ثِـــــــمَارُ الأَسفَـــــــــار
جاءَ في كتابِ (عقائدِ الإماميةِ) للعلامّةِ الشيخ مُحمّد رضا المُظفَّر
..ونعتَقِدُ: أنَّ الأنبياءَ معصومونَ قاطِبَةً، وكذلكَ الأئمّةَ عليهُم جميعاً التحيّاتُ الزاكياتُ، وخالَفَنا في ذلكَ بعضُ المسلمينَ، فلَمْ يُوجِبوا العِصمَةَ في الأنبياءِ، فَضلاً عَنِ الأئمّةِ.
والعِصمَةُ: هيَ التَّنزُّهُ عَنِ الذُّنوبِ والمعاصي صَغائرُها وكبائِرُها، وعَنِ الخطأِ والنسيانِ، وإنْ لم يمتَنعْ عَقلاً على النَّبيِّ أنْ يصدُرَ مِنهُ ذلكَ، بَل يجِبُ أنْ يكونَ مُنَزَّهاً حتى عَمّا يُنافي المروءَةَ، كالتَّبَذُّلِ بينَ النّاسِ مِن أكلٍ في الطَّريقِ أو ضَحِكٍ عَالٍ، وكُلِّ عَمَلٍ يُستَهجَنُ فِعلُهُ عندَ العُرفِ العَام.
والدليلُ على وجوبِ العِصمَةِ؛ أنَّهُ لو جازَ أنْ يفعَلَ النّبيُّ المعصِيَةَ، أو يخطَأُ وينسَى، وصدرَ مِنهُ شيءٌ مِن هذا القَبيلِ، فإمَّا أنْ يجِبُ اتّباعُهُ في فِعلِهِ الصادِرِ مِنهُ عِصياناً أو خَطَأً أو لا يجِبُ، فإنْ وَجَبَ اتّباعُهُ فقد جَوَّزنا فِعلَ المعاصي برُخصَةٍ مِنَ اللِه تعالى، بَل أوجَبنا ذلكَ، وهذا باطِلٌ بضَرورَةِ الدّينِ والعَقلِ.
وإنْ لمْ يَجِبِ اتّباعُهُ فذلكَ يُنافي النّبوَّةَ التي لا بُدَّ أنْ تقتَرِنَ بوجوبِ الطّاعَةِ أبداً.
على أنَّ كُلَّ شيءٍ يقَعُ منهُ مِن فِعلٍ أو قولٍ فنحنُ نحتَمِلُ فيهِ المعصيَةَ أو الخَطأَ، فلا يجِبُ اتّباعُهُ في شيءٍ مِنَ الأشياءِ، فتذهَبُ فائدةُ البِعثَةِ، بَل يُصبِحُ النّبيُّ كسائرِ النّاسِ، ليسَ لكلامِهِم ولا لِعَمَلِهِم تلكَ القيمَةُ العاليةُ التي يُعتَمَدُ عَليها دَائماً، كما لا تبقى طاعَةٌ حتميّةٌ لأوامرِهِ، ولا ثِقَةٌ مُطلَقَةٌ بأقوالِهِ وأفعالِهِ.
وهذا الدليلُ على العِصمَةِ يَجرِي عَيناً في الإمامِ؛ لأنَّ المفروضَ فيهِ أنَّهُ منصوبٌ مِنَ اللهِ –تعالى-لهدايةِ البَشَرِ خليفةً للنَّبيِّ، على ما سيأتي في فَصلِ الإمامَةِ.