إن كتب الأوائل التي ألّفت في طبقات الشعراء، وكتب الأدب والبلاغة وغيرها كثيراً ما تناولت السرقات الأدبية بشكل موجز أو مسهب، وقد ارتأينا ان نوجز الحديث عنها كي يلمّ الطالب بالذي أولَوه القدامى في هذا الباب من الأدب بالعناية والاهتمام.

من اهم الكتب التي تطالعنا في هذا الباب هو كتاب (طبقات الشعراء) لابن سلاّم الجمحي المتوفى سنة 232 هـ إذ اشار ابن سلاّم الى سرقات بعض الشعراء الجاهليين، كسرقة زهير بن ابي سلمى من شعر قراد بن حنش.

ثم كتاب (الشعر والشعراء) لابن قتيبة المتوفى سنة 276هـ هو الآخر تطرّق المؤلف الى السرقات الشعرية أثناء سرده لأخبار الشعراء وتراجمهم، اذ ألم تكن هناك دراسة مفصّلة عند ابن قتيبة في موضوع السرقات الا بهذا المقدار المقتضب.

ثم كتاب (عيار الشعر) للسيد الجليل محمد بن احمد بن طباطبا العلوي المتوفى سنة 322 هـ يحاول ابن طباطبا أن يعطينا صورة مهذبة عن السرقة، فيجعلها تحت عنوان (المعاني المشتركة) وهذا يعني ان الاخذ- عند ابن طباطبا- امر غير معيب خاصة (اذا تناول الشاعر المعاني التي قد سُبِقَ إليها فابرزها في احسنَ من الكسوة التي عليها)(1).

ومن بين الكتب النقدية المهمّة؟ كتاب (أخبار أبي تمام) لابن بكر محمد بن يحيى الصُولي المتوفى سنة 335هـ ساهم الصولي في كشف النقاب عن سرقات الشعراء وجعلها في ثلاثة اقسام:

أ- سرقة اللفظ.

ب- سرقة المعنى.

ج - سرقة اللفظ والمعنى.

ومن الكتب الأدبية ذات الطابع الموسوعي؟ كتاب (الاغاني) لابي الفرج الاصفهاني المتوفى سنة 356هـ، تطرّق ابو الفرج الى سيرة الشعراء وتراثهم الادبي واغراضهم الشعرية وعلاقتهم بالأمراء والملوك، والمجالس الأدبية والمناظرات الحاصلة، وما الى ذلك من خصومات ونزاعات ادبية ومذهبية، والاصفهاني خلال منهجيّته تلك قد يسعفنا بنظراته النقدية، أو ببعض ما قيل من تقويم صادق بحق ذلك الشاعر أو بحق ذلك الشعر. وبالتالي جاءت الملاحظات النقدية بصورة عفوية، وهي مع ذلك لها قيمتها الفنيّة ما لا يخفى.

ومن عداد الكتب النقديّة، كتاب (الموشِّح) لابي عبد اللّه محمد بن عمران المرزباني المتوفى سنة 384هـ، وهو كتاب مهم لذوي الاختصاص في النقد والبلاغة، وقد استطاع المرزباني ان يحصي مآخذ العلماء على الشعراء في كتابه الموشّح، كما أنه استخدم مصطلحات عديدة للسرقة مقتفياً أثر من سبقه من النقاد ومدلاًّ عليهم.

وفي هذه الحقبة يطالعنا كتاب آخر اهتم بالسرقات الشعرية اكثر من سابقيه ألا وهو كتاب (الصناعتين) لابي هلال العسكري في (حُسن الاخذ) والثاني في (قبح الاخذ). كما انه وضع جملة من الشروط التي لابدّ أن يستوفيها الآخذ حتى يصدق على عمله الإجادة وحُسن الأخذ، وهكذا فعل في القسم الثاني (قبح الاخذ) إذْ قيّده بأمور، اضف الى ذلك ادرك ما للبيئة من اثر ملحوظ في توارد الخواطر، ومن تشابه في المعاني فيقول: (وإذا كان القوم في قبيلة واحدة أو في أرض واحدة، فإن خواطرهم تقع متقاربة كما ان اخلاقهم وشمائلهم تكون متضارعة (2).

ولا يفوتنا ونحن نسرد طائفة من الكتب النقدية ان نذكر كتاب (يتيمة الدهر) لابي منصور الثعالبي المتوفى سنة 439هـ فهو وإن كان مختصاً بسرد اخبار الشعراء وتراجمهم إلا أنه لا يخلو من إفادات في النقد وآراء لها دورها في التقويم.

وفي منتصف القرن الخامس الهجري يطالعنا كتاب (العمدة) لابي علي الحسن بن رشيق القيرواني المتوفى سنة 456هـ، تتبع فيه ابن رشيق اَراء العلماء السابقين في السرقات، كما احصى المصطلحات الخاصة بهذا الباب فكانت 16 نوعاً. ويعد كتابه من المصادر المهمة في تاريخ النقد الادبي وبالخصوص باب السرقات.

ومن الكتب المختصّة التي تناولت السرقات الادبية، كتاب (اسرار البلاغة) لعبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة 471هـ استطاع الجرجاني أن يفرد بحثاً في فصلين عن السرقات؟ تناول في الفصل الأول المعاني وجعلها على قسمين؟ المعنى العقلي الصحيح والمعنى التخيّلي والفصل الثاني وهو الخاص بالأخذ والسرقة. ثم يطالعنا كتاب (زهر الآداب) للحُصري القيرواني المتوفى سنة 488هـ، وهو كتاب ادبي استطاع مؤلّفة ان يشير الى بعض النصوص التي ساهمت في التقويم، وقد استخلص من تلك النصوص مواقف نقدية لا يمكن اغفالها.

ثم نصل الى كتاب (المثل السائر) لضياء الدين ابي الفتح نصرالله بن محمد الشيباني المعروف بابن الاثير الجزري المتوفى سنة 638هـ. وهو كتاب ذو قيمة ادبية وبلاغية ونقدية، تناول فيه ابن الاثير السرقات الشعرية بشيء من التفصيل، على أنه يقرر ان السرقات لا يمكن الوقوف عليها إلا بحفظ الاشعار الكثيرة التي لا يحصرها عدد، ثم يقرر ان اللاحق لا يستغني عن الاستعارة من السابق وبعد هذا تراه يحصر السرقات في خمسة اقسام.

أقول: هذه الطائفة من الكتب التي ذكرناها اَنفاً قد اتضح لك- في مبدئها- لم تكن موضوعة للجانب النقدي، بل أنها كتب ادب وتراجم والبعض منها كان في علم البلاغة وقد جاءت البحوث النقدية فيها- والسرقة على الخصوص- مقتضبة أو مبعثرة؟ غير متسقة. اما الكتب النقدية التي يعوّل عليها والتي اهتمت موضوعياً بالسرقات الشعرية فهي كالآتي:

كتاب (الوساطة بين المتنبّي وخصومه) لعبد العزيز الجرجاني المتوفى سنة 366هـ.

كتاب (الموازنة بين ابي تمام والبحتري) للحسن بن بشير الآمدي المتوفى سنة 371هـ.

كتاب (سرقات ابي تمام) لابي الفضل احمد بن طاهر.

كتاب (سرقات البحتري من ابي تمام) لأبي ضياء بشر بن تميم الكاتب.

كتاب (سرقات ابي نواس) بن يموت المزرع.

كتاب (الرسالة الحاتمية والرسالة الموضّحة في سرقات ابي الطيب المتنبّي) لابي علي محمد بن الحسن الحاتمي الكاتب.

كتاب (المنصف في الدلالات على سرقات المتنبّي) للحسن بن علي بن وكيع المصري.

وكتاب (الإبانة عن سرقات المتنبّي) لمحمد بن احمد العميدي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عيار الشعر ص 76.

(2) الصناعتين 1/ 230.