الطرق الحديثة
المؤلف:
د. محمد خميس الزوكة
المصدر:
جغرافية النقل
الجزء والصفحة:
ص 116 ـ 118
2025-11-01
38
ليس من شك في أن الثورة الصناعية التي حدثت في قارة أوربا خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر تمثل نقطة تحول تاريخية في عملية النقل بالطرق اذ نتج عنها تطور فى هندسة بناء الطريق وتطور مماثل في صناعة السيارة واستخدامها في النقل ، فقبل هذه الثورة كانت أهم الطرق البرية في معظم جهات العالم هي نفسها الطرق القديمة التي تدهورت حالتها نتيجة لان معدلات النقل عليها كانت تفوق مستوى عمليات الصيانة والاصلاح مما أدى الى تلف مسافات طويلة منها نتيجة لتحطم السطوح الخارجية لأجزاء منها ، وبالتالي كثرة الحفر بها مما قلل من كفاءتها ، كما أصبحت مواصفات مثل هذه الطرق لا تتناسب ومتطلبات العديد من وسائل النقل البري التي بدأ الانسان يدخل عليها بعض التحسينات ، لذا الانسان في بعض الاقاليم حيث الكثافة الكبيرة المركة النقل على الطرق وخاصة في أوربا وبالتحديد فى بريطانيا وفرنسا الى رفع كفاءة الطرق عن طريق تغطية سطوحها بالواح خشبية مما يقلل من الاحتكاك بين سطح الطرق وعجل العربات المستخدمة في النقل ، وهذا ساعد بدوره على زيادة الحمولة المنقولة ، كما حدث في بريطانيا بهدف تسهيل عملية نقل رواسب الفحم من مناطق الحقول الى أسواق التصريف ، وعرفت هذه الطرق باسم الطرق الخشبية الا أن من أهم عيوبها نذكر ما يلي :
ـ تأكل الالواح الخشبية فى نطاق مسار عجل العربات وأيضا في الجزء الأوسط منها بفعل اقدام الخيول ، ولم تحل هذه المشكلة حتى بعد تغطية هذه الطرق بطبقة من الرمال للتقليل من تأكلها.
ـ عدم ثبات الالواح الخشبية في مواضعها بحكم الحركة المستمرة عليها ، لذا فكر في تثبيتها بقطع خشبية مستعرضة عليها تماما كوضع فلنكات السكك الحديدية الحالية وفى مرحلة تالية فكر في تغطية سطوح الطرق بطبقة حديدية ترفع كفاءتها ولزيادة قدرتها على تحمل حجم حركة النقل عليها ، ونقذ ذلك بالفعل فى بريطانيا ولكن لفترة قصيرة اذ سرعان ما تأكل السطح الحديدي للطرق وخاصة فى نطاق مسار العجلات عند الاطراف وأيضا في نطاقها الأوسط ، لذا تولدت فكرة القضبان الحديدية السميكة التي يسير فوقها عجل عربات النقل ، ومعنى ذلك أنه من الناحية التاريخية كانت العربات التي تجرها الخيول اسبق فى استخدام القضبان الحديدية من القاطرات البخارية التي بدأت تجاريا عام 1825.
وببدء الثورة الصناعية في النصف الثانى من القرن الثامن عشر حدث في مجال النقل البري تطور تاريخى لكل من الطريق ووسيلة النقل الخدمة عمليات النقل والاتصال التي تطلبتها عمليات التصنيع والتجارة الدولية اذ ازدادت الحاجة الى الاتصال السريع بين أقاليم المواد الخام والاقاليم الصناعية من ناحية ، وبين حقول الفحم ومناجم الحديد من ناحية أخرى سواء على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى الدول المتجاورة ، وليس من شك في أن التطور الحديث للنقل البري قد ارتبط بعنصري الطريق ووسيلة النقل.
وبالنسبة لعنصر الطريق تذكر أن الطرق البرية القديمة التي كانت صالحة لعمليات النقل التي ترتكز أساسا على العربات التي تجرها الخيول لم تعد مواصفاتها صالحة للنقل الميكانيكي وخاصة بعد اختراع آلة الاحتراق الداخلي وتزايد الحمولات المنقولة وتعدد الرحلات، وينسب فضل تطور صناعة الطريق المعبد الى بريطانيا حيث نجح تلفورد وبعده ماك أدم في تثبيت سطوح الطرق كل بطريقته الخاصة بهدف رفع كفاءتها وزيادة قدرتها على تحمل النقل الثقيل.
وتتلخص طريقة تلفورد Telford لتجهيز الطرق البرية ورصفها فيما إعداد أساس لمسار الطريق بعد تجهيز سطح الارض وتطهيره حيث يتألف من قطع حجرية صلبة كبيرة الحجم تغطى بطبقة من قطع حجرية اصغر حجما بحيث تستطيع أن تشغل وتتخلل الفراغات التي توجد بين القطع الحجرية الأصلب التي ترتكز عليها ، مع ضرورة دك هذا الاساس بقوة يراعى أن تكون طبقة الاساس المشار اليها ذات سمك كبير في النطاق الأوسط من الطريق، بينما يقل السمك بالاتجاه صوب الاطراف ، مما يعنى أن يكون القطاع العرضي للطريق محدبا يحفر على جانبى الطريق قناتان بعمق مناسب لتنصرف اليهما مياه الامطار الساقطة على الطريق واستخدم تلفورد وهو اسكتلندي هذه الطريقة التي ابتكرها في وصف (1440 كم 900 ميلا) من الطرق في اسكتلندا خلال ثماني عشر سنة.
الاكثر قراءة في جغرافية النقل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة