المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4518 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) بشّره رسول الله بالجنة
2024-05-04
معنى الـمُبطئ
2024-05-04
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
2024-05-04
معنى الصد
2024-05-04
معنى الظليل
2024-05-04
معنى النقير
2024-05-04

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


كلام الامام الصادق (عليه السلام) يحيل الصدف (تفنيد نسبة الخلق الى الصدفة والطبيعة)  
  
2853   09:47 صباحاً   التاريخ: 29-3-2018
المؤلف : السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني النجفي
الكتاب أو المصدر : عقائد الإمامية الإثني عشرية
الجزء والصفحة : ج2 ، 88- 98
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته /

نظرة عامة جامعة في الكون بأطرافه، من طرف رفيق ونظر رفيق تفكير شامل فيه الأنظار المستوحاة من خالق الكون يصدرها ويلقيها الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام وهو سادس خلفاء الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلم، جوابا عن شكوك الأوهام وشبهات الافهام ومزالق الاقدام إملاء لمفضل بن عمر.

أول العبر : الآيات الآفاقية :

أول العبر والأدلة على الباري جل قدسه تهيئته هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه. فإنك إذا تأملت العالم بفكرك وميزته بعقلك وجدته كالبيت المبين المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده، فالسماء مرفوعة كالسقف والأرض ممدودة كالبساط والنجوم منضودة كالمصابيح والجواهر مخزونة كالذخائر وكل شي‏ء فيها شأنه معد والإنسان كالمملك ذلك البيت والمخول جميع ما فيه وضروب النبات مهيأة لمآربه وصنوف الحيوان معروفة في مصالحه ومنافعه ، ففي هذا دلالة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملائمة، وأن الخالق له واحد وهو الذي ألفه ونظمه بعضا إلى بعض جل قدسه وتعالى مجده وكرم وجهه ولا إله غيره تعالى عما يقول الجاحدون وجل وعظم عما ينتحله الملحدون.

مم نبتدئ ؟ من آيات الكون:

نبتدئ بأنفسنا فهي أقربها إلينا، نبتدئ يا مفضل بذكر خلق الإنسان فاعتبر به، فأول ذلك ما يدبر به الجنين من الرحم وهو محجوب في ظلمات ثلاث:

ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة، فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات، فلا يزال ذلك غذائه حتى إذا كمل خلقه واستحكم بدنه وقوي أريحه على مباشرة الهواء وبصره على ملاقات الضياء هاج المطلق بأمه فأزعجه أشد ازعاج وأعنقه حتى يولد.

وإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثدييها فانقلب الطعم واللون إلى ضرب آخر من الغذاء وهو أشد موافقة للمولود من الدم فيوافيه في وقت حاجته إليه، فحين يولد قد تلمظ (أخرج لسانه) وحرك شفتيه طلبا للرضاع فهو يجد ثديي أمه كالإداوتين المعلقتين لحاجته إليه، فلا يزال يغتذي باللبن ما دام رطب البدن رقيق الأمعاء ليس الأعضاء حتى إذا تحرك واحتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتد ويقوي بدنه طلعت له الطواحن من الأسنان والأضراس ليمضغ به الطعام فيلين عليه ويسهل له اساغته فلا يزال كذلك حتى يدرك، فإذا أدرك وكان ذكرا طلع الشعر في وجهه، فكان ذلك علامة الذكر وعزّ الرجل الذي به يخرج عن حد الصباء شبه النساء، وإن كانت أنثى يبقى وجهها نقيا من الشعر تبقى لها البهجة والنضارة التي تحرك الرجال لما فيه من دوام النسل وبقائه.

فهل ترى يمكن أن يكون كل ذلك بالإهمال (أو الصدفة)، فإن كان الإهمال يأتي بمثل هذا التدبير فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطإ والمحال لأنهما ضد الإهمال، فهذا فظيع من القول وجهل من قائله، لأن الإهمال لا يأتي بالصواب والتضاد لا يأتي بالنظام تعالى اللّه عما يقول الملحدون علوا كبيرا.

الحكمة في بكاء الأطفال:

اعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة، وأعلم ان في أدمغة الأطفال رطوبة إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة من ذهاب البصر وغيره، فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رءوسهم فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم والسلامة في أبصارهم.

أفليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك فهما دائبان ليسكتاه ويتوخيان في الامور مرضاته لئلا يبكي وهما لا يعلمان أن البكاء أصلح له وأجمل عاقبة.

فهكذا يجوز أن يكون في كثير من الأشياء منافع لا يعرفها القائلون بالإهمال ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشي‏ء أنه لا منفعة فيه من أجل أنهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه، فإن كل ما لا يعرفه المنكرون يعلمه العارفون محيط به علم الخالق جل قدسه وعلت حكمته.

الحكمة فيما يسيل من أفواه الأطفال:

فأما ما يسيل من أفواه الأطفال من الريق، ففي ذلك خروج الرطوبة التي بقيت في أبدانهم ولولاه لأحدثت عليهم الامور العظيمة كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى حد البله والجنون والتخليط إلى غير ذلك من الأمراض كالفالج واللقوة وما أشبههما.

فجعل اللّه تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم لما لهم في ذلك من الصحة في كبرهم فتفضل على خلقه بما جهلوا ونظر لهم بما لم يعرفوه، ولو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك عن التماري في معصيته، فسبحانه ما أجل نعمته واسبغها على المستحقين وغيرهم من خلقه وتعالى عما يقول المبطلون علوا كبيرا.

أعضاء البدن:

فكر يا مفضل في أعضاء البدن وتدبير كل منها للإرب (الحاجة). فاليدان للعلاج والرجلان للسعي والعينان للاهتداء والفم للاغتذاء والمعدة للهضم والكبد للتخليص والمنافذ لتنفيذ الفضول والأوعية لحملها والفرج لإقامة النسل، وكذلك جميع الأعضاء إذا تأملتها وأعملت فكرك فيها ونظرت وجدت كل شي‏ء منها قد قدر شي‏ء على صواب وحكمة.

قال يا مولاي: هل هذا من فعل الطبيعة؟

إن قوما (مثل الماديين في زماننا هذا) يزعمون أن هذا من فعل الطبيعة.

قال الإمام عليه السّلام: سلهم عن هذه الطبيعة أهي شي‏ء له علم وقدرة على مثل هذه الأفعال أم ليست كذلك، فإن أوجبوا لها العلم والقدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق.

فإن هذه صنعته وإن زعموا أنها تفعل هذه الأفعال بغير علم ولا عمد، وكان في أفعالها ما قد تراه من الصواب والحكمة علم أن هذا الفعل للخالق الحكيم وان الذي سموه طبيعة هو سنته في خلقه الجارية على ما أجراها عليه مكائن البدن وعجائب الصنع فيها.

فكر يا مفضل في وصول الغذاء إلى البدن وما فيه من التدبير، فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق رقاق وانسجته بينها قد جعلت كالمصفي للغذاء كيلا يصل إلى الكبد منه شي‏ء فينكأها، وذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف، ثم أن الكبد تقبله فيستحيل بلطف التدبير دما وينفذ إلى البدن كله في مجاري مهيأة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء حتى يطرد في الأرض كلها وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مفائض قد أعدت لذلك، فما كان منه من جنس المرة الصفراء جرى إلى المرارة وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال، وما كان من البلة والرطوبة جرى إلى المثانة.

فتأمل حكمة التدبير في تركيب البدن ووضع الأعضاء منه مواضعها واعداد هذه الأوعية فيه لتحمل لك الفضول لئلا تنشر في البدن فتسقمه وتنهكه وتبارك من أحسن التقدير وأحكم التدبير وله الحمد كما هو أهله ومستحقه.

أطل الفكر في الصوت والكلام وتهيئة آلاته في الانسان :

فالحنجرة كالأنبوبة (كالأرجوزة بين العقدين من القصب) لخروج الصلاة واللسان والشفتان والأسنان لصياغة الحروف والنغم الا ترى من سقطت أسنانه لم يقم السين ومن سقطت شفته لم يصحح الفاء ومن ثقل لسانه لم يفصح الراء وأشبه شي‏ء بذلك المزمار الأعظم.

فالحنجرة تشبه قصبة المزمار والرئة تشبه الزق الذي ينفخ فيه لتدخل الريح والعضلات التي تقبض على الرئة لتخرج الصوت كالأصابع التي تقبض على الزق حتى تجري الريح في المزمار والشفتان والأسنان التي تصوغ الصوت حروفا ونغما كالأصابع التي تختلف من فم المزمار فتصوغ صغيره ألحانا غير أنه، وإن كان مخرج الصوت يشبه المزمار بالدلالة والتعريف بالحقيقة هو المشبه بمخرج الصوت.

ثم فيها مآرب أخرى.

فالحنجرة يسلك فيها هذا النسيم إلى الرئة فتروّح على الفؤاد بالنفس الدائم المتتابع الذي لو احتبس شيئا يسيرا لهلك الأسنان، وباللسان تذاق الطعوم وفيه مع ذلك معونة على اساغة الطعام والشراب والأسنان تمضغ الطعام حتى تلين ويسهل إساغته، وهي مع ذلك كالسند للشفتين تمسكهما وتدعهما من داخل الفم‏ واعتبر ذلك بأنك ترى من سقطت أسنانه مسترخي الشفة ومضطرب الشفة، وبالشفتين يترشف الشراب حتى يكون الذي يصل إلى الجوف منه بقصد وقدر لا يشج شجا فيغص به الشارب أو ينكأ في الجوف، ثم هما بعد ذلك كالباب المطبق على الفم يفتحها الإنسان إذا شاء.

خصوصية الدماغ:

ولو رأيت الدماغ إذا كشف عنه لرأيته قد لفّ بحجب بعضها فوق بعض لتصونه من الأعراض وتمسكه فلا يضطرب.

خصوصية الرأس:

ولو رأيت عليه الجمجمة بمنزلة البيضة كيما يفتته والصكة أي الضرب الشديد أو اللطم التي ربما وقعت في الرأس، ثم قد جللت الجمجمة بالشعر حتى صار بمنزلة الفرو للرأس يستره من الحر والبرد.

اعرفوا قدرة اللّه في الانسان:

فمن حصّن الدماغ هذا التحصين إلا الذي خلقه وجعله ينبوع الحس والمستحق للحيطة والصيانة بعلو منزلته من البدن وارتفاع درجته وخطر مرتبته.

تجليات اللّه تعالى في القلب:

من غيّب الفؤاد في جوف الصدر وكساه المدرعة التي هي غشائه وحصّنه بالجوانح وما عليها من اللحم والعصب لئلا يصل إليه ما ينكؤه.

من جعل في الحلق منفذين أحدهما لمخرج الصوت وهو الحلقوم المتصل بالرئة والآخر منفذ الغذاء وهو المرة المتصل بالمعدة الموصل الغذاء إليها، وجعل على الحلقوم طبقا يمنع الطعام أن يصل إلى الرئة فيقتل.

من جعل الرئة مروحة الفؤاد لا تفتر ولا تخل لكيلا تتحيز الحرارة في الفؤاد فتؤدي إلى التلف.

من جعل لمنافذ البول والغائط أشراجا تضبطهما لئلا يجريا جريانا دائما فيفسد على الإنسان عيشه، فكم عسى أن يحصى المحصي من هذا بل الذي لا يحصى منه ولا يعلمه الناس اكثر.

من جعل المعدة عصبانية شديدة وقدرها لهضم الطعام الغليظ.

ومن جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء ولتهضم وتعمل ما هو ألطف من عمل المعدة إلا اللّه القادر المتعال.

أترى الإهمال يأتي بشيء من ذلك؟

كلا: بل هو تدبير من مدبر حكيم قادر عليم بالأشياء قبل خلقه إياها لا يعجزه شي‏ء وهو اللطيف الخبير.

فكر يا مفضل لم صار المخ الرقيق محصنا في أنابيب العظام هل ذلك إلا ليحفظه ويصونه.

لم صار الدم السائل محصورا في العروق بمنزلة الماء في الظروف إلا لتضبطه فلا يفيض.

لم صارت الأظفار على أطراف الأصابع إلا وقاية لها ومعونة على العمل.

لم صار داخل الاذن ملتويا كهيئة اللولب إلا ليطرد فيه الصوت حتى ينتهي إلى السمع وليتكسر حمة الريح فلا ينكأ في السمع.

لم حمل الإنسان على فخذيه وأليتيه هذا اللحم إلا ليقيه من العرض فلا يتألم من الجلوس عليها، فهنالك الأهداف العالية تظهر من خلايا الصنع فكيف الإهمال.

من جعل الإنسان ذكرا وأنثى إلا من خلقه تناسلا.

ومن خلقه تناسلا إلا من خلقه مؤملا.

ومن خلقه مؤملا ومن أعطاه آلات العمل إلا من خلقه عاملا.

ومن خلقه عاملا إلا من جعله محتاجا.

ومن جعله محتاجا إلا من ضربه بالحاجة.

ومن ضربه بالحاجة إلا من توكل بتقويمه.

ومن خصه بالفهم إلا من أوجب له الجزاء.

ومن وهب له الحيلة إلا من ملكه الحول.

ومن ملكه الحول إلا من ألزمه الحجة.

من يكفيه ما لا تبلغه حيلته إلا من لم يبلغ مدى شكره، فكر ودبر ما وصفته هل تجد الإهمال على هذا النظام والترتيب تبارك اللّه عما يصفون.

الفؤاد:

أصف لك الآن الفؤاد، أعلم فيه ثقبا موجهة نحو الثقب التي في الرئة تروح عن الفؤاد حتى لو اختلفت تلك الثقب وتزايل بعضها عن بعض لما وصل الروح إلى الفؤاد ولهلك الإنسان.

أفيستجيز ذو فكرة وروية أن يزعم أن مثل هذا يكون بالإهمال ولا يجد شاهدا من نفسه ينزعه عن هذا القول فتبا وخيبة لمنتحلي الفلسفة المادية أو ما يشاكلها في الانحراف عن خالق الكون وصفاته، كيف عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة حتى أنكروا التدبير والعمد فيها.

لقد قال قوم من جهلة المتكلمين وضعفة المتفلسفين الماديين بقلة التميز وقصور العلم، لو كان بطن الإنسان كهيئة القباء يفتحه للطبيب إذا شاء فيعاين ما فيه ويدخل يده فيعالج ما أراد علاجه، ألم يكن أصلح من أن يكون مصمتا محجوبا عن البصر واليد، لا يعرف ما فيه إلا بدلالات غامضة كمثل النظر إلى البول وحسّ العرف وما أشبهه ذلك مما يكثر فيه الغلط والشبهة حتى ربما كان ذلك سببا للموت.

فلو علم هؤلاء الجهلة أن هذا لو كان هكذا كان أول ما فيه أنه كان يسقط عن الإنسان الوجل من الأمراض والموت وكان يستشعر البقاء ويغتر بالسلامة فيخرجه ذلك إلى العتو والأشر اكثر فأكثر.

ثم كانت الرطوبات التي في البطن تترشح وتتحلب فيفسد على الإنسان مقعده ومرقده وثياب بذلته وزينته بل كان يفسد عليه عيشه.

ثم ان المعدة والكبد والفؤاد إنما تفعل أفعالها بالحرارة الغريزية التي جعلها اللّه مختبئة في الجوف فلو كان في البطن فرج ينفتح حتى يصل البصر إلى رؤيته واليد إلى علاجه لوصل برد الهواء إلى الجوف فمازج الحرارة الغريزية وبطل عمل الأحشاء فكان في ذلك هلاك الإنسان سوى ما جاءت به، أفلا ترى ان كل ما تذهب إليه الأوهام في الخلقة خطأ أو خطل.

في النفس وقواها :                

تأمل هذه القوى التي في النفس وموقعها من الإنسان أعني الفكر والوهم والعقل والحفظ وغير ذلك.

الحفظ والنسيان:

أفرأيت لو نقص الإنسان من هذه الخلال الحفظ وحده، كيف كانت تكون حالته وكم من خلل كان يدخل عليه في أموره ومعاشه وتجاربه إذا لم يحفظ ماله‏ وما عليه وما أخذه وما أعطى وما رأى وما سمع وما قال وما قيل له ولم يذكر من أحسن إليه ممن أساء به وما نفعه مما ضره ثم كان لا يهتدي لطريق لو سلكه ما لا يحصى ولا يحفظ علما ولو درسه عمره لا ينتفع بتجربة ولا يستطيع أن يعتبر شيئا على ما مضى بل كان حقيقا أن ينسلخ من الإنسانية أصلا فانظر إلى النعمة على الإنسان في هذه الخلال وكيف موقع الواحدة منها دون الجميع.

وأعظم من النعمة على الإنسان في الحفظ النعمة في النسيان، فإنه لو لا النسيان لما سلا أحد عن مصيبة ولا انقضت له حسرة ولا مات له حقد ولا استمتع بشي‏ء من متاع الدنيا مع تذكر الآفات ولا رجى غفلة من سلطان ولا فترة من حاسد.

أفلا ترى كيف جعل في الإنسان الحفظ والنسيان وهما مختلفان متضادان وجعل له في كل منهما ضرب من المصلحة.

وما عسى أن يقول الذين قسموا الأشياء بين خالقين متضادين في هذه الأشياء المتضادة المتباينة وقد تراها تجتمع على ما فيه الصلاح والمنفعة.

من عجائب الصنع في الحيوان:

فكر في الفطن التي جعلت في البهائم لمصلحتها بالطبع والخلقة لطفا من اللّه عز وجل لهم لئلا يخلو من نعمه عز وجل أحد من خلقه لا بعقل وروية.

النجوم:

فكر في النجوم واختلاف سيرها فبعضها لا تفارق مراكزها من الفلك ولا تسير إلا مجتمعة وبعضها مطلقة تثقل في البروج وتفترق في سيرها فكل واحد منها يسير سيرين مختلفين أحدهما عام مع الفلك نحو المغرب والآخر خاص لنفسه نحو المشرق فاسأل الزاعمين أن النجوم صارت على ما هي عليه بالإهمال من غير عمد ولا صانع لها ما منعها أن تكون كلها مرتبة أو تكون كلها منتقلة، فإن الإهمال معنى واحد فكيف صار يأتي بحركتين مختلفتين على وزن وتقدير، ففي‏ هذا بيان أن سير الفريقين على ما يسيران عليه بعمد وتدبير وحكمة وتقدير وليس بإهمال كما تزعم المعطلة.

اللّه يباين الكون من كل جهة:

إن قالوا كيف يعقل أن يكون مباينا لكل شي‏ء متعاليا.

قيل لهم: الحق الذي تطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه:

فأولها أن ينظر أ موجود هو أم ليس بموجود.

والثاني أن يعرف ما هو في ذاته وجوهره.

والثالث أن يعرف كيف هو وما صفته.

والرابع أن يعلم لما ذا هو ولأية علة.

فليس من هذه الوجوه شي‏ء يمكن المخلوق أن يعرفه من الخالق حق معرفته غير أنه موجود فقط فإذا قلنا كيف وما هو فممتنع علم كنهه وكمال المعرفة به.

ثم ليس علم الإنسان بأنه موجود يوجب له أن يعلم ما هو كما أن علمه بوجود النفس لا يوجب أن يعلم ما هي وكيف هي وكذلك الامور الروحانية اللطيفة.

فهذه نماذج من النظرة العميقة المستوحاة من خالق الكون يصدرها سادس الأئمة الاثنى عشر جعفر بن محمد عليهما السلام ناقلا عن الحوار ص 185.

 

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.

موكب أهالي كربلاء يستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
العتبة العباسية تستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) بإقامة مجلس عزاء
أهالي كربلاء يحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة الكاظمية
شعبة مدارس الكفيل النسوية تعقد اجتماعًا تحضيريًّا لوضع الأسئلة الامتحانية