أهـم العواطـف التي تحكـم المستثـمر في البورصـة 2
المؤلف:
د. جيهان جمال
المصدر:
عالم البورصة (رؤية تحليلية تعليمية بسيطة)
الجزء والصفحة:
ص99 - 102
2025-12-09
18
الخوف
يعتبر هو العاطفة التي تقود أغلب المستثمرين دائماً في عالم البورصة، إنه الخوف من فقدان المال والخسارة، الخوف من فقدان فرصة ربح ، الخوف من هبوط السوق وأنت تحتفظ بالسهم، هذا الخوف يجعل قراراتك خاطئة ولا يمكنك من تقييم الموقف تقييماً صحيحاً، ويمنعك من التفكير الصحيح في تأثير قرار الشراء أو البيع على حالة محفظتك. فالخوف شعور طبيعي في الإنسان، نابع من حاجته للمال وإحساسه بحجم المشاكل التي يعاني منها بسبب قلة هذا المال ولكن عندما يصل هذا الشعور الطبيعي أن يسبب لنا أموراً غير طبيعية، ويدفعنا لأخذ قرارات خاطئة أو عدم أخذ قرارات في وقت هام، يجب هنا أن أقف مع نفسي لأواجه هذا الشعور بداخلي، ألست معي أن هذا الموضوع لا يستحق منك كل هذا الخوف والقلق؟ فالحزن على ضياع مال ليس بالأمر الكبير، فلماذا تخاف إذن؟ فأنت لديك نعمة الحياة والصحة والسمع والبصر واليدين والرجلين هل يمكن أن توافق على استبدال إحدى هذه النعم الحقيقية بملايين الجنيهات؟! لا يمكن لمخلوق كان أن يفعل هذا، أليست هذه النعم بأفضل عندك مما فاتك وخسرته من مال؟ لا تحزن وتخاف وتقلق، ستعوض كل ما فاتك، فهي مجرد نقود، يمكنها أن تأتي مرة أخرى، نقود
أنت كسبتها، وأنت خسرتها، وستستردها وتعوضها، حاول أن تدرب نفسك دائماً على مواجهة هذه المشاعر السلبية وهذا الخوف والقلق، لأنك لو لم تتدرب على مواجهة هذا الشعور القاتل فسوف يقتلك، سوف يؤدي بك إلى مشاكل وأمراض أنت في غنى عنها، ولقد قال الدكتور أليكس كاريل" وهو الطبيب الحائز على جائزة نوبل في الطب (إن رجال الأعمال الذين لا يعرفون مجابهة القلق، يموتون باكراً).
الطمع
تعتبر عاطفة الطمع من العواطف المؤثرة في عالم البورصة، حيث تنتاب المستثمر الرغبة العارمة في تحقيق مكاسب عالية سريعة مما يؤثر على جميع قراراته، فنجده لا يبيع عندما يرتفع السعر أمامه ويحقق المستهدف من سهمه لأنه يطمع في المزيد، ولا يشتري لأنه يطمع في مزيد من الهبوط للسهم، وتتغلب عليه هذه العاطفة وتنسيه ما قالته له مؤشرات التحليل الفني أو المالي أو غيره، وأنا أعتقد أن هذا الشعور سببه الرئيسي هو عدم توافر الثقافة اللازمة للمستثمرين في بلدنا، فما زالت الرغبة الجامحة في تحقيق أرباح وثروة من البورصة بدون دراسة أو تطبيق هي المحرك الأساسي لدخولهم إلى هذا العالم، وما زالت رغبة العديد منهم هي الدخول في "جيهات" وشراء أسهم أياً كانت نوعيتها للحصول فوراً على مكاسب سريعة والخروج، ولكن ما يحدث لمعظمهم أنهم لا يخرجون (ويظلوا محبوسين) حتى إشعار آخر من صاحب "الجيم" ، لا تطمع فتخسر ما كسبته، حاول أن ترضى بما كسبته، ولا تحول أرباحك لخسائر أبداً، حاول أن تعرف أنه لا يمكن أن تعطيك السوق كل يوم، فارضى بما وجدته أمامك على الشاشة، وضع حداً لطمعك، فالطمع آفة يجب أن تُروضها بداخلك حتى لا تأكلك، وحتى تصل إلى الحد الذي تقول فيه لنفسك: كفى .. إن هذا وقت التوقف، وتتوقف فعلاً. وأعرف زميلاً لي من أمهر من قابلتهم في عالم البورصة وأقواهم ذكاءً وأكثرهم مداومة على العمل وكان يضارب بشراسة ويكسب جيداً، فسألته عن الرقم الذي يمثل هدفه المالي من البورصة وكان ذلك في منتصف التسعينيات، فأجابني: "أنا أريد أن أحقق عشرة ملايين جنيه .. أعتقد بعدها سأتوقف عن العمل وأعتزل البورصة"، ومرت بنا السنوات ولم يحدث أن اعتزل البورصة أو توقف عن العمل، كل ما حدث أن الرقم القديم الخاص بهدفه هو الذي توقف ولم يصبح له معنى بالنسبة للجديد، فلقد زاد أصفاراً جديدة! كل ما أقوله.. شفا الله زميلي وعافاه.
عدم الرضا
هذه الظاهرة لم أقرأها فيما كتب عن البورصة من قبل ولم أجد من تناولها بالتحليل، ولكنني خلال متابعتي وملاحظاتي وتعاملي مع الأفراد والشركات في البورصة خلال فترة إعداد هذا الكتاب لما يدور بعالم البورصة وجدت أن هذه العاطفة ملازمة بصفة دائمة للمستثمر، ولذا فإنني أتعرض لها هنا بالتحليل، وهي ظاهرة "عدم الرضا " فالمستثمر دائماً غير راضي تمام الرضا عن نتائج متاجرته، ومهما وصل من احترافية في العمل فهو غير راضي، يشعر أن هناك المزيد الذي كان يجب عليه أدائه خلال الجلسة، فنجده في المواقف التالية:
- لو قرر البيع بعد دراسة المؤشرات الفنية واقتناعه بقرار البيع وحدد مستهدف بيعه عند 100 جنيه مثلاً، ووصل السهم إلى سعر 100 جنيه وباع المستثمر، ولكن واصل السهم الارتفاع إلى 110 ثم 130 ثم 150، ما هو شعوره؟ تجده هنا ينتابه شعور بعدم الرضا والندم على أنه باع هذه الكمية من السهم ويصيبه أحياناً الحزن البالغ إن كان قد خرج من السهم بكامل كميته ونزلت أخبار أو شائعة على السهم كانت وراء هذا الارتفاع، فشعوره بعدم الرضا يغلب على إحساسه بأنه كسب بناء على ما حلله فنياً، ولكن هيهات أن يفرح بالمكسب والسعر قد وصل إلى 150 جنيه.
- لو قرر الشراء، وحدد المستهدف عند 100 جنيه مثلاً، ووصل السهم إلى 100 واشترى، ولكن السهم واصل الانخفاض إلى 90 ثم 80 ثم 70، نجد هنا المستثمر أصابه أيضاً الندم وعدم الرضا عن هذا الأداء؛ فلماذا لم ينتظر حتى يشتري بـ 70جنيه، وينتابه الحزن والغضب على ما فعله، و على أداؤه الذي أفقده هذا المبلغ . أي أنه لو باع وكسب ولكن زاد سعر سهمه كان غير راضي عن البيع رغم مكاسبه، ولو اشترى ولكن هبط سعر سهمه كان غير راضي لأنه كان يمكن أن يشتري السهم بسعر أفضل، حتى لو صعد السهم بعد ذلك فهو أيضاً غير راضي هذه الصفة تلازم المستثمر دائماً، ولا يدري أنها من أخطر الصفات السيئة التي يمكن أن تؤدي للعديد من المشاكل النفسية التي تنتابه وتترتب عليها العديد من المشاكل الصحية كأمراض المعدة والقولون والصداع. لماذا لا تحسبها جيداً مع نفسك؟ لقد بعت أو اشتريت وكسبت أو في انتظار المكسب أو تعويض الخسارة، وأصبح ما حدث بعد ذلك سواء صعد السعر بعد بيعك أو هبط بعد شرائك حدثاً في الماضي، لماذا تفكر فيه؟ لقد أصبح ماضياً ولن تستطيع أن تغيره، وقيل أن الذي يعود للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلاً، وكالذي ينشر نشارة الخشب، وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي "الا تخرج الأموات من قبورهم". حاول أن ترضى بما حدث، حاول أن تقنع بما قسم لك، وكفى تمرداً وعصياناً ورفضاً لما فعلته، صالح نفسك واهدأ قليلاً.
الاكثر قراءة في السياسات و الاسواق المالية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة