للأنشطة السياحية جانبين: احدهما ذاتي خاص بالفرد والجماعات المرتحلة، والآخر عملي يتمثل في المنشآت والأنشطة الاقتصادية التي تتولى تقديم الخدمات المتطلبة لهؤلاء المرتحلين. وتعد العناصر والعوامل الداخلة في تكوين النشاط الاقتصادي هي نفسها التي تتدخل في تكوين النشاط السياحي. ويتناسب هذا النشاط في طبيعته ومداه مع مجموعة من العوامل تبرز في النهاية مدى تقدمه وانتشاره.

ويمكن اعتبار تقدم السياحة بانه توفير او تدبير التسهيلات والخدمات المطلوبة للسياح. وهو قد يشمل أيضا الآثار المرتبطة مثل فرص العمل التي تتوفر بسبب وجوده والدخل الزائد الذي يرتبط بتقدمها. لهذا فان تقدم السياحة يأخذ اشكالا متعددة يجعل السياحة تظهر في النهاية كظاهرة ليست بسيطة.

ويأخذ التقدم السياحي اشكالا متعددة بعضها تقليدي وبعضها الآخر عبارة عن استنباطات جديدة. وتعد المنتجعات الساحلية او الحرارية او الالبية امثلة تقليدية مثلها في ذلك مثل المدن العريقة كما هو الحال في لندن وباريس وكذلك طوكيو. وتجتذب هذه الاشكال ملايين السياح. كما نجد أيضا ظاهرا سياحية ترتبط بالأكواخ الريفية او المباني المميزة بزخارفها وتراثها التي تملكها بعض الدول كما هو الحال في بريطانيا او النمسا.

ومن الأمثلة التقليدية أيضا لأشكال التقدم السياحي ما يرتبط بالحدائق القومية سواء في العالم القديم او العالم الجديد. ومن ابرز امثلتها الحدائق القومية البريطانية والكندية وما هو موجود منها في القارة الافريقية ومن الأمثلة الحديثة لتقليد العراقة التي تتميز بها هذه الاشكال التقليدية لتقدم السياحة ما يطلق عليه (مدينة ديزني).

وهناك اشكال جديدة ابتدعت لتقدم السياحة وان كان دورها يبدو اقل وضوحا في علاقته بالأشكال التقليدية سالفة الذكر. من ذلك مثلا إقامة الفنادق والمطاعم وال Murinag واراضي الانزلاق Ski – Fields وهي منشآت بنية أساسية مصاحبة. ومنها أيضا المطارات وطرق السيارات ومشروعات الصرف الصحي والتي يتم تطويرها كلية او جزئيا خدة لجمهور المرتحلين. ويمكن لكل هذا التقدم المتنوع ان يحدث بطرق ومقاييس مختلفة وبمعدلات متباينة.

كما يأخذ تقدم السياحة نسيجا مختلفا بتعدد المناطق المتباينة التي يحدث فيها. ونجد ان السياحة الجماعية الحالية مصدرها المناطق الصناعية في غرب اوربا وامريكا الشمالية وحديثا بصورة كبيرة في اليابان وتوسعت السياحة أيضا بصورة ملحوظة في شرق اوربا وأصبحت الساحة تمثل قطاعا هاما في عديد من الدول النامية في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ومناطق الباسيفيكي والكاريبي.

وبذلك حدث تقدم سياحي في المجتمعات الغربية الليبرالية، وكذلك في ظل النظم الاشتراكية باتباع أساليب التخطيط المتقدم وهي ان كانت في هذه المجتمعات تمثل جزءا بسيطا نسبيا من اقتصاديات صناعية ضخمة فأنها قد تكون قطاعا قائدا حاكما في دولة نامية صغيرة وقد تقدمت السياحة في ظل بيئات طبيعية شديدة التنوع.

وهذا مشاهد في الجزر المنخفضة من المحيط الهادي، وفي قلب جبال الالب الاوربية وفي منطقة البحيرات الريفية في بريطانيا وكذلك على طول شواطئ البحر المتوسط. ونتيجة لهذا فان الشكل الذي يمكن ان تتخذه السياحة في تقدمها يمكن ان يختلف بصورة كبيرة من موضع الى آخر. وليس هناك نوع واحد من تقدم السياحة بنفس الصورة الموجودة في الأنشطة الاقتصادية الأخرى حيث لا يوجد نموذج واحد للنمو الذي يمكن ان يحدث في الزراعة والصناعة او المدن.

ورغم ذلك فان هذا الجانب السياحي ظل مهملا في الدراسات المختلفة التي تناولت التأثير الاجتماعي والحضاري لتقدم السياحة. ويعزى ذلك الى ان العامل السببي غير واضح او معين بجلاء، لذلك يتعين ان نتعمق في الدراسات بحثا عنه. وفي نفس الوقت من الممكن ان نتناول العوامل المختلفة ذات الصلة بتطور السياحة، ونصف العلاقات العامة المتبادلة بينها.⁽¹⁾

ــــــــــــــــــــ

(1) Pearce, (pp. 2-3)