بقلم:السيد غيث شبر
في محمية يلستون الطبيعية تصحرت الأرض بعد انقطاع مياه نهرها، مما هدد كل الحيوانات التي تقطن هناك بالموت، كيف حصل ولماذا؟ بعد البحث والتقصي تبين أن السبب هو أن البشر قبل 90عاما قتلوا الذئاب التي كانت تعيش في هذه المنطقة! نعم موت الذئاب جفف النهر! فقد تكاثرت الحيوانات الآكلة للعشب كالغزلان والظبيان وبقر الوحش والثيران بشكل غير مسبوق فالتهمت النباتات التي حافظت على قوة التربة بشكل غير مسبوق، ثم بعد سنين انهارت التربة وانقطع النهر تدريجيا، فتبين أن بقاء تلك الغزلان ببقاء الذئاب !
نعم هذا ما نعرفه عن السلاسل الطبيعية والتي تجعل العالم المليء بالتنوع مكتفيا بحلقته متكيفا بأجناسه، فالصراع هو السبب الوجيه للفناء ولكن التنوع والإختلاف في هذا العالم الذي نعيشه لا يقتصر على الموجودات المحسوسة، بل يتعداه إلى كل شيء من فكر ومبادئ وقيم، وكما جرى الصراع بين ما خلق الله من مخلوقاته ومصنوعاته لأنها تنوعت، جرى الصراع بين أفكارنا نحن البشر ومبادئنا وقيمنا المتناثرة، والمائز بين القسمين أن الأول كله ضمن الطبيعة التي خلقها الله وأودعها نظاما كاملا محكما، أما صراعاتنا نحن البشر فلم تكن كذلك، بل هي تجري بخطة عمياء لأننا لا نجيد التخطيط للبقاء!
فهذه الأفكار المتنوعة عندنا نحن بني البشر متعددة المصادر، متعددة المدارك، متعددة المناشئ، بل الكثير منها بدافع الرغبة والتشهي ومرض القلوب، فلا تجلب إلا الوبال على الجميع. وهنا ينبغي أن ندرك حقيقة مهمة وهي أن الأفكار والقيم والمبادئ التي مصدرها خالق الطبيعة وإن تنوعت واختلفت -كاختلاف المجتهدين في الفتاوى مثلا- لن تجلب إلا الخير وإن كان الظاهر منها الفرقة وعدم التوافق، أما أفكارنا نحن البشر فلعلها ليست إلا البنادق التي قتلت ذئاب يلستون!