جاءَ في كتابِ (عقائدِ الإماميةِ) للعلامّةِ الشيخ مُحمّد رضا المُظفَّر
عقيدَتُنا في القُرآنِ الكريمِ
نعتَقِدُ: أنَّ القُرآنَ هُوَ الوَحيُ الإلهيُّ المُنزَّلُ مِنَ اللِه تعالى على لسانِ نبيّهِ الأكرَمِ فيهِ تبيانُ كُلِّ شيءٍ، وَهُوَ مُعجِزَتُهُ الخالدِةُ التي أعجَزَتِ البَشَرَ عَن مُجاراتِها في البلاغَةِ والفصاحَةِ، وفيما احتوى مِن حقائِقَ ومَعارِفَ عاليةٍ، لا يَعتريه التبديلُ والتغييرُ والتحريفُ.
وهذا الذي بينَ أيدِينا نتلوهُ هُوَ نفسُ القُرآنِ المُنزَّلِ على النَّبيِّ، ومَن ادَّعى فيهِ غيرَ ذلكَ فهوَ مُختَرِقٌ أو مُغالِطٌ أو مُشتَبِهٌ، وكُلُّهُم على غيرِ هُدىً؛ فإنَّهُ كلامُ اللهِ الذي { لا يَأْتِيهِ البَاْطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} ومِنْ دلائلِ إعجازِهِ: أنَّهُ كُلَّما تقَدَّمَ الزمَنُ، وتقدَّمَتِ العُلومُ والفُنونُ، فهوَ باقٍ على طراوَتِهِ وحَلاوَتِهِ، وعلى سُموِّ مقاصِدِهِ وأفكارِهِ، ولا يظهَرُ فيهِ خطأٌ في نظريّةٍ عِلميّةٍ ثابتَةٍ، ولا يتحَمَّلُ نقضُ حقيقةٍ فلسفيّةٍ يقينيّةٍ، على العَكسِ مِن كُتُبِ العُلماءِ وأعاظِمِ الفلاسِفَةِ، مَهما بَلغوا في منزلَتِهِمُ العِلميّةِ ومَراتِبِهِم الفكريّةِ؛ فإنَّهُ يبدو بعضٌ مِنها ـ على الأقَلِّ ـ تافِهاً أو نابِياً أو مَغلوطاً كُلَّما تقدَّمَتِ الأبحاثُ العلميّةُ، وتقدَّمَتِ العُلومُ بالنظريّاتِ المُستحدَثَةِ، حتى مِن مِثلِ أعاظِمِ فلاسِفَةِ اليونانِ كسِقراطَ وأفلاطونَ وأرسطو الذين اعترفَ لَهُم جميعُ مَن جاءَ بعدَهُم بالأُبّوةِ العِلميّةِ، والتفوُّقِ الفِكريِّ.
ونعتَقِدُ أيضاً: بوجوبِ احترامِ القُرآنِ الكريمِ، وتعظيمِهِ بالقَولِ والعَمَلِ، فلا يجوزُ تنجيسُ كلماتِهِ حتى الكلمةَ الواحِدَةَ المُعتَبرَةَ جُزءً مِنهُ على وَجهٍ يُقصَدُ أنَّها جزءٌ منهُ.
كما لا يجوزُ لِمَن كانَ على غَيرِ طهارَةٍ أنْ يَمَسَّ كلماتِهِ أو حروفَهُ {لا يَمَسُّهُ إلاّ المُطَهَّرُونَ} سواءٌ كانَ مُحدِثاً بالحَدَثِ الأكبَرِ كالجَّنابَةِ والحيضِ والنَّفاسِ وشِبهِها، أو مُحدِثاً بالحَدَثِ الأصغَرِ حتى النومِ، إلاّ إذا اغتَسَلَ أو تَوَضَّأَ على التّفاصيلِ التي تُذكَرُ في الكُتُبِ الفِقهيّةِ.
كما أنَّهُ لا يجوزُ إحراقُهُ، ولا يجوزُ توهينُهُ بأيِّ ضَربٍ مِن ضُروبِ التوهينِ الذي يُعَدُّ في عُرفِ النّاسِ توهيناً، مِثلَ رَميهِ، أو تَقذِيرِهِ، أو سَحقِهِ بالرِّجلِ، أو وَضعِهِ في مَكانٍ مُستَحقَرٍ، فلَو تعَمَّدَ شخصٌ توهينَهُ وتحقيرَهُ ـ بفِعلٍ واحِدٍ مِن هذهِ الأمورِ وشِبهِها ـ فهوَ مَعدودٌ مِنَ المُنكِرينَ للإسلامِ وقُدسيَّتِهِ، المحكومُ عليهِم بالمُروقِ عَنِ الدِّينِ والكُفرِ بربِّ العالمينَ.