المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



​الجمع بين روايتين حول اسلام علي (عليه السلام)  
  
2256   04:34 مساءً   التاريخ: 14-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 198-199.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

يمكن الجمع بين رواية النسائي الناطقة عن علي (عليه السلام): «آمنت قبل الناس سبع سنين»، وبين رواية الشنقيطي القائلة بأن علياً (عليه السلام) اسلم وهو «ابن ثلاث عشرة سنة» عبر ثلاثة احتمالات:

الاول: انه اسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فيكون عمره عندما اسلم بقية الناس عشرين سنة. أي بعد عشر سنوات من بدء الدعوة. ولا شك ان الدعوة الى الاسلام في مكة استمرت ثلاث عشرة سنة. وهذا الاحتمال ضعيف. ذلك انه لا يمكن ان تنحصر دعوة رسول الله (صلى الله عليه واله) بشخصين هما: خديجة (رض) وعلي (عليه السلام) خلال فترة طويلة نسبياً وهي عشر سنوات. اضف الى ذلك ان علياً (عليه السلام) قال: «آمنت قبل الناس سبع سنين». ولم يقل (اسلمتُ قبل الناس سبع سنين). نعم، قال في موضع آخر: «اسلمت قبل الناس». ولم يحدد الفترة الفاصلة بين اسلامه واسلام بقية الناس.

الثاني: انه (عليه السلام) اراد من قوله: آمنت قبل الناس سبع سنين، هو التكثير اللفظي للسنين، لا بمعنى عدد محدد من السنين. وهذا الوجه ضعيف ايضاً لان التكثير اللفظي يستدعي المبالغة في الفترة التي سبقت ايمانه او اسلامه عن بقية الناس. ولا وجه له.

الثالث: انه آمن بالتوحيد والعقيدة الابراهيمية عندما ضمه رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو ابن ست سنوات، فيكون اظهار اسلامه بعد سبع سنوات من ذلك التأريخ أي عندما كان ابن ثلاث عشرة سنة. ولا شك ان الايمان غير الاسلام. فقد كان علي (عليه السلام) مؤمناً بالله الواحد الاحد منذ نعومة اظفاره من خلال ما درسناه من تعليم رسول الله (صلى الله عليه واله) له في المرحلة الحساسة من عمره. وعندما بُعث رسول الله (صلى الله عليه واله) بالاسلام اعلن اسلامه ونطق بالشهادتين لفظاً وقلباً. خصوصاً خلال الدعوة السرية التي استمرت ثلاث سنوات.

ولا شك انه (عليه السلام) اول من صلى بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) وخديجة (رض) بعد البعثة. ولكن رسول الله (صلى الله عليه واله) كان يصلي لله سبحانه في غار حراء بتمجيده وحمده وذكره، وهذا لا يتنافى مع قوله (عليه السلام) انه صلى مستخفياً «قبل ان يصلي مع النبي (صلى الله عليه واله) احد، سبع سنين واشهر...». وهذا الوجه اقرب احتمالاً. ذلك لان الله عزّ وجل عندما أمر نبيه (صلى الله عليه واله) باظهار دينه بعد ثلاث سنين من مبعثه بالقول: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]، {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 214، 215] بدأ رسول الله (صلى الله عليه واله) بدعوة الناس للدين الجديد علناً. وبدأ الاسلام ينتشر بين الناس. فأقرب الآراء اذن ان علياً (عليه السلام) آمن بالله سبع سنين قبل ان يعلن اسلامه. آمن وهو في السادسة من عمره، واعلن اسلامه وهو في الثالثة عشرة من العمر.

ويقوي ما قلناه من ان هناك تمييزاً بين الايمان والاسلام في رواية الحضرمي التي ذكرت بأن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال لعلي (عليه السلام): «يا علي انت اول المؤمنين ايماناً، وانت اول المسلمين اسلاماً...». ووجه الدلالة ان علياً (عليه السلام) كان اول المؤمنين ايماناً بالله وبالعقيدة التوحيدية يوم كان اغلب الذين اسلموا لاحقاً يتعبدون بالوثنية آنذاك. وهو (عليه السلام) اول المسلمين اسلاماً يوم اعلن اسلامه بعد مجيء الوحي على رسول الله (صلى الله عليه واله)، فكان اولهم من حيث الاسبقية الى اعلان اسلامه. وقد فرّق القرآن المجيد بين الايمان والاسلام على لسان قول الاعراب: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] الا ان المشهور بين العلماء انه (عليه السلام) اسلم وهو ابن عشر سنوات.

وتذكر المصادر التأريخية المشهورة انه بعد اظهار علي (عليه السلام) اسلامه على الملأ بفترة لا نعرف مدتها بدقة، اسلم الناس. فاسلم زيد بن حارثة، وابو بكر، وعثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن ابي وقاص، وطلحة بن عبيد الله. وبعد هؤلاء اسلم عدد آخر من الافراد كأبي عبيدة بن الجراح، وابو سلمة، والارقم ابن ابي الارقم وغيرهم. وما كان (صلى الله عليه واله) يدعو أحداً من هؤلاء الى الاسلام الا كان عنده نظر وتردد وكبوة، أي تأخير وقلّة اجابة عدا علي (عليه السلام) الذي لمسنا مقدار يقينه برسالة محمد (صلى الله عليه واله). ثم دخل الناس في الاسلام أرسالاً من الرجال والنساء.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.