النفي في اللغة العربية يعبّر عنه بأدوات عديدة مثل لم، لا، ما، ليس؛ بعضها تدخل على الفعل وبعضها على الاسم وبعضها عليهما معاً. ومن الممكن اعتبار أداة النفي من الكلمات المنطقية، مثل أدوات العطف والتخيير والاستدراك.

‏ويعبر عن النفي في علم المنطق بالرمز ~. وسوف نستخدمه لنفي الجملة. مثال:

ص224

١‏. سافر طارق أمس.

٢‏. ~ سافر طارق أمس.

٣‏. سافر طارق ووصل عدنان.

٤. ~ ( سافر طارق ) & ~ ( وصل عدنان ).

‏إذا دققنا النظر في الجمل الأربع السابقة، نجد أن الجملة (١‏) مثبتة والجملة (٢‏) نفي لها. ونجد أن الجملة (3) مثبتة والجملة (٤‏) نفي لها. وباستعمال الرموز، يكون لدينا ما يلي:

5. س

 6. ~ س

7. س & ص

8. (~ س) & (~ ص)

‏فتكون الجملة ( ٦ ‏) نفياً للجملة ( ٥ ‏)، وتكون الجملة ( ٨ ‏) نفياً للجملة ( ٧ ‏). والسؤال الهام هنا هو: ما العلاقة بين س و ~ س من حيث الصدق والبطلان ؟ أي ما العلاقة بين الجملة المثبتة والجملة المنفية المحولة منها ؟ إذا كانت س صادقة، فإن منفيتها ( ~ س ) مكون باطله. وإذا كانت س باطله، فإن منفيتها (~ س) تكون صادقة بالطبع. وإذا كانت س صادقة، فإن تفي منفيتها (~ ~ س) مكون صادقة. وإذا كانت س باطله، فإن نفي منفيتها تكون باطلة بالمثل.

‏باستخدام الرموز، نحصل على العلاقات الأربع الآتية بين الجملة المثبتة ( س ) ومنفيتها ( ~ س ):

 ص225

1.  

2.  

3.

4.

‏وهكذا نرى ما يلى:

1. إذا كانت س صادقة، فإن منفيتها باطلة.

٢‏. إذا كانت س باطلة، فإن منفيتها صادقة.

‏٣‏. إذا كانت س صادقة، فإن نفي منفيتها يجعلها صادقة.

٤‏. وإذا كانت س باطلة، فإن نفي منفيتها يجعلها باطلة.

‏وهذا يذكرنا بمقولة معروفة: لا يمكن أن تكون الجملة ومناقضتها صادقتين في آن واحد. فلا يمكن، مثلاً، أن تكون الجملة (عدنان هنا الآن) صادقة وفى الوقت ذاته تكون الجملة (عدنان ليس هنا الآن) صادقة أيضأ. ان صدقت إحداهما، بطلت الأخرى. كما أن نفي الجملة الصادقة يعطى جملة باطلة، ونفي الجملة الباطلة يعطي جملة صادقة.

ص226

‏وهناك مقولة أخرى نعرفها في علم النحو: ‏نفي النفي إثبات. إذا نفينا جملة صادقة، كانت النتيجة جملة باطلة. ثم إذا نفينا الجملة الباطلة الأخيرة، تعود النتيجة لتصبح جملة صادقة. مثلاً (عدنان سافر) جملة صادقة. نفيناها فصارت (عدنان لم يسافر)، فتكون جملة باطلة. ثم نفينا ‏الجملة الأخيرة فصارت ( ليس صحيحا أن عدنان لم يسافر)، فيعني هذا ضمناً أن الصدق هو ( عدنان سافر ). إذا نفينا الصدق، صارت الجملة الجديدة باطلة ؛ وإذا نفينا الباطلة الأخيرة، عادت لتكون صادقة.

ص227