تأثير العواطف على المستثمر وأهم الخطوات للحد من تأثير العواطف في البورصة
المؤلف:
د. جيهان جمال
المصدر:
عالم البورصة (رؤية تحليلية تعليمية بسيطة)
الجزء والصفحة:
ص102 - 104
2025-12-09
18
ثانياً.. تأثير العواطف على المستثمر
تؤثر العواطف على قرارات المستثمر تأثيراً خطيراً تؤدي إلى السيطرة عليه ودفعه لاتخاذ قرارات خاطئة تسبب له خسائر مالية كبيرة، فقد تدفعه إلى الشراء في وقت خطأ، أو تدفعه للبيع في وقت الاحتفاظ، أو تدفعه للاحتفاظ والتمسك بأسهمه في وقت البيع. ومن أهم التأثيرات السلبية للعواطف على المستثمر والتي تتكرر بصورة دورية دائمة بالسوق ويجب الحذر منها هي تلك الحالة التي تؤثر على المستثمر عندما يكون هناك حالة هبوط بالسوق، فهذه الحالة من أخطر الحالات خطورة على المستثمر ويكون هنا السؤال الهام الذي يفرض نفسه على ساحة النقاش هنا هو.. لماذا أحياناً لا تنتظر على سهمك عند هبوط السوق؟ لماذا لم تبيع سهمك عند وصوله إلى نقطة وقف الخسارة التي حددتها لنفسك قبل الدخول؟ لماذا انتظرت هبوطاً أكثر ثم قررت بيع أسهمك فجأة بسعر رخيص؟ وعندما سألت مجموعة من المستثمرين عن سبب هذا التصرف المفاجئ الذي قد يأتي منهم بدون أية مقدمات أو مؤشرات تدل على انهيار السوق.. وجدت أن ردودهم تباينت حول وقوعهم تحت تأثير حالة من الفزع والارتباك دفعت بهم إلى هذا السلوك، هذه الحالة أدت بهم إلى التسابق على البيع، ورمي أسهمهم بأي سعر، هذه الحالة كانت السبب في تأكيد خسارتهم، فلنقرأ سوياً ماذا أثر عليهم:
"الحق السوق بيقة .. إجري بسرعة بيع". "الحق بيقولوا في منتدى كذا.. إن فلان إبن خالته واحد واصل أوي قـال لنا السوق هيقع " "الحق شركة كذا بتسوي مديونية عملائها وحالفة توقع السوق .. إجري" . "المحلل العبقري الفذ في شركة كذا طلع التحليل بتاعه إمبارح بالليل. وبعته على لكبار العملاء. وقال لهم أخرجوا الصبح .. أخرج ياعم بسرعة .. دي هتبقي ضلمة " "بيقولوا في الجروب إن السهم خلاص إنتهى. والجيم أوفر" . "واحد كبير اوي واصل في شركة كذا قال إن فيه خبر لسه هينزل إن الشركة خسرانة، يا عم بسرعة قبل الخبر ما يوصل لكل الناس".
وغيره من الأقاويل الكثيرة المتداولة، ويبدأ مسلسل "هي" بيع الأسهم. أتدري ماذا حدث لك؟
لقد وقعت فريسة المجموعة من ذئاب البورصة، دخلت في الفخ ورميت أسهمك، ورمي معك الكثير، وعلى الفور ستجد أن هناك على الأبواب فريقاً من الذئاب واقف ومستعد ومتأهب تماماً لاقتناص أسهمك فوراً، فلقد أفلت منك الزمام، وكان غيرك متربص بك لأنه أمهر منك ولأنه أعد لك "الفخ" الذي وقعت فيه. هذا ما حدث، ولكن هذا خطأ، هنا يجب أن نقف مع أنفسنا ونبدأ بالتصالح معها حتى نواجه هذه المشاعر السلبية.
ثالثاً.. أهم الخطوات للحد من تأثير العواطف
هناك خطوات تساعد على الحد من تأثير العاطفة علينا، دعونا نناقشها سوياً ...
وضع خطة واضحة المعالم لهدفك من الاستثمار
ضع خطة أو إستراتيجية محددة لعملك، وضح بها أهدافك الاستثمارية بشكل بسيط وواضح، واجعل هذه الخطة هي مستشارك المالي، وراجع قراراتك مع خطتك لترى إن كانت هذه القرارات تتفق مع سياستك التي رسمتها وخططتها ومع أهدافك التي حددتها عند دخولك عالم البورصة، ثم ارجع في آخر اليوم ومعك تقريرك اليومي لتقيم أدائك وتقارن ما فعلته ونفذته مع ما خططته.
وراجع كل عملية قمت بها لترى إن كانت تتفق مع أهدافك الاستثمارية أم لا، وتعرف في أي الخطوات لم يحالفك الصواب وأي من الخطوات كانت ضمن خطتك الموضوعة مسبقاً وحالفك الحظ فيها، واصنع بنفسك قائمة لأخطائك حتى تتجنب تكرارها وقائمة أخرى بنجاحاتك، وحدد نسب الفشل والنجاح في هذا اليوم.
حاول أن يكون هناك فترات هدوء لنشاطك
فليس مطلوب منك دائماً التواجد أمام الشاشة واتخاذ القرارات حاول أن تنتظر فترة (جلسة أو جلستين) قبل اتخاذ قرار حاسم مغاير لخطتك وأهدافها، حاول أن تنام أو تسترخي، فعلمياً القدرة على التفكير السليم واتخاذ قرارات جيدة يكون حدوثه أكبر بعد فترة من النوم العميق واسترخاء للذهن.
وأخيراً.. حاول دائماً أن لا تحزن
فلا يسلبك الله شيئاً إلا عوضك خيراً منه، فهو الرزاق الكريم، وعنده رزق العباد وقد تكفل بـه سبحانه، فلا تحزن .. {وفي السماء رزقكم وما توعدون}.
الخلاصة .. في النهاية لا تستهين أبدا بالعاطفة في البورصة، وتذكر أن لها تأثير قوي حاد عندما يتعلق الأمر بأموالك، فاحذر جيداً وانتبه ولا تدعها تجرفك بعيداً عن خطة قوية محكمة تضعها لاستثماراتك، راقبها ورشدها ولا تجعلها تكون الوسيلة التي تحجب التفكير المنطقي وتجعل هناك حالة من القلق والخوف واللهفة على التنفيذ. لا تتعاطف وتكون ضحية للذئاب حاول أن تكون من القناصة مرة وتصطاد الغنيمة قبلهم أنت درست جيداً، وتابعت السهم وحركته جيداً، وحددت مستهدفك جيداً، وكسبت.. فلماذا أنت قلق؟ لا يوجد دائماً في البورصة ذلك الإنسان الذي يشتري دائماً وأبداً بأقل سعر للسهم أو يبيع أيضاً دائماً وأبداً بأعلى سعر، فلماذا تريد أن تكونه وهو أصلاً غير موجود دائماً، قد يحالفك الحظ وتكونه مرة أو مرتين أو أكثر، لكن ليس دائماً وأبداً.. إذن لماذا القلق؟ أنت فعلت أحسن ما يمكنك أن تفعله، وليس مطلوباً منك أكثر من ذلك، كل ما هو مطلوب منك وبصورة ملحة ألا تدع هذا الشعور يتملكك يوماً، لا تدع القلق يدخل حياتك وأنت تتاجر في عالم البورصة ولا تفتح له باباً. وتذكر دائماً أن تفعل كما قال الكاتب الأمريكي الرائع ديل كارنيجي (1): (كلما استهواني القلق على شيء لا أستطيع تغييره، أهز كتفاي وأقول أنساه". ويقول: إن هناك18 كلمة؛ كلمات يجب علينا أن نلصقها على مرآة الحمام في بيوتنا حتى نستطيع - كلما غسلنا وجوهنا - أن تغسل أيضاً عقولنا من القلق)، وهي كلمات من تأليف الدكتور "رينولد نايبور": (الله وهبني السكينة كي أقبل بما لا أستطيع تغييره، والشجاعة لتغيير ما أستطيع، والحكمة لتمييز الفرق بين الاثنين).
ومن ملأ قلبه بالرضا بما حدث له ملا الله صدره غنى وقناعة، فلا تسخط على ما حدث، فقد حدث، تعلم من الخطأ ولا تكرره، ما لا يكسرك يقويك، وتعلم أن تكون راضياً، فالرضا يفرغ القلب لله، والسخط يُفرغ القلب من الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- کتاب دع القلق وابدأ الحياة - ديل كارنيجي – ص169.
الاكثر قراءة في السياسات و الاسواق المالية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة