جاء في كتابِ (أخلاقِ الإمامِ عليٍّ عليهِ السلام)
للسيد مُحمد صادق مُحمد رضا الخِرسان
قالَ أميرُ المؤمنينَ -عليهِ السَّلام-:
(فاعِلُ الخيرِ خيرٌ مِنهُ، وفاعِلُ الشَّرِّ شَرٌّ مِنهُ)
الدعوةُ إلى فعلِ الخيرِ والاستكثارِ منهُ، ونبذِ الشَّرِّ والابتعادِ عنهُ، إذ أنَّ الخيرَ عنوانٌ يحتوي على الفضائلِ والكمالاتِ وكُلِّ ما فيهِ مصلحةٌ أو نفعٌ مِن دونِ ما مفسَدَةٍ أو ضَرَرٍ على أحَدٍ، فالتَّوَجُّهُ نحوَهُ والتفاعُلُ معَهُ، وجعلُهُ مَحَلّاً للاهتمامِ ومحوراً في الحياةِ يعني أنَّ فاعلَهُ ينطوي على حُبِّ الآخرينَ، وإرادتُهُ المُصلِحَةُ لهُم والعملُ معَهُم على أساسٍ إيجابيٍّ يُسَهِّلُ عليهِم تجاوزَ الصعوباتِ أو يُعينَهُم على تَفادي الوقوعِ فيها مما يؤشِّرُ على التّقوى وكمالِ الإنسانيّةِ وحُسنِ الطَّوِيَّةِ. وهذهِ مُقوماتٌ لإيجابيّةِ الإنسانِ وجعلِهِ خيراً مِن غَيرِهِ.
إذنْ فَلا بُدَّ لنا أنْ نحِبَّ الخيرَ للجميعِ ونسعى لإشاعَتِهِ وتكثيرِ مناشِئِهِ وسُبُلِهِ ليعمَّ فينتَفِعُ بهِ أكبَرُ عَدَدٍ مِنَ النّاسِ ممّنْ لهُم عَلينا حَقُّ المشارَكَةِ في الإنسانيّةِ أو العَقيدَةِ أوِ الوَطَنِ مما يُحتِّمُ عَلينا ضرورةَ المُعاملَةِ الحَسَنَةِ وعدمَ البُخلِ عَليهِم بِما فيهِ خيرُهُم وإسعادُهُم بالمقدارِ المُمكِنِ المشروعِ.
والعكسُ صحيحٌ، إذ أنَّ الشَّرَّ عنوانٌ يجمَعُ كُلَّ ما يرفِضُهُ الناسُ مِنَ المساوئِ والمعايِبِ والرذائلِ، وما يؤدّي إلى شيءٍ مِنَ السَّلبياتِ أوِ التشنّجاتِ الاجتماعيّةِ أوِ الفرديّةِ بِما يجعَلُ النّاسَ مُبتَعِدينَ عنهُ رافضينَ لَهُ مُعرِضِينَ عَن كُلِّ ما يتَّصِلُ بهِ.
وبطبيعةِ الحالِ فاعِلُ الشَّرِّ شَرٌّ منهُ، إذ يكشِفُ ذلكَ عَن سوءِ الدخيلَةِ وإلحاقِ الأذى بالغَيرِ ممّا يَعني انحرافاً عَنِ الطبيعَةِ الإنسانيّةِ التي أودَعَها اللهُ تعالى لدَى الأسوياءِ مِنَ المخلوقِينَ وهذا يؤثِّرُ في تحميلِ المجتَمَعِ تبعاتِ مشكلاتِ هذا الفردِ الشرِّيرِ؛ لأنَّ المجتمعَ حَقلُ تجارِبِهِ ومَحَلُّ تَصرُّفاتِهِ؛ إذ لا نتصوَّرَهُ يكنُّ الشّرَّ ويُضمِرُ السوءَ على مخلوقاتٍ أُخرى أو أُنَاسٍ يبعدونَ عنهُ بما لا يبلُغُهم ، وإنّما المحيطُ مِن حَوالَيهِ هُوَ المُتضرِّرُ بالدَّرَجةِ الأولى والأخيرَةِ؛ إذ هُوَ المنشئُ لَهُ فيُعابُ عليهم سوءَ تربِيَتِهِ أو عدمَ الاعتناءِ بهِ بالشَّكلِ الذي يُنَمِّي فيهِ حُبَّ الخَيرِ وتجنّبَ الشَّرِّ، وأيضاً هُوَ الذي يتحمّلُ أذاهُ وشَرَّهُ بالتالي.
فلا بُدَّ لَنا أنْ نُمسِكَ على يدِ الشّريرِ ليكُفَّ شرَّهُ عَنِ الآخرينَ فلا تتأذّى مِن جَرّاءِ شَرِّهِ، سواءٌ كانَ التأذّي مُباشرةً أو بالانتسابِ إلينا. ولَو عَمِلنا بهذا وتحمَّلنا المسؤوليّةَ لأمكنَ إلى حَدٍّ كبيرٍ السيطرةَ على الحالاتِ السَّلبيّةِ في المجتمعِ ليصفُو الجوُّ ويَعمَّ السَّلامُ.