هناك ثلاثة مصطلحات تستخدم للتعبير عن الظاهر السياحية. ويمثل تحديد مفهوم/ مدلول كل منها أساسا لإيضاح وتفهم عديد من الظاهرات المرتبطة بالسياحة. كما انها قد استخدمت بصورة متداخلة للتعبير عن نفس الظاهرة على الر غم من الفروقات التي تميز كل مصطلح منها.

وتتمثل هذه المصطلحات في: السياحة Tourism، الترويح او الترفيه Recreation، ووقت الفراغ Leisure. ولا شك ان مرجع التداخل هو الارتباط العضوي الواضح بين الظاهرات التي يعبر عنها كل منها.

فالترويح قد يتطلب رحلة انتقال وهي لا تتم الا في وقت فراغ من العمل. فالترويح أنشطة غير رتيبة يمارسها الانسان في وقت فراغه الذي لا يمارس فيه عمله الأساسي الذي يتعيش منه.

وقد استخدمت هذه المصطلحات الثلاثة للتعبير عن جغرافية السياحة. فقد اطلق عليها (جغرافية الترويح Recreational Geography) ويفهم من مضمونها انها تشمل كل الأنشطة السياحية. كذلك استخدم مصطلح جغرافية وقت الفراغ Geog of Leisure، وجغرافية السياحة Geog of Tourism للتعبير عن نفس المفهوم ومن هنا اصبح من الضروري تحديد مفهوم كل منها تبعا للعلاقة الوثيقة التي يمثلها كل منها بتقدم وازدهار ظاهرة السياحة.

وكان الطلب على هذه العناصر الثلاثة هو العامل الرئيسي في ظهور السياحة واتجاه الانسان الى استغلال ظاهرات موجودة باختراع الوسائل التي تمكنه من تحقيق نوع من الاشباع المطلوب له. وكان التغير الذي شهدته عبر الزمان عاملا رئيسيا في انتشار ظاهرة السياحة وتنوعها مكانيا.

ان وقت الفراغ عامل ضروري في ممارسة الأنشطة الترويحية سواء في مكان إقامة الانسان او في الأماكن الأخرى. وهو عنصر أساسي لأي من هذه الأنشطة وبدونه من المتعذر وجودها. وهو فراغ من الاعمال الجادة المنتجة التي تعود بالنفع المادي المباشر على الانسان. وان كانت السياحة ظاهرة شمولية وتعد شكلا متميزا من اشكال وقت الفراغ حاليا وبينهما تلازم واضح عضوي.

الترويح:

استخدم مصطلح الترويح Recreation للتعبير عن السياحة الا انه في الواقع اصطلاح يشمل ظاهرات اكثر شمولا. وهناك البعض الذي يقصر استخدامه على ظاهرات وانشطة قضاء وقت الفراغ. وقد استخدم في الولايات المتحدة للتعبير عن جغرافية الساحة منذ البداية مشتملة على الانتقال من مكان الى آخر والى خارج ارض الدولة أيضا. وهو يستخدم حاليا للتعبير عن أنشطة رياضية ومجموعة ضخمة من الهوايات. وهي تدخل مجال تربية النشئ والترفيه في مجالات الاسر والنوادي والمدارس ومراكز الشباب. ومنها ما هو خاص بفئات السن المختلفة من أطفال وشباب وبالغين وكهول او حسب الجنس فمنها ما يخص النساء والفتيات ومنها ما يخص الرجال وبعضها أنشطة مختلطة. وهي قد تكون فردية او جماعية خاصة او عامة. وبعضها يتم داخل الأماكن المغلقة وقد تتم في المنازل، وبعضها يتم في أماكن مخصصة ومنها أنشطة موسمية شتوية او صيفية. ليس هذا وحسب بل نجد منها ما يتم أيضا في الخلاء بالإضافة الى ما تتم ممارسته داخل الأماكن المغلقة.

وتضم الأنشطة الترويحية أيضا نزهات ورحلات خلوية مثل زيارة الحدائق والمنتزهات والعاب الأطفال من مراجيح وتزحلق وتسلق وتعلق. وهي تضم أيضا أنشطة الترحال والتجوال مثل الرحلة الى الصحراء والى الريف ومناطق الغابات والآثار والاستكشافات وجمع الفراشات والحشرات والصدف والاحجار واوراق الشجر. ومنها أيضا الصيد للأسماك والطيور. وإقامة المعسكرات للكشافة والمرشدات والشاطئية والخلوية واعمال الخدمة العامة والتدريب.

ويتضح من استعراض أنواع الأنشطة الترويحية انها اكثر شمولا من مصطلح (السياحة) الذي يتطلب الحركة والانتقال وليس ممارسة هذه الأنشطة الترويحية في نفس مكان الإقامة. فالفارق الجوهري بين الاصطلاحين مبدئيا في المسافة التي يتعين قطعها بالإضافة الى تغيير المكان الا انهما يمكن ان يتفقا في ممارسة نفس الأنشطة.

ويحلو للبعض ان يقرن السلوك البشري بالسلوك الحيواني لذلك يقال ان (الانسان يلعب بالغريزة وكذلك الحيوانات اذا شبعت لعبت) وبينما لم تطور الحيوانات سلوكها فان لدى الانسان المقدرة على تطوير وتنظيم وترتيب هذا السلوك.

لهذا يجب الا ينفصل الترويح عن الاحتياجات التربوية والرفاهية welfare في أي مجتمع حضري. ان الرياضة نشاط اجتماعي اولي وليس نشاطا اوليمبيا athletic. والفن ليس تسرية esoteric للصفوة المثقفة intellectual eliti ولكنه جزء متداخل في اجمالي العملية التعليمية التربوية.

وتعد الدرجة التي تتاح بها هذه الأمور ذات أهمية حيوية. وليس من المقبول تعليم جيل كامل التمتع بالقراءة والتمثيل acting والاستماع الى الموسيقى والرسم والعزف على الآلات والرياضة وغير ذلك عندما يكونون بالمدرسة ثم اهمال توفير فرص كافية وانشطة مشابهة لهم بعد ذلك. لذلك ظهر عدد من التطورات الحديثة لتوفير تسهيلات ترويحية لقطاع اكبر من السكان العاملين. ويتم التدرج من أوقات صفوة الفراغ واصبح الوقت الحر من العلم متاحا للغالبية.

وهناك البعض الذي يقصر استخدام مصطلح الترويح على بعض ظاهرات وانشطة وقت الفراغ. ويستخدم مصطلح الترويح للتعبير عن أنشطة رياضية ومجموعة ضخمة من الهوايات. وهي ممارسات لا تهدف أساسا الى تحقيق مكاسب مادية للإنسان. وتتعدد أنواعها باختلاف جموع الممارسين لها في انواعهم واعمارهم واجناسهم وجنسهم وفي فترات العام وفي كل الأماكن داخل المنازل او خارجها فردية كانت ام جماعية. وفي كلتا الظاهرتين: الترويح والسياحة تتم عملية الاشباع بنفس الأساليب وهي الممارسة والمشاركة والمشاهدة.

اما السياحة فقد عرفت بطرق مختلفة وهي قد تكون متضاربة. الا انه يمكن النظر اليها باعتبار العلاقات والظاهرات التي تنجم عن الرحلة والإقامة المؤقتة للناس المرتحلين بهدف قضاء وقت الفراغ او لأغراض الترفيه. الا ان مدة الإقامة قد تختلف بين رحلة منها وأخرى. وبذلك ولأسباب إحصائية فقد اصطلح على اتخاذ مدة لا تقل عن ليلة واحدة حدا ادنى مقبولا للسياحة المحلية domestic Tourism، وكذلك مدة اربع وعشرين ساعة كحد مقبول عالميا في حالة السياحة الدولية. الا ان هناك البعض الذي يتبنى معيار مسافة دنيا لهذا الغرض. وأي ما كان أساس الحصر فان المظهر الرئيسي للسياحة هو في الحركة خارج مقر الإقامة الدائم الى مكان او أماكن قضاء الاجازات سواء تم ذلك داخل حدود الدولة او عبرها. لهذا نجد التفاعل المكاني ظاهرة لاصقة بالسياحة الامر الذي جعلها موضوعا طبعا للتحليل الجغرافي. وتهتم جغرافية السياحة أساسا - ولكن ليس بصورة كلية - بالمظهر المكاني للعلاقات والظاهرات التي تنجم عن رحلات قضاء وقت الفراغ.⁽¹⁾

 السياحة والسائح:

تمثل السياحة حركة الانتقال المؤقتة التي يمارسها اعداد من الناس من أماكن سكناهم الى أماكن أخرى اما داخل حدود الدولة او عبر الحدود الدولية الى دول أخرى. والغرض من الحركة ليس هو العمل ولكن هدفها تغيير النظام الرتيب لحياتهم العادية تحقيقا لإشباع أي من الدوافع الشخصية العقلية او الجسمية او النفسية.⁽²⁾

والملاحظ وجود تضارب غريب بين المهتمين بأمور حركة الناس، وكذلك المنظرين للأمور التي يطلق عليها دوليا اصطلاح سياحة، وكذلك المتخصصين الذين ينظرون الى الأمور نظرة اكثر شمولا. وبالرجوع الى النظرة التطورية لها نجد ان التحديد الزمني والمادي والمسافي لم يكن له وجود بل شملت كل حركة الانسان. فلم يكن هناك تمييز كبير بين المتاجر والمرتحل ومن يرتحل لأداء فريضة دينية ومن يرتحل للتعليم فهؤلاء لم يكن يعرفون كمرتحلين سائحين بل لكل منهم هدف عملي محد يسعى الى تحقيقه أساسه الجدية والالتزام وليس مجرد اللهو والصعلكة.

ومع التدرج الكبير لقيم الانسان وزيادة المسافة الزمنية لوقت الفراغ زاد الاتجاه لدى الافراد وبتأثير الجماعات وأجهزة الاعلام والدعاية وأصحاب المصلحة وتقدم النقل - زاد الاتجاه الى الانصراف عن الجدية بل وزاد التوجيه الى تحديد أنشطة لكل مرحلة عمرية.

_______________

(1) peace (p.1).

(2) لا يدخل ضمن هذه الحركة الافراد الذين يقيمون ويعملون بمناطق الحدود وتستدعي حياتهم الانتقال عبرها، وكذلك العاملون في وسائل النقل بمختلف أنواعها.