا المعنى بها.
6- وربما أرجعنا قوله: "ويروى ردحًا" إلى محاولة إيفاء حق "وجهة النظر التاريخية" بإيراد الروايات المختلفة للكلمة، ولكن ذلك بأية صورة من صوره لا يمكن اعتباره من قبيل التطور الصرفي لشكل الكلمة etemology, وهو أمر تفتقر إليه معاجمنا العربية أشدّ الافتقار, كما تفتقر هذه المعاجم أيضًا إلى دراسة التطور الدلالي للكلمة الواحدة من عصر إلى عصر. وهذا الجانبان من "وجهة النظر التاريخية" المذكورة يستحقان عناية المجامع اللغوية والهيئات والأفراد لما يكمن وراءهما من الفائدة الكبيرة التي تعود على تاريخ حياة اللغة الفصحى.
7- ولقد رأينا في قول القاموس: "ومنه قول علي -رضي الله عنه: "إن من ورائكم أمورًا متماحلة ردحًا" مثلًا للاستشهاد على المعنى, وقد علمنا أن الاستشهاد يعين على معرفة طريقة الاستعمال في التراكيب.
ص333
ذلك هو المعجم، وتلك طبيعة منهجه وحدود ما يطلب منه. ولعل التعدد والاحتمال اللذين ذكرناهما للمعنى الوظيفي أولًا ثم للمعنى المعجمي ثانيًا يشيران إلى ضرورة عدم الاكتفاء بمعنى المقال مهما توافرت القرائن المقالية؛ لأن هذه القرائن "معنوية أو لفظية" لا تغني بأي حال عن القرائن الحالية التي نستمدها من المقام. والمقام وما يمكن أن يستمد منه من القرائن التي تعين على تحديد المعنى هو موضوع الفصل التالي تحت عنوان "الدلالة".
ص334

__________
(1) راجع معنى التضام في دراسة القرائن اللفظية في النظام النحوي.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



جامعة الكفيل تكرم الفائزين بأبحاث طلبة كلية الصيدلة وطب الأسنان
مشروع التكليف الشرعي بنسخته السادسة الورود الفاطمية... أضخم حفل لفتيات كربلاء
ضمن جناح جمعيّة العميد العلميّة والفكريّة المجمع العلمي يعرض إصداراته في معرض تونس الدولي للكتاب
جامعة الكفيل تعقد مؤتمرها الطلابي العلمي الرابع