طالما سمعنا عن علماء الاجتماع قولهم: ((إن القلق مطّرد مع زيادة تعقيد الحياة وتضاعف حاجاتها)). وكما يبدو أن هذه الحقيقة لا نقاش فيها خصوصا بعد أن توغلت الماديات في جميع مفاصل الحياة ومن أظهرها إتاحة التقنية الحديثة القدرة على تواصل الأفراد مع (أي شيء)وفي (أي مكان) من العالم.
فأصبحت هذه التقنية من أعظم مصادر القلق بالنسبة إليهم، فبمجرد شحن رصيد الجوال للاشتراك بخدمة الاتصال أو الانترنيت يدب القلق ـ في روع المستخدم ـ ويرتاب من حلول وقت نفاد رصيده، فنفاده يعني الانقطاع عن العالم أجمع!
وهذا التعلق المسبب للقلق ليس مذموما بحد نفسه، ما لم يتحكم بالفرد ويطغى على نقاء روحه، فيغفل عن أمر يسترعي أيضا الانتباه والقلق والارتياب، وهو نفاد رصيده من الحياة نفسها!
فهل منا من يساوره القلق حين تمر عليه الليالي والأيام؟
من منا يرتاب حين تنصرم عن عمره سنة ويستقبل أخرى؟
وهل يبعث ذلك فينا مراجعة ما أحدثناه على صفحات سجلنا؟
هل نستشعر أن أنفاسنا هي بمثابة (السنتات) حين نزفرها ينقص رصيدنا من الحياة بمقدارها؟
وهل يداخلنا الوجل حين يطرق أسماعنا قول سيد الخلق: (لا يزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه...)؟
فما علينا ـ والحال هذا ـ إلا تعبئة رصيدنا من الحياة بالقيم الفاضلة وحسن الخلق والتمسك بالمبادئ الحقة...
فندفع بذلك قلقنا من نفاد رصيدنا (الحياتي)!
السيد ليث الموسوي