جاء في كتابِ (أخلاقِ الإمامِ عليٍّ عليهِ السلام)
للسيد مُحمد صادق مُحمد رضا الخِرسان
قالَ أميرُ المؤمنينَ -عليهِ السَّلام-:
(طُوبى لـِمَن ذكرَ المَعَادَ، وعَمِلَ للحِسابِ، وقَنِعَ بالكفافِ، ورَضِيَ عَنِ اللهِ)
ضمانةٌ أكيدةٌ بالحصولِ على (كلِّ مستطابٍّ في الجنةِ مِن بقاءٍ بلا فناءٍ وعزٍّ بلا زوالٍ وغنىً بلا فَقرٍ) وهو ما يسعى إليهِ المؤمنُ بلْ العاقلُ عموماً؛ لأنَّهُ هو الشيءُ الوحيدُ المُنتظَرُ بعدَ رِحلةِ العناءِ والتّعبِ الدّنيويّ.
وهذا الضمانُ يتوفّرُ لِمَن توفّرَتْ فيهِ المميزاتُ الآتيةُ:
الأُولى : أنْ يعرفَ دائماً أنّهُ سيُحاسَبُ على أعمالِهِ وأقوالِهِ في يومِ القيامةِ، وأنّ ذلكَ حتميٌّ لا مفرَ منهُ ولا يمكنُ التزويرَ في الحقائقِ؛ لأنَّ المعلوماتِ موثّقةٌ بما يُدينُ المسيءَ ويُثبتُ الحقَ لـِمُسْتَحِقِّهِ ، فإذا تذكّرَ الإنسانُ دائماً أنَّ اللهَ تعالى أوجدَهُ مِنَ العدمِ وخلقَهُ في هذهِ الدّنيا وسوفَ يُعيدُهُ بعدَ الموتِ حيّاً ليُحاسِبَهُ ويجزيَهُ ليكونَ ذلكَ بمقتضى العدلِ الإلهيّ، كلُّ ذلكَ كفيلٌ بأنْ يُخفِّفَ مِن غَلوائِهِ وجَشَعِهِ وتكالُبِهِ على الدّنيا وجمعِها والإساءةِ فيها، وعندَ ذلكَ يُؤمّنُ لنفسِهِ مَقرّاً في الجّنةِ بإذنِ اللهِ تعالى.
الثانيةُ: أنْ تكونَ أعمالُهُ في الدّنيا، وما يفعلُهُ، وما يقومُ بهِ إنّما يساعدُهُ على تجاوزِ محنةِ الحسابِ، ويُخففُ عنهُ ثِقلَ الحسابِ، ويهوّنُ عليهِ الحسابَ.
إذنْ فالاهتمامُ بالدرجةِ الأولى فيما يمارسُهُ الإنسانُ مِن أعمالٍ وما يصدرُ مِنهُ إنّما هُوَ الحسابُ؛ لأنّهُ يعني الاخضاعَ للمُساءَلةِ الدّقيقةِ والعَسيرةِ –أحياناً– وهذا وحدَهُ كافٍ في الاهتمامِ بالحسابِ؛ لأنَّ المُحاسِبَ المُدقِّقَ هُوَ اللهُ تعالى المُطّلعُ على السّرائرِ الذي لا تُخفى عليهِ خافيةٌ، الذي هو أقربُ إلى عبدِهِ مِن حَبلِ الوريدِ؛ فهو يعلمُ خطراتِ قلبِهِ وما ينوي القيامَ بهِ قبلَ المباشرةِ. مما يُشكّلُ طَوقاً مُحْكماً على أفعالِ الإنسانِ وتصرفاتِهِ فلا يخرجُ بها عنِ الحدودِ المسموحِ بها شرعيّاً.